قانونيون لـ"الرؤية": انضمام عُمان لـ"العهد الدولي" يفتح الباب أمام تعديل تشريعات "حبس المدين"
تاريخ النشر: 1st, November 2025 GMT
◄ الشنفري: انضمام عُمان للعهد الدولي يُعزز مبادئ العدالة والإنصاف
◄ الوهيبي: "العهد الدولي" يحظر سجن المدين حسن النية والسلطنة لم تتحفظ على ذلك
◄ البلوشية: نتوقع إعادة تقييم مواد القانون المُتعلقة بحبس المدين
الرؤية- ناصر العبري
ويقول المحامي أحمد الشنفري إن المرسوم السلطاني رقم 89/2025 بانضمام سلطنة عُمان إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يمثل خطوة متقدمة في مسار تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وإرساء مبادئ العدالة والإنصاف، بما ينسجم مع التوجهات الدستورية والقانونية للسلطنة، التي جعلت من صون الكرامة الإنسانية واحترام سيادة القانون أساسًا للحكم، كما يُجسد هذا الانضمام التزام الدولة بمواءمة تشريعاتها الوطنية مع الاتفاقيات الدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان، بما يعكس النهج المتزن الذي تتبعه عُمان في الانفتاح القانوني القائم على المصلحة الوطنية والخصوصية الثقافية للمجتمع.
ويضيف أنَّ المادة (11) من العهد الدولي تنص على أنه "لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي"، وهي قاعدة قانونية وإنسانية تهدف إلى الفصل بين الالتزامات المدنية والعقوبات الجنائية، بحيث لا يُعامل العجز المالي كجريمة تستوجب الحرمان من الحرية، بل كمسألة مدنية تستدعي حلولًا قانونية عادلة، لافتاً إلى أنَّ هذا المبدأ ينسجم مع القواعد الحديثة في العدالة المدنية التي تسعى إلى تحقيق التوازن بين حقوق الدائن وحماية المدين من الإكراه البدني، إذ عالج قانون الإجراءات المدنية والتجارية العُماني مسألة حبس المنفذ ضده (المحكوم عليه) ضمن إطار قانوني دقيق يهدف إلى تحقيق التوازن بين حق الدائن في تنفيذ الحكم القضائي وحق المدين في صون حريته الشخصية وعدم المساس بكرامته الإنسانية، حيث نصت المادة (418) من القانون على أن "للمحكمة التي أصدرت الحكم، أو لقاضي التنفيذ، أن يأمر بحبس المحكوم عليه إذا امتنع عن تنفيذ حكم واجب النفاذ، وذلك لمدة لا تتجاوز شهرين قابلة للتجديد، على ألا تزيد فترة الحبس المتصلة على ستة أشهر إذا كان للمحكوم عليه محل إقامة ثابت"، كما أجازت المادة تجديد الحبس بعد مضي تسعين يومًا على إخلاء سبيله، في حال استمرار الامتناع عن التنفيذ، كما أقر المشرع في ذات المادة حق المحكوم عليه في التَّظلم من أمر الحبس أمام محكمة الاستئناف المختصة خلال سبعة أيام من صدوره، مع النص صراحة على أنَّ التظلم لا يوقف التنفيذ إلا إذا قررت المحكمة ذلك.
ويؤكد الشنفري أن هذا التنظيم الإجرائي يبرز حرص المشرع على أن يكون الحبس التنفيذي إجراءً استثنائيًا، لا يُلجأ إليه إلا بعد التحقق من توافر نية الامتناع لا العجز، مع توفير ضمانة جوهرية للمدين تتمثل في حقه بالتظلم أمام جهة قضائية أعلى.
ويتابع قائلاً: "تبرز من الناحية التشريعية والحقوقية أهمية التفكير في تطوير منظومة العقوبات البديلة كخيار إنساني وقانوني متوازن، يحقق الردع العام والخاص دون المساس بالحرية الشخصية إلا في أضيق الحدود، فبدلًا من الحبس في القضايا المدنية أو حتى في بعض المخالفات البسيطة، يمكن أن تتنوع العقوبات البديلة لتشمل: العمل لخدمة المجتمع تحت إشراف الجهات القضائية أو الإدارية المختصة، الإلزام بحضور برامج تأهيل أو توعية قانونية أو مهنية تهدف إلى تصحيح السلوك وتحقيق الاندماج الاجتماعي، الغرامات المالية التي تسهم في جبر الضرر دون اللجوء إلى الحبس، الإقامة الجبرية أو المراقبة الإلكترونية كالسوار الالكتروني لفترة محددة بدلًا من العقوبة السالبة للحرية، وبناءً عليه، فإنَّ اقتراح إعداد مشروع قانون للعقوبات البديلة في سلطنة عُمان يُعد خطوة مكملة لنهجها الإنساني والقانوني في تعزيز سيادة القانون وحماية الكرامة الإنسانية،ـ فمثل هذا القانون سيُسهم في تحقيق العدالة الاجتماعية، ويُترجم عمليًا التزام السلطنة بمبادئ حقوق الإنسان التي أكّدتها المواثيق الدولية والعربية، ويُجسّد رؤيتها المتوازنة نحو نظام عدلي عصري يجمع بين الإنصاف والرحمة، والردع والإصلاح، والعقوبة والمسؤولية المجتمعية".
وفي السياق، يُشير المحامي محمد بن سالم الوهيبي إلى أن المادة (11) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية من النصوص التي تُرسخ مبدأ حماية كرامة الإنسان، إذ تحظر سجن أي شخص لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي، لافتاً إلى أنَّ سلطنة عُمان لم تبد تحفظًا على هذه المادة، مما يجعلها ملزمة بالتقيد بأحكامها في إطار منظومتها القانونية.
ويوضح أن جوهر هذه الحماية يقوم على صون المدين حسن النية الذي يعجز فعليًا عن السداد لأسباب خارجة عن إرادته، دون أن تمتد إلى المدين الذي يمتنع عمدًا أو يتحايل، إذ يُعد الامتناع الإرادي مخالفة لمبدأ حسن النية في تنفيذ الالتزامات، مبينا: "يُلاحظ أن التشريعات العُمانية تجسد ذات المبدأ، حيث تمنع حبس المدين المعسر حقيقة، كما ورد في المادة (17) من قانون تبسيط الإجراءات المدنية، والمادة (425/د) من قانون المعاملات المدنية، اللتين تحميان المدين العاجز متى ثبت إعساره الفعلي، ومن المهم التمييز بين الامتناع والعجز؛ فالأول فعل إرادي يجيز الحبس، بينما الثاني حالة واقعية من ضيق ذات اليد لا يجوز فيها الحبس، اتساقًا مع العهد الدولي ومبادئ العدالة".
ويتوقع الوهيبي أن تشهد المنظومة القانونية العُمانية مستقبلاً تعديلات تُعزز هذا الاتجاه، بما يرسخ مزيدًا من التوافق بين التشريع الوطني والالتزامات الدولية في حماية المدين حسن النية.
بدورها، تقول المحامية أماني بنت سالم بن علي البلوشية، إن انضمام سلطنة عُمان إلى العهد الدولي يعزّز حماية المدينين، مؤكدة: "هذا الانضمام محطة مفصلية تؤكد التزام السلطنة بمنظومة حقوق الإنسان الدولية، ويضعها أمام التزامات قانونية دولية جديدة، ومن أبرز هذه الالتزامات ما ورد في المادة 11 من العهد الدولي التي تنص صراحةً على أنه «لا يجوز سجن أي إنسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي».
وتلفت إلى أن المنظمات الحقوقية العالمية تؤكد أن حبس المدين لمجرّد عدم السداد يُعدّ انتهاكًا واضحًا للقانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث لم تَعُد هذه الممارسة موجودة إلا في عدد قليل جدًا من الدول، وأنه بانضمام سلطنة عُمان إلى هذا العهد، أصبحت السلطنة ملتزمة بهذا المبدأ أمام المجتمع الدولي، مما يعني ضرورة مواءمة التشريعات الوطنية مع هذا الحظر الصريح وهو حبس المدين.
وترى البلوشية إلى أنه مع انضمام عُمان رسميًا إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، برزت الحاجة إلى إعادة تقييم مواد القانون المتعلقة بحبس المدين، فالمادة 11 من العهد تُلقي بظلالها مباشرة على المواد 418–426 من قانون الإجراءات المدنية والتجارية العُماني، ومن المتوقع أن تعمل الجهات التشريعية والقضائية على مواءمة هذه النصوص مع الالتزام الدولي الجديد.
وتبيّن: "قد يتطلب الأمر تعديل التشريع القائم لضمان عدم سجن أي شخص لمجرّد عجزه عن السداد، أي إذا كان المدين مُعسِرًا بشكل حقيقي، وربما يشهد المستقبل القريب تقنينًا أوضح لفكرة إعسار المدين كحالة تمنع الحبس تمامًا، انسجامًا مع ما تقرّه المواثيق الدولية".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مانشستر سيتي يرفض انضمام عمر مرموش لمعسكر منتخب مصر قبل الأمم الإفريقية
رفض نادي مانشستر سيتي الإنجليزي السماح لمهاجمه الدولي عمر مرموش بالالتحاق المبكر بمعسكر منتخب مصر، استعدادًا لبطولة كأس الأمم الإفريقية المقررة مطلع العام المقبل، بسبب مخاوف تتعلق بلياقته البدنية وجدول مباريات الفريق المزدحم.
وعاد مرموش مؤخرًا للمشاركة بعد تعافيه من إصابة في الركبة أبعدته لأكثر من شهر، قبل أن يسجل هدفه الأول هذا الموسم في فوز السيتي على سوانزي سيتي في بطولة كأس كاراباو منتصف الأسبوع.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن إدارة مانشستر سيتي ترفض التفريط في اللاعب خلال ديسمبر المقبل، خشية خسارته لفترة طويلة، خاصة وأن البطولة الإفريقية تمتد حتى 18 يناير المقبل، وهو ما قد يحرم الفريق من خدماته في نحو عشر مباريات حال بلوغ منتخب مصر الأدوار النهائية.
ويصطدم معسكر المنتخب المصري بجدول مباريات السيتي، إذ يخوض الفراعنة مباراة ودية أمام نيجيريا يوم 14 ديسمبر، في نفس يوم مواجهة السيتي أمام كريستال بالاس بالدوري الإنجليزي، ما دفع النادي إلى التمسك ببقاء اللاعب حتى يناير المقبل على الأقل.
ومن المنتظر أن ينضم مرموش إلى صفوف المنتخب عقب تلك المباراة مباشرة، في وقت يواجه فيه ليفربول أزمة مشابهة تتعلق بانضمام محمد صلاح إلى المعسكر، بعد قرار المدير الفني حسام حسن باستدعاء الثنائي لخوض البطولة.
يُذكر أن منتخب مصر سيبدأ استعداداته بخوض بطولة ودية في الإمارات، قبل الدخول في معسكر مغلق استعدادًا للمشاركة في كأس الأمم الإفريقية، حيث يستهل مشواره بمواجهة زيمبابوي يوم 22 ديسمبر ضمن مجموعة تضم أيضًا جنوب أفريقيا وأنجولا.