غزة - خاص صفا رغم سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن "إسرائيل" ما تزال تحظر دخول الصحافيين الدوليين إلى القطاع، خشيةً من نقل الحقيقة ومشاهدة العالم لجحم الفظائع والجرائم التي ارتكبتها على مدار عامين من حرب الإبادة. ومنذ بدء الحرب على غزة، تفرض سلطات الاحتلال حظرًا كاملًا على دخول الصحافة الأجنبية، ما يحرم المجتمع الدولي من الاطلاع المباشر على حقيقة الجرائم البشعة، والأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها المواطنون في القطاع.
وفي الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر الماضي منحت محكمة الاحتلال العليا "إسرائيل" 30 يومًا إضافيًا للرد على التماس قدمته رابطة الصحافة الأجنبية في عام 2024 للمطالبة بدخول الصحفيين الدوليين إلى قطاع غزة، والطعن في الحظر الذي تفرضه منذ بدء حرب الإبادة. ودعت لجنة حماية الصحفيين "سي بي جي" المجتمع الدولي إلى الضغط على "إسرائيل" لرفع جميع القيود التي تحول دون دخول الصحفيين إلى غزة فورًا. وعلى مدى عامين، سعت حكومة الاحتلال إلى تأجيل النظر في دخول الصحفيين إلى القطاع 7 مرات، بهدف منعهم من أداء واجبهم الصحفي، والحيلولة دون نقل ويلات الإبادة وتداعيتها الكارثية إلى العالم. لكن جيش الاحتلال نظّم جولات صحفية محدودة وخاضعة لرقابة عسكرية مشددة داخل غزة، وحدّد الصور ومقاطع الفيديو التي يمكن نشرها، ومنع إجراء المقابلات مع الفلسطينيين، مما "يعزز الدعاية الإسرائيلية، ونشر مشاهد ميدانية خاضعة بالكامل لسرديته الرسمية ومجرّدة من التغطية الحرة والمستقلة". وفي محاولة لطمس الحقيقة ومنع نقلها للعالم، تعمّد الاحتلال قتل 256 صحفيًا فلسطينيًا، منذ بدء حرب الإبادة على قطاع غزة.
حجب الحقيقة مدير عام المكتب الإعلامي الحكومي في غزة إسماعيل الثوابتة يقول إن استمرار الاحتلال في منع الصحافة الدولية من دخول قطاع غزة هو سلوك متعمد وممنهج، يهدف إلى حجب الحقيقة ومنع العالم من مشاهدة وتوثيق آثار الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت بحق السكان المدنيين خلال الحرب. ويوضح الثوابتة في حديث خاص لوكالة "صفا"، أن الاحتلال يُدرك أن وجود الصحافة الحرة سيكشف حجم الدمار، وأنماط الاستهداف، ووقائع الإبادة الجماعية، وسيُسقط الرواية التي يحاول ترويجها عالميًا. ويرى أن منع وصول الإعلام المستقل يمثل انتهاكًا واضحًا لحرية العمل الصحفي التي تكفلها المواثيق الدولية، وعلى رأسها المادة (19) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ويؤكد الثوابتة أن الاحتلال يتصرف خارج إطار القانون الدولي، وبمنطق القوة والهيمنة. ويضيف أن الاحتلال يخشى من دخول الصحفيين الأجانب إلى غزة، لأن الواقع أقوى من دعايته، ووجود صحافة حرة ومهنية سيؤدي إلى تفكيك روايته أمام المجتمع الدولي، وسيوثق بالصوت والصورة جرائم الحرب والقصف العشوائي، واستهداف العائلات المدنية، والمستشفيات، والملاجئ، ومخيمات النزوح.
تضليل إعلامي وما تخشاه سلطات الاحتلال، وفقًا للثوابتة، هو المشهد الإنساني الذي لا يمكن تزييفه: الأحياء المدمرة بالكامل، المقابر الجماعية، الأطفال المصابون بالجوع، والأسر التي تُباد كاملة. ويؤكد أن الاحتلال يخشى الحقيقة، لأنها تفضحه، وتُؤسس لمسار محاسبة دولي لا يمكنه الهروب منه. ومن وجهة نظره، فإن سماح الاحتلال بدخول عدد محدود جدًل من الصحفيين وفق شروط صارمة، أبرزها مرافقة الجيش ومنع التحرك الحر، هو محاولة لإنتاج سردية إعلامية مُحكمة وموجّهة، حيث يتحكم الاحتلال بما يُشاهد وما يُنشر، ويمنع تصوير الجرائم أو الاقتراب من مواقع الاستهداف، ويتيح فقط ما يخدم روايته. ويقول إن هذا النمط من "التغطية المرافقة للجيش" هو تضليل إعلامي منظم وواضح، يخلق مشاهد منتقاة بعناية، بهدف إظهار الاحتلال بصورة قانونية أو أخلاقية، بينما يُخفي الانتهاكات الحقيقية. والخطر، وفقًا لمدير عام المكتب الإعلامي، يُكمن في تغييب الحقيقة وتحويل بعض وسائل الإعلام إلى أدوات لتبييض الجرائم، وإعادة إنتاج رواية غير صحيحة للعالم، مما يساهم في تشويه الوعي الدولي وتزييف الوقائع التاريخية.
تعميّة الصورة وأما الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا فيرى أن الاحتلال يريد تعميّة الصورة عن قطاع غزة، وعدم نقل الحقيقة والرواية الفلسطينية الحقيقية والصحيحة عما جرى من إبادة فعلية في القطاع. ويوضح القرا في حديث لوكالة "صفا"، أن كل ما جرى هو سماح الاحتلال لبعض الصحفيين الأجانب بدخول غزة، والذين يدعمون روايته في مناطق يُسيطر عليها، دون السماح بأي تغطية إعلامية للصحفيين ونقل الحقيقة. ويضيف أن هذا ما يشكل جزءًا من تزوير الحقيقة، والتغطية على جرائم الاحتلال في القطاع، وتسويقها للمجتمع الدولي، رغم روايته الكاذبة. ويشير إلى أن الاحتلال تعمّد قتل الصحفيين الفلسطينيبن، الذين حاولوا نقل جزء من حقيقة ما يجري في القطاع للعالم. وأكثر ما تخشاه "إسرائيل" هو نقل الحقيقة وتأكيد الراوية الواضحة حول إبادة غزة، وقتل الأطفال والنساء، وتدمير المدن الفلسطينية دون أي مبرر أو ذريعة لذلك، وهذا سيُستخدم كإثبات لدى محكمة الجنايات الدولية والإعلام الدولي. وفق القرا ويبين أن "إسرائيل" منزعجة جدًا إزاء ما نقل من صور من قطاع غزة، وبشأن تعذيب الأسرى في معتقل "سدي تيمان"، لأن نقل هذه الصور للمجتمع الدولي سيحدث تغييرًا كبيرًا في الموقف الدولي، خاصة أنها فشلت في تقديم روايتها في مواجهة الجرائم التي ارتكبتها في القطاع. ويعتقد القرا أن الاحتلال لن يسمح للصحفيين الأجانب بدخول غزة، لأن ذلك سيكشف حجم الجريمة التي ارتكبتها حكومة الاحتلال، مما يشكل كابوسًا لها. "لذلك تحاول تأخير كل هذه الإجراءات بقدر ما تستطيع، لكن في ظل الواقع الموجود، وعمليات التدمير والمسح الشامل سيكون من الصعب التعامي عن جرائمها في القطاع".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية:
غزة
الصحفيون
الأجانب
حرب غزة
دخول الصحفیین
أن الاحتلال ی
نقل الحقیقة
فی القطاع
قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال يمنع دخول 350 صنفاً غذائياً أساسياً إلى غزة.. ودخول 28% فقط من شاحنات المساعدات
#سواليف
يواصل #جيش_الاحتلال الإسرائيلي تشديد #الخناق على قطاع #غزة، رغم دخول #اتفاق #وقف_إطلاق_النار حيّز التنفيذ، عبر تقليص كميات #المساعدات_الإنسانية والمواد الحيوية المسموح بدخولها إلى القطاع، في سياسةٍ تُوصف بأنها استمرارٌ للحصار والتجويع بأدوات جديدة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، في بيان صدر اليوم الخميس، إن إجمالي عدد #الشاحنات التي دخلت القطاع منذ بدء سريان وقف إطلاق النار بلغ 4453 شاحنة فقط من أصل 15,600 شاحنة كان يفترض دخولها حتى مساء السادس من نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أي بنسبة لا تتجاوز 28% مما تم الاتفاق عليه في التفاهمات الإنسانية.
وأوضح البيان أن القوافل التي وصلت إلى القطاع شملت 31 شاحنة غاز طهي و84 شاحنة سولار مخصصة لتشغيل المستشفيات والمخابز والمولدات، مؤكداً أن هذه الكميات “لا تفي بالحد الأدنى من الاحتياجات اليومية لسكان غزة” الذين يعانون منذ عامين من الحصار والتدمير الممنهج الذي خلّفته الحرب الإسرائيلية.
مقالات ذات صلة

إعلان قائمة النشامى لمواجهتي تونس ومالي وديا 2025/11/06
وأشار المكتب الإعلامي إلى أن متوسط عدد الشاحنات اليومية لا يتجاوز 171 شاحنة، مقارنة بـ600 شاحنة يومياً كان يُفترض دخولها وفق البروتوكول الإنساني، ما يعكس استمرار الاحتلال في “سياسة الخنق والتجويع والابتزاز السياسي” بحق أكثر من 2.4 مليون فلسطيني يعيشون في القطاع.
وأضاف البيان أن سلطات الاحتلال “تحرم المدنيين من أكثر من 350 صنفاً غذائياً أساسياً”، تشمل اللحوم الحمراء والبيضاء، الأسماك، الأجبان، مشتقات الألبان، الخضروات، المكملات الغذائية، وبيض المائدة، إلى جانب عشرات الأصناف الضرورية للأطفال والمرضى والنساء الحوامل.
في المقابل، يسمح الاحتلال بدخول كميات كبيرة من سلع عديمة القيمة الغذائية مثل المشروبات الغازية والشوكولاتة والوجبات المصنعة و”الشيبس”، تُباع بأسعار تفوق قيمتها الحقيقية بأكثر من 15 ضعفاً بسبب تحكم سلطات الاحتلال بسلاسل الإمداد. واعتبر البيان أن ذلك يمثل “هندسة متعمدة للتجويع والتحكم بالأمن الغذائي لسكان القطاع”.
وجدد المكتب الإعلامي الحكومي تأكيد استعداد الجهات الحكومية في غزة لـ”تسهيل وتنسيق إدخال وتوزيع المساعدات الإنسانية بالتعاون مع المنظمات الأممية والإغاثية العربية والدولية”، بما يضمن وصولها إلى جميع المحافظات والمراكز الحيوية، مؤكداً أن عمل هذه الجهات يقتصر على “تقديم الخدمات الإنسانية للشعب الفلسطيني الصامد في وجه سياسات الاحتلال”.