تقرير إسرائيلي: حزب الله يعيد بناء قدراته.. لكنه في مأزق
تاريخ النشر: 13th, November 2025 GMT
أثار خطاب نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الذي ألقاه بمناسبة "يوم الشهيد"، اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، بعدما حمل في طياته تحذيرات وصفتها صحيفة إسرائيل هيوم بأنها "ناعمة"، وتعكس حالة من التردد داخل الحزب بين التصعيد والتهدئة.
قاسم قال في خطابه إن "استمرار العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية"، مضيفًا: "لكل شيء حدود، ولن أقول أكثر من ذلك"، في رسالة بدت موجهة لإسرائيل لكنها حملت – بحسب الصحيفة – مؤشرات على حذر الحزب من الانجرار إلى مواجهة عسكرية جديدة.
إعادة بناء بإسناد إيراني
ذكرت إسرائيل هيوم أن حزب الله ينفذ منذ مطلع العام الجاري عملية إعادة هيكلة وتجنيد واسعة تشمل آلاف المقاتلين الجدد، بدعم مباشر من إيران، التي حولت – وفق تقديرات الصحيفة – نحو مليار دولار منذ يناير 2025 تحت ما تسميه طهران "الدعم الاستراتيجي" لحليفها في لبنان.
ويشمل الدعم تطوير الإنتاج العسكري المحلي، وإصلاح منظومات الصواريخ والمخازن المتضررة من الغارات الإسرائيلية، إضافة إلى تهريب مئات الصواريخ من سوريا إلى لبنان خلال الأسابيع الأخيرة.
ضغوط داخلية وتراجع شعبي
وأشارت الصحيفة إلى أن حزب الله يواجه ضغوطًا سياسية وشعبية متزايدة داخل لبنان، ظهرت في المراسلة التي وجهها الحزب إلى رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي مطلع نوفمبر، والتي أكد فيها "حقه في مقاومة العدوان الإسرائيلي"، لكنه رفض فكرة التفاوض مع إسرائيل.
ورأت إسرائيل هيوم أن هذه الرسالة جاءت ردًا على دعوات لبنانية متزايدة – من بينها مواقف الرئيس جوزيف عون وعدد من النواب – تطالب ببحث تسوية سياسية مع إسرائيل باعتبارها "ضرورة وجودية للبنان".
وأضافت الصحيفة أن تصريحات نعيم قاسم جاءت لتهدئة الجناح المتشدد داخل الحزب، بعد تقارير عن تذمر في صفوف المقاتلين نتيجة غياب الرد العسكري القوي على الهجمات الإسرائيلية الأخيرة.
رسائل مزدوجة للداخل اللبناني
وبحسب التقرير، حمل خطاب قاسم رسالة مزدوجة: الأولى موجهة إلى الحكومة اللبنانية، تدعوها إلى ممارسة الضغط على إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية.
والثانية إلى أنصار الحزب، لتأكيد أن سلاح حزب الله لا يزال "صمام الأمان" في مواجهة إسرائيل.
لكن الصحيفة لفتت إلى أن هذه الرسائل تأتي في ظل عجز الجيش اللبناني عن ضبط نشاط الحزب المسلح، واستمرار هيمنة حزب الله على الجنوب اللبناني.
الدعم الإيراني: أيديولوجيا واقتصاد
وتطرقت إسرائيل هيوم إلى أن طهران تعزز حضورها داخل البيئة الشيعية اللبنانية عبر مستويين متوازيين:
اقتصاديًا من خلال الدعم المالي المستمر. دينيًا عبر ترسيخ المرجعية الروحية للمرشد الإيراني علي خامنئي.وأشارت الصحيفة إلى أن طهران أطلقت في أكتوبر الماضي النسخة العربية من كتاب خامنئي "الشعر والموسيقى في الفقه الإسلامي" خلال احتفال في بيروت شارك فيه نعيم قاسم، معتبرة ذلك خطوة لتجديد الولاء الفكري والسياسي للحزب تجاه إيران.
كما نشرت مكتب خامنئي رسمًا يظهر قاسم إلى جانب الأمناء العامين السابقين للحزب، مرفقًا بتعليق يقول إن "قصة حزب الله مستمرة... وهو ثروة للبنان وما بعده"، في إشارة إلى مكانة الحزب ضمن الاستراتيجية الإيرانية الإقليمية.
إسرائيل عند مفترق طرق
تقول الصحيفة إن الواقع الحالي لحزب الله يمنح إسرائيل فرصة استراتيجية، إذ يعاني الحزب من "هشاشة سياسية واجتماعية" داخل بيئته الحاضنة، ما يتيح لتل أبيب مواصلة استهدافه.
غير أن إسرائيل اليوم تنقل عن دوائر بحثية إسرائيلية توصيتها بعدم الاكتفاء بالعمل العسكري أو الاقتصادي، بل بضرورة توسيع المواجهة إلى الميدان الاجتماعي والفكري، عبر دعم مشاريع بديلة لشبكات حزب الله الاجتماعية والخدمية، لتقليص اعتماد المجتمع الشيعي عليه.
الانتخابات المقبلة.. اختبار لمكانة الحزب
وتختتم إسرائيل اليوم تقريرها بالإشارة إلى أن الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقررة في مايو 2026 ستكون اختبارًا حقيقيًا لشعبية حزب الله، في ظل تزايد السخط الشعبي في مناطق نفوذه، خصوصًا الجنوب والبقاع.
وترى الصحيفة أن الحزب يحاول الموازنة بين لغة التهديد وضبط النفس، مدركًا أن أي مواجهة مباشرة مع إسرائيل قد تضعف مكاسبه السياسية والعسكرية في وقت تضخ فيه إيران المليارات للحفاظ عليه كأحد أذرعها الأهم في المشرق العربي.
المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات حزب الله لبنان إسرائيل حزب الله إسرائيل سلاح حزب الله حصر سلاح حزب الله حزب الله لبنان إسرائيل أخبار لبنان إسرائیل هیوم حزب الله إلى أن
إقرأ أيضاً:
بعد تصعيد إسرائيل وتهديدات "حزب الله".. هل تشتعل الحرب مجددا؟
ارتفعت في الأسابيع الأخيرة وتيرة التصعيد العسكري الإسرائيلي على لبنان عبر غارات جوية وتوغلات برية في قرى وبلدات في الجنوب، في انتهاك مستمر لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024.
وفي ظل هذا التصعيد، هدد الحزب بـ"وضع حد" للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، مؤكدا تمسكه بـ"سلاح المقاومة" والدفاع عن أراضي البلاد.
من جانبها، تواجه الحكومة اللبنانية تحديات كبيرة في ضبط الوضع الأمني وإدارة ملف السلاح، وسط مخاوف من اتساع دائرة المواجهة.
وفي هذا السياق، اتهم الجيش الإسرائيلي، في بيان الثلاثاء، الحزب بالسعي إلى "استعادة قدراته القتالية" في جنوب لبنان، الأمر الذي تعتبره تل أبيب "تهديدا مباشرا لأمن إسرائيل".
بدوره، لوّح الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم، في حفل بالعاصمة بيروت بمناسبة "يوم الشهيد"، الثلاثاء، بوضع حدّ للاعتداءات الإسرائيلية على لبنان، مؤكدا أن "الحزب لن يتخلى عن سلاحه وسيواصل الدفاع عن نفسه وأرضه".
وفي الوقت ذاته، تتهم السلطات اللبنانية إسرائيل بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار عبر استمرارها في احتلال 5 نقاط حدودية بجنوب لبنان، إضافة إلى شن غارات جوية وتوغلات برية خلفت قتلى داخل الأراضي اللبنانية.
** إرباك لبنان
العميد الركن المتقاعد، الخبير العسكري اللبناني ناجي ملاعب، تحدث للأناضول عن التطورات الأخيرة قائلا إن إسرائيل تسعى من خلال عملياتها إلى "إرباك الوضع الداخلي اللبناني، وخاصة بالجنوب، عبر استهداف بنى لوجستية ومنازل قريبة من الحدود، وأشخاص من مستويات غير قيادية في حزب الله".
وأوضح ملاعب أن "الضغط في الجنوب كبير جداً ويجري بموافقة أمريكية".
وأضاف: "هناك مقاربة أمريكية تعتبر أن لبنان لن يتلقى أي دعم عربي أو دولي ما لم يُرفع خطر سلاح حزب الله عن إسرائيل".
وقال الخبير العسكري إن الرسالة المقصودة من تهديدات أمين عام "حزب الله" جاءت "لرفع معنويات البيئة الحاضنة للحزب أكثر من كونها موجّهة إلى رئيس الجمهورية أو الحكومة".
وأشار إلى أن "الجيش اللبناني يقوم بمهامه في الجنوب وباقي المناطق، والحكومة التي يشارك فيها حزب الله ملتزمة بتعهدها في البيان الوزاري بحصر السلاح بيد الدولة".
وتحت ضغوط إسرائيلية أمريكية، أقرت الحكومة اللبنانية في 5 أغسطس/ آب الماضي حصر السلاح بيد الدولة، بما يشمل "حزب الله"، لكن الأخير يرفض ذلك.
ورحبت الحكومة اللبنانية بخطة وضعها الجيش لتنفيذ القرار، غير أنها لم تحدد مهلة زمنية لتطبيقه، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولة لإرضاء الحزب وقاعدته.
** لا معارك مباشرة
وأوضح ملاعب أن إسرائيل تحقق أهدافها في لبنان "دون الدخول في معارك مباشرة مع الحزب".
ووصف المرحلة الحالية بأنها "معركة بين الحروب" تعمل فيها تل أبيب على "تعزيز قدراتها وتوجيه ضربات محدودة لتفادي الدخول في حرب برية شاملة".
واستبعد الخبير "اندلاع حرب واسعة"، موضحا أن الجهود الدبلوماسية اللبنانية والعربية والفرنسية، إلى جانب الاهتمام الأمريكي، تتركز على تثبيت الاستقرار في الجنوب.
وبيّن أن التصعيد الخطابي الأخير لحزب الله "مرتبط بفشل المفاوضات الإيرانية – الأمريكية".
وأضاف: "إذا تم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين، فإن المطلوب من حزب الله سيكون موقفاً سياسياً لا استخداماً للسلاح، إذ إن دوره العسكري سيفقد مبرره في حال تم الاتفاق بين أمريكا وإيران".
يُذكر أنّ المفاوضات النووية التي بدأت في نيسان/ أبريل الماضي بين إيران والولايات المتحدة توقفت بعد الهجمات التي شنّتها إسرائيل وواشنطن على إيران.
وفي 13 يونيو/ حزيران الماضي، شنت إسرائيل بدعم أمريكي حربا مفاجئة على إيران استمرت 12 يوما، وتخللتها ضربات متبادلة أسفرت عن مئات القتلى والجرحى بين الجانبين، قبل أن تعلن واشنطن التوصل إلى وقف لإطلاق النار في 24 من الشهر ذاته، وسط ادعاءات متبادلة بتحقيق النصر.
** احتمال اتساع المواجهة
بدوره، توقع العميد المتقاعد، الخبير العسكري اللبناني هشام جابر، مواصلة إسرائيل "توسيع عدوانها ضد لبنان بدرجات متفاوتة"، لكنه استبعد احتمال نشوب حرب شاملة على غرار الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
وأشار إلى أن استهداف البنى التحتية للدولة اللبنانية بشكل مباشر "غير مرجّح" لأن الولايات المتحدة لن تسمح بذلك.
وقال جابر إن إسرائيل "استنزفت مبدئياً بنك أهدافها، وستستهدف في المرحلة المقبلة أهدافًا اقتصادية وصناعية، وقد تدعي أن بعض المصانع تستخدم لصناعة أسلحة لحزب الله".
وتابع: "العدوان سيشهد توسعا في دائرة الاستهداف، خاصة بعد انتهاء زيارة بابا الفاتيكان لوي الرابع عشر إلى لبنان" المرتقبة أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
ووصف الخبير العسكري التصعيد في خطاب أمين عام "حزب الله" بأنه "متوقع وطبيعي"، واصفًا مواقف الحزب بأنها "رد فعل على الضربات الإسرائيلية المتكررة".
ورغم اتفاق وقف النار الموقع بوساطة أمريكية في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، لا تزال إسرائيل تنفذ هجمات على مناطق متفرقة في لبنان، وتواصل احتلالها 5 تلال في الجنوب سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق لبنانية أخرى تحتلها منذ عقود.
وأشار جابر إلى "وجود توتر داخل البيئة الحاضنة للحزب بعد بدء بعض الأصوات في انتقاد صمته، لذلك قال قاسم إنه مستعد للرد".
وحذر الخبير من أن "أي رد قد يستجلب ردودا أعنف من إسرائيل، ما قد يؤدي إلى اتساع نطاق المواجهة" بين الطرفين.
وأوضح أن قائد الجيش يعمل بتنسيق مع "حزب الله"، مشددا على أن "أي محاولة لانتزاع السلاح بالقوة ستؤدي إلى انقسام الجيش، ما قد يعرّض البلاد لتفكك يصعب تحمله".
** انتقادات للحكومة
المحللة السياسية اللبنانية ميسا عبد الخالق، قالت للأناضول إن كلمة أمين عام "حزب الله" حملت "نقطة إيجابية" تمثلت في إعلان الحزب موافقته على انتشار الجيش اللبناني جنوب نهر الليطاني فقط، لكنه أكد تمسكه بسلاحه.
وأضافت أن خطاب قاسم "أكد رفض الحزب التخلي عن سلاح المقاومة، وأن العدوان الإسرائيلي لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، وأن من حق الحزب الدفاع عن لبنان بكل الوسائل الممكنة".
وأوضحت أن الخطاب احتوى على انتقادات واضحة للحكومة اللبنانية، حيث دعاها إلى وضع خطة واضحة للسيادة الوطنية، واتهمها بـ"الاستماع إلى الإملاءات الأمريكية والتركيز المفرط على ملف حصر السلاح".
"كما وجّه سهامه إلى معارضي الحزب باتهامهم بـ"العمل لخدمة مصالح إسرائيل والولايات المتحدة"، أضافت عبد الخالق.
وقالت المحللة السياسية إن المشهد الميداني هو "العامل الحاسم" في التطورات، مشيرة إلى أن "حزب الله يؤكد وقوفه خلف الدولة اللبنانية".
وأوضحت أن "أي تطورات إقليمية، خصوصًا المتعلقة بالعلاقات بين إيران والولايات المتحدة، قد تدفع الحزب إلى تغيير قواعد الاشتباك إذا طلبت طهران ذلك".
وأكدت أن الجيش اللبناني يقوم بواجبه رغم الظروف الصعبة، حيث انتشر في نحو 120 موقعا جنوبي البلاد، مشيرة إلى أن الانتشار الكامل يتعثر بسبب استمرار الاعتداءات واحتلال إسرائيل خمس نقاط حدودية.
ولفتت إلى وجود مخاوف من تصعيد أو حرب واسعة قد تشنها إسرائيل، في ظل عدم رضا أمريكي وإسرائيلي عن وتيرة تنفيذ خطة حصر السلاح بيد الدولة.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2023 شنت إسرائيل عدوانا على لبنان تحول في سبتمبر/ أيلول 2024 إلى حرب شاملة خلّفت أكثر من 4 آلاف قتيل وما يزيد على 17 ألف جريح.