ترجمة: بدر بن خميس الظفري -

مع احتضان البرازيل للدورة الثلاثين من مؤتمر الأمم المتحدة للتغيّر المناخي في مدينة بيلم بمنطقة الأمازون، تتاح للوفود فرصةٌ نادرةٌ لرؤية المشهد الحقيقي للغابات، والوقوف مباشرة على احتياجات سكانها.

تمتد منطقة الأمازون عبر تسع دول واثنتي عشرة ولاية برازيلية، وتُوصف بأنها «رئة العالم» لما تؤديه من دور محوري في امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون وإطلاق الرطوبة التي تغذّي الأمطار في معظم أنحاء أمريكا الجنوبية.

ورغم تأكيد حضور معظم الدول التي شاركت في النسخ السابقة، فإن بعض الدول الكبرى المهمة، ومنها الولايات المتحدة والأرجنتين، لم ترسل ممثلين رفيعي المستوى إلى مؤتمر المناخ الثلاثين. ويعود ذلك إلى تشكّك حكوماتها في قضيّة تغيّر المناخ ومقاومتها لتمويل المبادرات العالمية ذات الصلة.

تُعد منطقة الأمازون كنزًا ضخمًا من الموارد الطبيعية وتضم تنوعًا بيولوجيًا فريدًا. فإلى جانب الأخشاب والفواكه الاستوائية، تمثل مخزونًا هائلًا من المياه العذبة والمعادن الحيوية المطلوبة لصناعات عديدة.

لذلك يجب أن تتركز مناقشات الدورة الثلاثين لمؤتمر المناخ على حماية موارد الأمازون واستثمارها الأمثل، من خلال جذب الاستثمارات وتعزيز الشراكات التكنولوجية والابتكار المستند إلى هذا التنوع الهائل.

لكن تمويل هذه الرؤية ما يزال تحديًا كبيرًا. فقد التزمت قمة المناخ التاسعة والعشرون في باكو بتوفير 300 مليار دولار سنويًا للدول النامية لمشروعات المناخ بحلول عام 2035، غير أن هذا المبلغ يُعد ضئيلًا ومتأخرًا للغاية.

وتشير تقديرات عديدة إلى أن التمويل المطلوب لتنفيذ خطط مواجهة تغيّر المناخ لا يقل عن 1.3 تريليون دولار سنويًا، وهو مبلغ يفوق بكثير ما هو متاح حاليًا. ويعقّد هذه الفجوة التمويلية غياب الاتفاق على آليات توفير هذه الموارد.

وتبرز المشكلة الأكبر في غياب التوافق حول مصادر التمويل، إذ تمتنع عدة دول غنية عن الإسهام في هذا التمويل، كما يتواصل الجدل حول ماهية المشروعات التي ينبغي أن يشملها هذا التمويل.

وتعتزم البرازيل تقديم مقترحين اثنيْن للتمويل. الأول هو «آلية الغابات الاستوائية الدائمة»، التي تهدف إلى مكافأة الدول التي تحافظ على سلامة غاباتها الاستوائية، بحيث تتحول الحماية البيئية إلى مكسب اقتصادي لا عبء على الدولة. أمّا المقترح الثاني فهو «رأس المال التحفيزي» الذي سيجذب استثمارات خاصة لمشروعات التحول المناخي، كما تخطط الحكومة البرازيلية لإنشاء سوق فاعلة للكربون. وإذا نجحت هذه المبادرة، فستكون ذات تأثير واسع نظرًا لازدياد حساسية المستثمرين العالميين تجاه بصمتهم الكربونية.

ينبغي لجدول أعمال مؤتمر المناخ الثلاثين أيضًا أن يناقش إصلاح منظومة الحوكمة المالية العالمية، بحيث تتكيّف البنوك التنموية متعددة الأطراف مع أولويات الدول النامية، كما يجب دمج التكيف المناخي في السياسات الصناعية، ومنع استخدام الأعذار المتعلقة بالبيئة ستاراً لفرض قيود تجارية.

فعلى سبيل المثال، أصبحت منطقة الأمازون هدفًا للصراعات التجارية العالمية، إذ باتت العديد من الدول تطالب بوثائق تثبت أن المنتجات لم تأتِ من مناطق أُزيلت غاباتها.

وهذا يفرض تكاليف باهظة على المنتجين، في مفارقة لافتة، لأن الدول التي تفرض هذه الشروط كانت قد دمّرت غاباتها منذ زمن طويل. إن العالم يحتاج إلى التعاون ومرونة في القوانين لا الاشتراطات لجعل أهداف المناخ قابلة للتحقيق، كما ينبغي للقمة أن تعزز التعاون الدولي في مواجهة تغيّر المناخ. يمكن للمدن أن تتبادل خبراتها في السيطرة على الفيضانات، وتوسيع المساحات الخضراء، وإدارة النقل. ويمكن للدول أن تطوّر شراكات تكنولوجية لخفض انبعاثات الميثان في تربية الماشية. إن وفرة المياه العذبة والمعادن والتنوع الحيوي في الأمازون، فضلًا عن إمكاناتها الضخمة في الطاقة المتجددة، يمكن أن تستقطب استثمارات في قطاعات مثل الهيدروجين الأخضر والصلب الأخضر وصناعة الإلكترونيات.

ومن هنا، يأمل كثيرون ألا تتحول الدورة الثلاثون من مؤتمر المناخ إلى مجرد اجتماع بروتوكولي آخر، بل إلى محطة تُترجم الأهداف الكبرى إلى خطط عملية، وينبغي أن تخرج القمة بمبادرات ملموسة تؤثر بفاعلية في المعركة العالمية ضد تغيّر المناخ.

ريناتو باومان خبير اقتصادي سابق في معهد البحوث الاقتصادية التطبيقية بالبرازيل، وفي لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأمريكا اللاتينية والكاريبي (إيكلاك).

الترجمة عن صحيفة الصين اليوميّة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: مؤتمر المناخ تغی ر المناخ

إقرأ أيضاً:

مجلس الوزراء يقرر تحويل 845 مليون دولار منحة أميركية إلى الخزينة

صراحة نيوز- وافق مجلس الوزراء على اتفاقية منحة الدعم النقدي السنوية مع الولايات المتحدة، لتحويل 845 مليون دولار كدعم مباشر للخزينة خلال عام 2025.

ويأتي القرار استمراراً للعلاقة الاستراتيجية بين الأردن والولايات المتحدة، وللثقة التي يحظى بها الأردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني.


كما فوّض المجلس وزير التخطيط والتعاون الدولي بالتوقيع على الاتفاقية نيابة عن الحكومة، بما يضمن استمرار تدفق الدعم المالي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي والمالي.

مقالات مشابهة

  • المالية: نعمل على مبادلة الديون باستثمارات في البنية التحتية والطاقة المتجددة والمجالات الخضراء
  • وزير المالية: نعمل على مبادلة الديون باستثمارات في البنية التحتية والطاقة المتجددة والمجالات الخضراء
  • مجلس الوزراء يقرر تحويل 845 مليون دولار منحة أميركية إلى الخزينة
  • احتجاجات دفاعا عن المناخ في مؤتمر كوب 30
  • خبرٌ عن تحويل الأموال في لبنان.. ما الجديد؟
  • موسكو: سياسة العزلة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي لا تفيد شعوبه
  • النفط والغاز تشارك في مؤتمر المناخ والطاقة بالبرازيل
  • الإمارات تؤكد ريادتها في العمل المناخي متعدد الأطراف وتعزيز التعاون الدولي خلال افتتاح مؤتمر الأطراف الثلاثين
  • رغم الوعود والحماية.. لماذا تغلق ألمانيا أبوابها في وجه الأفغانيات اللواتي تعاونّ معها؟