إسحق أحمد فضل الله يكتب: (نقوش على جدار ذاكرتي)
تاريخ النشر: 16th, November 2025 GMT
ونتجاهل الحرب ساعة..
وما خطر الخلود بالذاكرة إلا جاءت رواية After Many a Summer.
وما خطرت الوحدة والوحشة بالذهن إلا جاءت رواية ربيع مسز ستون.
وما خطر القطار بالذهن إلا انطلق في الذاكرة مشهد القطار المنطلق في الصحراء الجليدية في رواية دكتور زيفاجو.
وما خطر صراع السلطة والبيع للشيطان إلا خطرت رواية فاوست وأوسكار وايلد.
وما مررت في العيلفون بدكان أحمد ود الأمين وضوء الرتينة المفروش أمامه إلا خطر لي أحمد إسماعيل والشلة أمام دكان الطاهر ود الرواسي في رواية الطيب صالح.
وما رأيت جملاً فارهاً إلا تذكرت الطيب ود ضحوية، ورأيته وهو يسوق المراح المنهوب أمامه وهو يرفع عقيرته بالدوبيت:
كم تبيت على التِلب الكزازي الكَوْمة
وكم درجتهن من سنجة
طالبات روما
الروح ما بتفارق الجتّة قبال يومها
كله أريتو نِسْلِم من فلانة ولوما
الأدب الحقيقي يصبغ روحك، ويصبح له في الروح طعم ولون ورائحة….
وفاوست رواية عن بحثهم هناك عن السلطة والخلود (شجرة الخلد وملك لا يبلى).
وهناك الرجل الذي يبحث عن ذلك، يبرز له الشيطان، وبيعة تتم بينهما، وفيها… ألف عام من السلطة للرجل… ثم؟
ثم جهنم.
ودوريان جراي صاحب أوسكار وايلد مثلها، لكن جراي كان يبحث عن سلطان آخر..
وجراي شاب جميل جداً… ينظر يوماً إلى وجهه في المرايا ثم يصرخ في حسرة:
كيف ولماذا يذهب هذا إلى التراب؟
والشيطان يظهر له. واتفاق بينهما على بقاء الجمال هذا مئات الأعوام… ثم؟؟
وعبقرية المؤلف تقول إن البقاء هذا… بقاء الجمال… ليس أكثر من خدعة، بينما كل عام يرسم خطواته على وجه الشاب هذا على لوحة للوجه مخبوءة في قبو تحت البيت.
ولا شيء كان أكثر بشاعة من وجه الشاب على اللوحة التي أُخرجت من القبو في نهاية فترة الاتفاق.
……
الأعمال العظيمة في الأدب رسمت للناس هناك ما هو شكل ومصير الهروب من الله ومن حقيقة الإنسان…
والأعمال هذه تُخلَّد لأنهم… لأنها وجوههم.
لكنهم يتعاملون معها تعامل المدمن الذي تخطّى مرحلة التعامل مع الحقيقة…
بعضهم يسألنا بقوله:
أستاذ… المؤامرات هذه تُخطَّط منذ مئات السنين… ومن يخطِّط إنما يخطِّط لينتفع… لكن من يضعون الخطط المئوية هذه لا يعيشون للانتفاع بها… لماذا إذن يخطط الإنسان لشيء لا يعيش للانتفاع به؟
ونقول:
هل تؤمن بأن الشيطان قال وقال؟ وأنه الآن يفعل ويفعل؟
وعن الخراب الذي يرسمه الشيطان هذا… الخراب الذي يفعله من لا يحتاج إلى فعله… انظر إلى الإمارات.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: وما خطر
إقرأ أيضاً:
تحليل: أفورقي وترديد رواية إيران والإخوان.. الهروب من أزمات إريتريا نحو البحر الأحمر
على عكس عادته، أطل الرئيس الإريتري، إسياس أفورقي، على شاشة التلفزيون الرسمي ليطلق تصريحات لافتة وغير مسبوقة عن المشهد في اليمن والأحداث التي تشهدها منطقة البحر الأحمر وباب المندب.
حيث تحدث أفورقي، في مقابلة مع تلفزيون (Eri-TV)، عما قال إنها مطامع خارجية تسعى إلى إنشاء قواعد عسكرية أجنبية في منطقة البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن، وتحديداً في الجزر اليمنية الواقعة في هذه البحار.
معبراً عن قلقه من "محاولة قوى خارجية ترسيخ مواقع هيمنة في هذه المنطقة تحديداً"، متحدثاً عن وجود "جهود لإنشاء قواعد في سقطرى، وفي جزيرتي ميون وزقر في مضيق باب المندب"، ومؤكداً سعي هذه القوى – دون أن يحددها – إلى "تهيئة مناخ ملائم لإنشاء قواعد عسكرية أجنبية في تلك المنطقة لتحقيق أهداف سياسية معينة".
الرئيس الإريتري ذهب بعيداً في حديثه إلى القول إن عدم الاستقرار في اليمن "ينبع، في جوهره، من طموح القوى العالمية لترسيخ وجود عسكري"، واصفاً ذلك بأنه "مؤامرات تشكل خطراً مستمراً على البحر الأحمر وخليج عدن وسواحل المحيط الهندي".
حديث أفورقي تضمن تناقضات واضحة؛ ففي بداية حديثه أكد أن "البحر الأحمر ليس ملكاً للدول الساحلية فحسب، بل هو ممر مائي دولي ذو أهمية جيوسياسية بالغة، تفوق أي ممر بحري آخر، سواء في المحيطين الهندي والهادئ"، مشدداً على أن "ضمان أمن هذا الممر البحري مسألة استراتيجية، ليس فقط لدول المنطقة، بل أيضاً للقوى الدولية"، حسب قوله.
إلا أنه يرفض، في حديثه، قيام أي دولة من الدول المطلة على البحر الأحمر بإبرام اتفاقيات أو تعاون مشترك مع القوى العظمى أو دول المنطقة بحجة حماية أراضيها البحرية، رغم إقراره الضمني بعجز إمكانيات بعض هذه الدول عن القيام بمهمة تأمين الملاحة في البحر الأحمر.
وبعيداً عن صحة ما قاله الرئيس الإريتري، فإن اللافت في حديثه هو غياب الإشارة مطلقاً إلى السبب الرئيسي وراء ما يشهده البحر الأحمر من تحشيد عسكري، والمتمثل بالهجمات التي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية منذ عامين ضد الملاحة الدولية في البحر الأحمر، تحت ذريعة مساندة القضية الفلسطينية.
وهو ما جعل حديثه يلقى رواجاً كبيراً لدى إعلام مليشيا الحوثي التي احتفت بتصريحاته المتطابقة بشكل كبير مع الرواية التي تروج لها المليشيا حول البحر الأحمر، كما أنها تُنشر – تصريحاً أو تلميحاً – إلى الدور الإيراني في هذا الملف، رغم عشرات التصريحات التي أطلقها المسؤولون الإيرانيون وتفاخروا فيها بنفوذهم في هذه المنطقة الاستراتيجية.
كما أن هذه التصريحات لاقت ترحيباً لافتاً لدى إعلام ونشطاء جماعة الإخوان في اليمن، حيث رأوا فيها تعزيزاً لمزاعمهم المستمرة منذ سنوات حول وجود قواعد أجنبية سرية في الجزر اليمنية، كان آخرها مزاعم وجود قواعد عسكرية إماراتية في جزيرتي ميون وزقر.
وإلى جانب ذلك، فإن اللافت في تصريحات الرئيس الإريتري، إسياس أفورقي، والمعروف بندرة ظهوره الإعلامي، عدم تطرقه للأزمة المتصاعدة بشكل خطير بين بلاده وإثيوبيا، عقب التصريحات العلنية التي أطلقها قادة أديس أبابا بالرغبة في الاستحواذ على منفذ على البحر الأحمر بالقوة العسكرية، والحديث عن ميناء "عصب" الإريتري تحديداً.
وبدأت الأزمة مع التصريح المفاجئ وغير المسبوق الذي أدلى به رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، مطلع سبتمبر الماضي خلال مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي الرسمي من موقع سد النهضة، بإعلانه عزمه "تصحيح الخطأ التاريخي المتمثل في فقدان بلاده منفذها البحري" في ميناء "عصب" الإريتري.
وكرر آبي هذا الموقف بحديثه أواخر أكتوبر الماضي أمام البرلمان، بأن إثيوبيا فقدت ميناءها البحري بسبب انفصال إريتريا واستقلالها عام 1993م، معتبراً أن ذلك تم بشكل "غير قانوني"، بدعوى عدم اتخاذه من جانب مؤسسات إثيوبية، كمجلس الوزراء أو البرلمان أو عبر استفتاء.
وشدد آبي أحمد في حديثه على أن مسألة وصول إثيوبيا إلى البحر هي "مسألة حتمية وجودية، ولا يمكن إيقافها"، وأن حصول إثيوبيا على المنفذ البحري لن يستغرق "سنوات مثل ما فقدناه 30 عاماً"، وأن بلاده "لن تبقى دولة مغلقة بعد الآن".
وبالتزامن مع هذه التصريحات، كثفت حكومة آبي خلال الأسابيع الماضية اتهاماتها لإريتريا بدعم الجماعات المسلحة داخل إثيوبيا، وعلى رأسها جبهة تحرير تيجراي وميليشيا "فانو" في إقليم أمهرة. ووجهت الخارجية الإثيوبية خطاباً إلى الأمين العام بهذه الاتهامات، واعتبرتها "تحالفاً جديداً يهدد الأمن القومي الإثيوبي".
ويرى مراقبون أن هذه الاتهامات الإثيوبية قد تكون مجرد ذريعة لعمل عسكري قد تقدم عليه أديس أبابا ضد إريتريا، لتحقيق حلمها بالحصول على منفذ بحري، ما ينذر بأزمة جديدة تهدد استقرار منطقة البحر الأحمر، وهو ما تجاهله تماماً أفورقي في حديثه الأخير.
ولا تقتصر التحديات أو التهديدات أمام أفورقي على الحلم الإثيوبي؛ بل إن الرجل الذي يحكم إريتريا منذ استقلالها عام 1993م يواجه تحديات داخلية اقتصادية وتنموية في استمرار حكمه للبلاد، كما أن قرب بلوغه عامه الثمانين يطرح تساؤلاً مهماً حول مستقبل أسمرة في حالة غيابه المفاجئ عن المشهد.