13 نوفمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
زيد نجم الدين
في الآونة الأخيرة إنتشر سلوك أو ظاهرة جديدة عند بعض القادة العسكريين والمسؤولين، وهي ظاهرة الإنسانية المزيفة، للأسف هذه الظاهرة لاقت (خطأً) قبول جيد وتركت انطباعا إنسانيا عند البعض من الجمهور…
المشهد الذي نتحدث عنه يتلخص بلقاء قائد أو مسؤول ما بمواطن (جريح أو معاق، مريض أو مظلوم أو مغصوب حقه… إلخ)، وعند لحظة اللقاء بالمسؤول يتم توثيق ونشر المواطن وهو يستعرض قضيته متوسلا وباكيا أمام المسؤول الذي يظهر محفوظ الكرامة ومحاط بحشد من الحمايات والمساعدين، ويركز بعض المسؤولين على تصوير مشاهد مثيرة من تلك اللقاءات خصوصا عندما ينهار المواطنون ويفقد السيطرة على دموعه أو عندما ينحني أحدهم محاولا تقبيل يد المسؤول، ثم بعد ذلك يتم تصوير المسؤول وهو يحل قضية ذلك المواطن في مشهد درامي يلعب فيه المسؤول دور البطل الذي ينقذ الضحية…
عند نشر هكذا مقاطع على مواقع التواصل لاحظت ان بعض الجمهور يتفاعل معها بطريقة إيجابية ، وفي الحقيقة هكذا نشاطات وان كانت مهمة لقضاء حاجات المواطنين إلا أنها تتطلب انتقاد وتوبيخ المسؤول في موردين وهما:
الأول: لتوثيق ونشر كيف تهان كرامة المواطن أمام المسؤول طلباً في قضاء حاجته، والتي هي من وإجابات المسؤول ومهامه.
ثانيا: ان الإشكاليات المعقدة التي لا تحل إلا عند لقاء المسؤول الأعلى تكشف عن ضعف في الإدارة والمتابعة للمسؤول الأعلى و الذي تسببت إدارته للمؤسسة بظلم المواطن أو إهماله أو عدم إنصافه.
لذلك هكذا مشاهد لا تستحق الإطراء والثناء على المسؤول وإنما الانتقاد والتقريع لما حل في المواطن من ضيم تحت إدارة ذلك المسؤول.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لا يعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
المواطن إلى أين؟!
سعيد بن محمد الجحفلي
نرى في هذه الفترة حرص كل وزارة وهيئة على إنجاز مؤشرات سنوية مُجبرة على تحقيقها، وكثيرٌ من هذه المؤشرات تتحقق على شكل جداول وبيانات فقط، دون أن يكون لها أثر على أرض الواقع أو أن يشعر بها المواطن.
وزارة العمل بقرارها المتعلق بإلزام كل صاحب سجل تجاري بتعيين مواطن واحد على الأقل، قد استوحته من مداخلة أحد المواطنين في إحدى الندوات والذي قال إن لديه حلًّا سريعًا وناجعًا للباحثين عن عمل من خلال إلزام كل صاحب شركة أو مؤسسة بتوظيف مواطن واحد على الأقل.
هنا بارت الحيل وانكشف الغطاء، للأسف، حيث كنا نأمل من الكفاءات العلمية والقيادات التحويلية في وزارة العمل أن تجود بحلول إبداعية غير مألوفة أو كما يُقال "من خارج الصندوق"، تُبهر المواطن المسكين الذي يبحث عن معيشة كريمة في وطنه، وتُشركه في إدارة عجلة التنمية في بلده، الذي هو في الأساس بلد غني بموارده الطبيعية، بينما نجد التوجه يميل دائمًا إلى أسهل الحلول ذات التأثير السلبي على المواطن والاقتصاد، من خلال إرهاق القطاع الخاص بالضرائب وتأخير دفع مستحقات أصحاب العقود المُنفِّذة للمشاريع الحكومية.
لقد انهار عدد من الشركات وأعلنت إفلاسها جرّاء تراكم الالتزامات المالية الناتجة عن تأخُّر دفعات مبالغ العقود، مما أدى في المقابل إلى القضاء على عدد ليس بالقليل من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، التي تنفذ بعض الأعمال (مقاول من الباطن)، عن طريق تلك الشركات.
وهذا يعود إلى مُبالغة وزارة المالية في إجراءات صرف المُستحقات، رغم أن المبالغ والمخصصات المالية الخاصة بتلك المشاريع غالبًا ما تكون متوفرة في الميزانية والبنود الخاصة بالمشاريع الإنمائية.
هنا أصبح القطاع الخاص يئن جرّاء تلك الإجراءات البيروقراطية التي عفا عليها الزمن، والآن تعود "حليمة إلى عادتها القديمة"؛ حيث بدأت وزارة العمل تنفيذ قراراتها القديمة غير المجدية وهي زيادة نسب التعمين دون استدامة الوظائف، رغبةً في رفع المؤشرات لديها!
وزارة العمل مُلزمة بأن تبحث عن طُرق جديدة لتشجع المواطن على الانخراط في مهن تجارية مُستدامة وتوطِّنها وتحميها بقرارات ومتابعات وقائية، حتى يستمر ويتطور الشاب العُماني في مهنٍ معينة، مثل مهنة الأسواق التجارية والبقالات، التي يحتكرها الوافدون؛ لأن هذا النشاط لن يُكتب له النجاح طالما أن موزعي المواد الاستهلاكية يُسيطرون عليها ويحتكرونها.
الكثير من الشباب الذين أعرفهم، كانوا قد فتحوا مثل هذه البقالات والأسواق وباشروا في البيع والشراء، لكن موزعي السلع -خاصةً المواد الغذائية- حاربوهم من خلال عدم تزويدهم بالمواد المطلوبة في أوقات الحاجة، حتى أصبحت أرفف هذه المحال خالية من المواد التموينية. وفي المقابل، يُزودون البقالات والأسواق التي يعمل فيها الوافد بالمواد السلعية المختلفة، وبعد ذلك يضطر المواطن إلى عرض محله التجاري للبيع، فيشتريه الوافد! ومن ثم يتم تزويده في نفس اليوم بالمواد التموينية من قبل المُوزِّعين، الذين يسيطرون على هذه التجارة المربحة جدًا، وهي عصب الحياة (مواد غذائية ومستلزمات سلعية).
قِسْ على ذلك الكثير من الأنشطة المربحة والمؤثرة في نمو الاقتصاد، والتي ما تزال يحتكرها الوافدون، مثل شركات مواد البناء الكبيرة وغيرها..
أيضًا عندما ننظر إلى القطاع المصرفي الذي يُحقق أرباحًا بمئات الملايين سنويًا، قد يجد العميل تأخيرًا في إنجاز معاملته في بعض فروع البنوك، وسط زحمة كبيرة من العملاء في صالات الخدمة، وعندما تسأل: لماذا لا تزيدون عدد الموظفين؟ يقولون إن الإدارة العليا لا ترغب في التوظيف، حرصًا على الأرباح!
يجب على متخذي القرارات في الوزارات الخدمية الذين عملوا في المختبرات العلمية ومراكز البحوث النزول للأسواق والميادين والاستئناس برأي المواطن قبل إصدار قرارات صادمة من مكاتبهم؛ فيربكوا حياة المواطن واقتصاد البلد لسنوات، قبل أن تُعدَّل أو تُلغى تلك القرارات غير الرشيدة.
هنا نجد أن سياسة إخماد الحرائق لا تُجدي نفعًا؛ بل تُطيل أمد الأزمة وتفاقمها؛ لأن القرارات الرشيدة الناجعة تُتَّخَذ بناءً على معلومات حديثة ودقيقة وشاملة، وليس ردة فعل مُضطربة.