سرايا - نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، بعض نتائج تحقيقات للشرطة الإسرائيلية تشير إلى أن طائرة حربية تابعة للاحتلال أطلقت النيران على مشاركين في مهرجان موسيقي أقيم في منطقة غلاف قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، وأن حركة حماس استهدفت الحفل بدون أن يكون لديها علم مسبق به.


وأفاد تقرير الصحيفة الإسرائيلية الذي نشرته السبت، أن تقييمات المؤسسة الأمنية تشير إلى أن حماس على الأرجح لم يكن لديها معرفة مسبقة بمهرجان "سوبر نوفا" الموسيقي، وأنها استهدفت الحفل بشكل غير مخطط لها مسبقا.




وحسب الصحيفة، يقدر مسؤولون أمنيون إسرائيليون كبار، أن حماس اكتشفت مهرجان "نوفا" للموسيقى من خلال طائرات بدون طيار أو من تلك التي حلقت بالمظلات، ووجهت مقاتليها إلى الموقع باستخدام نظام اتصالات خاص بهم.


وأشارت إلى أن التقييم المتزايد في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية هو أن مقاتلي حماس، لم يكن لديهم معرفة مسبقة بمهرجان "نوفا" للموسيقى الذي أقيم بجوار "كيبوتس ريعيم" وقرروا استهداف الحفل.


كما وأشارت الصحيفة إلى أن التقييم يستند إلى استجوابات مقاتلين وتحقيقات الشرطة في الحادث.


ووفقا لمصدر أمني يشير التحقيق أيضا إلى أن طائرة حربية تابعة للجيش الإسرائيلي، وصلت إلى مكان الحادث وأطلقت النار على مقاتلي المقاومة هناك وأصابت على ما يبدو بعض المشاركين في المهرجان (في إشارة إلى الإسرائيليين).


وذكرت الصحيفة نقلا عن مصادر في الشرطة الإسرائيلية، أن 364 شخصا قتلوا في المهرجان بدون تحديد هوياتهم.


وصرح مسؤولون أمنيون كبار بأن مقطع فيديو من إحدى كاميرات مقاتلي المقاومة وثق صوت أحدهم وهو يسأل إسرائيليا جرى احتجازه عن توجيهات إلى "كيبوتس ريعيم".


وأوضح الأمنيون أن أحد النتائج التي تعزز هذا التقييم، هي أن مقاتلي حماس الأوائل الذين وصلوا إلى الموقع قدموا من طريق 232 وليس من اتجاه الحدود.


وقال مصدر كبير في الشرطة حضر الحدث "وفقا لتقديراتنا نحو 4400 شخص تمكن غالبيتهم من الفرار بعد قرار تفريق الحدث الذي اتخذ بعد دقائق من الهجوم الصاروخي.


ويظهر تحليل الشرطة الإسرائيلية، أن العديد من المشاركين في الحفل تمكنوا من الفرار لأنه تقرر إيقاف المهرجان قبل نصف ساعة من سماع طلقات نارية في منطقة الحفل وبدء إصابة ومقتل مشاركين فيه.


وبحسب مصادر الشرطة، كان من المقرر أن يقام الحفل يومي الخميس والجمعة، ومساء الثلاثاء من الأسبوع نفسه، فيما طلب الجيش من منظمي الحفل إقامته السبت أيضا، حيث يعزز هذا التغيير في اللحظة الأخيرة التقييم بأن حماس لم تكن على علم بالحادثة.
إقرأ أيضاً : البيت الأبيض: لا اتفاق بين "إسرائيل" وحماس بشأن هدنة مؤقتةإقرأ أيضاً : غزة درس موجع يستوجب الرشدإقرأ أيضاً : "العفو الدولية": أكثر من ثلث الشهداء في غزة من الأطفال


المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية

كلمات دلالية: غزة صوت الحدث الحدث إصابة إصابة غزة الحدث صوت إلى أن

إقرأ أيضاً:

الوقت ينفد.. الاحتلال بين مطرقة غزة وسندان اليوم التالي.. تقييم إسرائيلي

مازال تسونامي "طوفان الأقصى" يمثل دوامة لا تنتهي لإسرائيل من المعضلات وصعوبة الخيارات المتاحة، فهي تغرق في وحل غزة حتى أذنيها، ولا تستطيع منه فكاكا. وكل الخيارات المتاحة أمامها أثمانها عالية ونتائجها غير مضمونة وآثارها كارثية عليها.

وفي هذا المقال نقدم خلاصة أربعة تقييمات مهمة بهذا الخصوص لخبراء أهم مركزي أبحاث في إسرائيل:

1 ـ غابي سيبوني وإيريز ويزنر، غزة ومعضلة ساعة الرمل: الحاجة الملحة إلى نصر حاسم، معهد القدس للاستراتيجيا والأمن JISS، 12/5/2025.

2 ـ إفرايم إنبار، أوهام اليوم التالي، معهد القدس للاستراتيجية والأمن JISS، 6/5/2025.

3 ـ عوفير جوترمان، البدائل الاستراتيجية لقطاع غزة، معهد دراسات الأمن القومي INSS، 10/4/2025.

4 ـ أودي ديكل وعوفر جوترمان، النقاش الذي لم يحدث بعد: "مركبات جدعون" مقابل الخطة المصرية، معهد دراسات الأمن القومي INSS، 14/5/2025.

ملخص التقيمات الأربعة

باعتبار غزة نموذجًا مصغرًا للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، فإنها تمثل حاليًا أحد أكثر التحديات الاستراتيجية تعقيدًا وأهمية في تاريخ إسرائيل. ولا توجد حلول بسيطة أو سهلة لها. ولن يكون من الممكن تجنب القرارات العسكرية والسياسية الصعبة من أجل مواجهة هذا التحدي على النحو الأمثل. ولذلك، فإن الاستقرار العسكري والسياسي والاجتماعي لإسرائيل يعتمد على التحرك السريع في غزة. وعلى الرغم الثمن الباهظ الذي دفعته وتدفعه حماس وغزة طيلة أكثر من عام ونصف من الحرب؛ إلا أن إسرائيل لم تحقق أهدافها الاستراتيجية.

وتواصل حماس الحفاظ على بنيتها التحتية تحت الأرض، وتحتفظ بترسانة صاروخية محدودة، وتحافظ على هيكل قيادة نشط. وفي الوقت ذاته، تواجه إسرائيل تحديات أمنية مستمرة على جبهات متعددة بما فيها إيران والضفة الغربية واليمن وسوريا ولبنان. وعليه، فإن الوقت ينفذ أمام إسرائيل، وإن عدم اتخاذ قرار عسكري واضح وسريع سيترك إسرائيل في مواجهة التهديد الغزاوي إلى أجل غير مسمى، لا سيما وأن إسرائيل لا تستطيع تحمّل الوقوع في صراع طويل الأمد، وهي تواجه ثلاثة معضلات مهمة تؤثر على قراراتها وخياراتها:

1 ـ "معضلة ساعة الرمل": وهي استعارة تعني تناقص الوقت المتاح لاتخاذ قرارات حاسمة. أن خطورة الفشل في تحقيق نصر حاسم يُطيل أمد الصراع، ويُستنزف موارد إسرائيل، ويُهدد قدرتها على تحقيق أهدافها الاستراتيجية.

2 ـ الارتباك الاستراتيجي الذي تمر به إسرائيل في هذه الحرب، وله صور متعددة وآثار بعيدة المدى.

3 ـ "معضلة اليوم التالي في غزة": فسيناريوهات ما بعد الحرب كلها قاتمة لإسرائيل، كما أن استراتيجية ما بعد الحرب غير مضمونة النجاح، فهي لن تُنهي الصراع أو تضعفه، ولن تجلب الأمن لإسرائيل.

ونعرض في نهاية المقال آخر ما تفتق عنه ذهن القيادة الإسرائيلية وهو: خطة جدعون مقابل الخطة المصرية لليوم التالي في غزة. فالخطة الإسرائيلية هو تطوير لخطة الجنرالات، وتحمل الكثير لغزة والمنطقة.

أولا ـ معضلة ساعات الرمل

ليست هناك ساعة رملية واحدة فقط أمام إسرائيل، بل خمس ساعات رملية، تمثل كل منها شكلاً مختلفًا من الضغط على إسرائيل: عسكري ومجتمعيا وسياسيا وإقليميا ودوليا:

1 ـ ساعة رمل الجيش الإسرائيلي:

جبهة غزة ليست الساحة الوحيدة التي تستدعي اهتمام الجيش الإسرائيلي. فالضفة الغربية لا تزال في حالة اضطراب مستمر، وتتزايد فيها عدد الهجمات والأنشطة المنظمة. وفي سوريا، يتطلب انهيار النظام وصعود الجهات المعادية مراقبة عسكرية يقظة. و لا يزال حزب الله ـ على الرغم من الضربات التي تلقاها ـ يشكل تهديدًا خطيرًا. وتشكل إيران تهديدا مستمرا، وتتطلب تركيزا على التركيز الوطني والاستراتيجي.

جبهة غزة ليست الساحة الوحيدة التي تستدعي اهتمام الجيش الإسرائيلي. فالضفة الغربية لا تزال في حالة اضطراب مستمر، وتتزايد فيها عدد الهجمات والأنشطة المنظمة. وفي سوريا، يتطلب انهيار النظام وصعود الجهات المعادية مراقبة عسكرية يقظة. و لا يزال حزب الله ـ على الرغم من الضربات التي تلقاها ـ يشكل تهديدًا خطيرًا. وتشكل إيران تهديدا مستمرا، وتتطلب تركيزا على التركيز الوطني والاستراتيجي.يستهلك القتال المستمر في غزة موارد قيّمة من قوات وذخيرة وميزانيات وتركيز القيادة العسكرية العليا. وهي موارد يجب توجيهها إلى ساحات أخرى. حتى بعد تحقيق نتيجة حاسمة، سيظل الحفاظ على الأمن في قطاع غزة يتطلب وجودًا عسكريًا كبيرًا، ولكن بعدد أقل بكثير من القوات اللازمة لضمان تلك النتيجة والانتقال من حالة "الردع" المستمر إلى حالة من الاستعداد الاستراتيجي طويل الأمد. وإذا لم يقم الجيش الإسرائيلي بذلك، فسيظلّ مُشتّتًا على جبهات متعددة، وسيُضعف فعاليته، ويشكل عبئًا ثقيلًا على لوجستياته، لا سيما في ظلّ الاعتماد المتزايد على استيراد الذخائر الدقيقة من الولايات المتحدة. ومن المهم تذكر أن من المبادئ الأساسية في عقيدة الأمن الإسرائيلي: تقصير مدة النزاعات والسعي إلى حل سريع. وقد أدّت إجراءات الجيش الإسرائيلي في هذه إلى تآكل هذا المبدأ إلى حدّ الاستنزاف.

2 ـ ساعة رمل المجتمع الإسرائيلي:

يواجه المجتمع الإسرائيلي انقسامًا حادًا: فقد أصبحت قضية الرهائن رمزًا للتضامن الوطني، ومصدر انقسام كبير. يدعو البعض إلى التفاوض مع حماس لتأمين إطلاق سراح الرهائن، حتى لو كان ذلك على حساب تنازلات سياسية أو عسكرية. ويصر آخرون على أن الضغط العسكري الساحق وحده كفيل بإجبار حماس على إطلاق سراحهم. وهذا ليس مجرد نقاش تكتيكي، فالمجتمع الإسرائيلي، الذي يُعلي من شأن إنقاذ الرهائن، يُصارع احتمال عدم عودة بعضهم. وفي الوقت نفسه، قد يُقوّض التخلي عن الهدف الأساسي للحرب – تدمير حماس – الأمن القومي ويُشجع منظمات المقاومة على جعل الاختطاف أداة حرب مُعتادة. لذلك، فإن الساعة الرملية الداخلية تتآكل، وتتطلب اتخاذ قرارات سريعة في ظل تَعمُق الانقسامات الاجتماعية، وتآكل الثقة في القيادة السياسية والعسكرية باطراد.

3 ـ ساعة رمل قوات الاحتياط:

تُشكّل قوات الاحتياط العمود الفقري للجيش الإسرائيلي، لكنها تتعرض لضغوط هائلة. فالاستدعاءات المتكررة للاحتياطيين لأداء مهام روتينية أو مهام دون هدف واضح تؤدي إلى إرهاق كبير وتراجع دوافعهم وفعاليتهم. وبدون تحرك سريع، فإن إسرائيل تُخاطر بأن ينتهي بها الأمر بجيش احتياطي مُنهك قد يُواجه صعوبات أمام تحديات المستقبل. لذلك، فإن غياب الحسم العسكري لا يُنهك قوات الاحتياط فحسب، بل يُثقل كاهل القوات النظامية التي تجد نفسها عالقة في دوامة عمليات تكتيكية دون اتجاه استراتيجي واضح.

4 ـ ساعة رمل الساحتين الإقليمية والدولية:

يُضيف الوضع الإقليمي مزيدًا من التعقيد. فقد جلبت رئاسة ترامب فرصًا وتحديات. وبينما يُعرف بدعمه القوي لإسرائيل؛ إلا أن هذا الدعم غير مضمون. ومن المتوقع أن يُعزز تحالفات إقليمية جديدة، بما في ذلك توسيع اتفاقيات إبراهيم. ومع ذلك، قد تُعرقل حملة عسكرية مكثفة في غزة هذه الخطط. وإذا لم تتخذ إسرائيل إجراءً حاسمًا، فإنها تُخاطر بتبديد الرصيد الدبلوماسي الذي منحه لها ترامب. وقد أشارت التقارير بالفعل إلى أنه دعا إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى غزة، مما يُظهر أن الضغط الدولي يؤثر عليه أيضًا. لذا، من الضروري تسريع التوصل إلى نتيجة حاسمة في غزة تخلق واقعًا جديدًا على الأرض: يسمح بإجراء مناقشات حول مستقبل القطاع، ويُضعِف موقف إيران التفاوضي بشكل أكبر. وتتطلب هذه الديناميكية تحركًا سريعًا وحذرًا وتنسيقًا وثيقًا مع الولايات المتحدة والدول العربية المعنية. وأن تُركز الجهود الدبلوماسية على تخفيف الضغوط الدولية، كالتعاون مع المنظمات الإنسانية للحد من الأضرار التي تلحق بالسكان المدنيين.

5 ـ ساعة رمل القيادة الإسرائيلية:

في السياسة الإسرائيلية، هناك نظرتان متعارضتان. تُجادل إحداهما باستحالة هزيمة الإرهاب وحرب العصابات ـ لا سيما ضد حماس في غزة ـ وتدعو بدلاً من ذلك إلى استراتيجية فصل وتدابير دفاعية لمنع الهجمات. بينما تُصرّ الأخرى على أن النصر على الإرهاب ممكن، وأن هزيمة حماس في غزة ممكنة من خلال عمل حاسم يخلق واقعًا أمنيًا جديدًا مشابه لما حدث في الضفة الغربية قبل عقدين من الزمن في انتفاضة الأقصى. وبما أن النصر الحاسم مفهوم تكتيكي بطبيعته، ويعتمد على التوقيت والسياق، فقد تُشكّل خطة الرئيس ترامب للهجرة عاملاً حاسماً، يضمن الحفاظ على هذه المكاسب مع مرور الوقت.

ثانيا ـ  الارتباك الاستراتيجي الإسرائيلي

إن الارتباك الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل الآن بشأن مستقبل غزة هو في معظمه نتيجة لسياسة معيبة تبنتها منذ بداية الحرب، والتي ترددت في تقديم نهاية واضحة للحرب، وكانت متناقضة في قراراتها على مدار الأشهر: إطالة أمد الحملة العسكرية، ونشر الجيش بطريقة تضمن بقاء حماس، والامتناع عن الترويج لبديل لحكم حماس، وعدم الإصرار الكافي على صفقة شاملة للرهائن.

تُشكّل قوات الاحتياط العمود الفقري للجيش الإسرائيلي، لكنها تتعرض لضغوط هائلة. فالاستدعاءات المتكررة للاحتياطيين لأداء مهام روتينية أو مهام دون هدف واضح تؤدي إلى إرهاق كبير وتراجع دوافعهم وفعاليتهم.ويتعمق الارتباك والتعقيد الاستراتيجي مع تولي إدارة ترامب زمام المفاوضات مع حماس، وتحولها من دور الوسيط إلى دور المفاوض المباشر معها. ويشير هذا التطور، إلى جانب أنماط السياسة الخارجية الجديدة لإدارة ترامب، إلى تقلص مساحة المناورة الدبلوماسية للحكومة الإسرائيلية، وتزايد الاعتماد على إملاءات إدارة ترامب. وعليه، يجب على إسرائيل إعادة تقييم خياراتها الاستراتيجية لتتماشى مع مصالح إدارة ترامب التي قد يكون اهتمامها الرئيسي إنهاء الحرب في غزة لعدة أسباب: ضمان الإفراج الكامل عن الرهائن، والتوافق مع سياسة ترامب الأوسع نطاقًا لإنهاء الحروب، وربما تمكين الهجرة تحت غطاء وقف الحرب، والسماح بالتقدم في صفقة كبرى مع السعودية وتوسيع اتفاقيات إبراهيم كجزء من إنشاء كتلة إقليمية بقيادة الولايات المتحدة تخدم الحرب ضد إيران والصين وتسهل التحول الأمريكي نحو آسيا.

ثالثا ـ معضلات اليوم التالي لحرب غزة

إن الاعتقاد بأن "اليوم التالي" لحرب غزة سيجلب إلى القطاع كيانًا سياسيًا قادرًا على الحفاظ على احتكار استخدام القوة العسكرية التي تمنع عمليات المقاومة ضد إسرائيل هو من قبيل الأمنيات. وهناك العديد من الخيارات التي هناك شكوك كثيرة في إمكانية تحقيقها، مثل:

1 ـ إعادة هندسة الشرق الأوسط بما فيه القطاع:

إن قدرة إسرائيل ـ أو حتى القوى العظمى العالمية ـ على هندسة الشرق الأوسط سياسيًا محدودة للغاية. فإسرائيل، بعد غزوها للبنان عام ١٩٨٢، فشلت في تنصيب حكومة صديقة لها. والولايات المتحدة، على الرغم من قوتها العسكرية والاقتصادية الهائلة، لم تتمكن من إقامة أنظمة ديمقراطية في أفغانستان والعراق. وحتى الاتحاد السوفيتي فشل في تحويل أفغانستان إلى دولة تابعة له بعد تدخله العسكري هناك.

على غرار ما فعلت إسرائيل مع منظمة التحرير الفلسطينية عام 1982، فقد تنجح في القضاء على معظم القدرات العسكرية لحماس وطرد قيادتها من غزة؛ لكنها لن تحوّل غزة إلى دولة حقيقية طالما بقي الفلسطينيون هناك، فاستخدام القوة له حدود.

2 ـ القضاء على فكرة المقاومة:

لا يمكن للقوة العسكرية الإسرائيلية أن تخفف من العداء المتجذر تجاه الصهيونية، وهو عداءٌ يكمن في صميم القومية الفلسطينية. وقد عززت حماس المواقف الدينية السلبية تجاه اليهود، وزرعت الدافع والرغبة في نفوس شباب غزة للانتقام من أعدائهم. وبدون إصلاح النظام التعليمي الفلسطيني، ستستمر المقاومة ضد إسرائيل أينما وُجد الفلسطينيون.

3 ـ إنشاء كيان منزوع السلاح في غزة:

خيار إنشاء كيان منزوع السلاح في غزة مصيره الفشل. فقد فشلت العديد من الدول العربية في احتكار استخدام القوة داخل حدودها. وهذا أيضًا مصير الكيانين الفلسطينيين: السلطة الفلسطينية وغزة التي تسيطر عليها حماس. ففي الضفة الغربية، توجد جماعات مسلحة مختلفة تسعى إلى تحقيق أجنداتها الخاصة. وحتى في غزة، توجد حركة الجهاد الإسلامي والفصائل المسلحة الأخرى إلى جانب حماس. ولا يوجد ما يدعو إلى افتراض أن "اليوم التالي" في غزة سيكون مختلفًا تمامًا أو أن القطاع سيكون منزوع السلاح.

4 ـ إقناع الدول العربية لعمل تحالف عربي لإدارة القطاع:

لقد فشلت حتى الآن محاولات إسرائيل لإقناع الدول العربية بإرسال جنود أو شرطة لإدارة القطاع، فدمار غزة وإمكانية حكم سكانها ليستا مغريتين. ومن جانبها، لن تتسرع حماس في التعاون مع أي خطة تهدف إلى إنهاء حكمها في غزة.

5 ـ إفراغ قطاع غزة من سكانه:

هو نقطة انطلاق جيدة لمستقبل جديد؛ لكن جدواها مشكوك فيها. إذ من المؤكد أن حماس ستشن مقاومة مسلحة لمنع نقل سكان غزة. في الوقت نفسه، قليلٌ من الدول مستعدٌّ لاستقبال الغزيين. كما أنه ليس من الواضح من سيكون على استعدادٍ للتبرع بمئات المليارات من الدولارات اللازمة لإعادة إعمار القطاع.

6 ـ إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة:

هذا هو الخيار المفضل لدى معظم المجتمع الدولي. إلا أن السلطة الفلسطينية ضعيفة. وقد دفعها ضعفها إلى استيعاب حرية عمل الجيش الإسرائيلي في أراضيها، والتعاون مع إسرائيل في سياقات معينة ضد حماس. ومن الواضح أن هذا ليس الحل الأمثل.

7 ـ تجديد الاستيطان وضم القطاع إلى إسرائيل:

وهو بديل سيؤدي إلى تصعيد الصراع مع الفلسطينيين، وخلق توترات مع الدول العربية التي تربطها بإسرائيل معاهدات سلام أو علاقات غير رسمية، ويحول التركيز عن أولويات الاستيطان الأكثر استراتيجية وأبرزها القدس. ولن يحل الوجود العسكري الإسرائيلي الدائم في القطاع المشاكل الأمنية الناجمة عن شعب شديد العداء، كما أنه لا يوجد إجماع إسرائيلي على هذا المسار الذي سيكون سببا في إضافة خلاف آخر إلى المجتمع الإسرائيلي المنقسم أصلاً.

8 ـ استمرار الوضع الراهن وتأجيل القرارات:

وهذا الخيار خيار سلبي لإسرائيل، ويُنظر إليه على أنه غير مقبول من قبل القيادة والرأي العام الإسرائيليين لأنه يضمن استمرار حكم حماس، ويفتح الباب أمام سيناريوهات الفوضى "الصوملة" والأزمات الإنسانية في غياب عمليات إعادة الإعمار. ومع ذلك، قد يتطور هذا السيناريو في غزة، لا سيما في ظل احتمالات فشل إسرائيل في الترويج لبدائل أخرى تُعتبر حاليًا جذابة من قبل الحكومة والرأي العام.

استراتيجية مزدوجة لليوم التالي

في ظل هذه المعضلات التي تواجها إسرائيل، فإن التوصية النهائية لدراسة معهد دراسات الأمن القومي هي تنفيذ استراتيجية مزدوجة تجمع بين العمل العسكري والسياسي:

1 ـ جهد عسكري مكثف ومستمر لتقويض حماس، وتحييد قدرتها على مقاومة إقامة بديل لحكمها في غزة، ودفع الفلسطينيين إلى رفض حماس، وربما أيضًا إلى تهيئة ظروف أفضل لـ"الهجرة الطوعية"، والضغط على الدول العربية للترويج لبديل أيديولوجي للحكم في غزة يكون أكثر ملاءمة لإسرائيل.

2 ـ وبالتوازي، مبادرة سياسية لبناء بديل حكم معتدل تدريجيًا في قطاع غزة بما يدعم ويسرع نجاح الجهد العسكري. وتتطلب هذه المبادرة إعلان إسرائيل عن دعمها لبديل فلسطيني معتدل يحكم غزة، ويُبنى على أنقاض حماس، ويُروَّج له من خلال اتفاقيات مع الدول العربية، ويُترجم لاحقًا إلى أفعال على أرض الواقع مثل تطبيق حكم محلي بديل في منطقة محددة من غزة خالية إلى حد كبير من وجود حماس. ويكون هذا البديل قاعدة للتوسع التدريجي إلى بقية القطاع.

هذه الاستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدا في التنفيذ، وتتطلب تعاونًا قويًا مع الدول العربية، وأن تكون جزءًا من اتفاق إقليمي يتضمن التطبيع مع السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وأفق استقلال وسيادة محدودين للفلسطينيين، مع الحفاظ على الحرية الأمنية والعملياتية لإسرائيل من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.

ما بين "مركبات جدعون" والخطة المصرية لليوم التالي

أذنت الحكومة الإسرائيلية لجيش الدفاع الإسرائيلي بإكمال الاستعدادات لخطة "مركبات جدعون" - وهي خطة لغزو قطاع غزة وهزيمة حماس، وتركيز سكان القطاع في منطقته الجنوبية، وتشجيع الهجرة منه. إن تنفيذ هذه الخطة سيكون له ثمن باهظ: قتل الرهائن وفقدان المعلومات المتعلقة بأماكن وجودهم، خسائر بشرية إضافية في صفوف الجيش الإسرائيلي، تراجع احتمال تحقيق التطبيع مع السعودية، تعميق الانقسامات الداخلية في إسرائيل بسبب الخسائر العسكرية المتوقعة والتوترات السياسية التي ستتصاعد نتيجة لذلك، التكاليف الاقتصادية الباهظة، زيادة التعرض للمخاطر القانونية والدبلوماسية، والعواقب الأخلاقية لإجراءات الجيش الإسرائيلي المتوقعة. يأتي كل هذا في وقت ليس من الواضح فيه ما إذا كانت إسرائيل تمتلك حاليًا القدرة الدبلوماسية والعسكرية والمجتمعية اللازمة لتحقيق أهداف الخطة.

إن الارتباك الاستراتيجي الذي تواجهه إسرائيل الآن بشأن مستقبل غزة هو في معظمه نتيجة لسياسة معيبة تبنتها منذ بداية الحرب، والتي ترددت في تقديم نهاية واضحة للحرب، وكانت متناقضة في قراراتها على مدار الأشهر: إطالة أمد الحملة العسكرية، ونشر الجيش بطريقة تضمن بقاء حماس، والامتناع عن الترويج لبديل لحكم حماس، وعدم الإصرار الكافي على صفقة شاملة للرهائن.في مقابل خطة "مركبات جدعون"، يقف الاقتراح المصري المدعوم عربيا لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن، وتشكيل إدارة فلسطينية تكنوقراطية في غزة برعاية إقليمية ودولية. وبينما يتضمن البديل المصري التخلي عن الهزيمة العسكرية الكاملة لحماس، فإن تنفيذه من شأنه أن يُعزز إطلاق سراح الرهائن، ويعزز الاستقرار الأمني، وإعادة الإعمار المدني للقطاع، ويزيد من فرص توسيع نطاق اتفاقيات إبراهيم، وتحقيق التطبيع مع المملكة العربية السعودية، ويُسهم في معالجة الأزمة الاجتماعية والسياسية داخل إسرائيل.

خلاصة التقييمات

خَلُصت التقييمات إلى أن الخيارات كلها سيئة في غزة. فإسرائيل تغوص فيها حتى رأسها، ولن تخرج منها ناجية أو منتصرة. وفي أحسن الأحوال ستدفع أثمانا عالية سواء على المدى القريب أو البعيد. لذا، توصي التقييمات بأن على إسرائيل إما سرعة التصرف الآن، أو مواجهة التآكل المطول. وكل المؤشرات ـ العسكرية والداخلية والاحتياطية والإقليمية والسياسية ـ تشير إلى نتيجة واحدة: إن وقت اتخاذ إجراء عسكري حاسم في غزة ينفد. وتأخر هذا الإجراء سيُطيل معاناة الرهائن، ويُعمّق حالة عدم اليقين العام، وسيستنزف الموارد الإسرائيلية والمجتمع الإسرائيلي، ويُضعف مكانة إسرائيل في المنطقة وخارجها. ويُظهر التاريخ أن لحظات الأزمة هي أيضًا لحظات فرصة، وهذه الفرصة لن تدوم. وإذا أراد اليهود دولة، فعليهم أن يُدركوا أن إسرائيل ستُضطر إلى العيش بسيفها لسنوات طويلة قادمة.

التعليق

نتوقف في هذا التعليق على ما قاله أحد التقييمات الإسرائيلية: "يُظهر التاريخ أن لحظات الأزمة هي أيضًا لحظات فرصة، وهذه الفرصة لن تدوم. وإذا أراد اليهود دولة، فعليهم أن يُدركوا أن إسرائيل ستُضطر إلى العيش بسيفها لسنوات طويلة قادمة". لذا، يجب على الأمة أن تعي أن لحظات هذه الأزمة التي تمر بها المنطقة يمكن أن تحولها إلى فرصة لتحجيم الخطر الصهيوني على المنطقة، فهو أكبر تهديد لأمننا القومي، ومشروعه لإسرائيل الكبرى قد عاد بوضوح لا لبس فيه إلى أجندة قادته.

إن السبيل لتحويل أزمة غزة إلى فرصة هو دعم صمود الشعب الفلسطيني، ومطاردة إسرائيل دوليا، والضغط بكل أدوات القوة المتاحة على الدول الداعمة للكيان لإيقاف جرائم الإبادة والتجويع في غزة. وعلى حكام المنطقة أن يتذكروا أحد دروس المهمة بعد حرب 1948 وهو أن فلسطين هي مفتاح التغيير في المنطقة على كافة الأصعدة. وما يحدث اليوم في غزة لن يبقى فيها أبداً، وأطماع المشروع الصهيوني لم ولن تتوقف، وإسرائيل لن تكون أبداً عامل استقرار وتنمية للمنطقة، بل ستعيش تحت ظل سيفها. وهذا هو درس التاريخ، وما أقساه من درس لمن يسمع ويقرأ ويعي.

مقالات مشابهة

  • الوقت ينفد.. الاحتلال بين مطرقة غزة وسندان اليوم التالي.. تقييم إسرائيلي
  • إطلاق نار بالقرب من المتحف اليهودي بواشنطن يودي بحياة موظفَين بالسفارة الإسرائيلية
  • إيهود باراك: العملية العسكرية بغزة لن تؤدي إلى تحقيق انتصار على حماس
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يستدعى وفد التفاوض من قطر
  • الداخلية السودانية: نجدد عزمنا التام على تحقيق الأمن والاستقرار
  • ماذا نعرف عن مطلق النار على موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن؟
  • مسؤول إسرائيلي: المفاوضات لم تفشل بعد وإذا طلب منا وقف القتال سنوقفه
  • ماذا قال قاتل موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعد اعتقاله؟ (شاهد)
  • مقتل موظفين من السفارة الإسرائيلية في هجوم مسلح قرب المتحف اليهودي بواشنطن
  • حفل خطابي جماهيري وفني بمأرب احتفاء بالعيد الـ 35 لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية.