اعتبرت صحيفة ميدل إيست البريطانية أن والإدانات والتصويت غير الملزم في الأمم المتحدة لن يمنع الإبادة الجماعية في غزة. وحدها المقاطعة وحظر مبيعات الأسلحة وقطع العلاقات الدبلوماسية هي التي ستجبر إسرائيل والولايات المتحدة على الاستجابة لدعوات السلام.

وقالت الصحيفة إنه بينما يتطلع العالم إلى عام 2024، فإن احتفالات الأعياد يطغى عليها فشل الإنسانية في وقف الإبادة الجماعية في غزة والتواطؤ النشط من جانب الولايات المتحدة.

اقرأ أيضاً

تكلفة إسرائيل الخفية بحرب غزة.. آلاف متزايدة لمصابين بإعاقات دائمة

وبينما يدين بقية العالم المذبحة باعتبارها إبادة جماعية وجريمة ضد الإنسانية، تقف إسرائيل والولايات المتحدة منعزلتين في إصرارهما على أن أعمالهما الوحشية، مبررة ذلك بأعمال العنف العشوائية التي ارتكبتها حماس من غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وقدم أعضاء الأمم المتحدة نداءات مقنعة لوقف إطلاق النار الإنساني الفوري الذي دعا إليه قرار مجلس الأمن الأخير، وصوت المجلس بأغلبية 13 صوتا مقابل صوت واحد، مع امتناع المملكة المتحدة عن التصويت، للموافقة على القرار، وكان التصويت الوحيد ضد القرار من جانب الولايات المتحدة، وهي واحدة من الدول الخمس الدائمة العضوية التي تتمتع بحق النقض في مجلس الأمن، وهو ما أدى إلى قتل القرار، وترك المجلس عاجزاً عن التصرف.

وبعد أن أغلقت الولايات المتحدة باب مجلس الأمن في وجه فلسطين في 8 ديسمبر/كانون الأول، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً مماثلاً في 12 ديسمبر/كانون الأول.

وتمت الموافقة على القرار بأغلبية 153 صوتًا مقابل 10، أي بزيادة 33 صوتًا بنعم مقارنة بالتصويت السابق في الجمعية العامة في أكتوبر. ورغم أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة، إلا أنها تحمل ثقلاً سياسياً، وقد بعث هذا القرار برسالة واضحة مفادها أن المجتمع الدولي يشعر بالاشمئزاز إزاء المذبحة التي شهدتها غزة.

وفي 13 ديسمبر/كانون الأول، تحدثت بي بي سي مع ريتشارد دالتون، القنصل العام البريطاني السابق في القدس، السفير لدى ليبيا وإيران، حول الأزمة ودور الولايات المتحدة فيها.

وقال دالتون: "الولايات المتحدة ضعيفة"، "لم تستخدم أي نفوذ حتى الآن. تتحدث عن هزيمة استراتيجية محتملة لإسرائيل وتنتقد الحرب العشوائية، لكن إسرائيل تقرأ نوايا الولايات المتحدة بشكل مختلف تماما [كضوء أخضر]".

اتفاقية الإبادة الجماعية

وهناك أداة يمكن للعالم أن يستخدمها لمحاولة فرض نهاية للمذبحة هي اتفاقية الإبادة الجماعية، التي صدقت عليها إسرائيل والولايات المتحدة.

ولا يتطلب الأمر سوى دولة واحدة لرفع قضية أمام محكمة العدل الدولية بموجب الاتفاقية، وبينما يمكن أن تستمر القضايا لسنوات، يمكن لمحكمة العدل الدولية اتخاذ تدابير مؤقتة لحماية الضحايا.

وسارعت المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق مع حماس بتهمة ارتكاب جرائم حرب، لكنها تماطل في التحقيق مع إسرائيل.

وخلال زيارة قام بها مؤخرًا إلى المنطقة، منعت إسرائيل المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان من دخول غزة، وانتقده الفلسطينيون بسبب زيارته للمناطق التي هاجمتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، لكنه لم يقم بزيارة مئات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية ونقاط التفتيش ومخيمات اللاجئين في غزة والضفة الغربية المحتلة.

وقالت الصحيفة إن الإجراءات الاقتصادية والدبلوماسية التي تتخذها الدول بشكل فردي قد يكون لها تأثير أكبر من أفعالها الجماعية من خلال الأمم المتحدة، والمحاكم الدولية.

وبينما لم تعترف نحو عشرين دولة بإسرائيل قط، قطعت بوليفيا الآن علاقاتها مع إسرائيل بسبب هجومها على غزة، في حين سحبت دول أخرى - مثل تشاد وتشيلي وكولومبيا وهندوراس والأردن وجنوب أفريقيا وتركيا - سفراءها أو دبلوماسيين.

وتحاول دول أخرى تحقيق الأمر في كلا الاتجاهين: إدانة إسرائيل علناً مع الحفاظ على مصالحها الاقتصادية. وفي مجلس الأمن، اتهمت مصر إسرائيل صراحة بارتكاب جرائم إبادة جماعية، واتهمت الولايات المتحدة بعرقلة وقف إطلاق النار.

الاتفاقيات الإبراهيمية

ومع ذلك، فإن شراكة مصر الطويلة الأمد مع إسرائيل في الحصار المفروض على غزة ودورها المستمر، حتى الآن، في تقييد دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبرها الحدودي، تجعلها متواطئة في جريمة الإبادة الجماعية التي تدينها.

وإذا كانت مصر تعني ما قالته في مجلس الأمن، فيتعين عليها أن تفتح معابرها الحدودية أمام كل المساعدات الإنسانية المطلوبة، وأن تنهي تعاونها مع إسرائيل في الحصار، وأن تعيد تقييم علاقاتها المذلة مع إسرائيل والولايات المتحدة.

وأدانت قطر، التي عملت جاهدة للتفاوض على وقف إطلاق النار في غزة، الإبادة الجماعية الإسرائيلية في مجلس الأمن. لكن قطر كانت تتحدث نيابة عن مجلس التعاون الخليجي الذي يضم السعودية والبحرين والإمارات.

وبموجب ما يسمى باتفاقيات إبراهيم، أدار شيوخ البحرين والإمارات ظهورهم لفلسطين للتوقيع على مزيج سام من العلاقات التجارية الأنانية وصفقات الأسلحة بمئات الملايين من الدولارات مع إسرائيل، في حين كانت السعودية حتى ذلك الحين يستعدون مؤخرًا للسير على خطاهم.

ورعت دولة الإمارات القرار الصادر في 8 ديسمبر/كانون الأول في مجلس الأمن، ومع ذلك، لم تتخل الإمارات ولا البحرين عن صفقاتهما الإبراهيمية مع إسرائيل، ولا عن دورهما في سياسات الولايات المتحدة "القوة تصنع الحق" التي عاثت فسادا في الشرق الأوسط لعقود من الزمن.

ولا يزال أكثر من ألف من أفراد القوات الجوية الأمريكية وعشرات الطائرات الحربية الأمريكية متمركزين في قاعدة الظفرة الجوية في أبوظبي، في حين تستخدم البحرية الأمريكية المنامة كقاعدة منذ عام 1941، لمقر الأسطول الخامس الأمريكي.

المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات

إحدى الحكومات التي واصلت دعمها لفلسطين هي حكومة الحوثيين في اليمن، التي تفرض حصارًا على مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي من البحر الأحمر ضد السفن والسفن الإسرائيلية المتجهة إلى إسرائيل أو منها.

بعد أن أطلقت النار على عدة سفن أو صعدت عليها أو احتجزتها، تقوم أربع من أكبر خمس شركات شحن في العالم بإعادة توجيه سفنها حول القرن الأفريقي لتجنب تزايد أقساط التأمين والمخاطر التي تتعرض لها سفنها وطاقمها.

اقرأ أيضاً

6 آلاف حالة.. الجنود المصابون بحرب غزة يمثلون تحديا للنظام الصحي الإسرائيلي 

وبحسب خبراء فإن إسقاط نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، لم يحدث إلا بعد أن تبنت البلدان في مختلف أنحاء العالم حملة عالمية لعزله اقتصاديا وسياسيا.

لذا فإن حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات من إسرائيل وفرض العقوبات قد تكون استراتيجية فعالة للمساعدة في إسقاط إسرائيل، ونظامها الذي يمارس الإبادة الجماعية والتوسعية وغير الخاضع للمساءلة.

وخلصت الصحيفة إلى إنه يجب على زعماء العالم أن يتحركوا إلى ما هو أبعد من الأصوات غير الملزمة والتحقيقات العقيمة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وفرض حظر على مبيعات الأسلحة، وقطع العلاقات الدبلوماسية وغيرها من التدابير التي من شأنها أن تجبر القادة الإسرائيليين والأمريكيين على وقف المذبحة ودحر الأساطير والأكاذيب التي استحضروها لاستخدام مخاوف شعوبهم كسلاح وتبرير الفظائع التي لا نهاية لها.

المصدر | الخليج الجديد + ميدل إيست آي

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة العالم أمريكا إسرائیل والولایات المتحدة دیسمبر کانون الأول الولایات المتحدة الإبادة الجماعیة فی مجلس الأمن مع إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

الطائرة الصينية التي أثبتت تراجع سلاح الجو الأميركي

"جيوتيان"، طائرة هجومية صينية مسيّرة من الجيل الخامس، والمُصنَّعة ضمن فئة "الارتفاعات الشاهقة وقدرات التحمّل الطويلة" (high-altitude long-endurance)، أما المختلف فيها، فهي أنها صُممت لحمل طائرات مسيّرة أصغر في جوفها. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2024، كشفت الصين عن الطائرة التي تروّج لها كأول حاملة مسيّرات محلقة على ارتفاعات شاهقة، وهي بدون طيار، وضخمة البناء، ومهيأة لأن تحمل مئات الطائرات المسيرة الأصغر حجما، وعليه تكون هذه الطائرة أشبه بقاعدة طائرة يمكنها إطلاق أسراب من الطائرات المسيّرة على ارتفاعات قد تصل إلى 15 كيلومتر.

جاء هذا الكشف في النسخة الـ15 من معرض الصين الدولي للطيران والفضاء في مدينة تشوهاي. وتُشير أحدث التقارير في الإعلام الرسمي الصيني إلى أن اختبارات الطيران ستبدأ في نهاية يونيو/حزيران القادم.

The Chinese Jiu Tian unmanned aircraft carrier, designed with a unique honeycomb structure, began combat duty in June 2025.pic.twitter.com/cKyvWsFFve

— Zhang Meifang (@CGMeifangZhang) May 18, 2025

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصين تعلمت الدرس من اليابان.. كيف تهزم البحرية الأميركية؟list 2 of 2السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تراجع البحرية الأميركيةend of list حاملة الطائرات المسيّرة

تقوم على تطوير هذا المشروع شركة صناعة الطيران الصينية المملوكة للدولة، واسمها بالصينية (جيوتيان) يعني "السماء العالية". 

هذا المشروع بدأت معالمه الأولى بالظهور من خلال وسائل الإعلام المهتمة بالشؤون العسكرية في أوائل عام 2023، لكن المفاجأة كانت هي أن الطائرة ظهرت علنا في معرض تشوهاي في أواخر العام الماضي. وتشير الرحلة التجريبية المنتظرة في يونيو/حزيران القادم إلى تسارع غير مسبوق من ظهور الفكرة إلى التحليق والتي عادة ما تأخذ بضع سنوات، وذلك عائد إلى الدعم المباشر والسخيّ الذي توجّهه الصين لتسريع الابتكار العسكري خصوصا والابتكارات التفنية بصورة عامة، كما يشير تقرير موقع "أرمي ريكوجنيشن".

طائرة "جيوتيان" (Jiutian SS-UAV) (مواقع التواصل)

أما فيما يتصل بالتفاصيل التقنية للطائرة، فإنها تعتمد على محرك توربيني فائق الدفع مُثبت أعلى هيكلها، ما يمنحها مدى تشغيلي يصل إلى 7 آلاف كيلومتر وزمن تحليق يصل إلى 36 ساعة. وربما يكمن التميّز الحقيقي لطائرة "جيوتيان" في حمولتها، إذ يمكن اعتبارها "المركبة الأم"، لأنها قادرة على حمل ما يصل إلى 6 أطنان من الحمولة المتنوعة، من الطائرات المسيّرة الأصغر إلى الذخائر، داخل حجرة متعددة الاستخدامات، وعلى 8 نقاط تعليق خارجية.

إعلان

وبحسب الإعلام الرسمي الصيني، يمكن للطائرة أن تطلق أكثر من 100 طائرة مسيّرة صغيرة، سواء كانت مسيّرات انتحارية "كاميكازي"، أو طائرات استطلاع، عبر منافذ في أسفل هيكلها، لتتحول إلى موزع جوي للطائرات المسيّرة.

China’s first aerial mothership, Jiutian SS-UAV, is scheduled for its maiden flight in June.

It can cruise at 15,000m high carrying over 100 small drones or 1,000 kg of missiles, with a range of 7,000km.

Don’t worry, China’s military is peace-oriented from the start. We grow… pic.twitter.com/koCXA4uq6g

— Li Zexin (@XH_Lee23) May 18, 2025

 

وتذكر التقارير أن هذه الطائرة تمثل "نقطة قيادة جوية" تنسّق أسرابا معقدة من الطائرات المسيّرة على امتداد مساحات شاسعة. وعند إطلاقها، يمكن لتلك الطائرات المسيّرة القيام بمهام متعددة، سواء كان ذلك لمهام الاستطلاع، أو التشويش، أو أن تسهم في إرباك الدفاعات الجوية للعدو، وصولا إلى تنفيذ هجمات جماعية تجاه أهداف محددة.

دور مزدوج

من ناحية المفهوم، تمثل طائرة "جيوتيان" منافسا لكل من الطائرتين الأميركيّتين "إم كيو-9 ريبر" و "آر كيو-4 غلوبال هوك"، لكنها تختلف عنهما في طبيعة المهام. فبينما تركز مسيّرة "إم كيو-9 ريبر" على الضربات الدقيقة ومهام الاستطلاع، تؤدي طائرة "جيوتيان" دور مركز التحكم الجوي لأسراب المسيّرات، بما يشبه حاملة طائرات جوية.

أما مسيّرة "آر كيو-4 غلوبال هوك"، المعنية بمهام الاستطلاع الإستراتيجي، فهي تفتقر إلى قدرات الهجوم والتحكم اللامركزي التي توفرها الطائرة الصينية.

وتمزج مسيّرة "جيوتيان" بين خصائص الطرازين الأميركيين، مع بعض الإضافات النوعية. فهي مثل طائرة "آر كيو-4 غلوبال هوك" معدّة لمهام استطلاع طويلة الأمد على ارتفاعات شاهقة، وتتميز بجناحين عريضين وقدرة على الطيران المتواصل فوق مساحات شاسعة. كما أن محركها المثبت في الخلف يقلل من بصمتها الحرارية، وهو ما يعزز قدرات التخفّي والمناورة.

????????AVIC's "九天" (Ninth Sky) Heavy-duty UAV system with 8 external attachment points. Also can perform air transport & airdrop, information support & confrontation, firepower strike & support missions…
(via wb/央视军事 / CCTV Military) pic.twitter.com/nvBEH5P4S1

— Jesus Roman (@jesusfroman) November 9, 2024

إعلان

 

ببساطة، تؤدي طائرة "جيوتيان" دورا مزدوجا؛ طائرة هجوم وتجسس على ارتفاعات شاهقة، مثل منافستيها "غلوبال هوك" أو "ريبر"، بجانب كونها منصة لإطلاق الطائرات المسيّرة الصغيرة. وبالمقارنة مع حاملات الطائرات أو المنصات المأهولة على ارتفاعات شاهقة، توفر "جيوتيان" بديلا أكثر كفاءة من حيث التكلفة والتخفي، دون تعريض الطيارين للخطر.

وتذكر التقارير الصينية أيضا أن طائرة "جيوتيان" تستخدم نظام تحكم بالذكاء الاصطناعي يتيح لقائد واحد تشغيل الطائرة وسرب المسيّرات الصغرى عن بعد. وترتبط الطائرة بصورة آمنة بالأقمار الاصطناعية، وربما باستخدام تقنيات التشفير الكمومي للاتصالات، مما يقلل من مخاطر التشويش أو القرصنة.

ورغم حرص الصين على تعزيز قدرتها على التخفي، فإن ضخامتها تجعلها هدفا مغريا لأنظمة الدفاع الجوي المتطورة، مما يتطلب غالبا توفير غطاء جوي لمرافقتها وتحييد التهديدات الأرضية. كما أن أقصى ارتفاع معلن قد تصل إليه الطائرة الصينية (7 آلاف كيلومتر)، فإنها تبقى ضمن نطاق منظومات الدفاع الجوي المتطورة مثل "باتريوت باك-3" الأميركية، ومنظومة "سكاي بو 3" التايوانية، ومنظومة "إيجيس" اليابانية، كما أشار تقرير بصحيفة نيوزويك.

بالطبع، تظل تلك الإمكانات السابقة ادعاءات صينية طموحة، لم تُؤكد أو تُختبر بعد في أرض المعركة. لكن ربما النقطة الأهم هنا هي سرعة تطوير هذه الفكرة، وفرادتها في آن.

إضافة لما سبق، فإن هذا الإيقاع السريع -من التصميم إلى الاختبار خلال عامين- أمر نادر في طائرات مسيّرة بهذه الدرجة من التعقيد، وربما يعكس طموح الصين في تطوير منظومات الطائرات المسيرة، ومن ورائها المنظومات العسكرية الأخرى التي تتيح للصين قدرات مستقبلية على المناورة والتفوق في مجالات محددة.

China has showcased the Jetank heavy UAV for the first time at the Airshow China 2024, which wrapped up on Sun.

The large drone can not only carry missiles and bombs but also smaller drones, earning it the nickname "swarm carrier."

The heavy drone is also exhibited with an… pic.twitter.com/gWi52dR2Ko

— China Focus (@China__Focus) November 18, 2024

إعلان حروب أسراب المسيّرات

ربما السؤال الذي يحتاج لإجابة هو، لماذا تسعى الصين لبناء "حاملة طائرات مسيّرة" محلّقة في السماء؟

قد يكمن جزء من الإجابة في تحوّلات مشهد الحروب المعاصرة. ففي السنوات الأخيرة، أسَرت تكتيكات أسراب الطائرات المسيّرة اهتمام الإستراتيجيين العسكريين، الذين باتوا يرون في نشر أعداد كبيرة من الطائرات المسيّرة منخفضة التكلفة وسيلة لمحاصرة دفاعات العدو عبر الكثرة والتنسيق، وليس بالاعتماد على قوة الأسلحة بمفردها.

مثلا، بدلا من الاعتماد على مجموعة من الطائرات التقليدية أو الصواريخ المُكلفة، صار بالإمكان إطلاق عشرات أو مئات الطائرات المسيّرة. والفكرة هنا أن تلك الأسراب لا تتمتع كل وحدة منها بقوة تدميرية هائلة، لكنها قادرة بمجموعها على إنهاك الخصم الأكثر تطورا وقوة في العتاد والأسلحة.

وفي هذا السياق العام، جاء تطوير "جيوتيان" خصيصا لخوض هذا النوع من الحروب، فهي منصة إطلاق جوية تُضاعف مدى وسرعة انتشار أسراب المسيّرات الصغيرة. تخيّل غيمة من الروبوتات الحربية تغطي السماء في لحظات؛ معادلة تُربك الحسابات الاقتصادية للحروب، إذ يُجبر المدافع على إطلاق العشرات من الصواريخ باهظة الثمن لصدّ هجوم أطلقته منصة واحدة منخفضة التكلفة نسبيا.

بالنسبة للصين وتصوراتها المستقبلية، من المنتظر أن تؤدي "جيوتيان" دورا محوريا في تحقيق التفوق الجوي، خصوصا في المناطق الإستراتيجية المتنازع عليها. ويمكن أن تُشكل إلى جانب المسيّرات الكبيرة والطائرات الحربية المقاتلة والصواريخ الباليستية حزمة عسكرية تضمن لبكين أفضلية الضغط الجوي واستدامة الهيمنة، وموفّرةً ضربات فورية ومؤثرة واستطلاعا دقيقا عند الحاجة، كما يشير تقرير آخر في موقع "أرمي ريكوجنيشن".

يرى المفكرون العسكريون الصينيون أن هذه المقاربة تتجاوز مفاهيم القوة الجوية الغربية التقليدية. فبدلاً من محاكاة الترسانة الأميركية بطائرة مقابل طائرة، تستثمر بكين في أنظمة تقلّل من أهمية تلك الطائرات وحاملاتها. وكما ورد في أحد التحليلات، فإن "جيوتيان" وأخواتها تسعى إلى "إعادة تعريف الهيمنة الجوية" عبر أصول جوية منتشرة، وقابلة للتوسع، ويصعب شلّها بضربة واحدة.

إعلان

حيث يمكن لتلك الأسراب المسيّرة تغطية مساحات شاسعة دون تشكيل هدف مركزي يمكن ضربه، وبذلك فإن خسارة بعضها لا يعني انهيار المهمة، بل هو جزء من عملية الإغراق للمنظومات الدفاعية للخصم وتشتيت جهوده وإرباكه.

ففي الوقت الذي لا يمكن للطيار البشري التواجد سوى في نقطة واحدة، تستطيع منصة "جيوتيان" تنسيق عشرات المسيّرات شبه المستقلة في لحظة واحدة.

China’s Jiutian SS-UAV: Game-Changing “Drone Mothership” Set for Maiden Flight

China is preparing to test its next-generation unmanned aerial system, the Jiutian SS-UAV, a massive high-altitude “mothership” designed to deploy swarms of attack drones and precision-guided… pic.twitter.com/T89eNkP3Vx

— Indo-Pacific News – Geo-Politics & Defense (@IndoPac_Info) May 19, 2025

تتناغم هذه الرؤية مع نقاط القوة الصينية وطموحاتها، فقد درس جيش التحرير الشعبي الصيني الحروب المعاصرة، وخاصة الحرب في أوكرانيا التي تشتهر بأنها حرب الطائرات المسيّرة. حيث إن دروس المروحيات الرباعية التجارية (الكودكابتر) والمسيّرات الانتحارية لم تغب عن بكين، إذ أثبتت أن تلك الأدوات المنخفضة التكلفة يمكنها تدمير الدبابات، أو رصد المدفعيات، بل وتشتيت مجهودات منظومات الدفاع المتطورة عند استخدامها بكثافة.

وبعد حرب أوكرانيا، يقارن بعض القادة العسكريين الأميركيين تأثير تلك الطائرات المسيّرة بالثورات التكتيكية التي غيرت شكل ومسار الحروب تاريخيا. وكيف أن الحرب الروسية الأوكرانية، وبعدها الحرب على غزة، كشفتا أهمية القدرات الإستراتيجية للطائرات المسيّرة الرخيصة وسهلة الاستبدال، أو الطائرات التجارية التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.

واللافت أن قدرات الصين في استخدام أسراب المسيّرات كانت واضحة قبل حتى تطوير منصة "جيوتيان". في عام 2020، أجرت شركة حكومية صينية بعض الاختبارات النوعية، التي أطلقت خلالها الطائرات المسيّرة من منصات إطلاق مكونة من 48 وحدة إطلاق من الشاحنات ومن طائرات هليكوبتر.

إعلان

ومع تطور الذكاء الاصطناعي ونظم الاتصالات اللامركزية، بات بالإمكان التحكم في أسراب أكبر وأكثر تنسيقا. لذا، عندما ظهرت منصة "جيوتيان"، بدا من المنطقي أن تطلق الأسراب من الجو لا من الأرض، لضرب الخصم من الأعلى في مفاجأة تكتيكية.

وفي مثل هذا السياق، قد تحلق طائرة "جيوتيان" المسيّرة على ارتفاعات آمنة نسبيا، وتستطيع إطلاق أسرابها من المسيّرات الأصغر باتجاه أرض المعركة. ويمكن لتلك الأسراب أن تهاجم مواقع الرادارات، أو السفن، أو منظومات الدفاع الجوي، ممهّدة الطريق أمام قوات الجيش، برا وبحرا وجوا.

تفوق صيني

وحين نبتعد قليلا لننظر إلى الصورة الكبرى، فمسيّرة "جيوتيان" هي ثمرة طبيعية لاستثمار واسع النطاق قادته الصين في مجال المنظومات غير المأهولة (المسيّرة).

ووفقا لتحليلات وتقارير عسكرية حديثة، يوجد حاليا أكثر من 50 نموذجا من المسيّرات قيد التطوير ضمن قطاع الصناعات الدفاعية الصينية، من المروحيات الرباعية "كوادكوبتر" الصغيرة المخصصة للاستطلاع الميداني، إلى الطائرات الهجومية الشبحية ذات الأشكال الغريبة. ولكي نحاول فهم حجم هذا الجهد، يكفي أن نعلم أن المصانع الصينية تتحضّر لإنتاج ملايين من الطائرات المسيّرة الانتحارية الصغيرة بحلول عام 2026.

يرجع الفضل في زيادة الإنتاج، وتوفر هذا المخزون الكبير من الطائرات المسيّرة، إلى سيطرة الشركات الصينية على هذه السوق، التي تنتج وتبيع معظمها حول العالم. وما يزيد من المصاعب هو تخلف قطاع الطائرات المسيّرة التجارية في الولايات المتحدة عن نظيره الصيني، فالشركات الصينية تهيمن على سوق تلك التقنيات التي يمكن تطويعها للاستخدام المزدوج.

مثلا، تشتري أوكرانيا نحو 60% من إمدادات العالم من طائرات "مافيك" الرباعية المروحية التي تنتجها شركة "دي جيه آي" الصينية وفقا لأحدث الإحصاءات.

إعلان

هذه الهيمنة الصينية على هذا القطاع عالميا لم تأتِ مصادفة، إذ أشار تقرير الاتحاد الدولي لأنظمة المركبات غير المأهولة إلى أن أهم أسباب نجاح الشركات الصينية في قطاع الطائرات المسيرة التجارية هو الدعم الواسع الذي تقدمه الحكومة الصينية، وذلك عبر تقديم إعانات سخية واستثمارات مباشرة ووضع تشريعات إستراتيجية، مما وضع الشركات الصينية في موقف قوة في الساحة العالمية.

ففي عام 2015، أطلقت الحكومة الصينية مبادرة "صُنع في الصين 2025″، وهي مبادرة تمتد 10 سنوات للاستثمار في الصناعات الرئيسية، خاصة في مجال التكنولوجيا، بهدف ضمان ريادة الصين وهيمنتها على الأسواق العالمية.

ساهمت تلك الإعانات الحكومية في خفض تكاليف الإنتاج، وبالتالي استطاعت الشركات الصينية أن تُقلل من أسعار المسيرات، مما سمح لها بالتفوق على نظيراتها من الشركات الأميركية، سواء من حيث السعر أو المميزات التقنية.

في النهاية، وبينما يستمر سباق الابتكار في عالم الطائرات المسيّرة، يبقى السؤال: إذا كانت الحروب التي نراها اليوم شديدة التدمير، فكيف بحروب المستقبل؟

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة غير مؤهلة أخلاقياً لتجريم الآخرين
  • الطائرة الصينية التي أثبتت تراجع سلاح الجو الأميركي
  • الولايات المتحدة تعلن فرض قيود جديدة على السودان
  • اليمن أمام مجلس الأمن: استمرار تهريب الأسلحة إلى الحوثيين يهدد السلم والأمن العالمي
  • صمت العالم ينكسر.. غزة تفضح النفاق الدولي تجاه إسرائيل| تقرير خاص
  • نتنياهو يصدر تعليمات بتعزيز إجراءات الأمن في سفارات إسرائيل حول العالم
  • الزمالك يستأنف تدريباته الجماعية استعدادًا لمواجهة بتروجت في الدوري
  • الجفاف يهدد الأمن الغذائي في سوريا وخطة حكومية طارئة لمواجهة الأزمة
  • رئيس جنوب إفريقيا: نريد أن ندفع قدما العلاقات التجارية مع الولايات المتحدة
  • وزير الخارجية الأمريكي: الولايات المتحدة لم تعد قادرة على حل جميع مشاكل العالم