موقع النيلين:
2025-05-04@14:23:40 GMT

أسئلة صعبة في زمن حويصلة الوزة

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT


ارتفعت خلال الأيام القليلة الماضية الدعوات لتسليح المواطنين السودانيين. إن الحجة الداعمة للمقاومة الشعبية المسلحة واضحة وبسيطة: لقد ارتكب الجنجويد أعمال عنف مدمرة ضد المواطنين المدنيين المسالمين العزل في كل مكان، بما في ذلك الاغتصاب والنهب والقتل على نطاق واسع. وبما أن الجيش فشل في حماية المواطن من عنف الجنجويد، فإن الشيء الوحيد المتبقي للمواطنين هو تسليح أنفسهم لحماية حياتهم وسلامتهم وممتلكاتهم ومدنهم.

إن الدعوة إلى حمل السلاح يتبناها الإسلاميون، ولكن أيضا يتم تبنيها من قبل أشخاص ليسوا إسلاميين، وبعضهم ظل من أعداء الإخوان مدى الحياة.

وكما هو متوقع، أعرب العديد من الصادقين والصالحين عن تحفظاتهم، وزعموا أن تسليح المواطنين ينطوي على مخاطر كبيرة قد تنتهي بحدوث فوضى كاملة.

لكن بالطبع كانت آلة الدعاية الجبارة الموالية للجنجويد مفرطة النشاط في معارضة تسليح المواطنين رأفة بالجنجويد من يتم إيقافهم بعمل شعبي مضاد.

وياتي هذا المنحي من جهات روجت للعمل المسلح لعقود ضد البشير وخدمت كعضوية أو تحالفت مع ميليشيات تمت إدانتها بجرائم حرب من قبل أكبر منظمات حقوق الأنسان ومن الأمم المتحدة. حلال عليهم العمل المسلح المعرقن والمستند علي القبيلة حين يناسبهم، حرام علي غيرهم. نفاق.

لقد كنت طوال حياتي وما زلت ضد العمل السياسي المسلح، منذ أن كان المتحولون الجدد إلى السلام يشنون الحرب ضد نظام الأخوان ويضفون الشرعية على الميليشيات العرقية ضد نظام البشير.

ولم أغير موقفي أبدا إلي يومنا هذا وأشير إلى أن التحفظات على تسليح المواطنين مشروعة، أتفقنا أم أختلفنا، سواء أن عبر عنها مواطنون شرفاء أو أبواق تحالف الجنجويد.

لكن الوقوف ضد تسليح المواطنين للدفاع عن أنفسهم ضد إرهاب الجنجويد يفرض سؤالاً على معارضي التسلح “كيف تنصح العزل بالدفاع عن أنفسهم”؟ – أم تريدهم أن يجلسوا على مؤخراتهم ويتلقوا ويقبلوا الاغتصاب والنهب الجنجويدي ثم يديروا لهم الجمبة الايسر؟
ويجب أن تعلم أن شعار لا للحرب طوال تسعة أشهر دامية لم يحقق شيئا، ولم يحم امرأة مغتصبة واحدة أو مسلاتي مباد عرقيا.

وبغض النظر عمن يطيل أمد هذه الحرب، فهل على المواطنين أن يجلسوا ويقبلواعنف الجنجويد الذين أخرجوهم من دورهم حتى يتفق أعداء السلام على وقف الحرب، سواء كانوا الجنجويد أو الإخوان أو البرهان؟

ومن السخافة والكذب الشديد القول بأن هذه الحرب بين الجنجويد وجيش الإخوان حصراً وأن الشعب لا ناقة له فيها ولا جمل لأن هذا الادعاء تكذبه حقيقة أن الجنجويد يرهبون وينهبون ويغتصبون المدنيين العاديين العزل ويدفعونهم للفرار والهرب من مدينة إلى أخرى لأنهم يعرفون ما يحدث عندما يحتل الجنجويد مدنهم.

كما أن هذا الادعاء تدحضه حقيقة أن الجنجويد يهاجمون المدن وحتى القرى التي لا يوجد بها إخوان ولا جيش ولا أهمية استراتيجية لها أو وعسكرية بما في ذلك قري لم يسمع بها أحد من فرط هامشيتها وبساطتها . ومهما كانت هذه الحرب فهي أيضا حرب ضد المواطن السوداني في بيته وماله المنهوب وفي أجساد نسائه وضد مؤسسات الدولة كما تشهد بذلك البنوك المحروقة وغيرها من الأصول العامة والبني التحتية المدمرة عمدا.

الحقيقة أنه لا توجد إجابة سهلة لمشكل تسليح الشعب في بيئة أصلا مسلحة تعج بعشرات المليشيات الأثنية كما أن هناك اثنيات داخلة باكثر من صرفة مليشية.

سنحترم المعارضين للتسليح المتسرع، ونحن منهم، لو توقفوا عن تشجيع العنف الجنجويدي ببذل الغطاء السياسي والاعلامي الذي يوفر له الحماية في الداخل والخارج بما يساعده علي الأستمرار. وسنحترمهم أكثر لو ساهموا في فضح وإدانة العنف الجنجويدي في الدخل والخارج بدلامن توفير الغطاء السياسي له.

آخر كسرة في عام ٢٠٢٣ الأكثر برازية: في زمن ما ، كنا نختم كل عام بأغنية “لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد ! وخلف كل ثائر يموت أحزان بلا جدوى “. وبتاويل القصيدة يمكن أن ننفي عنها التشاؤم المغلق ثم نفسرها علي أنها أيضًا تحذيرا واضحا لنا بأنه سينتهي بنا أمر التاريخ إلى عالم أسوأ إذا واصلنا في هذا المسار الغبي من العمل الاجتماعي والسياسي. القصيدة نبوءة تهدف لمنع تحققها بتشجيعنا على تغيير سلوكنا لتجنب مستقبل أسوأ.

معتصم اقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: تسلیح المواطنین

إقرأ أيضاً:

النمري .. الدولة حسمت قرارها وإخوان الأردن أمام خيارين

#سواليف

كتب .. #جميل_النمري

ماذا بعد بشأن #الإخوان_المسلمين في #الأردن؟

الجميع يحبس أنفاسه بانتظار القادم القريب! هناك من يتوقع – أو يؤكد – أن ملف #حزب_جبهة_العمل_الإسلامي على صفيح ساخن، وأن حشدا من الأدلة الجديدة يتم تجميعها لإصدار قرار قضائي بحل الحزب، وهذا الرأي يفترض أن حظر نشاط الإخوان بدون حلّ الحزب وكتلته البرلمانية الضخمة يبقى بلا معنى، لأن الحزب هو الذراع السياسي للإخوان المسلمين، وهو الغطاء الشرعي الذي يحمي الإخوان وقواعدهم ونهجهم ودورهم إلى ما شاء الله.

مقالات ذات صلة اكتشاف 3 جرائم قتل مجهولة الهوية منذ ٢٠ عاما خلال شهر 2025/05/04

الوجود غير القانوني للجماعة

هذا السيناريو التصعيدي حتى نهاية الشوط يهمل حقيقة التزام الدولة بمسار قانوني دقيق، وأن القرار بشأن الإخوان تم تحت سقف القانون وامتثالا له. أما جبهة العمل الإسلامي فهي حزب مرخص لا يحلّ إلا بقرار قضائي بعد ثبوت تجاوزات حددها القانون بدقة. وحسب مراجع قانونية وتشريعية لا يعتبر الحزب مسؤولا عن تجاوزات فردية من الأعضاء قاموا بها على عاتقهم الشخصي ومن دون علم الحزب. ومن بين الموقوفين هناك ثلاثة أعضاء في الحزب بادر الحزب لإبلاغ الهيئة المستقلة للانتخاب بتجميدهم بانتظار كلمة القضاء.
وعضوية المعتقلين من جماعة الإخوان لم تكن الأساس القانوني لحظر الجماعة، بل هي سرّعت العزم على أخذ القرار مرّة وإلى الأبد. فلا تساهل ولا تغاض عن نشاط الجمعية المنحلّة وقد صدر بها قرار لمحكمة التمييز عام 2020. وكانت جماعة الإخوان قد ترخصت كجمعية بقرار من مجلس الوزراء عام 1946 تحت رعاية الملك المؤسس عبدالله بن الحسين. ويفترض أن تكون فقدت ترخيصها مع صدور قانون للجمعيات عام 1953، لكن لأسباب سياسية تم التغاضي عن الأمر. وكان يجب على الجمعية تصويب أوضاعها لترخيص جديد بموجب قانون الجمعيات الجديد لعام 2008. وصحت الدولة مجددا حين نشب الخلاف الداخلي بين الصقور والحمائم في الإخوان فطلبت الحكومة من الجمعية تصويب أوضاعها واستجاب جناح يقوده عبد المجيد ذنيبات، واعترفت لهم الحكومة بالجمعية الجديدة عام 2015. ونشب نزاع قضائي حول القرار وحول توريث أصول وممتلكات ومقرات الجمعية. وفي نهاية المسار القضائي قررت محكمة التمييز أن الجمعية المرخصة تعتبر جديدة ولا ترث أملاك الجمعية القديمة. كما قررت أن الجمعية القديمة لجماعة الإخوان المسلمين «منحلة حكما وفاقدة لشخصيتها الاعتبارية والقانونية». مع ذلك استمرت الجماعة بالعمل بدون أي غطاء قانوني واستمر التنظيم الذي يضم حوالي 15 ألف عضو موزعين على فروع وشعب وأسر وبنفس الاسم والشعار بممارسة كل الأنشطة من دون الخضوع للتدقيق الإداري والمالي على التمويل والإنفاق المطبق على مختلف الجمعيات والمؤسسات والأحزاب.

شلال دم في غزة وشلال أصوات في الأردن

استمر الحزب «جبهة العمل الإسلامي» يعمل كتفريع تحت مظلة التنظيم الأم. وقبل أشهر انتقل المهندس مراد العضايلة من موقع الأمين العام للحزب إلى موقع المراقب العام للجماعة وكان ذلك بمثابة انتقال من موقع أدنى إلى موقع أعلى، واستمر ينشط بهذه الصفة ويطلق التصريحات ويخطب في مهرجانات التضامن مع غزة ويقرع الدولة على تقصيرها وتخاذلها.
حصدت الجماعة والحزب ثمار الحرب الوحشية على غزة شلالا من الأصوات في الانتخابات النيابية وحصدت الدولة ضيقا لا يوصف أمام المسيرات المتواصلة والتهييج والضغوط والاتهامات التي كانت تريد انخراطا أكبر من الأردن مثل إلغاء اتفاقية السلام أي بالنهاية تعريض الأردن لمآلات خطيرة، في حين أن الأردن رمى بكل قدراته (الممكنة) في المعركة لإسناد غزة ووقف العدوان سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا إلى جانب المساعدات الإنسانية والمستشفيات الميدانية والقوافل، وكانت أول الطائرات لإلقاء المساعدات من الجو من الأردن وبوجود جلالة الملك شخصيا على متنها. وفي اللقاء مع ترامب أكد الملك على الرفض المطلق لخطة تهجير أهل القطاع وقال له: أنا طرت فوق القطاع عدة مرات ودعني أقول لك إن هناك مساحات فارغة تكفي وتزيد لإقامة الناس حتى إنجاز الإعمار وهم يوفرون يدا عاملة لإعمار بلدهم، فنظر ترامب إلى نائبه وقال كما ترى جلالته يعرض خطة أقل كلفة بكثير.
حصلت جبهة العمل على عدد غير مسبوق من المقاعد في البرلمان وتعزز إحساس الإخوان بالقوة الهائلة المستمدة من دورهم كامتداد للمقاومة وحماس، ولم تتوقف الشائعات عن حلّ المجلس، لكن المجلس استمر، فهو ثمرة مشروع التحديث السياسي الذي لن يتراجع عنه الملك، لكن حماية مشروع التحديث يحتاج إلى حل عدة مشاكل إحداها تخص الإسلاميين الذين لم يبدر منهم أي تغيير للتلاقي مع التحديث السياسي أو مراجعة لإشكالية العلاقة بين الحزب والجماعة وبين الجماعة وحماس. وهذه الأخيرة تهدد بإعادة إنتاج المشكلة التاريخية الحساسة لعلاقة القوى الفلسطينية بالساحة الأردنية.

إعادة إنتاج المخاوف
والحساسيات التاريخية

المشكلة بدأت بالانحسار منذ انتقال منظمة التحرير إلى الداخل وقيام السلطة الفلسطينية، وكان دور الإخوان مساندا للنظام نتيجة عداءهم لمنظمة التحرير وللوطنية الفلسطينية والدولة المستقلة هذا حتى نشوء حماس وتصدرها المشهد وانقلاب نمط العلاقة والنفوذ بل انعكاسه، فقد أصبح إخوان الأردن امتدادا لإخوان فلسطين أي لحماس التي تضخمت في كل الساحات والأردن إحداها إلى جانب خصوصيته كباحة خلفية وتحت الشعار الديني (أرض الحشد والرباط). وخلال الحرب على غزة كان الإغواء يتزايد بهذا الاتجاه ما بين التلميح والتصريح وتكرر في شعارات المظاهرات «كل الأردن حمساوية». وأفلتت من قادة حماس دعوات لأهل الحشد والرباط لدور يتجاوز المسيرات والمساعدات ومع التظاهرات قرب السفارة الإسرائيلية (المغلقة في الواقع) دعا الإخوان للتظاهر على الحدود. وتم الاحتفاء بعملية عسكرية على الحدود نفذها إثنان من أعضاء الجماعة وواحدة قبلها نفذها أحد أبناء عشيرة الجازي. وفي الأثناء كانت الأجهزة الأمنية تتابع خيوط اتصالات وتنقلات (بدأت منذ عام 2021 كما اعلن) تختلف عن الحالات المألوفة لتهريب السلاح والتي كان يقبض على بعضها من دون الإعلان عنها وانتهت إلى الكشف عن أفراد وخلايا مشروع تصنيع الصواريخ والمسيرات وتخزين متفجرات بتمويل وتدريب في لبنان.

اللعبة القديمة تصل إلى خط النهاية

من المفهوم أن الدولة ما عادت تشتري الكلام عن الحرص على أمن واستقرار الأردن. وعلى الأقل فإن الأردن في برنامج محور المقاومة أصبح ساحة مستهدفة، وربما في مرحلة أولى بتجارب تصنيع وتخزين السلاح والصواريخ والمسيرات لتكون جاهزة عند صدور قرار ما يخص هذه «الساحة». وبالتأكيد كما كشفت التحقيقات والاعترافات فلسنا أمام مغامرات فردية، بل عمل مخطط وموجه من الخارج ما زال يتوجب أن نعرف أين تصل خيوطه وإلى أي مستوى.
السلطات في الأردن كانت في منتهى المهنية في التعامل قانونيا وإعلاميا مع الحدث. فقد قدمت الوقائع ذات الصلة بدون أي تفسيرات سياسية أو توصيفات. والوقائع هي سفر أفراد إلى لبنان وتلقي تمويل وتدريب وعمل تخزين للمتفجرات واستيراد معدات وبناء قاعدة سرية لتصنيع الصواريخ والمسيرات. هذه هي التجاوزات على القانون بغض النظر عن الخلفيات والنوايا والأهداف.
لكن بيان حماس تعليقا على الحدث كان صادما، فقد أشاد بالمتهمين وطالب بإطلاق سراحهم، وقال إن ما قاموا به هو لدعم المقاومة ويستحق الشكر والتثمين، وكأنها تتبنى استخدام الأردن قاعدة للمقاومة المسلحة، ولهذا الموقف ما بعده من تداعيات وأولها ذهاب حماس ولأول مرة للاستقواء على الدولة وفي شأن أمني داخلي بقضية المقاومة، وتجاهل مبدأ مسؤولية الدولة وواجبها وحقها في احتكار السلاح. وبدل أجواء الوحدة الوطنية والتضامن طوال الحرب الإجرامية على غزة حلّ التوجس والقلق ولاحت أشباح الانقسام.

أجواء الدولة والإخوان على خط الافتراق الأخير

الدولة استنفرت القواعد الشعبية والعشائر والإعلام لحماية قرارها ومواجهة حملة الاستقواء المتوقع بالمقاومة الإسلامية للطعن في الرواية الرسمية واللعب على نظرية المؤامرة ودور الضحية وتحويل الموقوفين إلى أبطال. وكالعادة فالفضاء الإلكتروني يصبح ميدانا مفتوحا للتهييج والفتنة، وما بين خطابات بعض النواب والردود على وسائل التواصل الاجتماعي كان الجو يتعكر. ونبهت أصوات عقلانية لما تتعرض له الوحدة الوطنية من مخاطر وطالب البعض بمنع التعليقات على القضية بما انها باتت منظورة أمام القضاء. أما الخطاب الرسمي فالتزم الرزانة والتحفظ واللغة القانونية الصرفة حتى أن التعليق على بيان حماس اقتصر على عبارة واحدة، أن الدولة لا ترد على فصائل.
في الوسط الإخواني كان الرأي السائد في البداية انها سحابة صيف وتمر. حتى جاء المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية وإعلان الإخوان جماعة محظورة ليخلق صدمة شلّت قدرة الإخوان والحزب على إدارة الموقف بأي اتجاه. وظهرت أصوات تدعو الإخوان لوقفة مراجعة ونقد وتصويب جريئة والمبادرة لإعلان حلّ الجماعة نهائيا والقطع مع تاريخها ونهجها. لكن الوسط الإخواني لم يكن مؤهلا ولا مهيأ لهكذا قرار. وتعترف أوساط شبابية في الإخوان بالانقسام بين تيارات وتوجهات تتجاذب الإخوان، وأن التيار الأكثر تشددا وارتباطا بحماس تسيد في فترة الحرب على غزة، ويعاني التيار المعتدل من المزاودات والاتهامية والطعن في مراميه، وهو يطرح مغادرة فكرة الأردن كساحة والتنظيم كجزء من مشروع عقائدي فوق وطني. وبالمحصلة أصبح الترقب سيد الموقف بانتظار الآتي الأعظم، وساهمت حملة المداهمات لمقرات الحزب ومصادرة وثائق وأجهزة كومبيوتر في ترجيح سيناريو التصعيد. ويرى محللون أن الدولة لا تستطيع التوقف عند الحدّ الحالي وستمضي حتى النهاية في حملة تنتهي بحظر شامل للتيار الإخواني بكل أشكاله ولو اقتضى الأمر إجراءات عرفية وحلّ البرلمان. ويدعم محبو الإثارة في الصالونات السياسية هذا السيناريو، وتذهب تحليلات إلى أن المسألة ليست محلية وأن قرارا إقليميا ودوليا قد اتخذ والأردن ملتزم به.
نرجح بقوة أن هذا غير صحيح ويندرج ضمن التوليفات المألوفة لنظرية المؤامرة. وسلوك الدولة حتى الساعة يؤشر على التزام دقيق بالقانون بعيدا عن أي مشاريع سياسية خيالية. صحيح أن خطوة حظر الجماعة تجد صدى طيبا عند بعض الأشقاء الذين أعلنوا الإخوان تنظيما إرهابيا، لكن الأردن لم يستجب في الماضي لأي ضغوطات ولن يمضي لأبعد من الإجراءات التي يتطلبها تطبيق القانون. ولن يمس الحزب المرخص جبهة العمل الإسلامي إلا إذا ظهرت وثائق وأدلة جديدة تبين ممارسات غير قانونية ستخضع بدورها لما ينصّ عليه القانون. وهي على الأرجح ستطال الأفراد المتورطين شخصيا، أما حلّ الحزب فشأن آخر تماما والقانون يحدد بدقة الحالات التي تقتضي الحل وبقرار قضائي يكون نافذا بعد استنفاد إجراءات التقاضي. ولن تقع أي اعتقالات جديدة إلا لمن تكشف تحقيقات وأدلة جديدة عن صلتهم بالخلايا المسلحة أو بأنشطة غير قانونية على غرار أعضاء الحزب الثلاثة الذين اعتقلوا.

الدولة حسمت قرارها
والكرة في ملعب الإخوان

ليس متوقعا عودة الدولة والجماعة إلى مقايضات وتسويات، ولن يرى الإخوان من الدولة إلا الوجه الحازم في تطبيق القانون، أما زئير التخويف والتشكيك والمظلومية فسيواجه بأعلى منه والدولة مطمئنة إلى رصيد قوتها بما يغني عن الذهاب إلى إجراءات عرفية واستئصالية، لكن هناك قناعة أن عهد التساهل قد ولى، وأن هذا التيار يجب أن يرتد بالكامل إلى المشاركة السياسية تحت سقف الدستور والقانون والمصالح الوطنية الأردنية بمنأى عن أي أجندة أخرى وخصوصا أجندة حماس التي ينم تصريحها عن عيش الماضي وعدم إدراك للمستجدات لكنها ستدركها بعد قليل وهي على كل حال تواجه نفسها تحدي التحول في شكل وجودها الذي سيفرضه أي اتفاق لوقف الحرب.
الخلاصة أن الأردن لن يعيش التجربة المصرية لكنه لن يستمر في التجربة القديمة. وتعي دوائر القرار الخصوصية الأردنية في إدارة التجربة الديمقراطية على مدار العقود الماضية والتي استوعبت التيار الإسلامي ـ الإخواني بكفاءة. لكن مشروع التحديث السياسي الذي يستهدف التحول إلى برلمان حزبي بالكامل والتداول على السلطة التنفيذية لحكومات حزبية له مقتضيات ليس من بينها استئصال هذا التيار من الحياة السياسية بل تحول حقيقي في شكل وجوده وعمله. والمسار القانوني الحازم الذي تسلكه الدولة يضع الكرة بالكامل في حضن التيار لتحديد خياراته.
بعد تراجع أعراض الصدمة واتضاح أن الدولة ليست بصدد حملة إستئصالية سيكون حزب جبهة العمل الإسلامي وكل قيادات وكوادر التيار أمام خيارين، أما المراوغة بالصيغ القديمة نهجا وخطابا أو المراجعة الجوهرية. وأي قراءة نبيهة لموقف الدولة وللمناخ الإقليمي والدولي تفترض أن لا يكون الخيار الأول واردا.

مقالات مشابهة

  • الجديد والقديم.. نظام امتحان اللغة الأجنبية الثانية للثانوية العامة 2025
  • النمري .. الدولة حسمت قرارها وإخوان الأردن أمام خيارين
  • نعم لا للحرب ولكن كيف تحل الجنجويد؟
  • أسئلة إسرائيلية مُحرجة تنتظر لجنة التحقيق الرسمية حول السابع من أكتوبر
  • امتحانات الثانوية العامة.. لا أسئلة مقالية في اللغة الأجنبية الثانية بالنظام الجديد
  • ‏استحقاقات ما بعد حلّ (الجماعة) : كلُّ شيءٍ وارد
  • التأمين والمواصفات.. دليل أسئلة امتحانات الثانوية العامة 2025
  • صفقة صواريخ بـ3.5 مليار دولار: البنتاغون يكشف تفاصيل تسليح سعودي مرتقب يُعيد رسم ميزان القوة في الخليج
  • جلسة بـ«أنور قرقاش الدبلوماسية»: تحالف القوات المسلحة و«الإخوان» سبب رئيسي لمشكلات السودان
  • المسند: المبالغة في تسليح الفلل السكنية ترفع التكاليف دون جدوى.. فيديو