نجحتِ الولايات المتحدة الأمريكية، وأنصارها، في التلاعب بمنطقتنا العربية بخلق فزَّاعة الإرهاب التي وقفت خلفها ودعمتها وأجبرت دول العالم على السير خلفها لمواجهة كل حركات التحرر في العالم بشكل عام، وفي منطقتنا بشكل خاص.
ورفضتِ الولايات المتحدة الأمريكية الاستجابة للمطالب المصرية الملحة في عهد الرئيس مبارك بوضع تعريف محدد للإرهاب حتى تحدد الدول مواقفها ضد مَن ينطبق عليه التعريف الدولي للإرهابي، فاستخدمت هذا المصطلح ضد كل مَن يقف في مواجهة العدوان الإسرائيلي أو الأمريكي بشكل خاص، والغربي والأوروبي بشكل عام.
وفي أحدث استخدام للعبة الإرهاب خرج إلينا الأسبوع الماضي بيانٌ منسوبٌ لتنظيم «داعش»، يزعم فيه أنه المسئول عن تفجيرَي محافظة كرمان، وقتل العشرات، وإصابة المئات من المحتشدين لإحياء الذكرى الرابعة لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني.
الصحيح، أن قاسم سليماني، وأبومهدي المهندس، قتلتهما الطائرات الأمريكية في مطار بغداد دون محاكمة أو تحقيقات، وهذا هو الإرهاب بعينه، ولكن لأن لعبة الإرهاب يحترفها الكبار، وتفرضها القوة على الجميع، فإن إسرائيل قامت بقتل المحتشدين الأسبوع الماضي، وخوفًا عليها من الانتقام الإيراني، أخرجوا لنا بيانًا عن داعش الذي انتهى كتنظيم، ولم يعُد له وجود.
ووفقًا لكل المتابعات والمعلومات الدقيقة، فإن جهاز الموساد الإسرائيلي هو مَن فجَّر المدنيين الآمنين في كرمان، وليس داعش، استنادًا إلى التالي:
أولاً: أن التنظيم لم يعُد قادرًا على تنفيذ أي عمليات منذ فترة طويلة، بعد ملاحقة قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن لأفراده، وتدمير قواعده في سوريا والعراق، بل واعتقال جميع عائلات التنظيم في معسكر للشمال السوري تحت إدارة قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية.. أي أنهم قتلوا القادة والأفراد، واعتقلوا الأسر والعائلات، ولو كان هناك بقايا للتنظيم فإن العقل يقول إنهم سيتجهون لتحرير عائلاتهم وأسرهم من الاعتقال.
ثانيًا: إيران لم تدخل معارك عسكرية عنيفة مع التنظيم تكون دافعًا للثأر والانتقام منها بقتل المدنيين.
ثالثًا: المعروف أن الوجدان العربي كله يشتعل غضبًا من تلك الجرائم اللاإنسانية التي تقوم بها قوات العدوان الصهيوني ومن خلفها أمريكا وحلفاؤها ضد الآمنين والمدنيين في غزة، ومنطق العقل وأيديولوچيا التنظيم تقول إن أولوية عملياته الآن -إن وجدتِ القدرة على ذلك- لن تكون إلا في مواجهة هذا العدوان.
رابعًا: تشير طبيعة تنفيذ عمليتَي التفجير إلى استخدام تقنيات حديثة من بينها استخدام تقنية التفجير عن بُعد، وهي تقنيات في الغالب لا تملكها إلا إسرائيل وأمريكا ودول الغرب، وكانت أجهزة الموساد الإسرائيلية قد استخدمتها من قبلُ في تفجير منشآت وقتل علماء في إيران، وهو ما يؤكد أن العملية تمت بتخطيط وتنفيذ إسرائيلي أمريكي.
ووفقًا لكل ما سبق، فإن واشنطن التي سارعت بنفي اتهامها وإسرائيل بارتكاب هذه الجريمة، تنوع في استخدام لعبة الإرهاب وتحركها من مجرد فزَّاعة تجيِّش بها جيوش العرب للحفاظ على مصالحها وحماية قواعدها وجنودها إلى شكل آخر وهو ما يمكن أن نطلق عليه اختطاف الإرهاب وتوظيفه لصالح واشنطن وربيبتها إسرائيل، عبر إلصاق كل جرائم إسرائيل بتلك المنظمات التي انتهت وهلكت عمليًّا ولم يعُد لها وجود على أرض الواقع، فهي تستخدمها وكأنها منظف تزيل به ما علق بأيدي رجال الاستخبارات الإسرائيلية حتى لا يكونوا عُرضة لانتقام إيران وأذرعها العسكرية في المنطقة.
ويبدو أن التلاعب بعقول العرب أصبح لعبة مسلية لصناع القرار في عواصم الاستعمار الجديد، حيث أصبح لهذه اللعبة أنصار من بلادنا في السياسة والإعلام، وهو ما يعني أن المجال أصبح مفتوحًا أمام تلك الألاعيب، وسوف نجد دائمًا من بيننا مَن يدافع عن استخدامات تلك اللعبة، بل وتجريم مَن يحاول كشفها.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
مليشيا الحوثي تنشر تفاصيل وأرقام العمليات العسكرية التي نفذتها تجاه القوات الأمريكية وما تعرضت له من غارات جوية
كشفت مليشيا الحوثي عن تفاصيل ما تعرضت له من ضربات عسكرية ن قبل الولايات المتحدة. حيث أوضحت انها شنت عليهم 1712 غارة جوية وبحرية على اليمن، منذ بدء ما وصفتها بـ”العدوان الأمريكي” في منتصف مارس الماضي.
وأفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بأن واشنطن حشدت حاملتي الطائرات “ترومان” و”فيسنون” لأول مرة في المنطقة، واستخدمت طائرات شبح من طراز “B2”، إلى جانب قاذفات استراتيجية “B52”.
وأشارت المليشيا إلى أنها نفذت أكثر من 131 عملية عسكرية، استخدمت خلالها 253 صاروخًا باليستيًا ومجنّحًا وفرط صوتي، إلى جانب طائرات مسيرة، في إطار ما وصفته بـ”عمليات الإسناد لغزة والتصدي للعدوان الأمريكي”.
وأضافت أن الدفاعات الجوية التابعة لها أسقطت 8 طائرات من طراز “MQ-9” وطائرة استطلاع من نوع “F360”، وتمكنت من اعتراض طائرات شبح ومقاتلات “F-18”، ما أجبرها ـ بحسب الجماعة ـ على الانسحاب من الأجواء اليمنية.
كما تحدثت عن تنفيذ 24 عملية استهداف ضد حاملة الطائرات “ترومان”، ما دفعها إلى التراجع نحو أقصى شمال البحر الأحمر، وإسنادها بحاملة الطائرات “فيسنون”.
ورأت الجماعة أن “ترومان باتت رمزًا لفشل العمليات الأمريكية في البحر الأحمر”، رغم ما وصفته بـ”التكتم الشديد” على حجم الخسائر.
ولفتت إلى إسقاط طائرتين من نوع “F-18” خلال أسبوع واحد.
ورغم الدعم الأمريكي لإسرائيل، بحسب البيان، قالت جماعة الحوثي إنها نفذت عمليات نوعية استهدفت مواقع داخل إسرائيل، من بينها مطار بن غوريون وقاعدة نيفاتيم الجوية، في سياق دعمها للمقاومة الفلسطينية في غزة.
وأكدت أن هذه العمليات أدت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الولايات المتحدة، بوساطة عُمانية، يقضي بوقف الهجمات الحوثية على السفن الأمريكية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مقابل وقف واشنطن عملياتها العسكرية في اليمن.
وكانت سلطنة عُمان قد أعلنت، مساء الثلاثاء، نجاح وساطة قادتها بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي، توصلت إلى اتفاق هدنة متبادل بين الطرفين.
وفي المقابل، شددت جماعة الحوثي على أن الاتفاق لا يشمل إسرائيل، مؤكدة استمرار هجماتها ضدها “حتى وقف الإبادة بحق المدنيين في غزة