صحيفة البلاد:
2025-05-14@05:36:40 GMT

فقراء الأدب وجع في جسد المجتمع

تاريخ النشر: 15th, January 2024 GMT

فقراء الأدب وجع في جسد المجتمع

الأدب جامع الصفات الحسنة ، والأقوال والأعمال المحبَّبة لله ولرسوله وللناس جميعاً ، الأدب ليست كلمة عابرة تمرّ مرور الكرام ، وليس معنىً سطحياً لا عمق له، بل إنه منهج من السلوكيات والكلمات والمعاني السامية التي تشكِّل الشخصية ، فشتان بين الإنسان المؤدب المهذب وبين من يفتقر لذلك ، شتان بين من يحسن التصرفات وترتيب المواقف واختيار العبارات، وبين من يتخبَّط في وحل سوء تفكيره وغثاثة اختياراته للعبارات ، وسوء ردود أفعاله ، وقد افتخر قدوتنا وحبيبنا نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بأدبه فقال : (أدّبني ربي فأحسن تأديبي) وأثنى الله عزّ وجلّ عليه بقوله : (وإنك لعلى خلق عظيم).

وكم من الأحاديث النبوية التي أثنت على حسن الخلق ومنها على سبيل المثال لا الحصر (أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون) وكم من الثناء ووصف الأدب والخلق الجميل ورد في الشعر فلشوقي : (إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا) ، وأيضاً: (صلاح أمرك للأخلاق مرجعه ، فقوِّم النفس بالأخلاق تستقمِ )، وأيضاً : (إذا أصيب القوم في أخلاقهم، فأقم عليهم مأتماً وعويلا)، ولن نستطيع الحصر أو الإحاطة بما قيل في الأدب وحسن التعامل والأخلاق، لكن لعله من المفيد أن نتذكر ونذكر فقراء الأدب ، أن الأخلاق والآداب ، كانت ومازالت وستظل من أهم محاور ديننا الحنيف ، ومن أرقى ما نعتز به ونفتخر، وبدون ذلك يصبح المرء لاشئ، نعم إنها الأخلاق التي تقرِّب بين الناس وتباعد بينهم، الأخلاق التي ترفع في نفوسنا أشخاصاً وتضع آخرين، هي الأخلاق التي أكثر ما تتضح في المواقف وعند الملمات ،الأخلاق التي لا يستطيع من يفتقر إليها ، التظاهر بها حين يختلف معه آخر أو يصطدم به، الأخلاق التي تنبت كالزرع وتحتاج رعاية ذوي خلق ، حتّى تكون أخلاقاً راقية رفيعة تدوم ولاتزول كما قال معروف الرصافي: (هي الأخلاق تنبت كالنبات، إذا سقيت بماء المكرمات) إلى أن يقول : (ولم أر للخلائق من محل يهذبها كحضن الأمهات، فحضن الأم مدرسة تسامت بتربية البنين أو البنات)، لكن هناك من البشر للأسف من اختلطت الأمور عندهم ،فأصبحوا يرون الوقاحة شجاعة ، والتجاوز في حق الكبار عدالة.

فقراء الأدب لا يميزون بين السلوكيات الصحيح منها والخطأ فهم يعتقدون أن الاحترام والتأدب مع الكبار عموماً سواء من الأهل أو غيرهم إنما هو ضعف واستسلام.
فقراء الأدب قد يكونون ذوا علم أو مسؤوليات لكنهم غير مؤهلين ، وإنما تعلو وجوههم قشرة خارجية لا يعرف ما تحتها إلا من اقترب منهم أكثر أو اصطدم معهم.

فقراء الأدب لا يقدرون معروفاً ولا يحفظون وداً ويحسبون أن تربية صغارهم على عدم الاحترام للكبار إنما هو دعم معنوي ونفسي للأسف ، حقيقةً فقراء الأدب وجع خاصةً لمن أحبهم أو وثق بهم وبلا مبالغة اعتبرهم وجع للمجتمع، وبالمقابل دعوني أعرج على أهل القيّم والأدب والذين والحمد لله هم الأكثر وليت فاقدي الأدب يتعلمون منهم حتّى لا يخسروا كثيراً فليس أصعب من خسارة الأهل بعضهم أو كلهم أو فرد واحد منهم ، فالأهل هم واحة الحياة الوارفة من خسرهم فلا شك ستكون خسارته فادحة ، أما أغنياء الأدب فحدثوا حولهم واستمتعوا بالحديث عنهم ، هم أبعد ما يكونون عن الجحود والنكران لأحبتهم ولكل من له فضل عليهم يتمتعون برقي التعامل والأدب الجمّ حتّى عند الإختلاف معهم يرفعون أهلهم منزلة عالية يترفعون عن انتقاص حق الكبار حتى لو أخطأوا في حقهم والديهم وأقاربهم لهم الأولوية، توقير الكبير قيمة يتمتع بها أهل الأدب والتهذيب ، ولايمكن أن يتنازلوا عنها أو يتناسوها.
أصحاب الأدب الرفيع كنز ثمين طوبى لمن حظي بهم.

@almethag

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الأخلاق التی

إقرأ أيضاً:

الدونيون وإفرازات رواسبهم الدونية

بقلم: كمال فتاح حيدر ..

البعض وليس الكل في العراق، وبخاصة اولئك الذين وقع عليهم الظلم منذ العصر الأموي وحتى عصرنا الدموي، والذين ترسخت في نفوسهم وفي عقولهم وفي قلوبهم رواسب وتراكمات عقدة الدونية. .
لا فرق هنا بين المتعلم وغير المتعلم. وبين الكبير والصغير، وبين ابن الشيخ وابن الفلاح، وبين الغني والفقير. فالدونية لها خصائصها اللعينة القريبة جدا من خصائص الفيروسات المدمرة. .
خذ على سبيل المثال القرى المنسية خلف حافات الأرياف البعيدة، كانوا حتى وقت قريب يجدون متعة كبيرة عندما يهدون منتجاتهم الحقلية إلى بيوت مدراء الناحية، أو بيت القائمقام. من دون ان يطلب منهم السركال او الاقطاعي. ذلك لانهم يشعرون ان تلك الممارسات الموروثة تعد من الطقوس التي لا مناص من مزاولتها. والأغرب من ذلك انهم يرون ان كوكب الارض سوف ينحرف عن مساره، ويخرج من مداره، وتنقلب الدنيا إذا جاءهم مدير او قائمقام منهم، وربما يرون انه يوم مشؤوم عليهم، فما بالك إذا اصبح منهم الوزير والسفير ؟، فهي عندهم بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلاله بالنار. .
والأغرب من ذلك كله ان قادة العراق في العصر الحديث (1932 – 2025) جُبلوا على ممارسة الاستعلاء، فكان من الطبيعي ان يتكبروا ويتبطروا على ابناء القرى والأرياف. .
وردت في مذكرات وزير المعارف العراقي في الحقبة الملكية (ساطع الحصري) عبارة تذهل العقول. يقول فيها: لم انم ليلي عندما طلبوا مني تأسيس معهد المعلمين لابناء الجنوب في مدينة الناصرية، وتأسيس معهد آخر للمعلمين في الموصل. .
يقول (والكلام هنا للحصري): ان ابناء الجنوب وابناء الشمال لا ينبغي ان ينالوا فرصتهم من التعليم العالي. ذلك لأن واجباتهم مقتصرة على توفير محاصيل الصيف ومحاصيل الشتاء للعاصمة بغداد وضواحيها. .
حتى عندما اصبح (محمد شياع السوداني) رئيسا للوزراء ظلوا يطلقون عليه لقب: (الشروگي) ذلك لأنهم يرون ان منصب رئيس الجمهورية، ومنصب رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، لابد ان يُجيّر حصريا لابناء كوكب المريخ، حتى مقاعد الوزراء والنواب يراها البعض لا تليق إلا لأبناء الطبقات البورجوازية المتنعمة بالخيرات. .
لقد وجدت نفسي مضطرا لكتابة هذه المقالة للرد على تعليقات استفزازية كتبها رجل متعلم ضد وزير اسبق ومتقاعد من مدينته، من الذين عملوا معه، كتبها بعد مضي ثمان سنوات على مغادرة ذلك الوزير، الذي جاء من بعده ثلاثة وزراء من المحافظات البعيدة. ذلك لأن تلك التعليقات كانت معبئة بسموم عقدة الدونية، فهو لا يستطيع انتقاد الوزراء الحاليين الذين جاءوا من خارج بيئته، ولا يمتلك الشجاعة للمساس بهم، لكن نزعته الدونية هي التي دفعته لتسديد الطعنات الموجعة لابن مدينته. . (لا كرامة لنبي في قومه). .
كلمة اخيرة: يعتقد الدونيون أنهم يؤذوننا ويدمرون أعصابنا بمواقفهم. لكنهم لا يعلمون أننا مررنا بالجحيم دون أن نفقد إبتسامتنا يوماً. .

د. كمال فتاح حيدر

مقالات مشابهة

  • حكايات فنية من كواليس الكبار .. فتحي عبدالوهاب يكشف أسرار «الصنعة» |فيديو
  • مؤسسة أبو العينين للنشاط الاجتماعي والثقافي تعقد امتحان محو أمية بالتعاون مع تعليم الكبار
  • مناهج التعليم.. مناكد الأدب
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها
  • نائب محافظ الجيزة تشارك في جلسة مشاركة المجتمع المحلي في مشروعات التنمية التي تنفذها الحكومات
  • العراق: نظام صحي منقسم بين فقراء الأمل وأثرياء الخيارات
  • منظمة الفاو: 93% من سكان غزة يعانون من الجوع
  • بإيهامه ببيع تمثالين أثريين.. حبس المتهمين بالنصب على مواطن بالقاهرة
  • طالبان تمنع لعبة الشطرنج لانتهاكها قوانين الأخلاق
  • الدونيون وإفرازات رواسبهم الدونية