في ظل تحديات اقتصادية عالمية متصاعدة، وتراجع متوقع لمعدلات النمو في العديد من الدول نتيجة التوترات الجيوسياسية والحروب التجارية، يأتي رفع صندوق النقد الدولي لتوقعاته بشأن نمو الاقتصاد المصري كإشارة إيجابية تعكس صلابة الأداء الاقتصادي المحلي. هذه التوقعات تعزز الثقة الدولية في المسار الإصلاحي الذي تتبناه الدولة المصرية، وتؤكد أن مصر تسير على الطريق الصحيح نحو تنمية مستدامة وشاملة.

مدبولي: مصر ملتزمة بسياسات مرنة وإصلاحات عميقة

في كلمة مسجلة ألقاها الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال افتتاح المؤتمر العلمي السنوي الثاني لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، أكد أن صندوق النقد الدولي قد رفع توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال العامين الحالي والمقبل، في الوقت الذي خفّض فيه توقعاته للاقتصاد العالمي. هذه المفارقة، حسب تعبيره، تعكس نجاح مصر في التعامل مع التحديات العالمية عبر سياسات نقدية ومالية رشيدة.

وأشار مدبولي إلى أن مصر تلتزم بسياسة سعر صرف مرنة، وهو ما يعكس الانفتاح على آليات السوق، كما تبنت الدولة إصلاحات كبيرة لتشجيع القطاع الخاص على لعب دور أكثر فاعلية في الاستثمار والإنتاج.

الحماية الاجتماعية في قلب سياسات الدولة

في سياق متصل، أكد رئيس الوزراء أن منظومة الحماية الاجتماعية في مصر تضم أكثر من 22 برنامجًا بتكلفة سنوية تتجاوز 635 مليار جنيه، وذلك في إطار رؤية شاملة تهدف إلى تمكين الإنسان المصري وتحقيق العدالة الاجتماعية. وأضاف أن هذه البرامج تُعد من ركائز الاستقرار المجتمعي، خاصة في ظل ما يشهده العالم من اضطرابات اقتصادية.

"تكافل وكرامة".. من دعم إلى تمكين اقتصادي

وخلال الاحتفالية بمرور 10 سنوات على إطلاق برنامج "تكافل وكرامة"، أعلن الدكتور مدبولي عن إطلاق وزارة التضامن الاجتماعي لمنظومة استراتيجية متكاملة للتمكين الاقتصادي تستهدف الأسر المستفيدة من البرنامج. هذه المبادرة، التي تأتي بتمويل مبدئي قدره 10 مليارات جنيه، تهدف إلى تحسين ظروف المعيشة للأسر الفقيرة وتحويلها من الاحتياج إلى الإنتاج.

وأشار إلى أن البرنامج بدأ بتمويل قدره 5 مليارات جنيه وعدد مستفيدين لم يتجاوز مليوني مواطن، لكنه شهد نموًا كبيرًا ليصل في العام المالي 2024/2025 إلى نحو 55 مليار جنيه، ويخدم أكثر من 41 مليون مواطن، مع خطط مستقبلية للتوسع في التغطية والدعم.

ضمان قانوني واستدامة مالية

في خطوة تعكس توجه الدولة نحو تأصيل الحقوق الاجتماعية، أشار رئيس الوزراء إلى أن "تكافل وكرامة" أصبح له سند قانوني بعد إقرار قانون الضمان الاجتماعي الجديد من البرلمان، وتوقيعه من الرئيس عبد الفتاح السيسي. ويمنح القانون للمستفيدين حقًا قانونيًا في الدعم، مع إصدار اللائحة التنفيذية قبل نهاية العام الجاري لضمان التنفيذ الفعلي وتوفير آليات للرقابة والمحاسبة.

في ختام كلمته، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة المصرية لن تتوقف عند ما تحقق، وأن الهدف النهائي هو خروج آخر أسرة من مظلة الدعم النقدي، ليكون كل مواطن قادرًا على العمل والإنتاج. وقال: "نحلم بمصر بلا فقر، بلا عوز، ونطمح أن نحتفل يومًا ما بتحوّل كل مستفيد من الدعم إلى مساهم في الإنتاج الوطني".

إشادة دولية.. مؤشرات اقتصادية تتحسن

وفقًا للدكتور رمضان معن، أستاذ الاقتصاد بكلية إدارة الأعمال، فإن قرار صندوق النقد برفع توقعات النمو يعكس تحسنًا في عدد من مؤشرات الاقتصاد الكلي. وأوضح أن هذا التحسن يرتبط بعوامل متعددة، من بينها تدفقات استثمارية جديدة، إصلاحات مالية جارية، إضافة إلى الدعم المباشر من شركاء دوليين.

وأشار الدكتور معن إلى أن هذه التوقعات الإيجابية تدل على استقرار سعر الصرف، وتعافي القطاعات الحيوية مثل السياحة والطاقة، إلى جانب تراجع ملحوظ في معدلات التضخم، مما يعزز مناخ الثقة في الاقتصاد المصري ويمنح المستثمرين حافزًا إضافيًا لضخ أموالهم في السوق.

فوائد مباشرة للمواطنين.. فرص عمل

لم تقتصر الآثار الإيجابية لهذا النمو المتوقع على المستوى الكلي فحسب، بل أكد الدكتور معن أن النمو الاقتصادي يُسهم في خلق فرص عمل جديدة، وهو ما يؤدي إلى انخفاض معدلات البطالة وتحسن مستويات المعيشة للمواطنين. كما أن الاستقرار النقدي يعزز من القوة الشرائية، ويحد من تأثيرات التضخم على حياة المواطنين اليومية.

جذب استثمارات جديدة.. ثقة في المستقبل

أوضح الدكتور معن أن التوقعات الإيجابية من جانب صندوق النقد الدولي تُعد مؤشرًا قويًا على ثقة المؤسسات الدولية في المسار الإصلاحي الذي تنتهجه الحكومة المصرية. هذه الثقة، كما يقول، من شأنها أن تشجع ليس فقط الاستثمارات الأجنبية، بل أيضًا تدفع رجال الأعمال المحليين إلى التوسع وضخ استثمارات جديدة في مختلف القطاعات الاقتصادية.

الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات

وأشار معن في ختام تصريحاته إلى أن الاقتصاد المصري، رغم التحديات العالمية، يُظهر قدرة متزايدة على الصمود وتحقيق نتائج إيجابية بفضل السياسات الإصلاحية الجادة، والدعم المستمر من شركاء التنمية الدوليين.

في ظل هذه المؤشرات الإيجابية، يبدو أن الاقتصاد المصري يسير على طريق التعافي بثبات. وبينما لا تزال هناك تحديات قائمة، فإن رفع توقعات صندوق النقد الدولي للنمو يعطي إشارة واضحة إلى أن الجهود المبذولة على مختلف المستويات بدأت تؤتي ثمارها، وهو ما يُبشر بمستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للمصريين.

طباعة شارك مصر الدولة المصرية النقد الدولي مدبولي مواطن

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مصر الدولة المصرية النقد الدولي مدبولي مواطن صندوق النقد الدولی الاقتصاد المصری إلى أن

إقرأ أيضاً:

خلال افتتاحه المستودع اللوجستي لـ جوميا.. مدبولي: الشركات العالمية لديها ثقة بمناخ الاستثمار المصري

أكد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، أن افتتاح المستودع اللوجستي الكبير لشركة جوميا في مصر يعكس ثقة كبرى الشركات العالمية في مناخ الاستثمار المصري، كما يؤكد الثقة في الإجراءات التي تتخذها الحكومة من أجل توفير بيئة ومناخ استثمار جاذب لمختلف المشروعات والاستثمارات في المجالات المختلفة، معربا عن تطلعه إلى المزيد من الشراكات التي تدعم أهداف الدولة في التحول الرقمي، وتطوير البنية التحتية اللوجستية، وتوفير فرص العمل للشباب المصري، ولاسيما في مجال الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية.

جاء ذلك خلال افتتاح الدكتور مصطفى مدبولي، أحد أكبر المستودعات اللوجستية للتجارة الإلكترونية لشركة جوميا في مصر، والمُصمم بأحدث التقنيات، يرافقه الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور إبراهيم صابر محافظ القاهرة، وعبد اللطيف علما الرئيس التنفيذي لشركة جوميا مصر.

من جانبه أكد وزير الاتصالات حرص الوزارة على التوسع في البرامج التدريبية في مختلف تخصصات قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لتلبية احتياجات الشركات من الكوادر المؤهلة على النحو الذي يغطي مجالات متنوعة بدءا من مراكز الاتصال وخدمات تعهيد العمليات التجارية، وتطوير البرمجيات، والخدمات الرقمية، وإدارة مشروعات تكنولوجيا المعلومات، وصولا إلى الخدمات الأكثر تعمقا في هذا المجال ذات القيمة المضافة، فضلا عن مجال التجارة الإلكترونية، وتشجيع رواد الأعمال والشركات الناشئة على الاستفادة من المنصات الرقمية، بما يسهم في تحقيق أهداف رؤية مصر 2030 في مجال التحول الرقمي والتنمية المستدامة.. موضحا أن السوفت وير لمنصة جوميا تم تصميمه وتنفيذه في مصر بأياد مصرية ماهرة ومدربة.

بدوره، لفت الرئيس التنفيذي لشركة جوميا مصر إلى أن الشركة تؤمن بأن الاقتصاد الرقمي يمثل مستقبل النمو في مصر، كما أن التعاون مع الحكومة المصرية يعزز من جهود الدولة نحو التحول الرقمي، ويدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة في التوسع، محليًا ودوليًا.

وقبل بدء جولته في أرجاء المستودع الجديد، استمع رئيس مجلس الوزراء ومرافقوه لشرح من عبد اللطيف عُلما أوضح خلاله أن شركة جوميا التي تعد المنصة الرائدة في مجال التجارة الإلكترونية في إفريقيا، تفتتح أحدث مستودعاتها المتكاملة في مصر اليوم في خطوة جديدة تعكس التزامها القوي تجاه السوق المصرية.

وأعرب الرئيس التنفيذي لجوميا مصر عن سعادته بهذه الزيارة واهتمام الحكومة المصرية بالشركات الواعدة مثل جوميا، قائلا: نفخر بهذا الإنجاز الذي يعكس التزام جوميا بالاستثمار طويل الأمد في مصر والتي نعتبرها مركزًا استراتيجيًا لأعمالنا في المنطقة.

وأوضح أن هذا المستودع يمثل نقلة نوعية في مستوى الخدمات التي تقدمها الشركة لعملائها وشركائها، كما يدعم رؤيتها في أن نصبح منصة متكاملة تجمع بين التكنولوجيا واللوجستيات على مستوى القارة، وسيسهم كذلك في تعزيز نمو الشركة في السوق المصرية.

وأكد أن هذا التوسع يدعم العمليات التكنولوجية المتقدمة التي تديرها جوميا في مصر حيث تستضيف الدولة أحد أكبر مراكز التكنولوجيا التابعة للمجموعة على مستوى القارة مما يسهم في تطوير حلول ذكية لسلاسل الإمداد وتحسين تجربة العملاء، مضيفا: تُعد مصر من أكبر المراكز التكنولوجية داخل مجموعة جوميا حيث تضم نخبة من المهندسين والمطورين الذين يعملون على تطوير الحلول الرقمية والأنظمة اللوجستية الذكية لدعم العمليات في مختلف دول إفريقيا.

وشرح الرئيس التنفيذي لجوميا مصر بعض التفاصيل عن المستودع الجديد، حيث أشار إلى أنه يمتد على مساحة تزيد على 27000 متر مربع، ويُعد مركزًا لوجستيًا متكاملًا يهدف إلى تعزيز كفاءة عمليات التخزين والتوزيع، وتسريع وتيرة التوصيل في جميع المحافظات، لا سيما محافظات الصعيد، كما يعد هذا المستودع من أكبر استثمارات جوميا في مصر، ويؤكد ثقة الشركة الكبيرة في المكانة الاقتصادية واللوجستية التي تتمتع بها مصر على مستوى القارة الإفريقية.

وأضاف: يمثل هذا الاستثمار الجديد خطوة محورية في دعم قدرات جوميا الإنتاجية والخدمية حيث يتميز المستودع الجديد بموقعه الاستراتيجي وسعته الكبيرة التي تمكنه من استيعاب آلاف المنتجات من مختلف الفئات، كما تم تجهيزه بأحدث أنظمة الإدارة الذكية والتخزين، بما يسهم في تسريع عمليات التجهيز والتوصيل وتحسين مستوى رضا العملاء.

وأشار إلى أن هذا المستودع يعد ركيزة أساسية في تعزيز شبكة جوميا اللوجستية، حيث يدعم خطط التوسع المستقبلية ويوفر بنية تحتية قوية لخدمة البائعين والمستهلكين بكفاءة أعلى، بما يتماشى مع التزام الشركة المستمر بتقديم خدمات عالية الجودة وتعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر، كما يدعم أيضا هذا الاستثمار المنتجات المحلية والتصنيع المحلي من خلال توفير حلول مخصصة للتجار والمصنعين المصريين عبر منصة جوميا.

ولفت الرئيس التنفيذي للشركة إلى أن المستودع الجديد من المتوقع أن يسهم في توفير 10000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة خلال السنوات القادمة، مما يعزز من دور الشركة في دعم الاقتصاد الوطني وتمكين الشباب.

كما قدّم عرضًا حول خطط الشركة المستقبلية، مؤكدًا الأهمية الاستراتيجية التي تمثلها مصر كمركز رئيسي لعمليات جوميا في المنطقة، قائلا: يعد مركز التكنولوجيا في مصر جزءا حيويا من الهيكل التكنولوجي العام لجوميا، حيث يتم تطوير وتصدير الحلول التكنولوجية الأساسية إلى إفريقيا من خلال مركز التكنولوجيا المتواجد في مصر، وتعد مصر بوابة إقليمية للتجارة تسهم في تعزيز التجارة البينية الإفريقية.

واختتم حديثه بالتأكيد أن افتتاح هذا المستودع يأتي في إطار استراتيجية أوسع تنفذها جوميا لتوسيع بنيتها التحتية على مستوى القارة، بما يُسهم في تسريع وتيرة النمو، وقد افتتحت الشركة منشآت مماثلة سابقًا في كل من ساحل العاج، ونيجيريا، وغانا، والمغرب، مما يعزز مكانة "جوميا" كشريك أساسي في دعم التحول الرقمي والتنمية الاقتصادية في إفريقيا.

وعقب ذلك، التقى رئيس مجلس الوزراء بفريق عمل جوميا، حيث قدّموا له شرحًا تفصيليًا حول دورة العمليات اللوجستية الخاصة بالتجارة الإلكترونية داخل المستودع، مما أتاح له الاطلاع على كيفية إدارة وتنفيذ الطلبات، بدءًا من الاستلام وحتى الشحن للعملاء في مختلف أنحاء الجمهورية.

وحرص رئيس الوزراء على تفقد مكونات المستودع، وخاصة منطقة الاستلام، وقدم رمضان كسبان مدير قسم الاستلام شرحا حول طبيعة عمل هذا القسم وآليات الاستلام من الموردين وتجهيز المنتجات للعملاء، كما تفقد مدبولي قسم ما بعد البيع، حيث شرح محمد بدري مدير قسم ما بعد البيع، أسلوب عمل القسم وآليات استلام البضاعة المرتجعة من العملاء.

وتفقد رئيس الوزراء منطقة إعداد الطلبات حيث شرح طبيعة عملها عبد الرحمن عبد الغفار، كما تفقد مدبولي منطقة الفرز والتي قدمت نبذة عنها تقى حسني مديرة اللوجستيات للطرف الثالث، كذلك تفقد منطقة الشحن والتحميل التي شرح كيفية عملها محمد درويش مدير قسم النقل، وفي غضون ذلك، تم إجراء استعراض عملي حول عملية الشحن.

وأشاد الدكتور مصطفى مدبولي بجودة العمليات ودقتها، بما يعكس وجود كوادر مدربة في ذلك المستودع اللوجستي، وتم التقاط صورة جماعية تجمع رئيس مجلس الوزراء والعاملين بالمستودع.

اقرأ أيضاًمدبولي: ذكرى ثورة 30 يونيو كانت بداية تصحيح المسار للدولة المصرية

مدبولي: الدولة تضع التنمية الصناعية والتكنولوجيا والابتكار في مقدمة أولوياتها

مدبولي: مصر تحتل المركز التاسع عالميًا في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة

مقالات مشابهة

  • صندوق النقد الدولي يوافق على صرف 448.4 مليون دولار لتنزانيا
  • عبد المنعم السيد: القطاع العقاري بمثابة منجم ذهب للاقتصاد المصري
  • مشيداً بجهود الحكومة وتسارع النمو..صندوق النقد: الاقتصاد السعودي واجه الصدمات العالمية بمرونة عالية وتنوع الاستثمارات
  • خلال افتتاحه المستودع اللوجستي لـ جوميا.. مدبولي: الشركات العالمية لديها ثقة بمناخ الاستثمار المصري
  • استثمارات 55 مليون يورو.. مدبولي يفتتح أول مصنع شركة BSH في مصر وأفريقيا
  • الإعلام الدولي: مرونة الاقتصاد المصري ساعدت في تجاوز آثار الاضطرابات الإقليمية
  • فخري الفقي: الاقتصاد المصري يسير في الاتجاه الصحيح رغم التحديات العالمية
  • «أفريكسيم بنك» يتوقع نمو الاقتصاد المصري بنسبة 3.8% في 2025
  • صندوق النقد الدولي: الاقتصاد السعودي أثبت قدرته على الصمود في مواجهة الصدمات
  • مصر تقترب من الشريحة الخامسة لصندوق النقد.. التزام بالإصلاح رغم العواصف الاقتصادية