لجريدة عمان:
2025-12-05@05:09:01 GMT

يوميّات: عيش العدوان على غزة «ج 6»

تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT

كان لقراءة كتاب «صخرة سيزيف» بالغ الأثر في حياتي. أتذكر أنني وقبل نحو عشر سنوات كنتُ ببراءة لا نظير لها، أفكرُ في الاختلافات بين فلسفة كامو وجان بول سارتر، أعقد المقارنات اللانهائية بينهما، وأحاول أن أعرف الفرق بين العبث وبين نظيره غير المسمى في رؤى كامو. قرأتُ الغثيان والغريب كعملين يواجهان بعضهما رغم أنهما ينطلقان من فداحة العيش، وكنتُ أتحسسُ مسدسي كلما ذكر أحدهم تفضيله لطرف دون الآخر.

يُستحضر الاثنان في الوقت نفسه، مثل فريقي «ديربي» جماهيري.

أخذت وقتًا طويلًا حتى أتغير، لم تعد هذه أسئلتي، فكرتُ بالتزامات كامو السياسية، في موقفه من استعمار فرنسا للجزائر وسرقتها لثرواتها، فكرتُ في سارتر الذي حاول تطويع فلسفته كي لا تصبح فرديةً بالمطلق، بعد أن هاجمه الاشتراكيون حول عدمية أطروحاته وشراسة فردانيتها أمام «النحن» التي كانوا يحاولون تأليفها في الستينيات، آخر معاقل مواجهة رعونة هذا العالم.

لكنني اليوم لا أتذكر -ومع كل ما يحدث- إلا فكرة تلمعُ في رأسي كل الأوقات. حديث كامو عن سبب العصابة التي توضع على العين عند تنفيذ الإعدام على المحكومين به في كتابه «صخرة سيزيف». إن من أشكال الرحمة قبل آخرةِ المعدمين الوشيكة، أن يُحجب العالم عنهم، أن تتم تعميتهم، إذ إن ما يواجهونه هو الأبدية. وكم هو قاس أن تكون في مواجهة ضارية معها، أن تراها رابضة هناك أمامك بانتظار تلقفك لتصبح نغمة فيها، نغمة في جوقة لانهائية. أفكرُ الآن وبعد كل هذه السنين أن العالم الذي أعيش فيه، وضعني على كرسي إعدامه دون حتى رحمة تلك العصابة، ليس هذا فحسب، بل قال لي ولغيري انظروا لأبديتكم، متماسكة، ولا شك حولها، لا تسيل، ولا توقف العالم للحظة حتى يحدق فيها.

إن ما يحدث في غزة الآن في هذه اللحظات، أبديةُ هذا العالم، نهاية تاريخه، إنها الحقيقة الكبرى في زمن ما بعد الحداثة الذي وخلال عقود قال لنا إنه ما من حقائق! وإن العالم تم تذريره (من ذرة) أو هو ذريٌ في الأصل، إذن لماذا يبدو أننا أمام نتيجة تبدو كما لو أن كل الطرق كانت تأخذنا إليها؟

لا أستطيع حتى التفكير بما سيعنيه هذا الصمت عن الإبادة التي يتعرض لها الغزّي اليوم في المستقبل القريب، إذ لا مستقبل قريب ولا بعيد، يبدو أن التاريخ قد توقف حقا، وأن الزمن لا يتقدم ولا يعود، بل انحبس في هذه اللحظة.

لا أستطيع التواصل مع أصدقائي في غزة، لم أعد أتحدث إليهم، توقفتُ عن متابعة الأخبار، تركتُ هاتفي الذي يشعرني أن معدل استهلاكي له وصل للحد الأدنى منذ بداية استخدامي للهاتف الذكي قبل نحو ١٢ عاما، تركتُ علاجي الدوائي إذ لا عافية أبدًا، وبتُ أكره وأحقد على الكتاب الذين يقولون إن ثمة سلوى في أي شيء حتى وإن كان ذلك في القراءة. قصصتُ شعري قصيرًا للغاية، قصصته مثلما تفعل النساء المنكوبات -(راجعوا فصل جز الشعر من كتاب في أثر عنايات الزيات لإيمان مرسال)- وبعد هذا كله، قلتُ لأقرب صديقاتي، أنا مختلفة الآن، لكنني أثق بأنك ستفهمين هذا جيدا، وستغفرين، فأي شيء أصعب من هذا الذي نشاهده، أو لم نعد نشاهده لكن ما زال هناك، حيث الدماء تسيل والناس يموتون من الجوع والأوبئة.

وأنا أتمشى في معرض مسقط الدولي للكتاب هذه الأيام وأضعُ قناعي الذي يسقط أحيانا على الرغم مني، نتوقفُ أنا ومن أقابلهم عن الكلام عندما نبدأ بالحديث عن مشاريع مؤجلة، حلقة بودكاست كان من المفترض أن يتم نشرها مثلا، ونقول: «لكن ما يحدث في غزة.....الخ» جميعنا إذن نضع أقنعتنا، التي لا أعرف متى سنقرر أننا من سينزعها نهائيا وسينهار من أجل العدالة وإيقاف هذه الكارثة.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تناولها يوميًا.. وجبة خفيفة شائعة تحسن الذاكرة خلال فترة قصيرة

كشفت دراسة حديثة أن تناول كميات صغيرة يوميًا من وجبة خفيفة شائعة يعزز الذاكرة ويزيد تدفق الدم إلى الدماغ خلال أربعة أشهر.

أظهرت النتائج أن تناول الفول السوداني غير المملح والمحمص بقشره يوميًا قد يسهم بشكل ملحوظ في تحسين قدرات الذاكرة لدى كبار السن.

شملت الدراسة 31 مشاركًا تتراوح أعمارهم بين 65 و75 عامًا، جميعهم بصحة جيدة ولا يعانون من أمراض مثل القلب أو السكري أو حساسية الفول السوداني، كما أنهم غير مدخنين.

تم تنفيذ التجربة على مرحلتين: في الأولى، استهلك المشاركون الفول السوداني يوميًا لمدة 16 أسبوعًا، بينما امتنعوا تمامًا عن تناوله خلال المرحلة الثانية التي استغرقت أيضًا 16 أسبوعًا، مع وجود فترة راحة مدتها ثمانية أسابيع بين المرحلتين.

وأجريت اختبارات معرفية لقياس الذاكرة وقدرات التفكير وسرعة حل المشكلات لدى المشاركين، مع مراقبة ضغط الدم وعاداتهم الغذائية باستخدام استبيانات.  

أظهرت النتائج أن تناول 60 غرامًا من الفول السوداني يوميًا على مدى 16 أسبوعًا أدى إلى تحسن في الذاكرة اللفظية بنسبة 5.8%؛ حيث تمكن المشاركون من تذكر الكلمات بشكل أفضل مقارنة بفترة عدم استهلاك الفول السوداني.

واستند الباحثون إلى تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي غير الباضع لتقييم تدفق الدم إلى الدماغ، والذي ارتفع بنسبة 3.6% عمومًا، مع زيادة أكبر بنسبة 4.5% في المادة الرمادية على وجه الخصوص. وسُجلت تحسينات ملحوظة في مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة واللغة، حيث ارتفع تدفق الدم بنسبة 6.6% في الفصين الأمامي والصدغي، و4.9% في الفصين الصدغيين.

يرجح الباحثون أن هذه التأثيرات الإيجابية تعود لوجود حمض "إل-أرجينين"، المعروف بدوره في تحسين تدفق الدم، والمركبات النشطة في قشر الفول السوداني، التي تعمل على حماية خلايا الدماغ من التلف. يُسهم التحسن في التروية الدموية في تعزيز توفير الأكسجين والعناصر المغذية للدماغ، مما يدعم الذاكرة والوظائف الإدراكية.

وأوضح بيتر جيه جوريس من جامعة ماستريخت في هولندا أن التروية الدموية الجيدة ضرورية للحفاظ على الوظائف الأساسية للدماغ، مثل الذاكرة، مشيرًا إلى أن نقص الأكسجين والمغذيات قد يضر بالأداء الإدراكي.

وأكد جوريس أن الفريق تفاجأ بالتحسينات الملحوظة في مناطق واسعة من الدماغ، مما يعكس تأثيرًا أشمل يشمل صحة الأوعية الدموية الدماغية. كما شدد على أهمية استهلاك الفول السوداني غير المملح والمحمص بقشره نظرًا لفوائد القشرة الغنية بمضادات الأكسدة والألياف التي تعزز الفوائد الصحية المحتملة.

مقالات مشابهة

  • جوع وعنف يومي.. تفاصيل صادمة عن واقع السجون الإسرائيلية
  • علم اليمن تحت الأقدام .. حقائق أخطر المؤامرات التي كشف تفاصيلها السيد القائد قبل سنوات
  • ميك والاس: إسرائيل دولة فصل عنصري تقتل الأطفال يوميًا
  • جبل زين العابدين.. المعركة الحاسمة التي فتحت الطريق لسقوط الأسد
  • مركز حقوقي: 7 فلسطينيين يقتلون يوميًا منذ وقف إطلاق النار
  • لماذا ينبغي تناول البصل يوميًا؟.. فوائد مذهلة
  • فتنة ديسمبر .. خنجر العدوان الذي رده اليمن بعناية الله وحكمة القيادة
  • جائزة أبوظبي.. «رحلة العُمر» التي يُلاحقها «عُشّاق الفورمولا-1»
  • تناولها يوميًا.. وجبة خفيفة شائعة تحسن الذاكرة خلال فترة قصيرة
  • مكتبة مصر العامة تنظم معرض بيع الكتب الشهري بأسعار رمزية يومي 5 و6 ديسمبر