رحلت عن الدنيا قبل أيام الزميلة الإذاعية نجاة سعد، مخلّفة صدمة حقيقية لزملائها وزميلاتها، وبالأخص القدامى الذين رافقوها لأكثر من أربعة عقود من الزمن، ومحبيها من المستمعين للبرامج المباشرة التفاعلية، التي شغلت منها (نجاة) مساحات واسعة. وكذلك لأسرة الدراما الإذاعية. فعنصر الرحيل المفاجئ كان حاضرا بقوة.
عندما بدأت العمل في الإذاعة مطلع ثمانينيات القرن الماضي كان قسم الموسيقى والغناء هذا يضم حوالي ستة من الزملاء والزميلات القريبين من عالم الموسيقى ولو تذوقا. وهنا يتم الاستماع للأغنية لأول مرة سواء كانت محلية أو مشتراة من الخارج أو مهداة للإذاعة من المطرب أو الشركة المنتجة. ففي هذا القسم يمكن أن تسمع جدلا حول أغنية أو مطرب يدافع عنه الموظف أنه مظلوم في الظهور أو آخر يحتج على ظهوره لضعف مستواه، وهنا قد تجد مطربا زائرا يناقش رئيس القسم حول ألبومه القادم أو القائم، وربما تحظى بسماعه يغني على الطبيعة.. ولا تجاز الخريطة البرامجية اليومية قبل أن يقول هذا القسم كلمته. ففي كل يوم يتم بث ما لا يقل عن أربعين أغنية تشمل التصنيفات التي ذكرتها، تعبأ بها هذه الخريطة في الفراغات التي تركها قسم التنسيق بعد أن وضع المواد الأخرى بتواقيتها الدقيقة في أماكنها كالبرامج ونشرات ومَواجِز الأخبار، والأعمال الدرامية والأذانات والفترات الدينية والفواصل الإرشادية القصيرة وغيرها من المواد التي قد تأتي عارضة أو مفاجئة، مثل نقل حدث معين سيأخذ حيزا من بث ذلك اليوم مما يحدث إرباكا يجب ضبطه، خاصة إذا كان الحدث غير معروف المدة بالضبط مثل المناسبات التي يرعاها سلطان البلاد، والتي سيتم تخصيص أغانٍ بعينها تُبث قبل الحدث وبعده وأخرى من باب الاحتياط.. من هنا بدأت نجاة سعد رحلتها الإذاعية.. ولأن موظفي القسم يشكّلون باقة من الممثلين والمذيعين والمخرجين، فلا عجب أن تغريها الدراما، فتتدرج في التمثيل الإذاعي حتى تصبح أحد أهم عناصره النسائية، ثم يغريها (الميكروفون) أكثر حوالي منتصف التسعينيات لتجد أفقًا أوسع في قسم المذيعين، بعد دورة تدريبية واسعة من المنتسبين لوزارة الإعلام، وكذلك من أقسام الإعلام في عدد من المؤسسات المدنية والعسكرية، على يد الأستاذ محمد المناصير (أردني)، تخرجت منها نجاة التي ستترأس لاحقا قسم المذيعين حتى إحالتها للتقاعد، بعد أن ترأست قبله قسم الموسيقى والغناء، ومعها نخبة من الزملاء، منهم (مع حفظ الألقاب) محمد البلوشي، وكيل وزارة الإعلام اليوم، والنجم والكاتب الدرامي محمود بن عبيد الحسني الذي سيتولى دائرة مسؤولة عن مخرجي ومنفذي البث الإذاعي، وأحمد الكندي الذي سيصبح مديرًا لإذاعة القرآن الكريم، وسليمان الحسيني الذي سيصبح مرافقًا خاصًا لجلالة السلطان، وحسن المجيني الذي سيصبح رئيسًا للتوجيه المعنوي وإذاعة الصمود بوزارة الدفاع، وأحمد العثمان، الذي سيصبح الدكتور أحمد، لتتخرج على يديه أجيال من الإعلاميين في محافظة ظفار.. وخميس البلوشي الذي سيصبح مديرًا لإذاعة الشباب، وستشكل معه نجاة ثنائيا جميلا لكمٍّ كبير من الأعمال الإذاعية والفترات المفتوحة، مثل (صباح الخير يا بلادي) و(المسابقة الرمضانية الرئيسية) و(مهرجان مسقط) و(انتخابات الشورى) و(الإعصار جونو) و(الفترات المفتوحة في الأعياد الدينية والوطنية) وغيرها..
غادرت نجاة سعد وقد أغلقت دفتر التكرار، وتركت بقايا نصوصها الدرامية، وقصاصات برامجها، في وقت كانت أنفاسها الثقيلة حتى آخر وقتها من الدنيا (دخون) من أثير إذاعة سلطنة عمان.
محمد المرجبي إعلامي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذا القسم
إقرأ أيضاً:
" ناصر" الذي لَمْ يَمُتْ.. !! (٢-٢)
*٢٣اكتوبر١٩٥٤م أنتجت مصر أول (طلْقة) وازدهرت الصناعة الحربية ما بين صناعة الدبابات والطائرات والصواريخ والمعدات الثقيلة.
* نشبت حربٌ أهلية عقب ثورة اليمن ١٩٦٢م وبناء على طلب الثوار و( بقرار لم ينفرد به عبد الناصر) أرسَلَت مصر بعض القوات ١٩٦٢م لمناصرتهم وعادت ١٩٦٧م)، وكان من نتائج الحرب خروج القاعدة البريطانية من " عدن" ١٩٧١م مِمَّا أتاح لمصر اتفاقها مع اليمن علي إغلاق مضيق "باب المندب" أمام إسرائيل أثناء حرب أكتوبر ١٩٧٣م. (يعتبر المَضيق شريان الحياة لقناة السويس).
* كانت نكْسَة ١٩٦٧م نقطةَ انطلاقٍ جديدة لإعداد الجيش بإقامة المنشآت العسكرية التعليمية المتطوِّرة لتأهيل الأفراد (ضباطا وجنودا)على أعلى مستوى من الدراسة واستخدام أحدث الأسلحة والمُعِدَّات الحربية.
* ومن حنكة "عبد الناصر" العسكرية والسياسية خِداع العدو لكسب الوقت بموافقته على مبادرة "روجرز" الأمريكية ١٩٧٠م لوقف القتال مع العدو٩٠ يوماً، استغلها عبد الناصر في استكمال حائط الصواريخ بامتداد الجبهة والذي منع طيران العدو من اختراق العُمْق المصري بعد غاراته التي ردَّ بها على الضربات المصرية المُوجِعة خلال حرب الاستنزاف، فكان حائط الصواريخ من أهم عوامل نجاح عبور الجيش ١٩٧٣م والذي لم يُستَغَل على وجه أفضل لاسترداد (كل) الأرض العربية بلا تنازلات.
* فبراير١٩٩٢م أصبحت أكاديمية "ناصر" تضم: ( كلية الحرب العليا- كلية الدفاع الوطني- مركز الدراسات الإستراتيجية) لتأهيل وتنمية قدرات كبار الضباط. وكذلك تأهيل وتنمية قدرات ومهارات كبار العاملين المدنيين بالدولة لتولي المناصب القيادية.
* "عبد الناصر" لم يكن زعيماً أو رئيساً مهيباً ثائراً فَحَسْب بل رمزاً وطنياً وتاريخاً خالداً في ذاكرة مَنْ يرفعون صورته (فخراً واستلهاماً) في المناسبات الوطنية، ويُدرِكون عُمْقَ فِكره السياسي والعسكري، وقيمة مشروعاته الإنسانية والاجتماعية كمِظلَّةٍ للبُسَطاء والمُهَمَّشين.
*"جمال عبد الناصر" أُطلِقَ اسمه على أحد أهم شوارع "موسكو"، وأقيمت له تماثيل وميادين في العواصم العربية والإفريقية التي ساعد في تَحَرُّرِها من الاستعمار.
* ١٩٥٩م أصدر "عبد الناصر" قراره (٨١٥) بإنشاء مدينة بالصحراء المتاخِمة للعباسية ضِمن مشروع التَّوسُّع العمراني، واقتَرَحَتْ الوزارة إطلاق اسم "ناصر" علي المدينة الجديدة لكنه رفض الاقتراح وطلب تسميتها مدينة (نصر) باعتبارها نصراً لمشروعات الثورة العمرانية.
* وعَقِبْ وفاته أراد الرئيس " السادات" أن يُظْهِر وفاءه لعبد الناصر، وأنه سيكمل مسيرته، فأطلق اسمه على كُلِّ ما عُرِفَ باسم "ناصر" (بحيرة ناصر، استاد ناصر، معهد ناصر، أكاديمية ناصر.. الخ ) وقال جُمْلَته الشهيرة "كُلُّنا جمال عبد الناصر".