السكين التي هددت بتقويض جهود تركيا على مدى 20 عاماً
تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT
إسماعيل شاب سوري طموح، ولد في الكويت حيث أكمل تعليمه الأساسي هناك. ثم انتقل إلى تركيا للدراسة في جامعة صقاريا، بقسم علم الاجتماع، ليعود إلى الكويت مجددا بعد إنهاء الجامعة. تعلم إسماعيل اللغة التركية بشكل ممتاز خلال سنوات دراسته في تركيا، وأصبح من عشاقها. وبعد عودته إلى الكويت، سعى إسماعيل إلى تحديد مسار حياته المهنية بطريقة تتيح له خدمة تركيا أيضا.
في الواقع عمل معهد يونس إمري التركي في الكويت بالفعل على تلبية هذه الحاجة، ويهدف المعهد إلى توسيع نطاق هذا الطلب وتلبية احتياجاته بشكل أكبر. لكن إسماعيل أراد القيام بذلك كمبادرة في القطاع الخاص باستخدام طرق تعليمية حديثة للغاية، فبدأ دورته التعليمية بمستوى متواضع أولا، لكن سرعان ما أجبرته كثرة الطلبات على توسيع نطاق عمله خلال وقت قصير، ليصبح اليوم مؤسسة تعليمية قوية تقدم دورات حضورية وعن بعد، ليس فقط للكويت بل لجميع دول الخليج. وخلال بضع سنوات استفاد ما يقارب 5 آلاف طالب من هذه الدورات بمختلف مستوياتها.
لا شك أن هذه المؤسسة، التي يديرها ويقدم فيها الخدمات في الغالب شباب سوريون من مواليد الكويت، هي مثال واحد فقط على مساهمة السوريين في اقتصاد تركيا وثقافتها ونشاطها في العالم العربي، بدرجات متفاوتة. فهناك العديد من الأمثلة على السوريين الذين يضفون قيمة كبيرة لتركيا من خلال التواصل مع السوريين في تركيا على مستويات مختلفة. وفي إحدى مراحل الدورة يجمع إسماعيل طلابه مع خبراء من تركيا في مجالات متعددة، وينظم جلسات للتحدث باللغة التركية معهم. وسبق للعديد من الأشخاص من تركيا أن شاركوا في هذه الجلسات، وكان آخرهم السفيرة التركية توبا نور سونماز التي قدمت جلسة تفاعلية مميزة مع الطلاب.
بفضل هذه الجلسات تتخطى الدورة روتين الدورات التدريبية، ولا تقتصر على قواعد اللغة التركية أو أبعادها اللغوية فقط، بل تتيح للطلاب تجربة حقيقية للتواصل باللغة التركية لأول مرة. لقد كانت تجربة رائعة أن أشارك مع زوجتي، والدكتور أيدن أكتاي من جامعة صقاريا وزوجته، في دورة اللغة التركية مع أشخاص من مختلف الفئات العمرية والمهنية، يظهرون حماسا كبيرا ورغبة قوية في تعلم اللغة. كانت سهولة وجمال المحادثات حول تركيا واللغة التركية وموضوعات أخرى، مميزة جداً. يتكون رواد هذه الدورة من نخبة من الأشخاص المميزين للغاية، لديهم استثمارات في تركيا، ويسعون إلى تعزيز علاقاتهم معها بشكل أعمق. ويبدي الكثير منهم اهتماما لا يصدق بالمسلسلات التركية، لدرجة أن معظمهم يسرد جميع المسلسلات الدرامية والتاريخية بسهولة. وبالإضافة إلى أن المسلسلات الدرامية التركية تبدو أكثر جاذبية من الدراما الأمريكية أو الأوروبية، فإن المسلسلات التاريخية التركية على وجه الخصوص قد أثارت اهتماما كبيرا بالتاريخ التركي الإسلامي، بل عززت أيضا شعورا قويا بالهوية مع العثمانيين والسلاجقة.
لقد أدى هذا الاهتمام المتزايد بالتاريخ العثماني التركي إلى زيادة الاهتمام بالدراسات الأكاديمية المتقدمة. فقد شهدت المحاضرات الصيفية التي قدمها أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، البروفيسور الدكتور فيصل الكندري، حول التاريخ العثماني، إقبالا كبيرا من الطلاب. وبدعوة من الدكتور الكندري، أتيحت لنا الفرصة لحضور أحد دروسه وإلقاء محاضرة أمام طلابه حول التاريخ العثماني.
على مدار العشرين عاما الماضية، رسخت تركيا صورة قوية في جميع أنحاء الدول العربية. هذه الصورة تحولت إلى مشاعر من الحب والاحترام والتعاطف، بل وصلت إلى حد الشعور بالهوية المشتركة. وهذا أمر لا يمكن لأي دولة أو شعب أن يحققه بسهولة، ولا ينبغي لأحد أن يظن أن هذا الأمر كان كذلك منذ القدم. فقبل عقدين من الزمن، لم تكن هذه هي صورة تركيا لدى الدول العربية، بل على العكس، كانت ذاكرة الأحداث السلبية في التاريخ حاضرة بقوة، بينما كانت الصورة السائدة لتركيا هي أنها دولة ابتعدت عن العالم الإسلامي وازدادت تقاربا مع الغرب. ولكن بفضل القيادة التي أظهرها أردوغان خلال 20 عاما والنمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتأكيدها النبيل على هويتها في علاقتها مع الغرب، وخاصة موقف أردوغان في منتدى دافوس، ثم موقفه الداعم للقضية الفلسطينية وتحديه لإسرائيل والولايات المتحدة أحيانا، ووقوف تركيا إلى جانب الشعوب خلال ثورات الربيع العربي، وفتح أبوابها ونهجها الرحيم تجاه الأشخاص الفارين للنجاة بأرواحهم من سوريا ومصر واليمن والعراق وليبيا، كل هذه العوامل ساهمت في اكتساب تركيا روابط قوية ومرموقة وذات مصداقية، وخاصة لدى الشعوب.
المصدر: تركيا الآن
كلمات دلالية: اللغة الترکیة
إقرأ أيضاً:
في ذكرى الوحدة.. أبرز الصراعات في اليمن خلال 35 عاما
يحتفي اليمنيون، اليوم الخميس، بالذكرى 35 لتحقيق الوحدة في بلادهم، وسط آمال بإنهاء الانقسام والصراعات التي مرت بها البلاد خلال ثلاثة عقود ونصف.
وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي يعاني منها اليمن جراء الحرب بين القوات الحكومية والحوثيين منذ عام 2014، إلا أن البلد شهد فعاليات احتفالية في عديد من المحافظات إحياء لذكرى تحقيق الوحدة الوطنية.
وفي 22 مايو/أيار 1990، تم الإعلان عن تحقيق الوحدة بين دولتي: الجمهورية العربية اليمنية (شمال) وجمهورية اليمن الديمقراطية (جنوب) ودمجهما في دولة واحدة، وتم الاتفاق على تسميتها الجمهورية اليمنية.
ورغم الآمال الكبيرة التي رسمها اليمنيون وقت الوحدة، إلا أنها اصطدمت بسلسلة صراعات مستمرة حتى اليوم، أدت إلى خلق تعقيدات كبيرة اعترضت طريق الجمهورية الجديدة.
ومنذ تحقيق الوحدة اليمنية، لم يمر أي عقد دون وقوع حروب في هذا البلد العربي الفقير، الذي تبلغ مساحته 555 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانه حاليا نحو 34 مليون نسمة.
وتزامنا مع الذكرى الـ35 لتحقيق الوحدة نرصد أبرز الصراعات التي مر بها اليمن خلال ثلاثة عقود ونصف.
*حرب صيف 1994
بعد تحقيق الوحدة شهد اليمن خلافات سياسية كبيرة بين الرئيس علي عبدالله صالح، الذي يقود حزب "المؤتمر الشعبي العام" (رئيس الشطر الشمالي سابقا) ونائبه علي سالم البيض، الذي كان رئيسا للشطر الجنوبي قبل الوحدة، وأحد القادة البارزين في الحزب الاشتراكي اليمني.
واستمرت هذه الخلافات بين شريكي الوحدة، إلى أن اندلعت في أبريل/نيسان 1994 حرب أهلية كبيرة بين الشمال والجنوب، استمرت حتى يوليو/تموز من العام نفسه، وخلفت آلاف القتلى، فضلا عن خسائر مادية واقتصادية كبيرة، وفقد اليمن فيها مليارات الدولارات ما أدى إلى تضرر واسع لاقتصاد الدولة الجديدة.
وجاءت هذه الحرب بعد أن اعتكف علي سالم البيض في مدينة عدن (جنوب) مع بعض المسؤولين في الحزب الاشتراكي، إلى أن أعلن قيام جمهورية اليمن الديمقراطية، بينما وصفه صالح بـ"الانفصالي" ولوح بالتمسك بالوحدة ولو بالقوة.
وجاء اعكتاف البيض، في عدن، بعد أن وجه اتهامات لصالح وحزبه بتهميش الجنوبيين والاستئثار بالقوة والثروة وتنفيذ اغتيالات استهدفت عددا من قادة الحزب الاشتراكي، وسط نفي من الأخير.
وانتهت هذه الحرب بسيطرة قوات الشمال على الجنوب، بينما غادر علي سالم البيض، وعدد من مساعديه، إلى خارج البلاد.
** 6 حروب في صعدة
اندلعت هذه الحروب الست بين الجيش اليمني ومسلحي جماعة الحوثي في محافظة صعدة (شمال) بين 2004 و2010.
وانتهت الحرب الأولى بمقتل مؤسس جماعة الحوثي حسين بدر الدين الحوثي، على يد قوات الجيش اليمني في سبتمبر/أيلول 2004.
وبعدها شهدت صعدة (معقل الحوثيين) 5 حروب بين الجانبين، وامتدت إلى محافظة عمران (شمال) حتى انتهت الحرب السادسة في فبراير/شباط 2010 بإعلان من الرئيس علي عبدالله صالح، عن اتفاق بين الطرفين ينهي الصراع.
وحول أسباب الحرب، كان نظام صالح يتهم الحوثيين بإنشاء تنظيم مسلح ومحاولة الانقلاب على الجمهورية، بينما تتهم الجماعة النظام بقمعها وممارسة التمييز ضدها.
وحسب إعلام يمني، أدت هذه الحروب الست إلى سقوط آلاف القتلى والجرحى من الطرفين، فضلا عن خسائر مادية كبيرة.
** حرب مستمرة منذ 2014
في يوليو 2014 اشتعلت الحرب اليمنية بين القوات الحكومية والحوثيين الذين سيطروا حينها بقوة السلاح على محافظة عمران التي تبعد عن العاصمة صنعاء بحوالي 50 كيلومترا.
وبعد سيطرتهم على عمران اجتاح الحوثيون صنعاء في سبتمبر 2014 وسيطروا عليها بقوة السلاح بدعم من قوات الرئيس السابق حينها علي عبدالله صالح، الذي تم إزاحته من السلطة بعد ثورة شعبية عام 2011 وتم بعدها انتخاب عبدربه منصور هادي رئيسا توافقيا للبلاد في فبراير 2012.
وفي فبراير 2015، نجح هادي، في مغادرة صنعاء إلى عدن، بعد أن فرض عليه الحوثيون إقامة جبرية، وانتقل بعدها إلى سلطنة عمان وصولا إلى السعودية.
وفي مارس/آذار 2015، تم الإعلان عن تحالف عسكري ضد الحوثيين بقيادة السعودية، لدعم الحكومة الشرعية في استعادة اليمن من الجماعة.
وبعدها اشتعل الصراع بشكل غير مسبوق، ونفذ التحالف العربي آلاف الغارات الجوية، مع استمرار المواجهات العنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين حتى أبريل 2022 حينما تم الإعلان عن هدنة بين الجانبين برعاية الأمم المتحدة.
ورغم المواجهات النسبية بين الجانبين بين فترة وأخرى، إلا أن الهدنة ما زالت صامدة حتى اليوم، وسط آمال بتحقيق السلام في البلد الذي يشهد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية بالعالم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الحرب في اليمن منذ اشتعالها تسببت في مقتل 377 ألف شخص بشكل مباشر وغير مباشر.