قد تكون اللحظة الأكثر جذبا للانتباه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، عندما اتخذ الرئيس الأميركي، جو بايدن، في يوليو الماضي، قراره بالانسحاب، إذ كان البعض ما بين مصدق ومكذب للخبر، حيث تنامت المخاوف من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي القادرة على التزييف العميق.

حافظ مالك، البروفيسور المتخصص في هندسة الحاسوب والمتخصص في الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق، يقول في مقال نشرته "ذا هيل" إن ما حصل لم يكن مستغربا إذ "لم نعد قادرين على التأكد من أن الكلمات المنسوبة لأي مرشح حقيقية" من عدمها.

ويحذر مالك من أن التزييف العميق سيتم تداوله في الأشهر الأخيرة من انتخابات 2024، كما لم يحدث من قبل، ولن تكون الجهات الرسمية قادرة على نشر تدابير للحد منها من قبل الانتخابات، داعيا إلى تفكير أكثر شمولية "لإنقاذ الديمقراطية".

وقد تكون الإجراءات الأميركية التي اتخذتها إدارة بايدن الأربعاء، في فرض عقوبات على أشخاص وكيانات روسية الأولى ضمن سلسلة ترتبط بحماية الانتخابات الأميركية الرئاسية، حيث طالت تلك العقوبات شركات وأفراد استخدموا الذكاء الاصطناعي للتلاعب بالانتخابات الرئاسية، وفق ما أكدته وزارة الخزانة الأميركية. 

"ذكاء اصطناعي" و"استغلال" المؤثرين.. تفاصيل العقوبات الأميركية على أفراد روس عقوبات وملاحقات قضائية فرضتها إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن بحق مسؤولين روس يتهمون في محاولة "التأثير على الانتخابات الأميركية" التي ستجرى في 2024، والتي يختار فيها الأميركيون الرئيس المقبل للبلاد.

يشير مقال نشرته مجلة "أم أي تي تكنولوجي ريفيو"، الثلاثاء، إلى أن المخاوف من الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق وأثرها على الديمقراطية قد تم تضخميها في عام الانتخابات.

ولكن ما تشهده الانتخابات الرئاسية التي ستحدث في نوفمبر المقبل، تجتذب الكثير من حملات التضليل التي تستهدف الناخبين الأميركيين، والتي يستخدم فيها البعض التزييف العميق وتطبيقات الذكاء الاصطناعي الأخرى.

التأثير على الناخبين

Sorry, but your browser cannot support embedded video of this type, you can download this video to view it offline.

ويتوقع أكثر من 50 في المئة من الأميركيين أن تؤثر المعلومات الكاذبة المفبركة بواسطة الذكاء الاصطناعي على نتيجة انتخابات 2024، وفق استطلاع نشرته مجموعة "أكسيوس" الإعلامية وشركة "مورنينغ كونسالت" للمعلومات التجارية في 2023.

وأفاد حوالي ثلث الأميركيين أن ثقتهم بالنتائج ستتراجع بسبب الذكاء الاصطناعي، وفق الاستطلاع.

وذكرت عدة شركات تكنولوجيا عملاقة أنها تعمل على أنظمة تصنف المحتوى المولد عبر الذكاء الاصطناعي.

وفي رسالة إلى الرؤساء التنفيذيين المعنيين بالتكنولوجيا، في أبريل الماضي، طالبت أكثر من 200 مجموعة بجهود عاجلة لتعزيز مكافحة الأكاذيب المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بما في ذلك حظر استخدام التزييف العميق في الإعلانات السياسية واستخدام خوارزميات لدعم المحتوى الانتخابي الواقعي.

كيف يعمل التزييف العميق؟

وتقول وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية عبر موقعها الإلكتروني، إنه مع تزايد قدرات الذكاء الاصطناعي، من المهم لمسؤولي الانتخابات أن يفهموا كيف يمكن أن تؤثر هذه القدرات على أمن ونزاهة البنية التحتية للانتخابات.

وتشرح الوكالة كيف يمكن لجهات خبيثة استخدام قدرات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لاستهداف أمن وسلامة البنية التحتية للانتخابات، من حملات التضليل أو التزييف العميق.

والتزييف العميق، يمكنه باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي إنشاء محتوى فيديو أو صوتي واقعي، لكنه كاذب لتضليل الناخبين أو تشويه سمعة المرشحين.

ويمكن أن يؤدي هذا المحتوى المزيف إلى زرع الارتباك، وتقويض الثقة في العملية الانتخابية، والتأثير على سلوك الناخبين.

كيف تعرف إن كانت الصورة حقيقة؟.. أم أنتجها برنامج ذكاء اصطناعيّ؟ شهدت تقنيات الذكاء الاصطناعي في الآونة الأخيرة تطوّرات مبهرة جعلت الصور التي تنتجها تبدو شديدة الواقعيّة ولاقت رواجاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار تساؤلات حول سبل كشفها. 

ويؤكد خبراء الذكاء الاصطناعي أن هناك الآن العشرات من البرامج المجانية التي يمكن من خلالها تبديل الوجه أو حتى إزالة الملابس من الصور الحقيقية، حيث من الصعب على العين البشرية التمييز بين الحقيقي والمزيف.

وعلى سبيل المثال، واجه إيلون ماسك انتقادات حادة لمشاركته تسجيلا مصورا، في أواخر يوليو الماضي، يعتمد على تقنية "التزييف العميق" يظهر نائبة الرئيس، كامالا هاريس، مع متابعيه البالغ عددهم 192 مليونا على "إكس".

ويصف صوت في التصوير يقلد صوت هاريس الرئيس الأميركي بـ "الخرف" ويعلن بعد ذلك أنها لا تعرف "ألف باء الحكم".

ولم يحمل التسجيل أي مؤشر على أنه مجرد محاكاة ساخرة لها، باستثناء رمز تعبيري ضاحك. وأوضح ماسك لاحقا أن التسجيل المصور كان هدفه السخرية فحسب.

وأعرب باحثون عن قلقهم من أن المتابعين لربما استنتجوا خطأ بأن هاريس تسخر من نفسها وتستهزئ ببايدن بحسب وكالة فرانس برس.

"تزييف" ينبغي مواجهته.. هكذا يهدد "الذكاء الاصطناعي" الانتخابات الأميركية كشف مسؤولو انتخابات في الولايات المتحدة عن تخوفات من تأثير أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية على العملية الانتخابية، ورفع بعضهم درجات القلق من أن تجعل تلك الأدوات الهجوم على العملية الديمقراطية أسهل، وشددوا على ضرورة البحث عن طرق لمكافحته، بحسب صحيفة "بوليتيكو" الأميركية.

وفي يوليو الماضي، أظهر تسجيل مصور تم التلاعب به ينتشر على "إكس" بايدن وهو يشتم منتقديه مستخدما عبارات مناهضة لمجتمع "الميم عين+"، بعدما أعلن سحب ترشيحه ودعم ترشح هاريس.

وكشف بحث عكسي عن الصور بأن التسجيل جاء من خطاب لبايدن بثته شبكة "بي بي إس" وندد فيه في العنف السياسي بعد محاولة اغتيال ترامب في 13 يوليو.

وأفادت "بي بي إس" أن التسجيل المصوّر تم تركيبه بتقنية "التزييف العميق" مستخدما شعارها لخداع المشاهدين.

وفي فترة سابقة، أظهرت صورة تمت مشاركتها عبر منصات التواصل الاجتماعي الشرطة وهي توقف المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، بالقوة بعدما خلصت هيئة محلفين في نيويورك إلى أنه مدان بتزوير سجلات تجارية تتعلق بأموال تم دفعها لإسكات نجمة الأفلام الإباحية، ستورمي دانيالز.

 

Making pictures of Trump getting arrested while waiting for Trump's arrest. pic.twitter.com/4D2QQfUpLZ

— Eliot Higgins (@EliotHiggins) March 20, 2023

لكن خبراء في الأدلة الجنائية الرقمية أفادوا فرانس برس بأن الصورة اعتمدت على تقنية "التزييف العميق".

كيف يمكن مواجهة التزييف العميق في الانتخابات؟

ويؤكد البروفيسور مالك أن العديد من التدابير لمواجهة التزييف العميق يجب أن تتضمن "الكشف والتتبع" لهذا المحتوى ناهيك عن أدوار مطلوبة من شبكات التواصل الاجتماعي.

ودعا الحكومة الفيدرالية إلى إطلاق حملات توعية واسعة النطاق لتثقيف الجمهور بشأن مدى انتشار التزييف العميق لتقييم صحة ملفات الصوت والفيديو التي نراها على الإنترنت.

وأشار مالك إلى وجود مشروع قانون يدعمه الحزبان في الكونغرس من شأنه حظر استخدام الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق في الإعلانات والترويج في الحملات السياسية، واصفا هذه الخطوة بنقطة بداية.

كيف يهدد الذكاء الاصطناعي انتخابات الرئاسة الأميركية؟ في غرفة العمليات بالبيت الأبيض شارك مسؤولون أميركيون في تمرين عملي، في ديسمبر 2023، يحاكي سيناريو ينشيء فيه عملاء صينيون مقطع فيديو مزيفا بالذكاء الاصطناعي يصور مرشحا لمجلس الشيوخ وهو يتلف بطاقات الاقتراع في انتخابات الرئاسة 2024.

وفي ورقة بحثية نشرتها رابطة المحامين الأميركيين اقترحت فيها إيجاد لجنة خاصة أو فريق عمل مهمته تقديم مقترحات لتشريعات نموذجية على مستوى الولايات لحظر استخدام التزييف العميق في الانتخابات على جميع المناصب.

وأضافت أن هذه التشريعات عليها تجريم كل ما يتضمن نقلا لمعلومات كاذبة تهدف إلى تقويض الثقة أو المشاركة في الانتخابات.

وتقدم وكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية الأميركية استراتيجيات فعالة لمواجهة الخطر الحقيقي الذي يشكله الذكاء الاصطناعي على انتخابات الرئاسة 2024، من خلال: تعزيز المراقبة والتوعية العامة والتعليم والتعاون وتبادل المعلومات والتدابير الفنية والسياسية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الانتخابات الأمیرکیة التزییف العمیق فی الذکاء الاصطناعی البنیة التحتیة فی الانتخابات

إقرأ أيضاً:

5 كتب ترسم ملامح القيادة بالمؤسسات في عصر الذكاء الاصطناعي

بينما تمضي الحياة اليومية بإيقاعها المعتاد في العالم، وتزدحم الأجندات الإعلامية بقضايا السياسة والاقتصاد والتكنولوجيا، اختار عدد من كبار الرؤساء التنفيذيين بكبرى الشركات الأميركية التفرغ لقراءة 5 كتب تشبه في حرارتها ما يدور من نقاشات حول مستقبل الذكاء الاصطناعي، وتحولات الاقتصاد، ومفهوم القيادة الفكرية في عالم سريع التبدل.

ووفقًا لتقرير نشرته مجلة فوربس، فإن قائمة القراءات المفضلة لقادة الشركات هذا الصيف تعكس قلقًا متزايدًا من التعقيدات التي يفرضها عصر التكنولوجيا، وعدم اليقين، وتحولات القوة العالمية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 25 إستراتيجيات فعالة لضمان صمود شركتك ونموها في 2025list 2 of 2المشاريع الصغيرة سبيل خريجي الجامعات السورية لتحدي البطالةend of list الذكاء الاصطناعي.. الإمكانيات بدل التهديدات

ويتصدر قائمة القراءة كتاب "الوكالة الخارقة: ما الذي قد يسير بشكل صحيح في مستقبلنا مع الذكاء الاصطناعي" للمؤلفين ريد هوفمان (المؤسس المشارك لمنصة لنكدن) وغريغ بيتو.

ويتميز هذا العمل برؤية متفائلة بعيدًا عن سيناريوهات "يوم القيامة" التي تهيمن على النقاش العام، ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي يمكنه تعزيز القدرات البشرية بدلًا من استبدالها.

ويرى هوفمان أن السؤال الأهم ليس ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيغير شكل الأعمال، بل مدى سرعة تأقلم القادة مع هذا التغيير.

ويُعد هذا الكتاب مرجعًا أساسيًا لكل مدير تنفيذي يطمح إلى تجاوز الضجة الإعلامية والوصول إلى الفرص الحقيقية.

سام ألتمان يُمثّل اليوم مركز ثقلٍ استثنائي بمشهد الذكاء الاصطناعي العالمي (الفرنسية) من هو ألتمان؟

الكتاب الثاني الذي استحوذ على اهتمام القادة هو "المتفائل: سام ألتمان وأوبن إيه آي وسباق اختراع المستقبل" للكاتبة كيتش هايغي.

ويقدم هذا العمل، المؤلف من 384 صفحة، نظرة متعمقة على شركة "أوبن إيه آي" التي أشعلت موجة الذكاء الاصطناعي.

ورغم وصول المؤلفة إلى ألتمان شخصيًا، تجنّب الكتاب الوقوع في فخ التمجيد، بل ركّز على القرارات الإستراتيجية والتقنية التي قادت إلى إطلاق "شات جي بي تي". كما يسلّط الضوء على كيفية تعامل الشركة مع الضغوط التنظيمية والاهتمام العام غير المسبوق.

إعلان

ويُعد هذا الكتاب ضروريًا لفهم المشهد التنافسي في الذكاء الاصطناعي.

التعامل مع المجهول

أما كتاب "فن عدم اليقين" لعالم الإحصاء ديفيد سبيلغهالتر فيُعد بمثابة دليل عملي لاتخاذ القرار في عالم تزداد فيه الأزمات والمفاجآت.

ويتناول المؤلف، بلغة سهلة وأمثلة تطبيقية، كيفية التفكير في الاحتمالات والمخاطر والمصادفات، متجاوزًا مناهج كليات الأعمال التقليدية.

وفي عصر تتكرر فيه الأحداث المفاجئة مثل الأوبئة والأزمات الجيوسياسية، يوفر الكتاب أدوات عقلانية وعملية لكل مدير عليه اتخاذ قرارات مصيرية في ظروف غامضة.

التاريخ السري لحرب الأفكار

وفي كتاب "نادي قراءة وكالة المخابرات المركزية" يروي الصحفي تشارلي إنغليش كيف قامت وكالة الاستخبارات الأميركية بتهريب أكثر من 10 ملايين كتاب إلى دول الكتلة الشرقية خلال الحرب الباردة.

ويُظهر هذا العمل، كما وصفه قائد العملية، كيف أن "الهجوم الفكري الحر والنزيه" كان أقوى من أي حملة عسكرية.

ويكشف عن القيمة الإستراتيجية للمعلومة في إدارة النفوذ، وهو ما يجعله مصدر إلهام للمديرين زمن صراعات السرديات الرقمية.

اختيار الكتاب المناسب ليس مجرد ذوق شخصي بل إنه إفصاح غير مباشر عن رؤية صاحبه للعالم (غيتي) باكلي والإرث الفكري

وختام القائمة مع السيرة الضخمة بعنوان "باكلي: الحياة والثورة التي غيّرت أميركا" من تأليف سام تاننهاوس.

ويمتد العمل على أكثر من ألف صفحة، ويوثق كيف استطاع المفكر المحافظ وليام باكلي تغيير المشهد السياسي الأميركي بقوة قناعاته وقدرته على صياغة الأفكار المعقدة بلغة جذابة وحجج محكمة.

ويُعد هذا الكتاب مرجعًا في كيفية ممارسة القيادة الفكرية والتواصل المبدئي في ظل التحديات السياسية والاجتماعية الراهنة.

وتتفق الكتب الخمسة، رغم اختلاف موضوعاتها، على محور واحد: أن الأفكار الواضحة والإستراتيجيات المدروسة قادرة على إحداث تحولات كبرى، من الرؤية المتفائلة لهوفمان حول الذكاء الاصطناعي، مرورًا برحلة ألتمان وتحدياته، ووصولًا إلى دروس سبيلغهالتر في التعامل مع الخطر، ثم الاستخدام الإستراتيجي للمعرفة كما بعمليات "سي آي إيه" وانتهاءً برؤية باكلي لأثر الفكر الأيديولوجي، وكلها أعمال تؤكد أن التفكير العميق لم يكن يومًا رفاهية بل ضرورة في عالم متغيّر.

وخلص تقرير فوربس إلى أن "الرؤساء التنفيذيين الأذكياء لا يقضون عطلة نهاية الأسبوع في الاسترخاء فقط، بل في الاستعداد الذهني للمستقبل".

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأميركية تحذر من انتحال هوية دبلوماسيين عبر الذكاء الاصطناعي
  • شخص ينتحل شخصية وزير الخارجية الأمريكي عبر الذكاء الاصطناعي ويتواصل مع مسؤولين كبار
  • الذكاء الاصطناعي يطوّر مقاطع الفيديو بشكل مبهر
  • 5 كتب ترسم ملامح القيادة بالمؤسسات في عصر الذكاء الاصطناعي
  • 5 حقائق عن عمل روبوتات الذكاء الاصطناعي
  • انتخابات مجلس الشيوخ .. تقدم 19 مرشحا لخوض الانتخابات في البحيرة
  • غوتيريش يحذر من عسكرة الذكاء الاصطناعي
  • خمس حقائق قد لا تعرفها عن طريقة عمل روبوتات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT
  • الذكاء الاصطناعي.. أمل اللغات المهددة
  • الروبوت المرافق.. هل يقترب الذكاء الاصطناعي من العاطفة الإنسانية؟