الإمارات تقود جهود تطوير نماذج اللغات الكبيرة في المنطقة
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
تتصدر دولة الإمارات إقليمياً في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتوليدي باعتباره أحد المكونات الرئيسية للثورة الصناعية الرابعة وترسيخ أقدامها كوجهة للشركات العالمية والإقليمية العاملة في هذا المجال الحيوي.
ودخلت دولة الإمارات مجال تطوير نماذج اللغات الكبيرة مفتوحة المصدر، ضمن خططها الطموحة لتعظيم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي، وفي سياق مسيرتها لترسيخ الاقتصاد المعرفي وتطوير أنظمة اقتصادية جديدة تواكب المستقبل وذلك وفقاً لورقة بحثية جديدة أعدها ” انترريجونال للتحليلات الاستراتيجية” ومقره أبوظبي.
وبحسب “البوابة الرسمية لحكومة دولة الإمارات”، تعد النماذج اللغوية الكبيرة مفتوحة المصدر مثل (Large language model) و (LLMs) أحد أنواع نماذج الذكاء الاصطناعي التي يتم تدريبها على كميات هائلة من النصوص كي تتعلم الأنماط والقواعد والسياقات والدلالات في اللغة كما تستخدم مسرعات لمعالجة البيانات النصية الضخمة لفهم اللغة البشرية ومحاكاتها.
جهود كبيرة
وأشار “انترريجونال” إلى الجهود الكبيرة التي أطلقتها دولة الإمارات ممثلة في العديد من الجهات الحكومية حيث قال عمر العلماء زير دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في تصريح سابق لصحيفة “فايننشال تايمز”: إن الصفقة التي وقعت بين مايكروسوفت للاستحواذ على حصة بـ 1.5 مليار دولار في G42، شركة الذكاء الاصطناعي في أبوظبي، مجرد بداية لتعاون تقني أكبر بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت “فايننشال تايمز” أن أبوظبي ستستثمر بكثافة في مشاريع الذكاء الاصطناعي في الخارج حيث استقطبت قادة الصناعة مثل: سام ألتمان في شركة “أوبن إيه آي” وجنسن هوانغ في ” إنفيديا” .
وفي السياق، أطلقت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي نماذج: «بايميدكس»، و«بالو» و«جلام إم»، و«جيوتشات»، و«موبايل لاما» كنماذج لغوية صغيرة وكبيرة متعددة الوسائط تستخدم التعلّم متعدد الوسائط لمعالجة البيانات وتحليلها من وسائط أو مصادر متعددة تتخطى حدود النصوص لتشمل المقاطع الصوتية والصور، مع التركيز بشكل خاص على قدرات هذه النماذج في اللغة العربية.
“معهد الابتكار التكنولوجي”
ويتيح معهد الابتكار التكنولوجي التابع لـ “مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة” لحكومة أبوظبي، نموذج الذكاء الاصطناعي مفتوح المصدر (فالكون 40 بي) للاستخدامات البحثية والتجارية والذي يشمل 40 مليار عامل متغير، وهو مدرَّب على تريليون رمز(token)، موفِّراً بذلك إمكانية وصول إلى قدرات متكاملة غير مسبوقة أمام الباحثين والمبتكرين والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وأعلن معهد الابتكار التكنولوجي عن إطلاق أول منصة متميزة للنماذج اللغوية العربية الكبيرة، وذلك بالتعاون مع منصة “Hugging Face” تحت اسم (OALL) تهدف إلى إنشاء منصة مكرسة لتقييم ومقارنة أداء النماذج اللغوية الكبيرة الخاصة باللغة العربية.
مجموعة ” G42″
وقال مركز ” انترريجونال”: إن مجموعة ” G42″ التي أنشئت في أبوظبي تعد أبرز شركات التكنولوجية الإماراتية الرائدة عالمياً في إنشاء وتطوير تقنيّات الذكاء الاصطناعي والتي أعلنت مؤخراً عن عزمها إطلاق نموذج “ناندا” “NANDA ” كأحدث نموذج لغة كبير للغة الهندية يتكون من 13 مليار بارامتر، والذي دُرِّب على قاعدة بيانات تضم ما يقرب 2.13 تريليون وحدة لغوية، بما في ذلك اللغة الهندية.
وقالت “جي 42”: إن إطلاق نموذج “ناندا” يأتي نتيجة التعاون بين “إنسبشن”، التابعة للمجموعة وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي شركة وسيريبراس سيستمز.
وكانت “جي42” قد أطلقت في أغسطس 2023 نموذج “جيس” أول نموذج لغة كبير مفتوح المصدر ليوفر حلول معالجة اللغة الطبيعية القائمة على العربية، وفتح المجال للوصول إلى قدرات الذكاء الاصطناعي التوليدي للغة الأم لأكثر من 400 مليون من المتحدثين باللغة العربية على مستوى العالم.
ما هي “نماذج اللغات الكبيرة”؟
واستعرضت ورقة “انترريجونال” تعريف العديد من الشركات التقنية والأكاديميات العلمية لمفهوم “نماذج اللغات الكبيرة” المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي حيث ذكرت شركة “Shaip ” العالمية أن نماذج اللغات الكبيرة تعد بمثابة أنظمة ذكاء اصطناعي (AI) متقدمة مصممة لمعالجة وفهم وإنشاء نص يشبه الإنسان استناداً إلى تقنيات التعلم العميق المدربة على مجموعات بيانات ضخمة.
وبحسب موسوعة “ويكيبيديا” فإن النموذج اللغوي الكبير هو نوع من نماذج اللغة يتميز بقدرته على فهم وتوليد اللغة للأغراض العامة باستخدام كم هائل من المعطيات.
ووفقاً لشركة “أمازون ويب سيرفيسز (AWS” العالمية، تعرف نماذج اللغة الكبيرة بكونها نماذج تعليم عميق كبيرة جدًا مدرَّبة مسبقًا على كميات هائلة من البيانات قادرة على التدريب والتعلم الذاتي وتتوفر العديد من التطبيقات العملية لنماذج اللغات الكبيرة مثل: كتابة المحتوى باستثناء GPT-3 وChatGPT، فيما يمكن لنماذج: Claude وLlama 2 وCohere Command وJurassiccan كتابة محتوى أصلي، فيما يقترح نموذج AI21 Wordspice إجراء تغييرات على الجُمل الأصلية لتحسين الأسلوب والصياغة.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الذکاء الاصطناعی دولة الإمارات
إقرأ أيضاً:
حقوق النشر.. معركة مستعرة بين عمالقة الذكاء الاصطناعي والمبدعين
خلال عطلة نهاية الأسبوع الثانية من الشهر الماضي، أقال الرئيس دونالد ترامب مديرة مكتب حقوق النشر، وذلك بعد يوم واحد فقط من صدور تقرير للمكتب بعنوان: «حقوق النشر والذكاء الاصطناعي – الجزء الثالث: الذكاء الاصطناعي التوليدي».
فقد اعتبر هذا التقرير بمثابة إعلان حرب من قبل «أباطرة التقنية» الذين أنفقوا مبالغ طائلة لدعم وصول ترامب إلى السلطة، وجرى التشكيك في صلاحية استخدام مبدأ «الاستخدام العادل»، وهو السند القانوني الذي تستخدمه شركات مثل «أوبن إيه آي» و«ميتا» وغيرهما لتبرير حقها غير المقيد في «جمع» البيانات من الإنترنت لأغراض تدريب نماذجها. وتصدرت قضية حماية حقوق النشر واجهة التحديات الكبرى التي فرضتها الطفرة السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتتحول إلى ساحة صراع محتدم داخل أروقة البرلمان البريطاني، في أعقاب مشاورات حكومية موسعة. ويتركز الخلاف بشكل خاص بين الحكومة التي تهيمن على مجلس العموم، ومجلس اللوردات الذي يتبنى موقفاً مغايراً.
وفي هذا السياق، وجهت البارونة بيبان كيدرون، التي تتزعم حملة الدفاع عن أصحاب حقوق النشر، انتقادات لاذعة للموقف الحكومي قائلة: «تفضل الحكومة التنازل عن حقوق ملكية من اكتسبوها بجهدهم مقابل وعود فضفاضة بالنمو الاقتصادي للأمة، غير أنها تعجز عن تحديد المستفيدين من هذا النمو المزعوم أو حجمه الفعلي. والأمر الوحيد المؤكد لدى جميع الأطراف – الحكومة والمعارضة وشركات الذكاء الاصطناعي، بل وحتى أصحاب الحقوق أنفسهم – هو أن الصناعات الإبداعية لن تكون ضمن المستفيدين من هذه المعادلة».
وعليه، إذا رغبت شركات التكنولوجيا في استثمار إبداعات الآخرين، فيتعين عليها دفع المقابل العادل، وهذا ما يفسر اعتراف الدول المتقدمة بحقوق النشر وتبنيها آليات لحمايتها. وتطرح الملكية الفكرية بشكل عام وحقوق النشر على وجه الخصوص إشكاليات معقدة، يأتي في مقدمتها مسألة المدة الزمنية المناسبة لهذه الحماية، فبموجب القانون البريطاني تتمتع المصنفات الإبداعية من كتب وموسيقى وأفلام بحماية تمتد لـ 70 عاماً بعد وفاة مبدعيها، وهي فترة وإن بدت اعتباطية، إلا أنها تمثل إطاراً قانونياً ملزماً لا جدال فيه.
وتبرز إشكالية أخرى تتعلق بآليات إنفاذ هذه الحقوق، حيث تؤكد البارونة كيدرون أن من حق المبدعين معرفة متى يتم استخدام ممتلكاتهم الفكرية، خصوصاً أن عمليات انتهاك حقوق النشر باتت تتم اليوم بصورة مجهولة الهوية، مما يحول دون قدرة أصحاب الحقوق على حمايتها. وبذلك يغدو محور القضية الرئيسية هو الشفافية.
وتدعي حكومة كير ستارمر انفتاحها على مختلف الخيارات، بل إنها لم تستبعد خيار «انهب ما تشاء». ويمكن تفسير هذا الموقف باعتبارات عدة، منها تجنب إثارة غضب الإدارة الأمريكية – الحليف المشكوك في ولائه أصلاً – بفرض متطلبات الشفافية، نظراً لهيمنة شركات التكنولوجيا على القرار السياسي هناك، أو ربما اعتقاداً بأن العوائد الاقتصادية من مغازلة صناعة الذكاء الاصطناعي ستفوق الأضرار التي ستلحق بالصناعات الإبداعية المحلية، أو حتى تشككاً في إمكانية تطبيق متطلبات الشفافية على أرض الواقع.
ورغم وجاهة هذه التبريرات، إلا أن هناك اعتبارات موازية لا يمكن تجاهلها، فوفقاً لتقديرات الحكومة نفسها، «ساهمت الصناعات الإبداعية بنحو 126 مليار جنيه استرليني كقيمة مضافة للاقتصاد (أي ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي) ووفرت 2.4 مليون فرصة عمل في عام 2022». ومن غير المعلوم حتى الآن ما إذا كانت القيمة المضافة لصناعة الذكاء الاصطناعي ستصل يوماً إلى هذا الحجم في المملكة المتحدة.
يضاف إلى ذلك أن الصناعات الإبداعية تمثل جوهر التميز البريطاني، بل وذروة الإنجاز الإنساني، مما يجعل فكرة التنازل عن مخرجاتها مجاناً أمراً مستهجناً ومرفوضاً. وقد تجاوزنا حتماً مرحلة منح هذه الصناعة «حسن الظن»، فشعارها المعلن «تحرك بسرعة وحطم القواعد» تمت ترجمته حرفياً على أرض الواقع، حيث دمرت بالفعل الكثير، بما في ذلك، على الأرجح، الصحة النفسية لكثير من الشباب، ناهيك عما اختبرته شخصياً عندما استخدمت تقنية «التزييف العميق» لاستنساخ هويتي، مما أدى إلى فقدان السيطرة على انتشار عمليات الاحتيال المالي.
ومن المفارقات التاريخية المثيرة أن الولايات المتحدة نفسها لم تعترف بحقوق النشر الدولية في تشريعاتها المحلية طوال معظم فترات القرن التاسع عشر، الأمر الذي دفع الكاتب البريطاني الشهير أنتوني ترولوب للاحتجاج بشدة على سرقة حقوق نشر مؤلفاته، حيث كتب قائلاً: «يدعون بلا خجل أو مواربة بأنهم يستمتعون بالاستيلاء على ممتلكات الآخرين، وأنهم سيواصلون فعل ذلك طالما يمكنهم الإفلات من العقاب، غير أن هذه الحجة، وفقاً لتقديري، لا تصدر عن عامة الناس، بل عن وحوش، وعن أولئك السياسيين الذين نجحت هذه الوحوش في ربطهم بمصالحها التجارية». وقد تغيرت طبيعة هذه الوحوش اليوم، لكن الدافع ظل هو ذاته.
وتصر البارونة كيدرون على وجود فرصة حقيقية لبناء علاقة صحية ومثمرة بين عمالقة التكنولوجيا والصناعات الإبداعية، لكنها تستدرك قائلة: «هذا الزواج القسري، بشروط تشبه العبودية، ليس هو الإطار المنشود لتلك العلاقة» – وهو رأي أتفق معه تماماً.
صحيفة البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب