الحوكمة بين الواقع .. والمأمول
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
يؤسفني القول بأن الواقع لا يعكس المأمول من الحوكمة على الرغم من مضي ما يقارب خمس سنوات على انطلاق رؤية عمان 2040 وما يزيد على عشرون سنة من تبني سلطنة عمان مبادئ وقواعد حوكمة الشركات المساهمة العامة.
إن المأمول من الحوكمة تجسد في الرؤية المستقبلية لسلطنة عمان التي أرسى قواعدها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ والتي تعد بمثابة خارطة الطريق لتحقيق مزيد من التطور والإنجازات والتقدم لتضعنا في مصاف الدول المتقدمة.
وكنا ننتظر من المسؤولين وصناع القرار ورجال الأعمال مواكبة هذا النهج السامي، وأن يكونوا على نفس القدر من الإحساس بالمسؤولية والوعي بمتطلبات المرحلة، والامتثال لتوجيهات ورؤية القائد، بالإسراع في تطبيق الحوكمة والالتزام بمبادئها، ومراعاة القواعد والأحكام التي تفرضها، خصوصا فيما يتعلق بالحد من تضارب المصالح وتعظيم المصلحة العامة على الشخصية.
إلا أن الواقع عكْس ذلك، فهناك بطء الشديد في تبني سياسات الحوكمة لدى الكثير من مؤسسات الدولة ومؤسسات القطاع الخاص، الأمر الذي انعكس على أرض الواقع، بإهدار مبدأ تكافؤ الفرص وغياب الشفافية. وربما يعود السبب لكونها ليست من أولوياتها لضعف الوعي لديها بأهمية الحوكمة وفوائدها، وربما ينظر لها البعض على أنها مجرد شعارات أو منهاج أو فلسفة يرددها دون الحاجة الفعلية لتطبيقها، وربما يراها البعض الآخر بأنها تتقاطع مع مصالحهم الشخصية وتعيق أجندتهم الخاصة ولا داعي لها. ومما ساعد على ذلك كله غياب الرقابة الفاعلة والمساءلة والمحاسبة الرادعة.
تعد الحوكمة أحد الأدوات الرئيسة التي مكنت الكثير من الدول لتتبوأ الآن مكانة متقدمة بين اقتصادات الدول المتقدمة، وقد أجمع السياسيون والاقتصاديون ومتخذي القرار وقادة هذه الدول على أنه لا يمكن أن تبقى الحوكمة مجرد فلسفة متداولة ومتغنى بها، بل لا بدّ من أخذ خطوات صارمة وجريئة من أجل تحقيق النتائج والأهداف المرجوة منها.. ولن يتحقق ذلك إن لم يتحلَ كل واحد منا بالمسئولية تجاه الوطن وقائده وأن يعظم مصلحة الوطن على مصلحته الشخصية، ولذلك أنشأت هذه الدول مراكز ومعاهد وهيئات تتبع أعلى سلطة لديها ومعززة بخبراء وكوادر مؤهلة تعنى بغرس مبادئ وقيم الحوكمة وتتمتع بصلاحيات واسعة وباستقلالية وحيادية تامة.
لقد كانت سلطنة عمان من أوائل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تبنت حوكمة الشركات من خلال إصدار ميثاق تنظيم وإدارة الشركات المساهمة العامة عام 2002 كأحد الأدوات الرئيسة التي ساهمت في عملية الإصلاح والتطوير لقطاع سوق المال آنذاك، وقد أتت بثمارها على الشركات والمستثمرين، وجاء تأسيس مركز عمان للحوكمة والاستدامة عام 2015م كمبادرة من الهيئة العامة لسوق المال (سابقا) لنشر الوعي لدى باقي الشركات التي لا تخضع لرقابة الهيئة، وساهمت هذه الخطوة في زيادة جرعة الوعي لدى الشركات. إلا أنه، وللأسف الشديد، لم تتقدم مكانة سلطنة عمان في مؤشر الحوكمة العالمي بالقدر الذي يجب؛ وبالتالي لابدّ من تضافر الجهود والعمل على تصحيح المسار ومن أهم هذه الخطوات توسيع اختصاصات وصلاحيات مركز عُمان للحوكمة والاستدامة ليشمل وحدات الجهاز الإداري للدولة وجميع القطاعات الأخرى وليكون الجهة المرجعية المعتمدة ويتمتع بالاستقلالية التامة يفصله عن تبعية الهيئة، وأن يتم تمكينه بالموارد المالية والبشرية.
يجب علينا جميعا حكومة وشعبا المضي قدما خلف القيادة الرشيدة لجلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ورعاه ـ ومؤازرته في مسيرة البناء والتنمية، كما علينا التحلي بالإيجابية والمشاورة على مواطن الخلل ورفع راية الخطر في وجه التصرفات السلبية المضرة بالوطن والمواطن، والتنبيه لخطورة تجاهل الحوكمة، وضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وصارمة تجاه المقصرين في تطبيقها، من أجل خير عمان ورخاء شعبها، ومن أجل مستقبل مشرق لأجيالها القادمة.
• حامد بن سلطان السمار البوسعيدي
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
???? الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات
والعاقبة عندكم في المسيرات
في اغنية للفنان صلاح مصطفي ما يحكي حالنا اليوم إذ جاء (كنا في غمرة هنانا وفي دروب الريد مشينا /فجأة اتبدل مصيرنا وجارت الايام علينا) كل الذين رحلوا عن الدنيا في السودان قبل ١٥ /بريل ٢٠٢٣ لو قدر لأحدهم أن ينهض من قبره ورأى ما نحن فيه اليوم فلن يصدق ما يراه.. فقد كنا مثل بقية خلق الله نعيش حياتنا بالطول والعرض وننسرب منها بكل هدؤ واحدا تلو الآخر ليحل محلنا من يأتي بعدنا… نعم كنا نشاهد الكوارث والموت بالجملة في بعض أنحاء العالم لابل وفي بعض أطرافنا ولكن في معظمنا ما كنا نوقن أن هنا موتا مجانيا غير موت الله والرسول العادي نعم كنا نعلم أن هناك (ميتة وخراب ديار) ولكن ما كنا نظن انها ستقع علينا وما كنا نظن أن هناك نهبا وسلبا وسحلا واغتصابا قبل خروج الروح.. ما كنا نظن أن من سلم من تلك النسخة من الموت المجاني سوف تأتي المسيرات وتنقض على مصادر الحياة لنموت موتا بطيئا… في ظني أن الذين حكموا على السودان بالإعدام قد ندموا على نسختهم الأولى لأنها أكثر كلفة فنسخة المسيرات أقل تكلفة أكثر تسلية
إذن الجهة التي سيقع عليها الدور بعد السودان سوف تبدأ الحرب فيها بالمسيرات ولن تحتاج أن تبدأ بالتحشيد والسلب والنهب والاغتصاب.. تطلق المسيرة وانت جالس في مكتب مكيف وأمامك كاسك وربما إلى جانبك صديقتك فما أجملها من حرب.. فأنتم في كل المنطقة وفي كل الإقليم يامن تعيشون الان في غمرة هناكم وتمشون في دروب الريد كما نحن قبل ١٥ أبريل ٢٠٢٣ ولا تدرون كما كنا (بما كان الزمن ضامر)
لن تضعوا مضادات أرضية امام العمارات السوامق ولا مضادات أمام مصادر الطاقة سوف تنهال عليكم المسيرات من جهات ليس في حسبانكم الان… فاي جهة مهما كانت حقيرة لها نوايا شريرة وحقد أعمى وتمتلك مالا في أي صقع من أصقاع الدنيا يمكن أن تمتلك مسيرات لأن التقانة اليوم على قفا من يشيل.. لقد انتهى احتكار التقانة تماما . بعبارة أوضح امتلاك المسيرات لايحتاج إلى دول ولا يحتاج إلى مؤسسات.. والطرف الثالث في أي حرب دوما موجود وقد لايحتاج إطلاق المسيرات إلى حرب…. يقول علم النقائض كل شي في الدنيا يحمل بذور فنائه في داخله فلا توجد قوة مطلقة
لا يوجد إنسان سوي في الدنيا يعجبه الخراب فالعمران والحياة الرغدة والرفاهية تتمناها لنفسك ولغيرك ولكن يا أهل الإقليم كل الإقليم لا بل العالم وكل مدن الدنيا التي (تنوم وتصحى على مخدات الطرب) ما حدث للسودان قد مهد الطريق لحزب الخراب لكي يستفحل ويبطش بالجميع ويا عقلاء الإقليم كل الإقليم إذا لم تتحركوا الان نعم الان فقط سوف تقولون أكلنا يوم اكل الثور الكحيان.. الله يشهد اننا لانحسدكم ولن نتمنى زوال نعمتكم ونعلم انكم لن تسمعوا صوتنا الخافت ولكنها كلمة حاكت في صدرنا فاخرجناها…
كسرة؛…
اغنية صلاح مصطفى المشار إليها في بداية المقال يقول مطلعها (مرة صابر فوق ازايا مرة شائل جرحي وابكي /يا حبيبي الدنيا حالها يوم تفرح ويوم تبكي ..) ولولا اني قادي تقانة لا انزلتها هنا فاسمعوها بصوت صلاح نفسه وليس بصوت نادر خضر فنادر صاحب صوت نادر وقد أجاد أداء كل أغنيات صلاح مصطفى الا هذة
عبد اللطيف البوني