شـواطئ.. روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟ (9)
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يتابع عالم السياسة الشهير ألكسندر جليبوفيتش رار فى كتاب (روسيا والغرب.. لمن الغلبة؟) والذى نقله إلى العربية محمد نصر الدين الجبالى بقوله: فما السبب فى حالة الفتور فى العلاقة بين روسيا وألمانيا؟ يعتقد المسئولون فى روسيا أن السبب هو واشنطن. إلا أنه لا ينبغى المبالغة فى تصوير قدرات واشنطن.
صحيح أن أمريكا تسعى إلى التأثير على إستراتيجية ألمانيا من خلال مراكز التحليل وصناعة القرار، وصحيح أن أمريكا تسعى إلى عدم السماح بظهور تحالف روسى أوروبى نظرًا لأن مصلحة واشنطن تظل فى بقاء وجودها فى أوروبا وعدم السماح بوجود منافس روسى فى هذه المنطقة، ووجود مصالح جيوسياسية حيوية لواشنطن فى هذه المنطقة.
إن عدم الفهم المتبادل هو ما يباعد بين أوروبا وروسيا ويرجع السبب فيه إلى الصراعات على خلفية القيم والتباين الثقافى الحاد. وتشهد روسيا عودة إلى الثقافة المسيحية المفقودة حيث عاد الناس إلى التردد على الكنائس والايمان بوجود الله والاهتمام بمؤسسة الأسرة وحب الوطن والتقاليد الوطنية. بينما فى أوروبا يعلى الناس من قيم الحرية والدفاع عن حقوق الإنسان وتحقيق الذات. وتشهد البلدان الأوروبية المتقدمة صدور قوانين تدعم حقوق الأقليات بما فيها الحقوق الجنسية. فى حين ترى روسيا أنه لا جدوى من إصدار مثل هذه القوانين، وأن السبب يرجع ليس إلى انتشار الرجعية أو كراهية المثليين فى روسيا لأن روسيا الآن أصبحت دولة مسيحية جديدة لا يمكنها القفز مباشرة إلى مرحلة ما بعد الحداثة. فبعد 85 عامًا من الشيوعية يحتاج الناس إلى إستعادة وترسيخ القيم التقليدية المنسية.
وقد أدت التناقضات الدينية العميقة إلى إثارة خلافات حادة سياسية بين البلدين. فالمواطن الألمانى المعاصر يعتقد أن الحدود لم تعد تلعب فى عالمنا اليوم أى دور وأن العالم يسير فى اتجاه التحالفات انطلاقا من القيم الجامعة.
ويدور حديث حول الصدام بين نظريتين للنظام العالمى المستقبلى، حيث يدافع الغرب عن عالم أحادى القطبية فى حين تناضل روسيا من أجل عالم متعدد الأقطاب. ويرى الأوروبيون أن البشرية يجب أن تتقاسم القيم المشتركة فى حين يدعو الروس إلى فكرة التنوع الثقافى والقيمى. وفى سبيل سعيه إلى إيقاف إراقة الدماء وحماية المدنيين يبرر الغرب تدخله فى شئون الدول الأخرى بما فى ذلك التدخل العسكرى. أما روسيا فتدافع عن سيادة الدول. ويرى الأوروبيون أن الفلسفة التقليدية للعلاقات الدولية قد عفا عليها الزمن فى حين يدعو الروس إلى الاسترشاد والاهتداء بقواعد القانون الدولى الحالى والسائد منذ أمد طويل. والغرب لا يرفض تحويل مجموعة الثمانى الكبار إلى حكومة العالم، أما روسيا فترى أن مجموعة العشرين ومجموعة البريكس يجب أن يكونا هما المنوطين بحل قضايا النظام العالمى.
ورغم ذلك لا يجب أن تتحول روسيا فى أوروبا إلى مجرد صبى صغير يعاقب طوال الوقت ولا يجب تحويل الانتقادات الروسية إلى دوجمات. ويجب أن نعى أنه ونظرا للأحداث التاريخية سيكون من الصعب على روسيا الانصهار فى الحضارة الأوروبية المعاصرة بعد أن انتهجت مسارا آخر تماما فى التطوير على مدى القرن الماضى بأكمله.
مازال الألمان يشعرون أنهم يعيشون فى أوروبا التى بناها الآباء بعد الحرب العالمية الثانية، أما روسيا فقد خسرت الحرب الباردة. لقد فاز نظامهم، أما النظام الروسى فقد خسر الحرب الباردة ولم يعودوا فى حاجة إليه. ما زال الألمان يعيشون نشوة النصر وإعلاء القيم الليبرالية والديمقراطيات الغربية والتى يتوجب ليس فقط حمايتها والدفاع عنها بل وتصديرها إلى الآخرين بكل الوسائل بما فيها القوة وغرسها فى الدول الأخرى والثقافات الغربية. وقد دعا الاتحاد السوفيتى قبل 90 عاما إلى انتهاج نفس الفكرة وفرض أفكاره ومبادئه "السعيدة" على العالم.
تعيش أوروبا عصر ما بعد المسيحية، أما روسيا فتراهن حاليا على مشاعر الوطنية والتقليدية والفكرة القومية. وتسود التشريعيات الليبرالية فى أوروبا وتسارع الدول الأوروبية واحدة تلو الأخرى إلى إصدار القوانين التى تكافح التمييز ضد الأقليات الجنسية، وهى قوانين رفضتها أوروبا طوال عقود. أما روسيا فتعيش حالة من الابتعاد عن الغرب والسير فى طريقها الخاص. ولذا يمكن القول إن الغرب وروسيا يعيشان فى عصرين مختلفين. وربما تتخلف روسيا عن التطور ما بعد الحداثة الذى تعيشه أوروبا الغربية الآن بمسافة 30-40 عاما. وربما ستسعى روسيا دائما إلى التحرك وفق رؤيتها المحافظة للتطور. ويجب أن نضع فى اعتبارنا أن ألمانيا ظلت لعقود ومنذ عام 1945 تتحرك قدما صوب الليبرالية والمجتمع المدنى. استغرق الأمر 60 عاما. أما اليوم فالغرب غير صبور ويتصرف بشكل لا يطاق مع التطورات فى روسيا.
ولكن لِمَ نقحم القيم فى حديثنا هذا؟ ألا نهدر الكثير من الوقت على حديث تافه؟ ما كان الاقتصاد هو المحدد للعلاقات بين الدول. وفى هذا الصدد قامت روسيا الاتحادية بخطوة كبيرة للأمام، فقد أصبحت واحدة من الدول التى نجت سريعا من الأزمة وهو ما أثار دهشتة الجميع. وأثبتت روسيا قدرتها على اتخاذ قرارات سليمة فى الأزمات.
وللحديث بقية
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شواطئ روسيا والغرب لمن الغلبة أوروبا فى أوروبا أما روسیا فى حین یجب أن
إقرأ أيضاً:
كنوز القيم
منى بنت حمد البلوشية
وُلِدَ بعد مخاضٍ وألمٍ طويلين، وصرخاتٍ كثيرة وكل من حوله يضحكون، هكذا هو حال كل مولود يُولد، رغم ذلك تعرَّض لعدة مراحل من حالات كادت أن تودي به إلى الاستسلام، لم يكن سهلًا أن يأتي ويخرج للعالم، غير أنَّه أبى إلّا أن يكون جزءًا لا يتجزأ وأن يكون له أثر بين العالمين، وألّا يكون حبيس الورق بعد كل محاولات الإحباط التي مرّ بها، فكان في كل مرة يتعرَّض لها بالإخفاق يجد نفسه أكثر إصرارًا وتحدياً مع ذاته التي أبت ألا تستلم، وأن يكون له شروق كشروق الشمس التي تنسدل على الأرض، إنِّه كتاب تربوي أطلقتُ عليه "كنوز القيم" فكل مولود لا بُد له من اسم يتميَّز به.
"كنوز القيم" كتاب تربوي صدر وأشرقت شمسُه بداية عام 2025، وهو أول إصدار لي، رغم وجود عدة كتابات، إلّا أنني وجدتُ أن يكون هذا الإصدار باكورة إصدارات قادمة بإذن الله تعالى، ليكون له بصمة لكل من يقتنيه وبحب، فأعتبرُه إصدارًا وكنزًا لا بُد له أن يكون بين أورقة كل بيت وأسرة وتربوي وبين رفوف المكتبات التي يُلجأ إليها في كل حين، لما يحمل بين طياته الكثير من الكنوز الإسلامية والأخلاقية المهمة لتربية جيل واعٍ ومتزن وسط هذه المعمعة من التغيرات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي ومواكبة التغيرات التي لا بُد منها إلا أنه ليس علينا إلا أن نغرس القيم في ذات أبنائنا في وقتنا الحاضر مهما واجهتنا التحديات.
إصداري "كنوز القيم" أعتبرُه كنزًا لكل تربوي؛ حيث كان له نصيب من دعوات والدّي- حفظهما الله- بعد توفيق من الله تعالى حتى يكون الآن بين الأيدي، وأن يمر بعدة محكمين تربويين ومُدققين لغويين، وكان له شرف أن يكون للمكرم الدكتور صالح الفهدي رئيس مركز قيم وعضو مجلس الدولة رأي فيه وكتابته لمقدمة له، التي تلفت انتباه كل من يقتنيه، ولا أنسى أيضاً كان له نصيب أن تخط أحرف الإهداء ومشاركتها معي الدكتورة بدرية الشحية نائب مجلس الدولة سابقًا كلمات بحب يليق به، فكل كلمة لها الأثر الذي سيظل عالقًا في الأذهان فلم يبخل به أحد حين أطلب منه المشورة والمشاركة معي.
كنوز القيم قيّم بما يحتويه من محتوى وتصميم من وكالة حرف بالمملكة العربية السعودية، التي كان لها نصيب في تصميمه وإخراجه بصورة تلفت الانتباه وسؤال كل من اقتناه أين تمَّ تصميمه حتى يكون بهذا المظهر، ولم يبق هكذا حتى يكمل مسيرته بعد أن أخذ الموافقة عليه من قِبل وزارة الإعلام هنا كانت الفرحة الكبرى ولله الحمد حتى وصل للنهاية المنتظرة والطباعة والإصدار من بذور التميز التي تميزت بإصداره.
حملتُ "كنوز القيم" بعدها بين يدي احتضنته كاحتضان الأم لمولودها، اللحظة تلك نسيت بها كل عناء مررتُ به وكل لحظة كدتُ استسلم بها، إلا أنني أكملتها بيوم حفل التدشين والتوقيع عليه في معرض مسقط الدولي للكتاب كان يومًا استثنائيًا ليس كأي يوم، عندما أعلنتُ التدشين والتوقيع انهالت المباركات من جديد، ونال من نال التوقيع له وحملوه بين أيديهم، كانت تلك الليلة وكأنها عرس وزفاف لإصداري " كنوز القيم" عندما كان يُصرّح من قبل المنظمين والآن يتم التوقيع وبصوت عالٍ للكاتبة ولإصدارها كنوز القيم هنا ازدادت الفرحة أكثر، كيف لا وهي من اللحظات المنتظرة التي انتظرتها سنوات من عمري، بعد أن كنتُ أتردد كل عام على معرض مسقط الدولي للكتاب لاقتناء الكتب التي أخطط لشرائها إلا أن إصداري كان الهدف الأسمى لي هذا العام في المعرض وكانت له مبيعاته المتصدرة والثناء عليه فهذا هو من فضل الله عليّ.
أكتبُ مقالتي هذه للتعريف بإصداري الذي لا بُد لي أن أكتبُ عنه أكثر وأكثر وأُعرِّفُ به المُجتمع، حتى يتمكن من التوسع ويكون له الأثر الذي أطمح أن يكون له.
فما زال "كنوز القيم" يخطو خطواته وأصبح له اسمه بين الإصدارات الأخرى.