فنانة تترك دولتها العظمى للاستقرار والإبداع في مصر
تاريخ النشر: 19th, November 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قد يبدو للوهلة الأولى أن حلم العيش في دول كبرى ومتقدمة هو الغاية التي يسعى إليها الكثيرون، لكن الواقع أحيانًا يعكس العكس. هناك شخصيات فنية وأدبية تختار ترك تلك الدول التي توفر كل مظاهر التقدم والتكنولوجيا والاستقرار، وتفضل مصر وجهة للاستقرار والعمل والإبداع. ما الذي يدفعهم لاتخاذ هذا القرار؟ قد يكون السبب تاريخ مصر العريق، حضارتها العظيمة، ثقافتها الغنية، وروحها التي لا تشبه أي مكان آخر، وهذا هو الحال مع الفنانة التشكيلية النرويجية كاترينا فريبالوفيتش، التي تركت بلدها النرويج، إحدى أكثر دول العالم تطورًا، لتستقر في مدينة الأقصر بصعيد مصر وتحقق حلمها الفني هناك.
قصة كاترينا فريبالوفيتش ليست مجرد حكاية فنانة تركت وطنها، بل هي شهادة على قدرة مصر على استقطاب المبدعين من كل أنحاء العالم، بفضل ما تمتلكه من تاريخ عظيم وثقافة غنية وبيئة تحتضن الإبداع. إنها رسالة تؤكد أن مصر ليست فقط وجهة سياحية، بل أرضًا للفرص والإلهام لكل من يبحث عن الإبداع والحياة.
بدأت قصة كاترينا مع مصر حين زارتها لأول مرة كسائحة مع زوجها وابنها، حيث انبهرت بجمال معالمها الأثرية، وروعة الحضارة المصرية القديمة. لم تكن تلك الرحلة مجرد زيارة سياحية عادية، بل كانت بداية لتغير كبير في حياتها، وتقول كاترينا: “وقعت في حب مصر، بتاريخها، وحضارتها، وثقافتها. شعرت وكأنها المكان الذي أنتمي إليه”. بعد العودة إلى النرويج، قررت كاترينا وزوجها العودة إلى مصر مجددًا، لكن هذه المرة ليست كسائحين، بل كعائلة اختارت أن تبدأ حياة جديدة في هذا البلد الفريد.
استقرت كاترينا في مدينة الأقصر، تلك المدينة التي كانت تُعرف قديمًا باسم “طيبة”، عاصمة مصر القديمة وموطن ملوك وملكات الفراعنة. تأثرت كاترينا بجمال المدينة وسحرها، واختارت الإقامة بالقرب من معابد الكرنك وهابو، حيث وجدت في تلك الأماكن مصدر إلهام لا ينضب، وتأثرت بمشاهداتها داخل المعابد، والأساطير الفرعونية التي قرأت عنها، مثل أساطير الخلق وما يتعلق بالإلهة سخمت والإله بتاح. كل تلك التفاصيل أصبحت جزءًا أساسيًا من أعمالها الفنية.
قدمت كاترينا مجموعتها الفنية “الكائنات الأبدية” في معرض بمدينة الأقصر، مستوحية لوحاتها من أساطير مصر القديمة. جمعت بين سحر وغموض الحضارة الفرعونية ورؤية فنية معاصرة، لتحيي تلك الأساطير بروح جديدة. تقول كاترينا: “أحلم بخلق فن جديد يربط بين الماضي والحاضر، ويعبر عن عظمة الحضارة المصرية القديمة بروح معاصرة”. لا تكتفي كاترينا برسم الماضي، بل تسعى إلى فهم أعمق لما وراء تلك المعابد والطقوس والنصوص، وهو ما جعل لوحاتها تحمل أبعادًا فلسفية وفنية متميزة.
على الرغم من اهتمامها بالماضي، فإن كاترينا تولي اهتمامًا كبيرًا بالفن المصري المعاصر. عبّرت عن سعادتها بما شاهدته من أعمال الفنانين التشكيليين المصريين، سواء في تصوير مظاهر الحياة الشعبية أو ما يعرف بـ”الفنانين الفطريين”، الذين يقيمون قرب معابد ومقابر الفراعنة ويستلهمون أعمالهم من البيئة المحيطة. ترى كاترينا أن مصر تشهد طفرة تشكيلية، وأن روح الفن المصري تلمس القلوب بطريقة خاصة.
وُلدت كاترينا في أوسلو، وعاشت في مدن كبرى مثل نيويورك، حيث عملت على دمج الفنون الجميلة بالفنون الزخرفية والأزياء، لكنها لم تجد ذاتها إلا عندما استقرت في مصر، حيث قررت الإقامة الدائمة قرب معابد الأقصر قبل أربع سنوات، وخلال مسيرتها الفنية الممتدة لعقود، أقامت كاترينا ما يقارب 50 معرضًا فنيًا حول العالم، لكن معارضها في مصر تحمل دائمًا طابعًا خاصًا، لأنها مستوحاة من بيئة فريدة تمثل بالنسبة لها مصدرًا دائمًا للإلهام.
تؤمن كاترينا بأن مصر ليست مجرد مكان للإقامة، بل هي بلد يمنح الكثير لمن يعيش فيه، وتقول: “مصر لا تُعطي فقط الإلهام، بل تعطيك شعورًا بالانتماء والدفء الذي لا تجده في أي مكان آخر”، وتؤكد انها وزوجها وابنها يشعرون بأنهم جزء من هذا المجتمع، وأنهم وجدوا في مصر بيتهم الثاني الذي يتيح لهم الإبداع والتميز.
IMG_2474 IMG_2476 IMG_2472 IMG_2473المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: قصص نجاح قصص نجاح ملهمة سيدات من ذهب فی مصر
إقرأ أيضاً:
الإرث الروحي لمدينة قونيا: من تشاتال هويوك القديمة إلى طقوس دوران دراويش المولوية
في هذه الحلقة من برنامج Explore Türkiye نسافر إلى قونية كي نستكشف طيّات تاريخها الغني والهندسة المعمارية السلجوقية والعمق الروحي لطقس سما لدى دراويش المولوية. اعلان
تُعدّ قونيا المدينة الغنية بالتاريخ والروحانية جسرًا يربط بين الماضي القديم لتركيا والتقاليد الصوفية. تقع مدينة تشاتال هويوك على سهول الأناضول، وهي إحدى أقدم المستوطنات الحضرية في العالم وتتميز بمجتمعها المتساوي ونظمها العقائدية المعقّدة.
ازدهرت المدينة في وقت لاحق تحت حكم السلاجقة الذين ساهم إرثهم المعماري، مثل مسجد علاء الدين، في رسم معالم التصاميم العثمانية، وتتمحور هوية قونية حول طريقة الصوفية المولوية التي كان مصدر إلهامها الشاعر جلال الدين الرومي في القرن الثالث عشر. يُجسّد الطقس الصوفي الساحر المعروف باسم سما سموّ الروح وارتقاءها، وهو من بين الطقوس التي تعترف بها اليونسكو.
تمزج قونية اليوم بين التراث الأثري والابتكار الفني والروحانية النابضة، مما يجعلها وجهة ثقافية جذابة وفريدة من نوعها.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالتقاليدتركياتاريخسفرابحث مفاتيح اليوم