عربي21:
2025-05-24@01:09:15 GMT

تعقيب على اشتباكات طرابلس الأخيرة

تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT

كما هو معلوم لكثيرين فإن الصدام المسلح الذي وقع بين اللواء 444 وجهاز الردع في ضوحي العاصمة الليبية طرابلس لم يكن مستبعدا، فقط لم يكن توقيته معلوما، لكن إرهاصاته سبقت، وكانت اشتباكات شهر نيسان / أبريل، والتدافع حول قضايا تتعلق بوزن وحضور كل منهما في العاصمة وضواحيها، مؤشرا على أن الحالة بينهما هي الخلاف القابل للاشتعال، وهذا ما وقع خلال الأيام الماضية.



وعن دوافع ومسببات النزاع الذي قاد إلى الأحداث الأخيرة، فإن العامل الخارجي في رأيي مرجوح وليس راجح، فالأقرب أن النزاع محلي ويتعلق بتطور العلاقة بين الـ 444 والردع، والتي هي علاقة بالأساس وطيدة كون الأول إبنا للثاني، إلا أنه ومع الأيام وتغير الظروف والأحوال ودخول عوامل أخرى على الخط استقل اللواء الذي كان كتيبة تابعة للردع، ونما بشكل سريع وصار له وزنه الكبير في المعادلة العسكرية والأمنية في العاصمة وضواحيها، فيما ظل الردع ينظر إليه كجزء من قوته فنشأ الخلاف وتحول إلى نزاع أو صراع.

وعن إدارة هذه الأزمة الجديدة المتجددة، ظهر أن السلطة التنفيذية المعنية بإدارة الملف العسكري والأمني كانت غائبة عن التطورات المتعلقة بالقوى النافذة في العاصمة وضواحيها، والمفترض أنها مدركة لاتجاه العلاقة بينها وأن هناك مؤشرات على قرب تفجر الوضع.

خلال الخمس سنوات الماضية شهدت الساحة العسكرية والأمنية في العاصمة تحولات جذرية نتيجتها كانت تعاظم قوة ونفوذ عدد محدود من التكتلات العسكرية والأمنية وضعف وتراجع الأخرى الأقل قوة ونفوذا. فقد تلاشت مجموعات مسلحة وخرجت أخرى من العاصمة بعد أحداث العام 2018م، وجاءت خطة "باولو سيرا" لترتيب الوضع العسكري والأمني في العاصمة وفقا للتطورات الجديدة معتمدا على القوى الأكبر والأكثر حضورا.

أحداث آب / أغسطس 2022م مثلت منعطفا آخر غيَّر من خارطة النفوذ العسكري والأمني في طرابلس ليتقلص عدد المجموعات المسلحة والكتائب لصالح تعاظم وتوسع الأقوى منها وهي جهاز الردع وجهاز دعم الاستقرار واللواء 444 وبعض المكونات العسكرية والأمنية الأخرى.

إلى أن يتعدل الوضع السياسي بتوافق له وزنه أو انتخابات تفرز سلطة تنفيذية كاملة الشرعية، فإن هناك حاجة ملحة للتفاهم بين فرعي السلطة التنفيذية، وهما المجلس الرئاسي والحكومة، على ترتيبات تنزع فتيل التأزيم بين الفواعل العسكرية والأمنية، وتملأ الفراغ الذي يمثل نقاط التماس في النفوذ والتموقعولأن الفراغ السياسي في ازدياد وليس العكس، ولأن الأزمة السياسية مستفحلة وتفسح المجال للتدافع العسكري والأمني بل وتغذيه أحيانا، شهدنا جولة من الصراع وربما لن يمضي وقت طويل حتى نشهد جولات أخرى. وعندما يكون هناك ضعف في القيادة السياسية المنوط بها إدارة الملف العسكري والأمني، يصبح الوضع العسكري والأمني خارج سلطتها وتتحكم فيه محركات أخرى أهمها رؤية القوى العسكرية والأمنية لنفسها وثقلها ودورها بعيدا عن أي تدبير سلطوي وتخطيط علوي، بل وفي غيابهما تماما.

نجحت السلطة التنفيذية في "احتواء النزاع"، ونقصد أنها نجحت في إيقاف المواجهات واحتواء أثارها المباشرة، وعادة ما تنجح السلطات التنفيذية والروافد الاجتماعية في احتواء النزاعات التي تتفجر بين الفينة والأخرى، لكنها تخفق في المرحلة التي تلي في إدارة النزاعات وهي "تحويل النزاع"، وهي المرحلة التي تعنى بمعالجة جذور الأزمة والأسباب الرئيسية للنزاع.

صحيح أن جذور الأزمة والأسباب الرئيسية للنزاع تعود في جزء مهم منها إلى الوضع السياسي الهش والذي من مظاهره نقص شرعية السلطة التنفيذية، غير أنه أمام الأخيرة هامش إذا تحركت فيه بكفأة ستنجح في التقليل من مساحة الاحتكاك والنزاع.

وإلى أن يتعدل الوضع السياسي بتوافق له وزنه أو انتخابات تفرز سلطة تنفيذية كاملة الشرعية، فإن هناك حاجة ملحة للتفاهم بين فرعي السلطة التنفيذية، وهما المجلس الرئاسي والحكومة، على ترتيبات تنزع فتيل التأزيم بين الفواعل العسكرية والأمنية، وتملأ الفراغ الذي يمثل نقاط التماس في النفوذ والتموقع، وهذا ممكن وسيكون له أثره الإيجابي في تأمين العاصمة من أي حوادث مروعة وكارثية كالتي شهدتها خلال الأيام القليلة الماضية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه طرابلس رأيي المواجهات ليبيا طرابلس امن مواجهات رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العسکریة والأمنیة السلطة التنفیذیة العسکری والأمنی فی العاصمة

إقرأ أيضاً:

ماذا يجري في طرابلس الليبية وكيف تطورت الأحداث؟.. نخبرك ما نعرفه

دخلت ليبيا على مدار الأيام الماضية، في حالة من التوتر الأمني والحشد العسكري المتبادل بين الجماعات المسلحة المسيطرة على العاصمة طرابلس ومدن أخرى في غرب ليبيا، بسبب صراعات على النفوذ والسلطة والسيطرة على المؤسسات الحكومية.

من هي الأطراف التي فجرت الأحدث؟
وتسارعت الأحداث في العاصمة الليبية طرابلس والمناطق المحيطة بها، خلال الأيام الماضية بعد إطلاق حكومة الوحدة هناك عملية عسكرية لإنهاء الميليشيات الخارجة عن القانون لإعادة هيبة الدولة وردع المخالفين.

وأطلقت حكومة الدبيبة عملية عسكرية بين وزارة الداخلية ووزارة الدفاع للتخلص من "قوات الدعم والاستقرار" ورئيسها عبد الغني الككلي، الشهير بـ"غنيوة"، وبالفعل اندلعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة في عدة مناطق من مدينة طرابلس، في أعقاب تحركات عسكرية مفاجئة انطلقت من مدينة مصراتة باتجاه العاصمة.

وبعد ليلة دامية واشتباكات متواصلة نجحت قوات الحكومة في تصفية "الككلي" والسيطرة على مقرات قواته واعتقالهم، وأعلن رئيس الحكومة رسميا انتهاء العملية وعودة دولة القانون وقامت وزارتي الداخلية والدفاع بالانتشار في العاصمة وتأمينها وفتح السجون التي كان يشرف عليها غنيوة وميليشياته.


كيف تفجرت الأحداث؟
قال مصدر في تصريح خاص لـ"عربي21"، إن الاشتباكات المسلحة في طرابلس، اندلعت على إثر اقتحام عناصر تابعة لجهاز دعم الاستقرار، في الخامس من الشهر الجاري، مقر شركة الاتصالات القابضة بمنطقة النوفليين في طرابلس.

وشدد على أن تلك العناصر أطلقت النار في مقر الشركة، واعتقلت مديرها، صلاح الناجح، ونائبه يوسف أبو زويدة، واقتادتهم إلى مقر الجهاز، ما تسبب في تفجر الخلاف بين "غنيوة" من جهة، وبين رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة، والقيادات العسكرية المحسوبة على مدينة مصراته من الجهة الأخرى.
ولفت المصدر إلى أن اقتحام شركة الاتصالات جاء عقب رفض مديرها توقيع عقود لشركات تتبع غنيوة الككلي، الأمر الذي أدى إلى تفاقم الخلاف، وتصاعد حدة التوتر.

كيف قُتل غنيوة الككلي؟
وعلى إثر ذلك، استُدعي "غنيوة" لاجتماع عاجل في الـ12 من الشهر الجاري داخل "معسكر التكبالي" من أجل احتواء المشكلة ومنع تطور الخلاف، حيث حضر بالفعل مع مرافقيه، فيما كان قد وصل من طرف الحكومة وزير الداخلية، عماد الطرابلسي، وقائد اللواء 444 محمود حمزة، ووكيل وزارة الدفاع، عبد السلام الزوبي، ومجموعة تمثل القوة المشتركة التي يرأسها عمر بوغدادة.

وخلال الاجتماع أكد المصدر أن النقاش احتد ووصل حد السب والشتم بين الطرفين، وإطلاق اتهامات بالتخوين، ما أدى إلى سحب الأسلحة من الطرفين وتبادل إطلاق النار.

وأسفر الاشتباك عن مقتل غنيوة الككلي وعدد من حراسه، إضافة إلى عنصر من لواء 444، وآخر من عناصر القوة المشتركة.


ما علاقة قوات الردع في الأحداث؟
وعلى إثر هذا التطور، قال مصدر لـ "عربي"21، إن قوات مدعومة من حكومة الدبيبة تقدمت إلى معسكرات تابعة لجهاز دعم الاستقرار في العاصمة طرابلس وسيطروا عليها، بعد أن انسحب قوات "غنيوة" منها دون مقاومة.

وكشف المصدر أن جزءا من قوات "غنيوه" انسحب باتجاه قاعدة معيتيقة الجوية وانضموا هناك إلى قوات الردع، التي يرأسها السلفي، عبد الرؤوف كارة، وجزء آخر توجه إلى مناطق ورشفانه والزاوية.
ولفت إلى أنه في وقت لاحق، تطور المشهد إلى هجوم على قوات الردع بأوامر مباشرة من رئيس الحكومة، عبد الحميد الدبيبة.

لماذا خرجت مظاهرات ضد الدبيبة؟
شهدت طرابلس ومناطق أخرى احتجاجات مطالبة برحيل الدبيبة، وإجراء انتخابات عامة تنتج أجساما سياسية جديدة.

وفي خطوة تظهر اتساع رقعة الضغوط على الحكومة، أعلن ثلاثة وزراء استقالتهم تضامناً مع الحراك الشعبي. وشملت الاستقالات كل من وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج، ووزير الحكم المحلي بدري الدين التومي، ووزير الإسكان أبو بكر الغاوي.

وفي تطور لاحق، أعلنت 69 حزبا في ليبيا عن إطلاق مظاهرات حاشدة الجمعة في ميدان الشهداء بالعاصمة طرابلس تحت شعار "جمعة الحسم" لإسقاط حكومة الدبيبة والمطالبة أيضا برحيل المجلس الرئاسي ورئيسه "المنفي".


كما دعت الأحزاب إلى رحيل كل الأجسام السياسية التي لم تعد تمثل إرادة الليبيين، مطالبة البعثة الأممية لدى ليبيا بالاضطلاع بدورها في دعم تطلعات الليبيين في التغيير الشامل، لا في دعم الوضع القائم أو دعم أطراف لم تعد تملك أي شرعية شعبية"، وفق بيان.

ما تأثير المظاهرات على مستقبل الدبيبة؟
لكن مصدر مطلع تحدث لـ"عربي21" قلل من تأثير هذه الاحتجاجات، وقال إن الدبيبة يوسع نفوذه على الأرض، ويبسط سيطرته بشكل أوسع، مستغلا انهيار جهاز دعم الاستقرار، والذي كان يمثل عقبة مهمة أمام تمدد نفوذ الدبيبة.

وإلى جانب هذا، يستمد الدبيبة الشرعية لحكومته من اعتراف الأمم المتحدة به، وفقا للاتفاق السياسي الذي اتفقت عليه أطراف الصراع الليبي برعاية أممية في جنيف عام 2020.

مقالات مشابهة

  • شركة «البريقة» تواصل جهودها لضمان تزويد مستقر بالوقود في طرابلس
  • الحرب فرضت نفسها علي الواقع السوداني وكما ترون فقد تحولت البلاد الي حطام !!.. ما الذي قادنا الي هذا الوضع الكارثي ؟! الجهل هو السبب !!..
  • عين الأمن على طرابلس.. خطة ميدانية شاملة لحماية العاصمة
  • تعزيز التعاون الأمني وتكثيف الجهود الميدانية لتأمين العاصمة
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي
  • أمن طرابلس يكثّف انتشاره لتنفيذ الخطة الأمنية وحماية العاصمة
  • ماذا يجري في طرابلس الليبية وكيف تطورت الأحداث؟.. نخبرك ما نعرفه
  • الصول: لجنة لحصر أضرار اشتباكات طرابلس.. والدبيبة ضمن المطلوبين للتحقيق
  • دوغة: الهدنة في طرابلس هشة.. ولا ضمانات تمنع تجدد الاشتباكات
  • معلى: الوضع الأمني في طرابلس عاد إلى نوع من الهدوء والاحتقان الشعبي لا يزال متواصلاً