عبد الله علي إبراهيم

(جريدة الخرطوم 11 ديسمبر 1988)

(لا يرى الحاملون على دولة 1956 سوى مفردة الحكومة فيها. وهي مفردة قصوى لا جدال. ولكن غفلتهم عن مفردات غراء لهذه الدولة لم يرمهم في غيظ ضرير على هذه الدولة فحسب، بل اعتزلوا أيضاً هذه المفردات الغراء التي تركوها لتستوحش تحت شرور نفس الحكومة. وهذه مقالة من أخريات حاولت فيه لفت نظر كتائب استئصال دولة 56 أن لهم، كما يقول المثل، حبان في بيت العدا.

وبلغ من فساد هذا الغيظ المحض الضرير انتداب حميدتي دعمه السريع للقضاء المبرم على هذه الدولة. وقعد "فراجة" الليبرويساريون الذين جعلوا من القضاء المبرم على هذه الدولة ثقافة شاعت حتى انتهزها البطلق أماتكم كما في مثل ورد في كتاب لبابكر بدري).

لولا ملابسات الحجز بقطار كريمة يوم الجمعة الماضية لكنت قد شاركت في احتفال نقابة السكة حديد باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي نظمته اللجنة السودانية لحقوق الإنسان.
وجدت في حضور احتفال عطبرة لحقوق الإنسان مزايا عديدة علاوة على أنه فرصة سانحة لزيارة أخرى لمدينتي الأولى. فقد أثلج صدري أن ترمي نقابة السكة الحديد بثقلها في حركة حقوق الإنسان بعد أن ظلت قاصرة على صفوة خيرة من المتعلمين منذ تأسيس حركتها في 1985. وقد شاب أداء هذه الصفوة خلل في التركيز حين رجحوا الضغط العالمي الجاهز لنصرة قضيتهم دون حفز الضغط الشعبي المحلي وإلهامه في سياقاته السياسية والاجتماعية الصعبة. ولذا بدا مفهوم حقوق الإنسان كطارئ وقع لنا من اهتمام العالم بنا لا كأصل قديم في مشروعنا الاجتماعي والنقابي والسياسي.
ساءني دائماً الاتهام المعمم الذي يطلقه بعض المتحدثين من المتعلمين بأن بيئتنا العربية المسلمة مسكونة بالاضطهاد العنصري وغير مواتية لحقوق الإنسان. وغالباً ما استدلوا على ذلك بأبيات من المتنبي عن كافور، أو ممارسات للزبير باشا، أو مبدأ الكفاءة في الزواج في عقد زواج شهير من الثمانينات. وهذا انتقاء عشوائي للاستدلال على عدم سماحتنا استدلالاً لن تسلم معه أي جماعة من الاتهام بالاضطهاد العنصري مهما بلغت من آيات السماحة والإنسانية.
لقد جادلت هؤلاء الإخوة طويلاً الفت انتباههم إلى أن إنسانيتنا العربية الإسلامية لم تتجمد في التاريخ لأنها فعل في التاريخ تتجدد به وتجدده.
وكنت أشير عليهم بدراسة مفهوم "النقابة" الذي هو من أفضال مدينة عطبرة السياسة على وطننا. فتعريف النقابة أنها تنظيم يضم عمال أو موظفي المؤسسة بغير اعتبار للعرق أو الدين أو القبيلة أو النوع. ومن فوق صفاء هذه المفهوم ونبله ازدهرت الحركة النقابية السودانية التي ظلت تحرس مجتمعنا وإنسانيتنا بعين ساهرة.
في وقت باكر أهدتنا عطبرة "النقابة": هذه الأداة التي اشتد عودها من تخطيها للحزازات العرقية والقبلية والدينية التي تمنع الممارسة الحرة للحقوق الإنسانية. وأتمنى أن يكون احتفال نقابة عمال السكة الحديد باليوم العالمي لتلك الحقوق مناسبة لتتصل النقابة بالإطار التنظيمي للحركة العالمية لحقوق الإنسان.
أما عن التزامنا بمبدأ حقوق الإنسان فالنقابة ذاتها شاهد كبير على بعد المدى الذي قطعناه في هذا السبيل.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: لحقوق الإنسان هذه الدولة

إقرأ أيضاً:

مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساعدات بغزة

قال مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة إن القوات الإسرائيلية قتلت 105 فلسطينيين وأصابت ما لا يقل عن 680 آخرين على امتداد طرق القوافل في منطقة زيكيم شمال غزة ومنطقة موراغ جنوب خان يونس، خلال يومي 30 و31 يوليو/تموز.

وأفاد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان باستمرار إطلاق النار وقصف الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية على امتداد طرق قوافل المساعدات الغذائية وفي محيط مواقع ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية".

وتأتي هذه الأنباء رغم إعلان الجيش الإسرائيلي في 27 يوليو/تموز عن "توقف مؤقت للعمليات العسكرية" في المناطق الغربية من مدينة غزة وحتى المواصي وخلال ساعات محددة "لتحسين الاستجابة الإنسانية"، حسب ما أفاد المكتب الأممي في بيان اليوم الجمعة.

وسجل المكتب أن عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا أثناء بحثهم عن الغذاء منذ 27 مايو/أيار بلغ ما لا يقل عن 1,373 شخصا منهم 859 استشهدوا في محيط "مؤسسة غزة الإنسانية" و514 على امتداد طرق قوافل المساعدات.

وأكد مكتب حقوق الإنسان أن "هؤلاء الضحايا –وغالبيتهم من الرجال والفتيان– ليسوا مجرد أرقام. ولا تتوافر لدى المكتب أي معلومات تشير إلى أن هؤلاء الفلسطينيين كانوا قد شاركوا مباشرة في الأعمال العدائية أو يشكلون تهديدا للقوات الإسرائيلية أو لأي طرف آخر".

كما أشار مكتب حقوق الإنسان إلى ازدياد عدد الفلسطينيين بمن فيهم الأطفال وكبار السن وذوو الإعاقة والمرضى والمصابون الذين يموتون نتيجة سوء التغذية والمجاعة، حيث يفتقر هؤلاء الأشخاص غالبا لأي دعم ولا يمكنهم الوصول إلى المواقع التي قد تتوفر فيها كميات ضئيلة من المساعدات.

وأوضح مكتب حقوق الإنسان أن ما يجري "كارثة إنسانية من صنع الإنسان. ونتيجة مباشرة لسياسات فرضتها إسرائيل أدت إلى تقليص حاد في كميات المساعدات المنقذة للحياة في غزة".

إعلان

وجدد مكتب حقوق الإنسان التأكيد على أن "توجيه الهجمات المتعمدة ضد المدنيين غير المشاركين مباشرة في الأعمال العدائية، واستخدام التجويع كوسيلة حرب من خلال حرمان المدنيين من العناصر الضرورية لبقائهم على قيد الحياة، بما في ذلك عرقلة وصول الإغاثة، تشكل جرائم حرب"، وأضاف "إذا ما ارتكبت كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد السكان المدنيين فقد ترقى أيضا إلى جرائم ضد الإنسانية".

مقالات مشابهة

  • وزارة المالية: قمنا بشكل مؤقت واحترازي بنقل أرصدة الأموال المخصصة لرواتب العاملين في القطاع العام من أبناء محافظة السويداء إلى فروع البنوك في مدينة إزرع، وذلك في سياق حرص الدولة على الوفاء بالتزامات تسديد الرواتب، وفي ضوء الاعتداءات المؤسفة التي تمت من قب
  • مناقشة قضايا حقوق الطفولة باليمن
  • اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان تشارك باجتماع رفيع المستوى في بيروت
  • حقوق الإنسان النيابية عن تعديلات قانون حرية التعبير: تضع المتظاهر تحت الحماية
  • انتخابات الشيوخ.. غرفة القومي لحقوق الإنسان جاهزة لاستقبال الصحفيين والإعلاميين
  • مصادر أممية: إسرائيل قتلت في يومين 105 من الباحثين عن المساعدات بغزة
  • المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تثمن العفو الملكي وتدعو لإلغاء عقوبة الإعدام وتسريع العدالة المجالية
  • رئيس حقوق النواب: المشاركة في انتخابات الشيوخ واجب وطني وصوت المواطن هو بطاقة العبور لمستقبل أفضل
  • القومي لحقوق الإنسان يعقد برنامجا تدريبيا لقيادات محافظة القاهرة
  • القومي لحقوق الإنسان يعقد أول اللقاءات التشاورية مع النشطاء والمنظمات