صحيفة “نيويورك تايمز”: فشل التفوق الجوي والخسائر المادية والبشرية دفعت ترامب للصلح مع اليمن
تاريخ النشر: 13th, May 2025 GMT
يمانيون/ متابعات نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا موسعًا كشفت فيه كواليس القرار المفاجئ الذي “اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان وقف العمليات العدوانية ضد اليمن ، رغم عدم تحقق الأهداف العسكرية المعلنة، وفشل الحملة الجوية الأميركية في إخضاع الحوثيين أو تأمين الملاحة كما خُطط لها”.
وبحسب الصحيفة، فإن ترامب، الذي لطالما عبّر عن تحفظه تجاه التورطات العسكرية الطويلة في الشرق الأوسط، أطلق حملته الجوية ضد الحوثيين قبل نحو شهرين بهدف إعادة فتح خطوط الملاحة وتأمين السفن الحربية والتجارية الأميركية، وكان يتوقع نتائج ملموسة خلال 30 يومًا.
وقالت الصحيفة أن الحملة الأميركية، التي حملت اسم “عملية الفارس الخشن”، كلفت وزارة الدفاع أكثر من مليار دولار خلال الشهر الأول فقط، وشملت نشر حاملتي طائرات وقاذفات استراتيجية وطائرات متقدمة ومنظومات دفاع جوي من نوع باتريوت وثاد. ومع ذلك، استطاعت الدفاعات الجوية اليمنية إسقاط سبع طائرات بدون طيار أميركية من طراز MQ-9 Reaper، وكادت تصيب طائرات من طراز F-16 وF-35. كما سجلت خسائر غير مسبوقة بسقوط طائرتين مقاتلتين من طراز F/A-18 سوبر هورنيت من حاملة الطائرات “هاري ترومان”، ما أدى إلى إصابة عدد من الطيارين والطاقم، وأثار قلقًا كبيرًا في أوساط البنتاغون.
وأورد التقرير أن “البيت الأبيض تلقى اقتراحًا من سلطنة عُمان، عبر مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، يقضي بإيقاف الضربات الأميركية مقابل توقف الحوثيين عن استهداف السفن الأميركية فقط، دون أن يشمل الاتفاق وقف الهجمات ضد إسرائيل أو تعطيل الملاحة بشكل عام، وهو ما قُدّم للرئيس كـ”حل عملي” يحفظ ماء الوجه ويُجنب الإدارة مزيدًا من التورط في مستنقع مفتوح”.
وقال التقرير; “في تصريحات أدلى بها بعد وقف العمليات، بدا الرئيس ترامب أكثر إعجابًا بقدرات الحوثيين، حيث وصفهم بـ”المرنين الشجعان”، مشيرًا إلى أنهم “تحملوا العقاب، ووعدوا بعدم مهاجمة السفن الأميركية بعد الآن”، وهو الموقف الذي أثار دهشة المراقبين بالنظر إلى المواقف السابقة للرئيس، الذي توعد سابقًا بـ”سحق الحوثيين تمامًا”.
غير أن التطورات على الأرض كانت تسير في اتجاه مغاير للتصريحات. فقد أطلق الحوثيون صاروخًا باليستيًا باتجاه “إسرائيل” في 4 مايو،، كما تعرض مطار “بن غوريون” الدولي لهجوم مباشر. وفي حادثة أخرى، سقطت طائرة سوبر هورنيت ثانية من حاملة الطائرات بسبب فشل فني خلال محاولتها الهبوط، ما زاد من حدة الانتقادات الموجهة إلى القيادة العسكرية المشرفة على العملية”.
وتفيد الصحيفة أن الجنرال مايكل كوريلا، قائد القيادة المركزية الأميركية، كان قد قدم خطة عسكرية تمتد لثمانية أشهر تستهدف تدمير الدفاعات الجوية للحوثيين وشن اغتيالات دقيقة ضد قياداتهم، إلا أن البيت الأبيض قيد هذه الخطة إلى 30 يومًا فقط لعرض نتائج سريعة. ومع انتهاء المهلة، اتضح أن الحوثيين عززوا قدراتهم، ونقلوا مخازن أسلحتهم تحت الأرض، واستمروا في مهاجمة السفن والطائرات الأميركية”.
من جهته، أبدى رئيس هيئة الأركان الجديد، الجنرال دان كين، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ومديرة الاستخبارات تولسي غابارد، ووزير الخارجية ماركو روبيو تحفظاتهم على إطالة أمد الحملة، محذرين من استنزاف الذخائر الدقيقة الاستراتيجية التي قد تكون ضرورية في حال اندلاع مواجهة مع الصين حول تايوان. كما أبدى المسؤولون قلقًا من نفاد المخزونات عالية الدقة من الذخائر البعيدة المدى، والتي استُخدمت بكثافة في الحملة على اليمن”.
وفي تطور مثير للجدل، أفاد عدد من المسؤولين الأميركيين بأن وزير الدفاع بيت هيجسيث ومساعده مايكل والتز ارتكبا مخالفات داخلية، من بينها تسريب تفاصيل خطط العمليات عبر تطبيق سيغنال، في محادثة تضم صحفيًا عن غير قصد، ما اعتبر تهديدًا لسلامة الطيارين وأمن العمليات. هذه الحادثة زادت من الانتقادات الداخلية التي تُلاحق إدارة ترامب في طريقة إدارتها للملف اليمني.
وذكرت الصحيفة أن” السعودية كانت قد دعمت خطة الجنرال كوريلا، وقدّمت لواشنطن قائمة بـ12 قائدًا حوثيًا قالت إن القضاء عليهم سيُضعف الحركة بشكل كبير، إلا أن الإمارات العربية المتحدة، الحليف الثاني في التحالف، كانت أكثر تشكيكًا في نجاعة هذه المقاربة، مستذكرة فشل سنوات من القصف الجوي السعودي-الإماراتي في هزيمة الحوثيين”.
ومع كل هذه المعطيات، قرر ترامب إنهاء العملية بشكل مفاجئ. وفي مؤتمر صحفي، أعلن البيت الأبيض أن العملية الأميركية حققت أهدافها، بينما سارع الحوثيون إلى إعلان “النصر على أميركا”، ونشروا وسمًا احتفاليًا على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبرته الصحيفة تعبيرًا عن نجاح معنوي كبير لليمن التي صمدت أمام واحدة من أعنف الحملات الجوية الأميركية في المنطقة.
ويُظهر هذا القرار، بحسب نيويورك تايمز، كيف أن الرئيس الأميركي ما زال يقيّم التدخلات العسكرية وفقًا لحسابات داخلية ترتبط بالميزانية والانتخابات، أكثر من ارتباطها بالاستراتيجية أو توازنات المنطقة. وبينما يستعد ترامب لزيارة السعودية وقطر والإمارات، يبدو أن الشرق الأوسط على موعد مع إعادة تموضع أميركي لا يخلو من الارتباك، وتدفع إسرائيل ثمنه صمتًا.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية: معبر رفح مفتوح من الجانب المصري.. ونرفض توسيع العمليات العسكرية في غزة
أكد الدكتور بدر عبد العاطي وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، مجددًا، أن معبر رفح مفتوح من الجانب المصري، قائلًا: على إسرائيل الاضطلاع بمسؤوليتها بصفتها القوة القائمة بالاحتلال لنفاذ المساعدات الإنسانية عبر الجانب الفلسطيني من المعبر الذي قامت باحتلاله والسيطرة عليه.
جاء ذلك خلال اللقاء الموسع الذي عقده وزير الخارجية مع ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية المعتمدة بمصر مساء أمس الثلاثاء، في إطار اللقاءات الدورية التي تعقدها وزارة الخارجية مع ممثلي وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الدولية لاستعراض محددات الموقف المصري من التطورات الإقليمية والدولية.
واستهل الوزير عبد العاطي حديثه باستعراض المبادئ الحاكمة للسياسة الخارجية المصرية في التعامل مع الأزمات الإقليمية خلال هذه المرحلة غير المسبوقة، والتي تستند إلى دعم الدولة الوطنية ومؤسساتها، واحترام سيادة الدول ووحدة وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شئونها الداخلية، والالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مؤكدًا أن هذه المبادئ والمفاهيم تستهدف دعم الأمن والسلام، وبناء الشراكات وتحقيق المصالح المشتركة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
وشهد اللقاء نقاشًا مطولًا بشأن الأزمات الإقليمية المختلفة، وفي مقدمتها الأوضاع في قطاع غزة، وكذلك التطورات في السودان وليبيا والبحر الأحمر، فضلا عن الأمن المائي المصري، والعلاقات المصرية-الإفريقية.
وفيما يتعلق بالتطورات في غزة، جدد الوزير عبد العاطي التأكيد على رفض مصر القاطع لتوسيع العمليات العسكرية في غزة، وأي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أرضهم تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، مشددًا على ضرورة حقن دماء الشعب الفلسطيني وضمان تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل ما يعانيه من أوضاع كارثية نتيجة لسياسة إسرائيلية ممنهجة تستخدم التجويع كسلاح، وأشار إلى أهمية سرعة التعامل مع هذه الأزمة الإنسانية الملحّة.
وفي هذا السياق، استعرض وزير الخارجية الترتيبات الجارية لاستضافة مصر للمؤتمر الدولي للتعافي المبكر وإعادة إعمار قطاع غزة فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، بهدف حشد الدعم اللازم لتنفيذ الخطة العربية الإسلامية، بما يسهم في توفير مقومات الحياة الكريمة لسكان القطاع وتمكينهم من البقاء على أرضهم.
كما استعرض الوزير مستجدات مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، مشددًا على ضرورة طرح أفق سياسي لتحقيق تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية، واستعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة، وعلى رأسها حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة.
وعلى صعيد آخر، أكد وزير الخارجية أهمية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في السودان، مشيرا إلى موقف مصر الداعم لمؤسسات الدولة، وضرورة احترام سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السودانية.
كما تناول التطورات في ليبيا، حيث أكد الوزير عبد العاطي الأهمية البالغة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وضرورة تفكيك المليشيات وخروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة، باعتبار ذلك الضمان الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.
وفيما يتعلق بالأمن المائي المصري، تناول الوزير عبد العاطي شواغل مصر فيما يتعلق بملف السد الإثيوبي ونهر النيل، مؤكدًا ضرورة الالتزام بقواعد القانون الدولي فيما يتعلق بالموارد المائية المشتركة.
وشدد على أهمية التعاون لتحقيق المنفعة المشتركة على أساس القانون الدولي، ورافضًا الإجراءات الأحادية الإثيوبية المخالفة للقانون الدولي.
كما تناول اللقاء تطورات الأوضاع في منطقة الساحل وغرب إفريقيا، والتحديات الأمنية المتصاعدة المرتبطة بانتشار التنظيمات الإرهابية والجماعات المسلحة، حيث أبرز وزير الخارجية الجهود التي تبذلها الدولة المصرية من أجل دعم التعاون الاقتصادي والتنموي بين الدول الإفريقية.
واستعرض في هذا السياق نتائج جولته الأخيرة لغرب إفريقيا، مؤكدًا اهتمام مصر بإقليم الساحل باعتباره امتدادًا للجوار الاستراتيجي لمصر.
ومن ناحية أخرى، نوه الوزير عبد العاطي إلى دعم مصر الكامل للجهود الرامية إلى تعزيز أمن واستقرار الصومال ومنطقة القرن الإفريقي.. مشدداً على أولوية ملف البحر الأحمر وسلامة الملاحة البحرية، لاسيما في ظل ارتباطه بشكل مباشر بالأمن القومي المصري والاقتصاد الوطني.
اقرأ أيضاًوزير الخارجية يؤكد لنظيره الألماني رفض مصر القاطع لتوسيع العمليات الإسرائيلية في غزة
وزير الخارجية: الحكومة الإسرائيلية تنتهج سياسة الإبادة في قطاع غزة
وزير الخارجية: قرار إسرائيل بإعادة احتلال قطاع غزة «غير مسئول»