حذّر الصحفي الاستقصائي الأميركي ألين ستيفنز من أن التحركات العسكرية المتسارعة للولايات المتحدة قرب فنزويلا تُعيد إلى الأذهان السياقات السياسية والإعلامية نفسها التي سبقت غزو العراق عام 2003.

وفي تقرير تحليلي نشره موقع ذا إنترسبت أشار الكاتب إلى أن واشنطن تسير خطوة تلو أخرى في مسار تصعيدي مألوف، عنوانه "عمليات محدودة" وشعارات مكافحة الإرهاب، لكن نهايته غالبا ما تكون حربا مفتوحة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: هنا يرسم مستقبل غزة في غياب الفلسطينيينlist 2 of 2لاكروا: شبكات المتطوعين أنقذت آلاف الأرواح في السودانend of list

وأوضح ستيفنز أن الولايات المتحدة بدأت خلال الأسابيع الأخيرة حشد قوة بحرية وجوية كبيرة في منطقة البحر الكاريبي، تحت ستار "عمليات مكافحة المخدرات"، بينما استعرض مسؤولون في وزارة الحرب (البنتاغون) أمام الرئيس دونالد ترامب خططا متعددة لاحتمالات التدخل العسكري في فنزويلا.

ويربط ترامب بين الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وشبكات التهريب التي تُسمى "إرهاب المخدرات"، في مسعى منه لتصنيف حكومة كاراكاس باعتبارها تشكل تهديدا إرهابيا يبرر اللجوء إلى القوة المسلحة، وذلك على الرغم من تلويحه في الوقت ذاته بإمكانية عقد محادثات.

ويرى الكاتب أن هذا التحوّل في الخطاب يشكّل خطوة تمهيدية تقليدية، إذ إن توصيف أي دولة أو جهة بأنها "إرهابية" كان يمثل تاريخيا البوابة السياسية والقانونية لشن حروب خارجية دون الحاجة إلى تفويض تشريعي واضح.

ويضيف أن التهيئة الإعلامية لما سيحدث تجلّت في مقال رأي في صحيفة نيويورك تايمز لكاتب العمود بريت ستيفنز -يوم الاثنين- بعنوان "الحجة لإسقاط مادورو"، قدّم فيه التدخل الأميركي المحتمل باعتباره خيارا محسوبا ومحدودا، في خطاب يذكّر كثيرا بالسردية التي رافقت غزو العراق.

وفي ذلك المقال، يؤكد بريت ستيفنز أن الحديث عن "عمليات دقيقة" أو "تدخل محدود" يتجاهل حقيقة وجود مجموعة قتالية لحاملة طائرات تضم أكبر سفينة حربية في العالم، تتخذ مواقع قريبة من دولة تعاني أصلا من انهيار اقتصادي وبنية سياسية هشة.

إعلان

وواصل تقرير ذا إنترسبت الاستشهاد بمقال نيويورك تايمز، الذي ذكر كاتبه أن هناك أيضا اختلافات مهمة بين فنزويلا والعراق أو ليبيا، ومنها تردّد ترامب الواضح في نشر قوات أميركية على الأرض لفترة طويلة، ومنها كذلك أن واشنطن تستطيع التعلم من أخطائها السابقة.

بريت ستيفنز: تحركات ترامب ضد فنزويلا ليست شرارة تشعل حربا، بل هي تطبيق ضروري لقوة منضبطة

وانتقد كاتب التقرير ما ورد في مقال الصحيفة، مشيرا إلى أن كاتبه يجادل بأن فنزويلا توفر أسبابا وجيهة للتدخل ضد من يسميهم المجرمين في دولة "فاشلة"، واصفا مادورو بأنه "فاسد" ويشكل "تهديدا حقيقيا"، ومعتبرا تحركات ترامب ليست شرارة تشعل حربا، بل هي تطبيق ضروري لقوة منضبطة.

وقال إن صدى الغزو على العراق يتردد في كل مكان ويتجلى في إصرار واشنطن على أن المهمة محدودة، وفي القوانين التي يجري تفسيرها لتبرير استخدام القوة، في حين تدفع طبقة الصحفيين القراء نحو القبول بمنطق التصعيد.

وحذر من أن هذا المناخ يعيد إنتاج منظومة التبريرات التي قادت الولايات المتحدة إلى العراق من حيث توظيف لغة أخلاقية حاسمة، وتضخيم التهديدات، واستخدام مصطلحات مثل "الإرهاب" و"الملاذات الخطرة"، وإعادة تصوير الضربات العسكرية على أنها إجراءات أمنية ضرورية أو مسؤولة.

آلان ستيفنز: صدى الغزو على العراق يتردد في كل مكان ويتجلى في إصرار واشنطن على أن المهمة محدودة، وفي القوانين التي يجري تفسيرها لتبرير استخدام القوة، في حين تدفع طبقة الصحفيين القراء نحو القبول بمنطق التصعيد

ويشير تقرير الموقع الأميركي إلى أن التاريخ القريب يثبت أن مثل هذه السرديات غالبا ما تفتح الباب أمام التورط في صراعات طويلة ومكلفة، يتجاوز أثرها الإدارات السياسية ويظل عبؤها على الأجيال.

كومبو يجمع مادورو (يمين) وترامب (وكالات)

ويخلص ألين ستيفنز في تقريره إلى أن الصحافة الأميركية مدعوة اليوم إلى تفكيك هذه الخطابات، لا إلى إعادة تدويرها، وأن عليها التساؤل بشأن ما وراء التحركات العسكرية وما قد تؤول إليه، قبل أن تجد الولايات المتحدة نفسها في حرب جديدة لم تُحسب عواقبها، تماما كما حدث في العراق.

ويشدد على ضرورة أن يسلط الإعلام الضوء، قبل فوات الأوان، على الفجوة بين من يصنعون القرار في واشنطن ومن يعيشون تبعات الحروب على الأرض، جنودا كانوا أو مدنيين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات إلى أن

إقرأ أيضاً:

تصعيد ترامب تجاه فنزويلا يقترن بخطوات عسكرية تربك قادة أمريكا اللاتينية

رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم /الأحد/، أن تصاعد نبرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن فنزويلا وتحركاته العسكرية الأخيرة تثير حالة من القلق في عواصم أمريكا اللاتينية.


وأوضحت الصحيفة في سياق تقرير إخباري إن نهج ترامب القائم على التعاملات التجارية تجاه أمريكا اللاتينية أسفر عن مكاسب لبعض الدول، أما بالنسبة لدول أخرى، فهو عودة غير مرحب بها إلى التاريخ الطويل للتدخل الأمريكي في نصف الكرة الغربي.


وذكرت أنه في الأسبوع الماضي، وبعد أن أوضح الرئيس دونالد ترامب عدم نيته الحضور، أعلنت جمهورية الدومينيكان تأجيل قمة الأمريكتين، وهي الاجتماع الذي يُعقد كل ثلاث سنوات لقادة نصف الكرة الغربي لمعالجة الأولويات والمخاوف المشتركة.


وقالت وزارة الخارجية: "الانقسامات العميقة... تعيق حاليًا الحوار البناء"، مشيرةً إلى أنه سيتم إعادة جدولة الاجتماع الذي كان من المقرر أن تستضيفه في أوائل ديسمبر.


وكان البيت الأبيض قد أشار إلى أن الحدث يتعارض مع خطط ترامب لحضور القرعة النهائية لكأس العالم 2026، المقرر إقامتها في 5 ديسمبر في مركز كينيدي.


وأشارت الصحيفة إلى أن انسحاب ترامب جاء في وقت وافق فيه أقل من نصف الدول الـ29 التي شاركت في القمم السابقة على الحضور، وفقًا لمسؤولين إقليميين مطلعين على التخطيط، تحدث معظمهم شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة التوترات في نصف الكرة الغربي.


وتابعت الصحيفة أنه حتى في غيابه، كانت سياسات ترامب تُنذر بمعركة دبلوماسية، حيث أحدث نهجه القائم على المعاملات - امتيازات لمن يتعاون ومعاقبة لمن ينتقد خططه أو يعرقلها- ما تسبب في فجوة عميقة بين حكومات أمريكا اللاتينية.


ولهذا قال مسؤول كبير في أمريكا اللاتينية إن انعقاد القمة الآن "لا يُهيئ لعقد اجتماع ودي من أي نوع... الجو... سام للغاية".


وأضافت الصحيفة أنه منذ سبتمبر الماضي، نشر ترامب أسطولًا متزايدًا من السفن الحربية وآلاف الجنود الأمريكيين في منطقة البحر الكاريبي لشن هجمات قاتلة على قوارب يُزعم أنها تُهرب المخدرات من شواطئ أمريكا الجنوبية، وأذن بعمليات سرية لوكالة المخابرات المركزية، وهدد بشن هجمات برية في فنزويلا.


لكن منذ بداية إدارته، كانت التعريفات العقابية وما يُنظر إليه على أنه تدخل في السياسة الداخلية بمثابة إشارة للكثيرين في أمريكا اللاتينية إلى عودة غير مرحب بها إلى التاريخ الطويل من فرض الولايات المتحدة سيطرتها على نصف الكرة الأرضية. ويسود اعتقاد بين عدد من القادة الإقليميين بأنه لا يقتصر تفكيره على مكافحة المخدرات.


وإلى جانب الهجمات المستمرة، اتجهت الإدارة نحو وجود عسكري أمريكي أكثر ديمومة في المنطقة، من خلال خطط لإنشاء قاعدة جوية في الإكوادور، وتدوير قوات مؤقت قوي في بنما، واستخدام نشط حديثًا لمطار في السلفادور، وهو مطار تربطه به القيادة الجنوبية الأمريكية اتفاقية تعاون طويلة الأمد، وإعادة فتح قاعدة بحرية معطلة في بورتوريكو.


ولفتت إلى أن كثير من القادة في المنطقة لا يتعاطفون مع الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي اتهمه ترامب بقيادة عصابة إجرامية تهدف إلى التسبب في الموت والدمار لكن ذكريات العدوان الأمريكي في القرن العشرين، من الغزو والاحتلال العسكريين إلى الإطاحة السرية بالحكومات غير المرغوب فيها، لا تزال حاضرة في الأذهان.


وينتظر الكثيرون في المنطقة بفارغ الصبر إصدار استراتيجية الإدارة للأمن القومي واستراتيجية الدفاع الوطني المصاحبة لها، وهما وثيقتان أُفيد باكتمالهما قبل بضعة أشهر، ويُقال إنهما ستُعيدان توجيه اهتمام الولايات المتحدة وتركيزها الأمني بشكل جذري نحو نصف الكرة الغربي، وفقا للصحيفة.


وقال المسؤول من أمريكا اللاتينية: "علينا أن ننتظر ونرى كيف ستُطبق".


وفي الوقت نفسه، قدم مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية لمحة عن هذا التحول في السياسة المتشددة، حيث أوضح في رسالة بريد إلكتروني، أرسلها للصحيفة بشرط عدم الكشف عن هويته بموجب القواعد التي وضعها البيت الأبيض: "الاستراتيجية العامة هي أمريكا أولاً، الدول التي تختار التوافق مع المصالح الأمريكية والمُنفتحة على الصفقات ذات المنفعة المتبادلة تجني ثمار" التعاون الاقتصادي "وتتمتع بخيار الشراكة مع أجهزتنا العسكرية والاستخباراتية الرائعة".


وقال المسؤول إن دول المنطقة "حرة في اختيارها وستُحاسب على خياراتها".
ونوهت الصحيفة بأن بعض القادة قد اختار بالفعل وحصل على مكافأة، حيث فاز الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو زائر دائم لواشنطن، بدعم نقدي بقيمة 20 مليار دولار لاقتصاده المتعثر كما تم دفع ملايين الدولارات للسلفادور لسجن المهاجرين المرحَّلين.


كما وقعت باراجواي اتفاقية لاستقبال طالبي اللجوء الأمريكيين كجزء من اتفاقية تعاون أوسع نطاقًا في مجال المبادرات الأمنية والاقتصادية. كما وافقت جواتيمالا على استقبال المهاجرين المرحلين. واعتبر ترامب ترينيداد وتوباغو، وهي دولة جزرية صغيرة تقع على بُعد أميال قليلة من سواحل فنزويلا، "شريكًا قويًا" بعد أن أشاد رئيس وزرائها بنشر القوات في منطقة البحر الكاريبي، وقال في حديثه عن مهربي المخدرات إن "على الجيش الأمريكي قتلهم جميعًا بعنف".


وفي سبتمبر الماضي، زار وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو الإكوادور، البلد الذي يعاني من عصابات تهريب المخدرات الإجرامية، والذي لطالما كان ممرا رئيسيا للكوكايين الكولومبي.


وقال روبيو في مؤتمر صحفي إن تصنيف الولايات المتحدة لاثنتين من تلك العصابات، وهما لوس لوبوس ولوس تشونيروس، كمنظمات إرهابية أجنبية، سيسمح للولايات المتحدة بتبادل المعلومات الاستخباراتية حتى تتمكن الإكوادور من "القضاء على الإرهابيين" بنفسها.


وأضاف روبيو أن قاعدة عسكرية أمريكية في الإكوادور هُجرت عام 2009، بعد أن طلب رئيس سابق هناك "لم يكن يُحبنا كثيرًا، واعتقد أنه أراد مساعدة تجار المخدرات، من الأمريكيين المغادرة"، وقد أشار الرئيس الحالي دانيال نوبوا إلى رغبته في التراجع عن هذا القرار.


وفي استعراضٍ لسخاء واشنطن تجاه حكومةٍ أصبحت الآن صديقةً لها، أشار روبيو إلى أن اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والإكوادور ستُبرم "قريبًا جدًا"، وأن الإدارة ستدعم نداءات كيتو المالية لدى صندوق النقد الدولي، وأعلن عن تقديم 20 مليون دولار لمكافحة الجريمة ومساعدات عسكرية.


وفي الأسبوع الماضي، زارت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم الإكوادور لتفقد القاعدة الأمريكية السابقة في مدينة مانتا الساحلية ومناقشة التعاون الأمني.


وبالنسبة لأولئك الذين فشلوا في الانخراط في خطط الإدارة أو انتقدوها علانية، كان العقاب سريعًا، فقد أدت دعوة الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو الصاخبة في سبتمبر الماضي للقوات الأمريكية إلى عصيان أوامر ترامب إلى إلغاء تأشيرته الأمريكية وفرض عقوبات عليه لاتهامه بارتباطه بـ"إرهابيي المخدرات".


وفي تبادل متواصل للإهانات الشخصية، وصف ترامب بيترو، وهو مقاتل يساري سابق، بأنه "زعيم مخدرات غير شرعي" و"منخفض المستوى وغير محبوب"، وهدد بفرض رسوم جمركية وقطع المساعدات. وفي إشارة إلى إمدادات الكوكايين الكولومبية إلى الولايات المتحدة، قال ترامب إنه "من الأفضل لبيترو أن يُغلق" عمليات المخدرات "وإلا ستغلقها الولايات المتحدة من أجله، ولن يكون ذلك جيدًا".


وصف بيترو ترامب بالقاتل والهمجي بسبب هجمات القوارب، وقال الأيام الماضية إنه سيلغي جميع أشكال التعاون الاستخباراتي بين الولايات المتحدة وكولومبيا - التي لطالما كانت المركز الرئيسي لعمليات مكافحة المخدرات الأمريكية في أمريكا الجنوبية.

طباعة شارك صحيفة واشنطن بوست الأمريكية تصاعد نبرة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فنزويلا وتحركاته العسكرية عواصم أمريكا اللاتينية نهج ترامب التعاملات التجارية تجاه أمريكا اللاتينية تأجيل قمة الأمريكتين جمهورية الدومينيكان

مقالات مشابهة

  • ترامب يقر خططا تسمح بتنفيذ "عمليات سرية" داخل فنزويلا
  • عقيدة دونرو: كيف يعيد ترامب رسم خريطة أميركا الجنوبية؟
  • ابن سلمان وترامب.. لقاء يعيد فتح الملفات الكبرى بين الرياض وواشنطن
  • تحليل لـCNN.. هل تشهد فنزويلا تكرارا للأحداث التي سبقت حرب العراق؟
  • صحيفة روسية تتحدث عن العواقب المحتملة لحرب أمريكية على فنزويلا
  • حرب السودان.. حين تتحول المرأة لأداة تحريض على قتل النساء
  • ترامب: فنزويلا ترغب في التحدث معنا رغم تصاعد التوترات والحشد العسكري الأمريكي
  • حياة الرئيس مادورو والتدخل الأميركي في فنزويلا
  • تصعيد ترامب تجاه فنزويلا يقترن بخطوات عسكرية تربك قادة أمريكا اللاتينية