على وقع المظاهرات التي شهدتها مدن أميركية عدة ضد سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت شعار "لا ملوك" ربط النجم السينمائي الشهير روبرت دي نيرو، في مقابلة مع محطة "إم إس إن بي سي" (MSNBC) التلفزيونية الإخبارية بين ترامب وستيفن ميلر بقوله "لن يرغب في الرحيل، لقد دبر الأمر مع غوبلز في حكومته. ميلر، إنه نازي، نعم هو كذلك، وهو يهودي، وعليه أن يخجل من نفسه".

وقد ارتدى متظاهرون ملابس سجناء في سلاسل السجن على هيئة الرئيس دونالد ترامب ونائبه جيه دي فانس، ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، وكذلك ميلر.

ويعد ميلر من أقصى اليمين، وقد شغل منصب مستشار سياسات ترامب في إدارته الأولى، ويشغل حاليا منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية ومستشار الأمن الداخلي.

وهو المسؤول الأول عن كتابة خطابات ترامب، ويوصف بـ"مهندس" قانون الهجرة التنفيذي، وأحد أكثر الشخصيات تأثيرا في "الحركة الترامبية" وقد وصفت سياساته من مصادر ووسائل إعلام عدة بأنها "يمينية متطرفة ومعادية للهجرة وقومية بيضاء".

حركة لا ملوك.. هل ينتفض الملايين ضد #ترمب؟ pic.twitter.com/w50tQi2dxI

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 18, 2025

مهاجر معادٍ للمهاجرين

ميلر المولود عام 1985 في مدينة سانتا مونيكا بمقاطعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، لعائلة يهودية ذات ميول ليبرالية تمتلك آراء محافظة، وكان والده مستثمرا عقاريا ومحاميا، ووالدته عاملة اجتماعية، وقد هاجرت عائلتهما من بيلاروسيا عام 1903 وسط أعمال شغب في الإمبراطورية الروسية التي بدأت في أعقاب اغتيال ألكسندر الثاني.

وحصل على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة "ديوك" عام 2007، وهي أقدم جامعة أميركية تقع بولاية نورث كارولاينا.

وكان ميلر طالبا منخرطا بالسياسة، حيث عمل مديرا لاتحاد "ديوك" المحافظ، ورئيس فرع الجامعة لطلاب "ديفيد هورويتز" من أجل الحرية الأكاديمية، بالإضافة إلى كتابة عمود بصحيفة "كرونيكل" وصف بأنه محرض يضم آراء مثيرة للاستقطاب.

إعلان

وبعد تخرجه عمل سكرتيرا صحفيا لعضويْ الكونغرس عن الحزب الجمهوري ميشيل باخمان وجون شاديغ، ثم بدأ العمل لدى عضو مجلس الشيوخ جيف سيشنز عام 2009 عن ولاية ألاباما، والذي أصبح فيما بعد المدعي العام الأول لترامب.

وفي هذه الفترة المبكرة ترسخت سمعة ميلر كرمز للتحريض المتطرف ضد المهاجرين.

واستخدم ميلر موقع "بريتبارت نيوز" اليميني وكان يرأسه آنذاك ستيف بانون المستشار السابق وكبير الإستراتيجيين للرئيس ترامب.

وترقى ميلر في الكونغرس إلى منصب مدير الاتصالات، ولعب دورا رئيسيا في هزيمة مشروع إصلاح قوانين الهجرة، وبحكم وظيفته كان مسؤولا عن كتابة العديد من الخطب "الشعبوية القومية" ردا على العولمة والهجرة .

كاتب خطابات الكراهية

وعندما أطلق ترامب حملته الرئاسية عام 2015 والتي نهضت على عناوين صارخة من خلال شيطنة المهاجرين المكسيكيين ووصفهم بـ"تجار المخدرات والمجرمين والمغتصبين" أخذ ميلر إجازة من مكتب جلسات مجلس الشيوخ للعمل معه.

وبناء على توصية من بانون (رئيس حملة ترامب آنذاك) تم تعيينه كاتبا للخطابات بسبب تركيزه على الهجرة، التي أصبحت القضية الرئيسية للمرشح ترامب. وجسد ميلر جوهر ما يفكر به ترامب، ومنذ ذلك الحين بقي الثنائي متلازمَين سياسيا.

وقد انضم ميلر إلى حملة ترامب الرئاسية لعام 2016 كمستشار سياسي رفيع المستوى، وكرئيس لفريق السياسة الاقتصادية، وأخذ يتحدث نيابة عن حملة ترامب.

وبعد فوز ترامب بالرئاسة، أعلن أن ميلر سيخدم كمستشار رئيسي لترامب لشؤون السياسة، وعمل مع السناتور جيف سيشنز، وبانون، على سن سياسات تقيد السفر والهجرة من قبل المواطنين في 7 دول إسلامية، وتعليق برنامج قبول اللاجئين بالولايات المتحدة وخفض عدد اللاجئين المقبولين، وقد نسب الفضل إلى ميلر كمهندس لهذا القرار.

وقد أثار تنامي شهرته كمتطرف معاد للهجرة انتقادات من أقاربه، ففي عام 2018 وصفه عمه ديفيد غلوسر، وهو طبيب نفسي متقاعد، بـ"المنافق" لتجاهله ذكرى أسلافه الذين فروا من المذابح في روسيا القيصرية.

وقال "لقد شاهدت بفزع ورعب متزايد كيف أصبح ابن أخي، وهو رجل متعلم يدرك تراثه جيدا، مهندس سياسات الهجرة التي تنفي الأساس ذاته لحياة عائلتنا في هذا البلد". وذلك بحسب ما نشرته صحيفة "غارديان" في يونيو/تموز الماضي عن نص كتبه غلوسر بالصحيفة الأميركية السياسية "بوليتيكو".

وهذه ليست المرة الأولى التي أشار فيها النقاد إلى تاريخ الهجرة الخاص بميلر الذي قال إنه يؤمن بتفضيل المهاجرين الذين يتحدثون الإنجليزية مسبقا على أولئك الذين لا يتحدثون الإنجليزية.

وفي وقت سابق من هذا العام، نشرت عالمة الأنساب جنيفر مندلسون بيانات من إحصاء عام 1910 تبين أن جدة ميلر لم تكن تتحدث الإنجليزية، وكانت تتكلم اليديشية اللغة التاريخية لليهود الأشكناز من أوروبا الشرقية.

وبعد خسارة ترامب الانتخابات الرئاسية لعام 2020، ظل ميلر مخلصا له. وقد تم استدعاؤه من قبل لجنة التحقيق الخاص التي بحثت في الجهود المبذولة من الجمهوريين لإلغاء الانتخابات الرئاسية، بما في ذلك هجوم أنصار ترامب (الترامبيون) على الكابيتول. وعام 2021، أسس ميلر منظمة "أميركا فيرست ليغال" وهي منظمة يمينية محافظة.

إعلان

وقدم ميلر المشورة لحملة ترامب في الانتخابات الرئاسية لعام 2024، وبعد فوز ترامب على المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، عين ميلر في منصب نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية ومستشار الأمن الداخلي للولايات المتحدة.

وبحسب مطلعين على تفاصيل عمل ميلر، فقد تجاوز حماسه المناهض للهجرة في بعض الأحيان حماس ترامب. ووفقا لصحيفة "نيويورك تايمز" قال ترامب في اجتماع لحملته الانتخابية العام الماضي إنه لو كان الأمر بيد ميلر لما كان هناك سوى 100 مليون شخص يعيشون بالولايات المتحدة، و"كانوا جميعا سيشبهون ميلر" بحسب الصحيفة الأميركية.

شخصية مثيرة للانقسام

مع تصاعد الاحتجاجات ضد سياسة إدارة ترامب بخصوص الهجرة ونشر الحرس الوطني لقمع الاضطرابات، لجأ ميلر إلى منصة إكس لتبرير هذه الخطوة معلنا أن لوس أنجلوس أصبحت "أرضا محتلة".

ويقول النقاد عموما إن ميلر شخصية مثيرة للانقسام، وقد قاد أكثر سياسات إدارة ترامب إثارة للشكوك القانونية. كما ذكر الكاتب جاي تشازان في صحيفة "فايننشال تايمز" في مقال نشر حديثا.

ولقد تطورت العلاقة بين الشخصيتين إلى حد أن ميلر أصبح يطلق عليه في بعض الدوائر الأميركية لقب "الرئيس". ووصفه آخرون بأنه "المسؤول الأكثر تأثيرا" في البيت الأبيض منذ ديك تشيني الذي مارس نفوذا واسعا كنائب للرئيس جورج دبليو بوش.

وعندما اعتلى ميلر منصة تأبين الناشط المحافظ تشارلي كيرك، وجه تحذيرا شديد اللهجة إلى القوى اليسارية التي يعتقد أنها مسؤولة عن الاغتيال، وصاح مخاطبا "الأعداء" الأيديولوجيين "إنكم لا تتخيلون الحجم الهائل للتنين الذي أيقظتموه".

وقال ستيف بانون عن ميلر "إنه رئيس الوزراء، لا أعتقد أن هناك جانبا من جوانب السياسة الداخلية -باستثناء بعض مجالات الأمن القومي ووظائف الخزانة والمالية وما شابه- لا يشارك فيه (ميلر) عن كثب".

وكما يتضح في السيرة الذاتية المهمة، التي كتبها جان غيريرو عن ميلر تحت عنوان "مروج الكراهية" أنه "ثاني أو ثالث أقوى شخصية في بلدنا. يتمتع ميلر بنفوذ هائل على ترامب الذي يزداد ضعفا. وهو يدفع باتجاه غزو فنزويلا. ويحمل كراهية مرضية للاتينيين".

وخلف الكواليس، وبعيدا عن المحطات التلفزيونية والمنصات، يتجاوز نفوذ ميلر إلى حد كبير لقبه ومنصبه المتواضع بشكل ضبابي، بحيث يبدو أحيانا بقوة الرئيس نفسه.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

من سلسلة «يوميات كاتب في بلاد الطين»

نصوص ترصد التحولات الاجتماعية في الريف المصري بلغة رمزية ساخرة، تجمع بين النقد والحنين.

---القطيع التطوعي

في زمنٍ صار فيه الجهل زينةً، والرياءُ وسيلةَ عيش، والوقاحةُ جسرًا إلى المجد، تحوّلت الانتخابات في بلادنا إلى فصلٍ جديدٍ من الكوميديا السوداء. فكل موسمٍ انتخابيّ يعيد القرية إلى طفولتها الساذجة، تُزيَّن القباحة وتُغسل الوجوه بالطين لتبدو أنقى. كأنّ الناس هناك لا تختار بوعي، بل بحنينٍ بدائيٍّ يشبه الطواف في الموالد، يهرولون خلف من يملك الصوت الأعلى لا الفكرة الأصدق.

أشتاق أحيانًا إلى طفولتي في تلك القرية، إلى زمنٍ كانت البساطة فيه نقيةً، لم تُلوِّثها الزغاريد الانتخابية ولا رائحة الكبسة الجماعية. يومها كان الناس يفهمون الشرف بالعمل، لا باليافطات التي تعد بما لا تملك.

في صباحٍ باكر على أطراف قريتنا، عند ترعة الجبادة العليا، استيقظنا على زفّةٍ صاخبةٍ لمرشّحٍ جديد.النساء يرششن الملح والماء على جانبي الطريق اتقاءً للحسد، والرجال يتدافعون بين الطبول والهتافات، كأنّ الموكب عرسٌ جماعيّ لا انتخابات. تقدّم ابن العمدة يوزّع الابتسامات والوعود، ثمّ عُيّن لاحقًا خولي زراعة، في مشهدٍ بدا طبيعيًّا كالميراث.

وعلى الضفة الأخرى، وقف شيخ القرية تحت شطّ الجميز وأشجار السنط، وخلفه طيور الأوَزّ والبطّ تصيح متناسقةً مع الهتافات، كأنها تشارك في حملة التأييد الوطنية الكبرى.

وعلى عتبات بيوت الطين، تجمّعت النسوة بأثوابٍ ملونةٍ وعيونٍ لامعةٍ بالفضول. بعضهنّ يهمسن في السخرية، وأخريات يرددن الزغاريد بين لحظةٍ وأخرى. كنّ يختلسن النظر إلى الموكب، يتبادلن النكات عن المرشّح وزوجته، وعن "العزومة الكبرى" التي وُعدن بها مساءً. إحداهنّ صاحت:

ـ يا ولاد، ما تنسوش الزفة دي.. .شبه زفة العجول يوم العيد!

فضحكنا نحن الصغار، وخرجنا خلف الطبل والزمر نركض في الطريق الموحل كأننا نزفّ عجول عيد الأضحى. كانت الضحكة بريئة، لكنّ المشهد كله كوميديا من طينٍ وهمزاتٍ وزغاريدٍ ونفاقٍ لامعٍ كالماء العكر في الترعة.

في تلك الزفّة الأولى تعلمنا أنّ السياسة ليست سوى سيركٍ متجوّل، مهرجانٌ من الأصوات العالية والوجوه المتكرّرة، وأنّ القلوب في بلاد الطين تميل لمن يطعمها الوهم قبل الخبز. تغيّر الزمن، لكنّ المشهد لم يتغيّر، فقط تبدّلت الأدوات. صار الهاتف بديلاً عن الطبلة، واللافتة المضيئة بديلاً عن الزغرودة، والجهل نفسه يطلّ هذه المرة في ثوبٍ عصريٍّ أنيق.

المرشّح القادم إلى القرية كان أكثر وقاحة من سابقيه، يوزّع الابتسامات كما تُوزَّع الأكياس الفارغة في الأسواق. وخلفه يسير القطيع التطوعي من أهل القرية: شيوخٌ وشبابٌ ونساءٌ يمدحونه بلا سببٍ سوى أنهم اعتادوا التصفيق لمن يملك الميكروفون والوليمة. أحدهم قال وهو يصفّق بحرارة:

ـ الراجل دا ابن أصل.. .هيرد الجميل للبلد.

فسأله آخر ساخرًا:

ـ جميل إيه؟ دا لسه ما عملش حاجة!

فأجاب الأول بجدٍّ غريب:

ـ كفاية إننا بنشوفه مبتسم!

كانت تلك الابتسامة كأنها عطيةٌ مقدّسة، تُشعل الحماس في النفوس وتمنح الجاهلين شعورًا زائفًا بالمشاركة. رأيتُ العمدة العجوز يوزّع كلماته بحذرٍ أشبه بخيوط العنكبوت، يهمس بأنّ "الناس لازم تتجمّع.. .شكل القرية قدّام المحافظة مهم!"، وكأنّ الحضور طقسٌ تعبّديّ لا رأي فيه ولا نقاش.

حتى إمام المسجد، الذي كان يحذّرنا دومًا من النفاق، وقف يومها في الصف الأول يهتف باسم المرشّح، ثم صعد المنبر في الجمعة التالية ليخطب عن "الإخلاص في العمل العام"! ضحكتُ في سرّي، وأنا أرى كيف يذوب الإيمان حين يقترب من السياسة، وكيف يتحوّل الحقّ إلى ظلٍّ خائفٍ من الضوء.

وفي منتصف الحملة، ظهرت على جدران الطين رموزٌ غريبة: بومةٌ مرسومة بخطٍّ مرتجف، وعينٌ تحدّق من فوق اللافتات. قيل إنّها شعار "مرشّحنا"، الذي اختار البومة رمزًا لحكمته وسهره على مصلحة الناس! ضحكنا في الخفاء، فنحن نعرف أن البومة في أمثالنا نذير شؤم، لكنها في خطابه الانتخابي تحوّلت إلى طائرٍ وطنيٍّ مستنيرٍ يرى في العتمة ما لا يراه الناس. راحت الجدّات يبصقن ثلاثًا كلما مررن أمام الجدار، بينما الشبان يلتقطون الصور بجوار البومة كأنها تميمة نصر. كان المشهد يجمع بين الأسطورة والسذاجة في لوحةٍ سريالية من طينٍ وضحكٍ مكتوم.

وعندما انتهت الزفّة، بقيت آثار الملح والماء على الطريق كأنها تعويذةٌ لطرد الحقيقة. استعادت القرية هدوءها، لكن العيون بقيت مشتعلة بالانتظار: من سيُعيَّن بعد الانتخابات؟ ومن سيُمنح مقعدًا أو قطعة أرض؟ أما شيخ القرية فظلّ واقفًا عند شطّ الجميز، يحدّق في الماء العكر ويقول بصوتٍ متعب:

ـ نفس الوجوه يا ولدي.. .تتبدّل الأسماء فقط.

أدركتُ يومها أن بلاد الطين لا تتغيّر بالخطب ولا باليافطات، بل حين يتعلّم أبناؤها أن يزرعوا الوعي بدل الشعارات. لكنّ الوعي في قريتنا يشبه البذور التي تُلقى في أرضٍ مشبعةٍ بالملح.. .لا تنبت، بل تموت واقفة.

حين غابت الشمس، مررتُ من طريق الترعة. رأيتُ الأطفال يلعبون في الطين نفسه الذي داسه الموكب صباحًا. ضحكوا وهم يقلّدون المرشّح بصوتٍ ساخر:

ـ وعد شرف يا جماعة!

ضحكتُ معهم، ثم سكتُّ فجأة. ربما أولئك الصغار وحدهم، دون قصد، بدأوا أول تمرينٍ على الحرية.

وفي مساء ذلك اليوم، مررتُ بجدارٍ ما زالت عليه بومة المرشّح تحدّق في العابرين بعينٍ ثابتة. بدت لي كرمزٍ أعمق من مجرد شعارٍ انتخابي، بومةٌ عمياء تظن نفسها حكيمة، تمامًا كما يظن الناس أنهم أحرارٌ وهم في صفوف الطاعة. أدركتُ حينها أن رمزية البومة لم تكن صدفة، بل مرآةٌ لوعينا المقلوب: نحتفي بالظلام ظنًّا أنه بصيرة، ونصفّق للعتمة لأن الضوء بات يوجع العيون التي لم تتعلّم النظر.. .!!

-- ما بعد المشهد

وما أوجعني وأمرضني وأقعدني هذه الأيام عن الكتابة، هو ما رأيته من بعض من يدّعون الفكر والثقافة، أولئك الذين غرقوا في نفاقٍ أعمق من طين القرية، وراحوا يمدحون مرشّحًا قد يغيب عن المشهد أصلًا. ما أزعجني ليس المرشّح ذاته، بل تلك الوجوه التي كانت بالأمس تسألني: "لماذا يخوض الانتخابات؟" ثم انقلبت اليوم تصفق له كأنها وجدت نبيًّا في الميدان. جنّ جنوني، ومرضتُ من هول ما أراه من تبدّل الوجوه والمواقف، كأنّ الرياء صار عقيدة والصدق ترفًا مهجورًا.

أيّ زمنٍ هذا؟

زمنُ الطقس الرديء، مثل مناخٍ فاسدٍ تتعاقب عليه العواصف والغبار، فلا يبقى فيه سوى رائحة العفن والبلل. زمنٌ يتبدّل فيه المطر إلى وحل، والرياح إلى تصفيقٍ أجوف.

إنه زمن بلاد الطين.. .حين يصبح الكذب مهارةً، والنفاقُ ثقافةً، والصمتُ علاجًا مؤقتًا من الجنون.. .!!

--محمد سعد عبد اللطيف

كاتب وباحث في الجيوسياسية والصراعات الدولية.. !! [email protected]

مقالات مشابهة

  • حكم إقراض المال مع الكراهية.. مفتي الجمهورية يجيب
  • عبدالله: لضرورة الابتعاد عن خطابات التهديد والتخوين
  • ترامب يرد على احتجاجات لا للملوك بمقطع من صنع الذكاء الاصطناعي يُظهره يقصف المتظاهرين بـالبراز
  • “وول ستريت جورنال”: واشنطن تخطط لعقد اجتماعات مع موسكو قبل قمة بودابست أكثر من التي سبقت قمة ألاسكا
  • تشديد سياسات الهجرة في عهد ترامب يهدد سوق العمل الأمريكي
  • كاتب إسرائيلي: هكذا حوّل ترامب إسرائيل إلى جمهورية موز
  • من سلسلة «يوميات كاتب في بلاد الطين»
  • لا ملوكمسيرات حاشدة ضد سياسات ترامب تجتاح الولايات المتحدة
  • محلل سياسي إسرائيلي: نتنياهو ترك العصابات التي موّلها في غزة تواجه مصيرها