أمين البحوث الإسلامية: السلام في الرسالات السماوية منطلق فطري وغاية إنسانية
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
أكد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محمد الجندي خلال خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالجامع الأزهر، بعنوان: «السلام ضرورة وجودية»، أن السلام سنة كونية من شذَّ عنها شذَّ عن الحياة، مشيرًا إلى أن الحرب دمار وخراب لا بناء وعمار، متسائلًا: «ماذا أثمرت الحروب غير الدمار والتشريد وانتهاك الحرمات والتجويع؟».
وقال: «فيا أيها الكون، أما آن لك أن تعود إلى فطرتك الأولى حيث السلام؟ فالحياة من غير سلام تشبه حياة الغابة، وحوشٌ منطحِنة ووعولٌ متصارعة»، مؤكدًا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خلَّص الكون كله من عناء الحروب، ورسّخ السلام في الأرض والقلوب.
وأضاف الأمين العام أن السلام منطلق مركزي في كل الرسالات السماوية، وأنه قيمة أصيلة في فطرة الإنسان وسنن الكون، فالكون يدور بانتظام من الذرّة إلى المجرّة، كما قال تعالى: (لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)، محذرًا من أن أيّ اختلال في هذا النظام يؤدي إلى اضطراب في الحياة، تمامًا كما يؤدي اضطراب الصفائح التكتونية إلى الزلازل.
وأوضح أن سكون الكون وأمانه مرهون بانتظامه لا بانتقامه، فالسلام سنة كونية إذا تحقق قامت قائمته، وإذا انقشع قامت القيامة، مؤكدًا أن السلام في الإنسان والمجتمع يقوم على ثلاثة أركان: الأولى، العفو وكظم الغيظ، مستشهدًا بحديث النبي ﷺ: «من كظم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيّره من الحور ما شاء»، وبموقف النبي الكريم مع أهل مكة حين قال: «اذهبوا فأنتم الطلقاء»، والثانية، وحدة الشعور الإنساني، وهي التي تجعل الإنسان يحسّ بغيره، فينفق في سبيل الله ويشعر الغني بالجائع والصحيح بالمريض، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد»، أما الثالثة، محبة الخير للغير، مستدلًا بما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي ﷺ قال في دعائه لها: «اللهم اغفر لعائشة ما تقدم من ذنبها وما تأخر، ما أسرت وما أعلنت، ثم قال لها: «والله إنها لدعائي لأمتي في كل صلاة».
وأشار الأمين العام إلى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن السلام عنده مجرد قول، بل كان منهج حياة، حتى الجماد والحيوان شعرا بأمانه، فقد سلّم عليه الحجر والشجر، كما في حديث عليٍّ رضي الله عنه: «ما استقبله جبل ولا شجر إلا قال: السلام عليك يا رسول الله»، كما رقّ قلبه لجمل اشتكى إليه الجوع والتعب فقال لصاحبه: «أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله؟ إنها شكت إليّ أنك تجيعها وتدئبها».
وأوضح أن الإيمان الحق هو ما وقر في القلب وصدقه العمل، وأن الشعور بالآخرين هو عنوان هذا الإيمان، مستشهدًا بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها عندما ذبحت شاة فقال النبي ﷺ: «ما بقي منها؟» قالت: ما بقي منها إلا كتفها، فقال ﷺ: بقي كلها غير كتفها»، مبينًا أن النفس الإنسانية عزيزة حرّم الله الاعتداء عليها، لقوله ﷺ: «من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا».
واختتم خطبته بالتأكيد على أن السلام هو الإطار الجامع لاستقرار الكون والبشرية، وأن من خرج عنه خرج عن فطرته، قائلًا: «ان سكون الكون كله وأمانه مرهون بانتظامه لا بانتقامه، فالسلام سنة كونية إذا تحقق قامت قائمته، وإذا انقشع قامت القيامة»
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: امين البحوث الإسلامية البحوث الإسلامية محمد الجندي الدكتور محمد الجندي خطبة الجمعة الأزهر السلام الرسالات السماوية البحوث الإسلامیة أن السلام النبی ﷺ
إقرأ أيضاً:
الأحد.. البحوث الإسلامية ينظم الأسبوع الدعوي الـ13 بجامعة المنوفية
ينظم مجمع البحوث الإسلامية، الأحد المقبل، فعاليات الأسبوع الثالث عشر للدعوة الإسلامية، الذي تعقده اللجنة العُليا للدعوة في جامعة المنوفية تحت عنوان: "الإيمان في عصر العِلم"، برعايةٍ كريمةٍ مِنْ الإمام الأكبر د. أحمد الطيِّب، شيخ الأزهر الشريف، وإشراف د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، ود. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة.
وقال د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة: إنَّ هذا الأسبوع الدَّعوي يأتي استمرارًا لجهود الأزهر الشريف في إحياء الوعي الدِّيني والفِكري لدى الشباب الجامعي، موضِّحًا أنَّ اختيار عنوان (الإيمان في عصر العِلم) يعبِّر عن رسالة الأزهر في الجمع بين نور الوحي وهداية العقل.
أمين البحوث الإسلامية: فعاليات الأسبوع 13 للدعوة الإسلامية تتضمَّن تأكيد التوافق بين الإيمان والعِلموأشار الدكتور الجندي إلى أنَّ أهداف الأسبوع تتضمَّن تأكيد التوافق بين الإيمان والعِلم، ودَحْض شبهة التعارض بين النصوص الشرعيَّة الثابتة والحقائق العِلميَّة القطعيَّة، ومعالجة الشُّبُهات الفِكريَّة التي أفرزها عصر التقدُّم العِلمي؛ كالحديث عن نظريَّة التطوُّر، ونشأة الكون، والعلمانيَّة، مِنْ خلال طرحٍ عِلميٍّ رصين يقدِّم رؤية الإسلام الواضحة في هذه القضايا.
أمين البحوث الإسلامية يشهد حفل توزيع جوائز مسابقة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة
البحوث الإسلامية: قافلة واعظات الأزهر بسيوة وصلت لشرائح واسعة من السيدات
أمين البحوث الإسلاميةَّ يشارك في ندوة الدفاع الشعبي بمناسبة الذكرى الـ 52 لانتصارات أكتوبر
(البحوث الإسلامية) يختتم الأسبوع الدعوي الـ12 في جامعة بنها
وتابع أمين البحوث الإسلامية أنَّ برنامج هذا الأسبوع يهدف -كذلك- إلى ترسيخ الهُويَّة الإيمانيَّة لدى طلاب الجامعات، وتقوية مناعتهم الفِكريَّة في مواجهة التيَّارات الماديَّة والإلحاديَّة، إلى جانب إبراز مظاهر الإعجاز العِلمي في القرآن الكريم والسُّنة النبويَّة بما يبرهن على شمول الرسالة الإسلاميَّة ومواكبتها لكلِّ العصور، فضلًا عن تحفيز الطلاب على التفكير العِلمي والإبداع البحثي، واستثمار طاقاتهم في خدمة الإنسانيَّة انطلاقًا مِنَ القِيَم الإيمانيَّة الأصيلة.
وبيَّن أمين البحوث الإسلامية أنَّ هذه الأسابيع الدعويَّة التي ينفِّذها المجمع في مختلِف الجامعات المصريَّة تهدف إلى تعزيز الحضور الأزهري الفاعل داخل الوسط الجامعي، مِنْ خلال فَتْح حوارات فِكريَّة بنَّاءة مع الطلاب؛ تجمع بين الفهم الشرعي العميق والطرح العِلمي المنهجي؛ بما يُسهِم في بناء وعي متوازن يحترم العقل ويسترشد بالوحي.
مِنْ جانبه، لفت الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد للجنة العُليا للدعوة، إلى أنَّ الأسبوع الدعوي بجامعة المنوفيَّة سوف يشهد مشاركة نخبة مِنْ علماء الأزهر الشريف، الذين سيقدِّمون مجموعةً مِنَ الندوات والمحاضرات الفِكريَّة والدِّينيَّة، مؤكِّدًا أنَّ الهدف هو تفعيل التواصل المباشر مع الشباب الجامعي، والاستماع إلى تساؤلاتهم، وتقديم المعالجات الفِكريَّة العميقة لقضاياهم المعاصرة بروح عِلميَّة ومنهج أزهري وسطي.
وتستمر فعاليَّات الأسبوع الدعوي على مدار خمسة أيام، وتشمل سلسلةً مِنَ النَّدوات الفِكريَّة التي تناقش قضايا الإيمان والعِلم في ضوء الفِكر الأزهري الوسطي؛ إذْ تتناول ندوة (ركائز الإيمان) الأسسَ الراسخة لعقيدة المسلم في مواجهة موجات الشَّك.
وتأتي ندوة (الإيمان والعِلم: صراع أم توافق؟) لتؤكِّد أنَّ الدِّين والعِلم طريقان متكاملان لا متعارضان، بينما تناقش ندوة (وجود الله بين العقل والفطرة) البراهين العقليَّة والفطريَّة على الإيمان بالخالق عزَّ وجلَّ، وتتصدَّى ندوة (الإلحاد الرَّقْمي: كيف نواجه الشُّبُهات في عالم الإنترنت؟) لمحاولات التشكيك المعاصرة في الفضاء الإلكتروني، فيما تختتم الفعاليَّات بندوة (الإيمان وبناء الأوطان) التي تبرز دَور القِيَم الإيمانيَّة في ترسيخ روح الانتماء والعمل والبناء.