في غزة، يقف السكان مذهولين وهم يتفقدون ما تبقّى من مدينتهم، وكان مشفى الرنتيسي للأطفال أحد أبرز وجوه المأساة، بعدما طاله القصف الإسرائيلي وحوّله إلى ركام.

أظهرت لقطات لوكالة "أسوشيتد برس" مبنى المشفى مدمّرًا بالكامل، تملؤه الأسرّة وأجهزة المراقبة والمعدات الطبية المحطّمة وسط الأنقاض، وذلك بعد أن كان قد تعرّض، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة به، للقصف خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع ما أجبر آلاف السكان على النزوح.

وكان المشفى الرنتيسي، وفق منظمة الصحة العالمية، المشفى التخصّصي الوحيد المتبقي في غزة الذي يقدّم خدمات علاج الأورام وغسيل الكلى والرعاية التنفّسية وأمراض الجهاز الهضمي للأطفال.

شهادة من بين الركام

هذا المرفق الطبي الذي شكّل شريان حياة للمرضى الصغار، تحوّل اليوم إلى كومة من الركام. في محيطه، تتجوّل أم محمد العريشي، التي كانت تسكن في حي الشيخ رضوان، بحثًا عن أثر لما تبقّى من الحيّ.

تقول وهي ترفع بصرها إلى المباني المنهارة: "لم أستطع العثور على المكان، لم أتعرف إلى بيتي ولا إلى الحي بأكمله. سرت في الشوارع وانصدمت، لا شيء كما كان. تمنّينا أن نجد منازلنا، لكن لا وجود لأي شيء. حتى لو بقيت عشرة منازل في الزقاق نفسه، فالحياة هنا غير ممكنة".

وتضيف بصوت يختلط بالدهشة والمرارة: "أكثر ما صدمني هو تدمير مستشفى الرنتيسي المتخصّص في الأورام وأمراض الدم. إنها كارثة. أنتم كعدو، دمّرتم كل المنازل، لكن اتركوا المستشفيات، اتركوا شيئًا من الحياة. لا توجد حياة، أقسم بالله أنني في صدمة".

جزء من مشفى الرنتيسي للأطفال في غزة بعد تعرضه لأضرار جسيمة جراء الحرب الإسرائيلية. Abdel Kareem Hana/ AP نظام صحي منهار

جراء الحرب، دُمّرت أكثر من 94% من مستشفيات غزة أو تضررت بشدة. وأكدت منظمة الصحة العالمية أن النظام الصحي في القطاع يحتاج إلى ما لا يقل عن سبعة مليارات دولار لإعادة البناء، وسط نقص حاد في المستشفيات والأدوية والمعدات والكوادر الطبية.

أما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي فقد قدّر كلفة إعادة إعمار غزة بنحو سبعين مليار دولار، في عملية قد تمتد لعقد من الزمن أو أكثر، نظرًا لحجم الدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية والمباني.

وقد أكد مدير عام المستشفيات في غزة أن الجيش الإسرائيلي تعمّد تدمير مباني وأجهزة مشفى الصداقة التركي، وهو المنشأة الوحيدة المخصصة لعلاج مرضى السرطان في القطاع، مشيرًا إلى أن القوات الإسرائيلية دمّرت وأحرقت أقسامًا كاملة في المستشفيات التي اقتحمتها أثناء الحرب.

Related باحث ينقّب بين أنقاض منزله في غزة بحثاً عن كتبهمنظمة تحذّر: "كل شخص في قطاع غزة يعيش وسط حقل ألغام مروّع"لقاء بين حماس وفتح في القاهرة يبحث مستقبل غزة وترتيبات ما بعد وقف إطلاق النار نداء عاجل لإنقاذ القطاع الصحي

أمس الجمعة، قال نائب وزير الخارجية النرويجي أندرياس كرافيك إن "إسرائيل استهدفت بشكل ممنهج المستشفيات والعاملين في الرعاية الصحية"، مشددًا على "ضرورة موافقة إسرائيل على إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة".

وأضاف: "نحتاج إلى مستشفيات جديدة ومزيد من عمال الإغاثة في القطاع، كما نحتاج إلى موارد من الدول الإقليمية لتقديم الرعاية الصحية للفلسطينيين. يجب أن نتحرك بسرعة، فهناك حاجة ماسة إلى إدخال الشاحنات والآليات لرفع الأنقاض".

ورغم استمرار وقف إطلاق النار الهش الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 تشرين الأول/أكتوبر بوساطة أمريكية، فإن القطاع لا يزال غارقًا في أزمته الإنسانية. ووفق وزارة الصحة في غزة بلغت حصيلة القتلى أكثر من 68,519 شخصًا منذ اندلاع الحرب. وفي أحدث إحصائية، أعلنت الوزارة عن تسجيل 93 قتيلاً و324 مصابًا، وانتشال جثامين 464 شخصًا منذ بدء وقف إطلاق النار.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بحث علمي حركة حماس دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بحث علمي حركة حماس مستشفيات الصحة قطاع غزة إسرائيل المساعدات الإنسانية ـ إغاثة وقف إطلاق النار دونالد ترامب إسرائيل غزة روسيا بحث علمي حركة حماس الصحة شرطة تهريب المخدرات الكاريبي بريطانيا دراسة فی غزة

إقرأ أيضاً:

يديعوت أحرونوت: ذعر في واشنطن .. ما الذي يهدد خطة ترامب لوقف الحرب؟

كشف تقرير لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية أن أروقة صنع القرار في واشنطن تشهد حالة من القلق العميق بسبب تزايد المؤشرات على تعثّر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أُعدّت في عشرين بندًا لإعادة ترتيب الأوضاع في غزة والمنطقة بعد الحرب.


ووفقا للمعلق العسكري للصحيفة، رون بن يشاي، فإن مسؤولين أمريكيين بارزين كثّفوا زياراتهم إلى تل أبيب خلال الأسابيع الأخيرة في محاولة لاحتواء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومنعه من استئناف العمليات العسكرية على نطاق واسع، لما قد يمثله ذلك من ضربة قاصمة للخطة الأمريكية التي تراهن على “هدوء مرحلي” يتيح إطلاق مسار سياسي جديد.


لكن التقرير يوضح أن التحديات لا تتوقف عند الموقف الإسرائيلي فحسب، إذ تواجه الخطة تصدعات داخلية بين مؤسسات القرار الأمريكي، إلى جانب اعتراضات عربية ودولية على بعض بنودها الحساسة، وعلى رأسها آليات إعادة إعمار غزة وترتيبات الحكم بعد الحرب.


ويشير بن يشاي إلى أن أبرز نقاط الخلاف تتمثل في رفض إسرائيل القاطع لأي دور للسلطة الفلسطينية في إدارة القطاع، مقابل إصرار واشنطن على ضرورة وجود “مرجعية فلسطينية معترف بها دوليًا” لضمان الاستقرار. كما أن حركة حماس، من جانبها، ترفض الشروط الأمريكية التي تتضمن نزع السلاح الكامل مقابل وعود غامضة بالإعمار والمساعدات.


أما من جهة التمويل، فيبدو أن واشنطن لم تنجح حتى الآن في إقناع الدول العربية الرئيسية بتحمل الجزء الأكبر من كلفة إعادة الإعمار، خصوصًا في ظل غياب ضمانات حقيقية لوقف إطلاق النار الدائم.


ويختتم التقرير بالقول إن البيت الأبيض يدرك أن فشل خطة ترامب سيُعد انتكاسة سياسية كبرى للرئيس الأمريكي الذي يسعى لتقديم نفسه كمهندس “سلام جديد” في الشرق الأوسط قبل الانتخابات المقبلة، إلا أن الواقع الميداني والسياسي في غزة يبدو أبعد ما يكون عن هذا السيناريو المتفائل.

طباعة شارك واشنطن خطة ترامب قطاع غزة إسرائيل بنيامين نتنياهو

مقالات مشابهة

  • يديعوت أحرونوت: ذعر في واشنطن .. ما الذي يهدد خطة ترامب لوقف الحرب؟
  • معاناة نساء غزة المصابات بسرطان الثدي بسبب انهيار النظام الصحي
  • 61 مليون طن.. غزة تواجه شهورًا من إزالة ركام خلفه العدوان الإسرائيلي
  • "اليونيسف" تحذر من ضياع جيل كامل مع انهيار التعليم بغزة
  • اليونيسف تخشى جيلا ضائعا في غزة مع انهيار قطاع التعليم بسبب الحرب
  • اليونيسف تحذر من ضياع جيل كامل في غزة بسبب انهيار التعليم
  • الفساد العقاري يتمدد.. من الأضابير المزورة إلى انهيار الثقة
  • الصحة العالمية: بناء النظام الصحي في غزة يتطلب 7 مليارات دولار
  • انهيار قمة بودابست يُعمّق الجمود فى الحرب الأوكرانية