كان هذا في نوفمبر/تشرين الثاني 2010، وقبلها بشهور كان سعد بن لادن قد هرب من سجن في مدينة يزد الإيرانية ووصل إلى مدينة وزيرستان الباكستانية، بعدما تعرض المقاتلون المحتجزون وعائلاتهم في سجون إيران للضرب.

وأمام تأكيد السعوديين الذين احتمت ابنة بن لادن بسفارتهم في طهران، اعترف الإيرانيون بغياب "امرأة مجهولة الهوية من أحد المجمعات السكنية"، حسب ما أكده المفتي السابق للقاعدة محفوظ ولد الوالد، خلال برنامج "مع تيسير".

وكان السعوديون يحاولون معرفة كل ما لدى الفتاة من معلومات، في حين كان الإيرانيون قلقين من هذا، مما دفعهم لحلحلة قضية المقاتلين الذين أمضوا سنينا في سجونهم رغم أنهم وصلوا إلى إيران كضيوف.

وأمضت إيمان بنت لادن 4 أشهر في السفارة السعودية بطهران قبل أن تصل أمها من سوريا لاستلامها، وقد دفع هذا التطور الإيرانيين لإطلاق سراح بكر بن لادن (شقيق إيمان)، وأرسلوه لأمه في سوريا بعد نحو 40 يوما.

ولم تكن زوجة بن لادن قد رأت أولادها الموجودين في إيران منذ غادرت أفغانستان عام 2001، ومع ذلك رفض الإيرانيون السماح لها بلقائهم عندما وصلت لاستلام إيمان، حسب ما أكده ولد الوالد.

السماح للمعتقلين بالسفر

وبعد هذه الواقعة، سمح الإيرانيون لمن تبقى من أسرة بن لادن بالسفر إلى سوريا تباعا، باستثناء حمزة وأمه اللذين سافرا إلى باكستان.

وكان تنظيم القاعدة قد اختطف دبلوماسيا إيرانيا في مدينة بيشاور الباكستانية عام 2008، واشترط إطلاق سراح بعض المعتقلين في إيران وفي مقدمتهم أسرة بن لادن، بيد أن الإيرانيين لم يوفوا بهذا الاتفاق إلا عندما هربت إيمان، وفق ولد الوالد الذي قال إنه استقى هذه المعلومات بعد عودته لموريتانيا.

وحينئذ، سُمح لبعض المقاتلين الذين قضوا سنوات محتجزين في إيران بالسفر إلى دول أخرى كنتيجة لهروب ابنة بن لادن التي يقول مفتي القاعدة السابق إنها "فضحت ما فعله الإيرانيون بالمقاتلين الذين أعطوهم عهدا بالأمان".

إعلان

ولم يعد لدى الإيرانيين مانع من سفر من يريد السفر من المقاتلين غير المطلوبين، وهم ولد الوالد و5 آخرون من قادة الجهاد. وقد رفض ولد الوالد الخروج من طهران للالتحاق بالقاعدة في باكستان مجددا، لأنه كان قد أنهى علاقته بالتنظيم.

العودة لموريتانيا

وكان الحل الوحيد المطروح لدى ولد الوالد هو العودة إلى بلاده موريتانيا، وعلى هذا الأساس رتب نفسه على البقاء طويلا في إيران، حتى اندلعت ثورات الربيع العربي عام 2011، ففتح الإيرانيون باب السفر إلى دول أخرى غير باكستان.

وبدأ بعض المصريين المحتجزين السفر إلى دول أخرى، في حين طلب ولد الوالد العودة لموريتانيا التي قال لهم مرارا إنه ليست بينه وبينها خلافات، وكان قد بدأ التواصل مع بعض الشخصيات الموريتانية وحصل على موافقة مبدئية بالعودة.

وبدأت هذه الاتصالات في عام 2010، ثم تواصلت لاحقا بعد موافقة الإيرانيين على سفر ولد الوالد إلى بلاده، حيث تم نقله إلى بيت جديد لتسهيل عملية التواصل مع الطرف الآخر.

غير أن الإيرانيين كانوا يبدون تراجعا عن موقفهم كلما وجدوا أن ولد الوالد حصل على حق العودة من موريتانيا، لأنهم كانوا يخططون للاستفادة منه سلبا أو إيجابا، كما يقول.

وفي هذا البيت الجديد، قضى ولد الوالد وعائلته شهورا دون السماح له بالسفر رغم أن الإيرانيين كانوا "يخدرونه بكثير من الوعود التي لم ينفذوا منها شيئا"، فقضى شهورا أخرى على حاله.

وأمام إلحاحه بالسفر، عرض عليه الإيرانيون تهريبه إلى تركيا حيث سيسلم نفسه لسفارة نواكشوط في أنقرة ويكمل إجراءاته التي سبقه إليها غيره، دون تدخل منهم في هذا الأمر.

وكانت هذه الطريق طويلة وجبلية وشاقة فضلا عن الإجراءات المعقدة في تركيا، لكن ولد الوالد قبل بالأمر، فطلبوا منه قطع علاقته بكل من له سابقة جهاد، ونقلوه إلى بيت جديد.

ولكي يجنب أولاده مشقة الرحلة، طلب ولد الوالد تسفير زوجته وأولاده رسميا من إيران إلى موريتانيا لأنهم جميعا لم يكونوا مطلوبين، فوافق الإيرانيون، وتواصلوا مع السفارة الموريتانية في طهران ورتبوا قصة غير حقيقية، وتم رفع الأمر الى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الذي أعطى موافقته ووجه بتسهيل أمر عودة الأسرة.

قرار الفرار من الإيرانيين

وبعد وصول أولاده إلى موريتانيا، قرر ولد الوالد أنه لن يسافر تهريبا إلى تركيا لأنها عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وقد تقوم بتسليمه إلى الولايات المتحدة بحجة رفع الحرج، وكانت قد سلمت آخرين من قبل، حسب قوله.

ولكي يحرج الإيرانيين ويهيئ لنفسه مخرجا جديدا، أجرى مفتي القاعدة السابق اتصالات أخرى بموريتانيا لتأكيد مسألة عودته، وحصل من خلال بعض المشايخ على وعد من الحكومة بتسهيل عودته من أي سفارة يصل إليها.

ولأنه كان مراقبا طيلة الوقت، حصل ولد الوالد على رقم هاتف القائم بالأعمال الموريتاني في طهران، على مرات متقطعة وبطريقة لا ينتبه لها الإيرانيون، ثم بدأ التفكير في طريقة يغافل بها الحرس لكي يصل إلى مقرة السفارة.

ولم يكن مع ولد الوالد سوى حارس واحد في بيته، وكان الإيرانيون يثقون بأنه لن يفكر في الهروب أبدا "لأنه مطلوب من كل دول العالم تقريبا"، وهذا عزز لديه فكرة الهرب لأنها لم تكن متوقعة.

إعلان

وهكذا، استغل مفتي القاعدة السابق فرصة خروجه للتريض في أحد مجمعات طهران، وغافل الحارس الذي دخل إلى حمام البخار، وعاد هو خارجا من المكان واستقل سيارة أجرة استعان بهاتف صاحبها ليتواصل مع القائم بالأعمال الموريتاني الذي رحب به وأبلغه بأنه في انتظاره.

وبعد ربع ساعة، وصل ولد الوالد إلى بيت القائم بالأعمال، الذي يقول إنه شعر بداخله بأنه حر بعد 10 سنوات من الرقابة المشددة. وكانت المرة الأولى أيضا التي يدخل فيها بيتا موريتانيا، وهكذا عاد إلى بلاده في مارس/آذار 2012، بعد شهرين من وصوله إلى هذا البيت.

محفوظ ولد الوالد وتيسير علوني

Published On 28/10/202528/10/2025|آخر تحديث: 17:30 (توقيت مكة)آخر تحديث: 17:30 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات

إقرأ أيضاً:

ياسر فرج يكشف تفاصيل انفصاله وعودته لزوجته بعد 3 سنوات

قال الفنان ياسر فرج إنه انفصل عن زوجته لمدة ثلاث سنوات، وبعد علمه بإصابتها بالسرطان عاد إليها مرة ثانية، موضحا أنه خلال فترة الانفصال كان على تواصل تام معها ومع أولاده.

ياسر فرج عن زوجته الراحلة: عملت اللي علي وربنا ألهمني الصبرياسر فرج: زوجتي كانت تبلغ 38 عاما عندما أصيبت بالمرض

وأضاف خلال حواره ببرنامج واحد من الناس، المذاع على قناة الحياة تقديم الإعلامي عمرو الليثي، أن الانفصال عن زوجته كان بعد تصوير مسلسل أفراح إبليس، وبعد ذلك سافر للجلوس مع شقيقه الذي يعيش في السويد.  

ولفت إلى أنه علم بخبر مرضها في أثناء تواجده في السويد، وعلى الفور عاد للقاهرة، وأن قرار العودة كان سهلا ولم تعترض على العودة.

وأشار إلى أن والد زوجها متوفي وأن التواصل كان مع شقيق زوجته الأكبر، وتم حل المشكلة بكل ود، وأن إصابة زوجته بالمرض كان في عمر 38 سنة.

وأوضح أن "آخر أعمالي كانت مسلسل أفراح إبليس عام 2017، وبعدها انقطعت عن التمثيل بسبب مرض زوجتي، فقد كانت فترة قاسية مليئة بالصعاب والتحديات، لكني كنت مؤمنًا أن وجودي إلى جوارها واجب إنساني قبل أن يكون قرارًا."

وأوضح الفنان أنه رغم انفصاله عن زوجته قبل مرضها، فإن خبر إصابتها بالسرطان كان صدمة كبيرة دفعته للعودة فورًا من الخارج، قائلاً: "كنا منفصلين، وكنت وقتها خارج مصر، لكن بمجرد ما عرفت إنها مريضة رجعت فورًا، وتواصلت مع أهلها، ورجعنا لبعض طبيعي لأنها أم أولادي، وكان لازم أكون جنبها في الوقت ده."

وأضاف فرج أن زوجته كانت تبلغ من العمر 38 عامًا فقط عندما أصيبت بالمرض، مشيرًا إلى أن رحلتها مع العلاج كانت شاقة جدًا، خاصة أن الإصابة كانت في النخاع الشوكي، ما جعل مناعتها ضعيفة، وزاد الأمر صعوبة خلال فترة جائحة كورونا.

وتابع قائلاً: "كنا في وقت صعب جدًا، وكانت المخاوف كبيرة من العدوى، لكن ربنا ألهمني القوة، وكنت بحاول أكون معاها في كل لحظة، وأديها الأمل، وأهتم بولادي التلاتة في نفس الوقت."

وأشار إلى أن رحلتهم مع المرض استمرت سنوات، تخللتها عمليات دقيقة وأمل دائم في الشفاء، مؤكدًا أنه رغم رحيل زوجته، إلا أنه راضٍ بقضاء الله وقدره، قائلاً: "الحمد لله على كل شيء، عملت اللي عليّ وربنا ألهمني الصبر، ومهما كانت الخسارة فهي في مكانة أفضل عند ربنا."

يُذكر أن الفنان ياسر فرج يستعد حاليًا للعودة إلى الشاشة من خلال مسلسل جديد بعنوان "وتر حساس"، بعد غياب طويل عن الدراما منذ آخر ظهور له في مسلسل "أفراح إبليس" عام 2017.

طباعة شارك ياسر فرج الفنان ياسر فرج الإعلامي عمرو الليثي أفراح إبليس

مقالات مشابهة

  • هل يمهّد تفكيك خلايا النظام السابق لاستقرار الساحل السوري؟
  • الداخلية السورية تعلن اعتقال النائب العام العسكري إبان النظام السابق
  • القبض على النائب العام العسكري السابق في سوريا
  • مفتي القاعدة السابق يروي قصة هروب ابنة ابن لادن من طهران
  • إلى أين تتجه المواقف الدولية بعد انتهاء الاتفاق النووي الإيراني؟
  • ياسر فرج يكشف تفاصيل انفصاله وعودته لزوجته بعد 3 سنوات
  • التحالف يعيد تحريك القاعدة تمهيداً لحرب جديدة في اليمن
  • رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق: تل أبيب فقدت دعم غالبية العالم الغربي
  • البرلمان الإيراني: الملف النووي بات خارج مجلس الأمن