التطوير العقاري: المدن الساحلية المصرية تمتلك مقومات استثنائية تؤهلها للمنافسة العالمية
تاريخ النشر: 30th, October 2025 GMT
أكد سالمان محمد سلمان عضو غرفة التطوير العقارى باتحاد الصناعات ، أن تنمية المدن الساحلية تمثل ركيزة أساسية في دعم الاقتصاد الوطني، كما تساهم في فتح آفاق جديدة للاستثمار وتوفير ملايين فرص العمل.
ولفت إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى رؤية تشريعية وتنفيذية تحقق التوازن بين التطوير العمراني والحفاظ على الموارد البيئية والسياحية للمحافظات والمدن الساحلية.
وأشار إلى أن الاستثمار في المدن الساحلية لا يقتصر على السياحة فقط، بل يمتد إلى مجالات أخرى مثل الصناعات المرتبطة بخدمات البحر، والأنشطة التجارية، واللوجستيات، ما يجعلها مصدر دخل متجددا ومستداما، لذا فإن تنمية هذه المدن يعد تنمية شاملة في جميع الجوانب الاقتصادية وليس تنمية مرتبطة بقطاع معين.
وأوضح سالمان، أن المدن الساحلية المصرية تمتلك مقومات استثنائية تؤهلها للمنافسة العالمية، وذلك من حيث الموقع والبنية التحتية والمناخ، ما يجعلها قادرة على جذب رؤوس أموال محلية وأجنبية ضخمة، خاصة في ظل التوجه الحكومي لدعم الاستثمار وتسهيل الإجراءات أمام المطورين الجادين، لافتا إلى أن الصفقات الكبرى التي أجرتها الحكومة مؤخرا وعلى رأسها صفقة رأس الحكمة ومراسي البحر الأحمر تعد بداية قوية لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية لهذه المدن.
وأشار إلى أن تطوير المدن الساحلية لا يعني بناء مشروعات فندقية فقط، بل يشمل إقامة مجتمعات متكاملة تجمع بين السكن والعمل والترفيه، بما يعزز فكرة “المدن المنتجة” التي توفر فرص عمل مستقرة للشباب وتحد من الهجرة الداخلية نحو العاصمة.
وشدد على أهمية تبنى الدولة بالتعاون مع القطاع الخاص خطة متكاملة لتطوير المدن الساحلية تقوم على تنويع الأنشطة الاقتصادية وتوفير برامج تدريبية للشباب المحليين لتمكينهم من الاندماج في سوق العمل السياحي والخدمي والصناعي، لتوفير مزيد من فرص العمل للشباب المصري.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المدن الساحلية القطاع الخاص المدن الساحلیة إلى أن
إقرأ أيضاً:
السلوك التنظيمي.. ركيزة التطوير الإداري والمؤسسي
د. علي بن حمدان بن محمد البلوشي **
يُعدّ السلوكُ التنظيميُّ من المفاهيمِ الجوهريةِ في علمِ الإدارةِ الحديثة، فهو الإطارُ الذي يدرسُ سلوكَ الأفرادِ والجماعاتِ داخلَ المؤسسات، ويحللُ كيفيةَ تأثيرِ هذا السلوكِ على الأداءِ العام وجودةِ بيئةِ العمل. فالمؤسسةُ الناجحةُ لا تقومُ فقط على الهياكلِ والأنظمة، بل على الإنسانِ الذي يديرُها ويساهمُ في تحقيقِ أهدافِها. ومن خلالِ فهمِ دوافعِ العاملينَ واتجاهاتِهم، تستطيعُ الإدارةُ أن تبني ثقافةً تنظيميةً قائمةً على التعاون، والمسؤولية، والالتزام، والإبداع.
تتجلّى أهميةُ السلوكِ التنظيميِّ في كونه أداةً فاعلةً لتطويرِ الأداءِ الإداريِّ والمؤسسي، إذ يساعدُ على تعزيزِ التواصلِ الداخلي بين مختلفِ المستويات، ويُسهمُ في رفعِ الإنتاجية عبر خلقِ بيئةٍ محفزةٍ تحترمُ الإنسانَ وتقدّرُ جهودَه. كما أن الوعيَ التنظيميَّ بالسلوكِ الإنسانيِّ يقللُ من مقاومةِ التغيير، ويجعلُ من العاملينَ شركاءَ فاعلين في رسمِ مسارِ المؤسسة بدلًا من كونِهم منفذينَ للتعليماتِ فقط. وعندما تفهمُ الإدارةُ أنماطَ السلوكِ الفرديِّ والجماعيِّ، فإنها تصبحُ أكثرَ قدرةً على اتخاذِ قراراتٍ رشيدةٍ تعزّزُ الانسجامَ وتحدّ من النزاعاتِ الداخلية.
ورغمَ هذه الأهمية، تواجهُ العديدُ من المؤسساتِ تحدياتٍ متشابكةً في ترسيخِ السلوكِ التنظيميِّ الإيجابي. غالبًا ما تعيقُ مقاومةُ التغييرِ جهودَ التطوير، خاصةً عندما يفضّلُ بعضُ العاملينَ أنماطَ العملِ التقليديةَ التي اعتادوا عليها. كما يؤدّي ضعفُ الثقافةِ التنظيميةِ إلى غيابِ رؤيةٍ واضحةٍ تحددُ القيمَ والسلوكياتِ المرغوبةَ داخلَ بيئةِ العمل، مما يخلقُ فجوةً بين الإدارةِ والعاملين. يُضافُ إلى ذلك أن نقصَ التدريبِ الإداريِّ يؤثّرُ سلبًا في مهاراتِ القادةِ والمشرفينَ على فهمِ وتحفيزِ فرقِهم، في حين تبرزُ مشكلةٌ أخرى في المؤسساتِ ذاتِ التنوعِ الثقافيِّ والاجتماعيِّ الكبير، حيثُ يمكنُ أن تنشأَ سوءُ تفاهماتٍ تُعيقُ التواصلَ الفعّال.
ولتجاوزِ هذه التحديات، تحتاجُ المؤسساتُ إلى تبنّي سياساتٍ إداريةٍ واعيةٍ تقومُ على تمكينِ العاملين، وتوفيرِ برامجَ تدريبٍ مستمرةٍ في مجالاتِ الاتصالِ والتحفيزِ والقيادةِ الفاعلة، مع التركيزِ على القدوةِ الحسنةِ التي يقدّمُها القادةُ في التزامِهم بالسلوكِ المهنيِّ والأخلاقي. فالسلوكُ التنظيميُّ لا يُفرَضُ باللوائح، بل يُكتسَبُ من خلالِ الممارسةِ اليوميةِ والتفاعلِ الإيجابيِّ بين الأفرادِ والإدارة.
وقد برزت العديدُ من النماذجِ التي نجحت في ترسيخِ هذا المفهوم، مثل شركةِ "جوجل" التي جعلت من بيئةِ العملِ المفتوحةِ والتواصلِ الحرّ أساسًا لإبداعِ موظفيها، مما انعكس على مكانتِها العالمية. وفي العالمِ العربي، تُمثّلُ شركةُ أرامكو السعودية نموذجًا متميّزًا في ترسيخِ قيمِ الالتزامِ والمسؤوليةِ والتميّز، عبر برامجَ تدريبٍ وقيادةٍ تركزُ على السلوكِ الأخلاقيِّ والعملِ الجماعي. كما نجحت شركاتٌ مماثلةٌ في سلطنةِ عُمان في بناءِ ثقافةٍ مؤسسيةٍ تقومُ على التعاونِ والتطويرِ المستمر، وهو ما جعلَها من أكثرِ المؤسساتِ تميّزًا.
وفي الختام، يمكنُ القولُ إن السلوكَ التنظيميَّ هو العمودُ الفقريُّ للتطويرِ المؤسسي؛ فهو الذي يصنعُ الفارقَ بين مؤسسةٍ ناجحةٍ وأخرى متعثّرة. ويظلُّ تعزيزُ هذا السلوكِ مسؤوليةً مشتركةً بين القيادةِ والعاملين، من خلالِ ترسيخِ قيمِ الثقة، والاحترامِ المتبادل، وروحِ الفريقِ الواحد. فحيثما وُجدَ السلوكُ التنظيميُّ الإيجابي، وُجدَ الإبداع، واستدامت القدرةُ على مواجهةِ التحدياتِ وتحقيقِ التميّزِ الإداريِّ الحقيقي.
** مستشار أكاديمي