أفاد مراسل الجزيرة بأن الحياة بدأت تعود إلى طبيعتها في الغابون بعد أيام من انقلاب عسكري أطاح بالرئيس علي بونغو، في حين تعهد قائد المرحلة الانتقالية بإقامة مؤسسات أكثر ديمقراطية، وسط دعم شعبي لما وُصف بتحرير البلاد من "الكتيبة الأجنبية".

وسرت حالة من الهدوء في شوارع العاصمة ليبرفيل أمس الجمعة، في ظل وجود مكثف لقوات الأمن، وقد استأنفت المصالح الحكومية أعمالها، كما انسحب الجيش من أغلب الشوارع، رغم احتفاظه ببعض نقاط التفتيش.

واستولى ضباط من الجيش على السلطة في انقلاب الأربعاء الماضي، بعد دقائق من إعلان فوز الرئيس علي بونغو بولاية ثالثة في انتخابات الرئاسة.

ويقول الجيش إنه نفذ انقلابه لأن نتائج الانتخابات زُورت، ولأن النظام نخره الفساد واتسم "بحكم غير مسؤول ولا يمكن التكهن به".

ومنذ الانقلاب، يقبع الرئيس المعزول في الإقامة الجبرية في ليبرفيل، في حين أفاد محامو زوجته سيلفيا بونغو -التي تحمل أيضا الجنسية الفرنسية- بأن موكلتهم محتجزة من دون أي تواصل لها مع العالم الخارجي.

وأمر القادة العسكريون بالقبض على نور الدين بونغو فالنتين (أحد أبناء بونغو) وعدد من أعضاء الحكومة في وقت مبكر الأربعاء الماضي على خلفية اتهامات تبدأ من الاختلاس وحتى تهريب المخدرات.

وقالت محطة تلفزيون "الغابون 24" (حكومية) -الخميس الماضي- إنه تمت مصادرة حقائب محشوة بالنقود من منازل عدد من المسؤولين. وتضمنت لقطات التلفزيون مداهمة منزل مدير مجلس الوزراء السابق إيان جيزلان نغولو.

وقال نغولو للقناة إن الأموال كانت جزءا من صندوق انتخابات بونغو، بينما كان بونغو فالنتين يقف بجانبه. ولم يتضح متى تم التقاط الصور.


رئيس المرحلة الانتقالية

وفي خطاب أمام أعضاء السلك الدبلوماسي نقله التلفزيون مساء أمس الجمعة، قال رئيس المرحلة الانتقالية الجنرال بريس أوليغي أنغيما إن "حل المؤسسات" الذي أُعلن الأربعاء الماضي خلال الانقلاب "أمر موقت"، موضحا أن الهدف هو "إعادة تنظيمها، بحيث تصبح أدوات أكثر ديمقراطية وأكثر انسجاما مع المعايير الدولية على صعيد احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والديمقراطية ودولة القانون، وأيضا مكافحة الفساد الذي بات أمرا شائعا في بلادنا".

لكن قائد الانقلاب لم يحدد فترة زمنية للمرحلة "الانتقالية"، التي من المقرر أن يؤدي فيها اليمين، الاثنين المقبل، رئيسا للبلاد في ليبرفيل.

وفي خطاب آخر أمام ممثلين للمجتمع المدني، وعد أنغيما أيضا بـ"دستور جديد يلبي تطلعات الشعب الغابوني الذي ظل لوقت طويل (أسير) المعاناة" كما وعد بـ"قانون انتخابي جديد"، مشددا على أن المجلس العسكري يسعى إلى "التحرك على نحو سريع لكن بثبات" وتجنب إجراء انتخابات "تكرر أخطاء الماضي" بإبقاء الأشخاص أنفسهم في السلطة.

والتقى أنغيما -أمس الجمعة- القادة الدينيين ورجال الأعمال وممثلي المجتمع المدني، كما دعا ممثلي الجهات المانحة الأجنبية والمنظمات الدولية وأفراد السلك الدبلوماسي المعتمدين في ليبرفيل للاجتماع به.


إيكواس

من ناحية أخرى، قالت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) -في بيان بتاريخ أول أمس الخميس بعد اجتماع طارئ- إنها حثت الشركاء بقيادة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي على دعم العودة السريعة إلى النظام الدستوري، وضمان سلامة الرئيس المحتجز علي بونغو.

كما كلفت المجموعة رئيس دولة أفريقيا الوسطى بالوساطة للخروج من الأزمة الراهنة، وقالت إنها ستجتمع مرة أخرى الاثنين المقبل.

من جهته، قال البيت الأبيض الجمعة إنه ما زال يسعى إلى "حلول دبلوماسية قادرة على الصمود" للأوضاع في الغابون، وكذلك في النيجر حيث أطاح انقلاب بالرئيس محمد بازوم يوم 26 يوليو/تموز الماضي.

ودعت جماعة المعارضة الرئيسية في الغابون -"حزب البديل 2023" الذي يقول إنه الفائز الشرعي في الانتخابات- المجتمع الدولي إلى حث المجلس العسكري على إعادة السلطة إلى المدنيين.

يشار إلى أن الرئيس المعزول بونغو يحكم البلاد منذ 2009 خلفا لوالده الذي توفي بعدما ظل رئيسا للبلاد منذ 1967. ويقول معارضون إن الأسرة لم تفعل شيئا يذكر لجعل ثروات الغابون النفطية والتعدينية تعود بالنفع على سكان البلاد البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، ثلثهم تقريبا فقراء.

وشغلت عائلة بونغو لسنوات طويلة قصرا فاخرا يطل على المحيط الأطلسي، ويمتلك أفرادها سيارات وعقارات باهظة الثمن في فرنسا والولايات المتحدة، ويسدد ثمنها نقدا في الغالب، وفقا لتحقيق أجراه عام 2020 مشروع رصد الجريمة المنظمة والفساد، وهو شبكة عالمية من صحفيي التحقيقات.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی الغابون

إقرأ أيضاً:

انقسام سياسي يعمّق الأزمة.. ليبيا على حافة الانفجار.. اشتباكات دامية وغضب شعبي

البلاد – طرابلس
تعيش ليبيا على وقع تصعيد غير مسبوق من التوترات الأمنية والسياسية، أعادها إلى واجهة الاهتمام الإقليمي والدولي، مع تحذيرات من انزلاق البلاد نحو انفجار شامل في ظل اشتباكات دامية بين الميليشيات المسلحة، واحتقان شعبي متصاعد، وانقسامات سياسية حادة تؤجل أي أفق للحل.
ففي غرب البلاد، اندلعت جولات عنف جديدة في مدينتي الخمس والزاوية بين ميليشيات “القوة المشتركة مصراتة” و”جهاز دعم الاستقرار”، ما أسفر عن سقوط ضحايا وتدمير ممتلكات، وسط تحشيدات عسكرية مثيرة للقلق في محيط العاصمة طرابلس، حيث يتخوّف سكانها من عودة المواجهات المسلحة إلى شوارع المدينة.
وأمام هذا التصعيد، أعلن حراك “شباب طرابلس الكبرى” رفضه القاطع لأي عمليات عسكرية داخل العاصمة، ملوحاً برد ميداني إذا فُرض القتال، في مؤشر على تفاقم الاحتقان الشعبي وخطر الانفجار في أي لحظة.
سياسيًا، لا تزال البلاد عالقة في دوامة انقسام الشرعيات بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، حيث أعلن الأول عن حزمة إجراءات قانونية لتنظيم الانتخابات والتمهيد للاستقرار، قوبلت برفض فوري من أطراف سياسية اعتبرتها غير شرعية. في المقابل، تقدم البرلمان بمقترح تشكيل حكومة جديدة للإشراف على الاستحقاقات الانتخابية، ما زاد من تعقيد المشهد.
وتزامنت هذه التطورات مع إعلان بعثة الأمم المتحدة تسلمها التقرير النهائي للجنة الاستشارية، متضمناً مقترحات قانونية وسياسية تتعلق بالقاعدة الدستورية، مع تعهد بإطلاق مشاورات لرسم خارطة طريق تؤدي إلى انتخابات موحدة وتوحيد المؤسسات المنقسمة.
ويرى محللون ليبيون أن أي حل جدي للأزمة لا يمكن أن ينجح ما لم يبدأ بتفكيك الميليشيات المسلحة وجمع السلاح المنتشر خارج سيطرة الدولة. وقال الدكتور يوسف الفارسي، أستاذ العلوم السياسية، إن “مفتاح الحل يكمن في توحيد المؤسسة العسكرية، والذهاب إلى انتخابات حرة، تمنح القرار للشعب”.
من جهته، شدد المحلل العسكري محمد الترهوني على أن “بقاء الميليشيات يطيل أمد الأزمة، ويمنع بناء مؤسسات قوية”، مؤكدًا أن تفكيك هذه الكيانات ضرورة قصوى لتحقيق الاستقرار.
في خضم هذه الفوضى، برز الغضب الشعبي كعنصر فاعل، مع دعوات أطلقها حراك “ليبيا الوطن” لتنظيم وقفات احتجاجية في عدد من المدن، رفضًا لما وصفه بـ”المشاريع الأجنبية المشبوهة”، وذلك بعد تقارير تحدثت عن مخطط لاستقبال مهاجرين غير نظاميين من الولايات المتحدة وتوطينهم في ليبيا. ورأى نشطاء أن مثل هذه الخطط تمثل محاولة لاستغلال الانقسام والضعف في ليبيا وتحويلها إلى ساحة تصفية حسابات دولية، على حساب السيادة الوطنية ومعاناة الشعب.
وتبقى ليبيا في مفترق حرج، بين الانفجار الأمني والانهيار السياسي، أو مسار عسير نحو الاستقرار، يتطلب توافقًا حقيقيًا على تفكيك الميليشيات، وإعادة القرار إلى الشعب عبر صناديق الاقتراع، وسط مشهد إقليمي متشابك ومصالح دولية متداخلة.

مقالات مشابهة

  • سيلين ديون توجّه رسالة شكر ودعم لكل الأمهات
  • عودة الحركة المرورية لطبيعتها على طريق شبرا بنها الحر بعد انقلاب سيارة وإصابة 3 أشخاص
  • مسير شعبي في القناوص بالحديدة لخريجي الدورات المفتوحة
  • الإفراج عن زوجة الرئيس الغابوني السابق ونجله
  • مسير شعبي لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية القناوص بالحديدة
  • غزة تترقب الإفراج عن عيدان ألكسندر.. هدوء حذر وتفاؤل شعبي بشأن هدنة جديدة
  • ضبط معالج شعبي بمؤهل ثانوي في الرياض
  • بعد سنتين.. الحياة تعود إلى شاطئ صور
  • وزير الإعلام اللبناني يدعو لعودة العلاقات مع دول الخليج لطبيعتها
  • انقسام سياسي يعمّق الأزمة.. ليبيا على حافة الانفجار.. اشتباكات دامية وغضب شعبي