رغم الأحاديث الإقليمية والدولية بشأن مواصلة ترتيب عقد المزيد من الاتفاقات السياسية، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها لم تنجح بعد في تجنيد دول للمساهمة بجنود في "قوة الاستقرار" الدولية في قطاع غزة، بزعم أن "إسرائيل" لم تُحقق بعد التفكيك التدريجي لحزب الله، على الأقل لأسلحته الثقيلة.
 
إيهود يعاري محرر الشئون العربية في القناة 12 العبرية، أكد أنه "لا يوجد تقدم حقيقي في جميع المجالات في المستقبل المنظور، فقد انتهت الحرب بانتصار إسرائيلي واضح في النقاط، لكن لم يسقط الخصم أرضًا على أي جبهة، وكما هو الوضع الآن، فلا يُتوقع أي تغيير للأفضل في النتيجة، بناءًا على الاتجاهات الحالية، خاصة بالنسبة لقطاع غزة، فإن فرص تحقيق خطة الرئيس ترامب الطموحة، وهي ثمرة جهود رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، ضئيلة للغاية".



وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "الدول الحليفة للولايات المتحدة لم تنجح بتجنيد دول للمساهمة بقوات في قوة الاستقرار الدولية، ولم يُوضَّح أن هدفها ليس مواجهة عسكرية مع من تبقى من قوات حماس، حتى أن الإمارات العربية المتحدة، التي كانت أكثر حماسًا من أي دولة أخرى لتنفيذ مثل هذه المهمة، تراجعت الآن، ويصرح وزير خارجيتها علنًا بأنها لن ترسل قوة مسلحة للقطاع، وهذا هو موقف الأردن، ومن المؤكد أن مصر، ناهيك عن السعودية، ستترددان في قبول مثل هذه المهمة".

وقال يعاري: "من خلال محادثاتي مع شخصيات رفيعة المستوى في الحكومة الإندونيسية، اتضح لي في الأيام الأخيرة أنهم غير متحمسين للوفاء بوعد الرئيس بالمساهمة بعشرين ألف جندي لمراقبة وقف إطلاق النار في القطاع، مع أن الأتراك يريدون المجيء، وكذلك الباكستانيون، والخلاصة أن خطة ترامب لغزة الآن في عالم ديزني الخيالي، ولا تدرك الواقع".

وأكد أن "حماس ترفض نزع سلاحها، وأبو مازن يريد تحمل مسؤولية القطاع، وهو عاجز عن فعل أي شيء هناك، والأمريكيون يريدون المشاهدة من بعيد، ولهذا السبب لا توجد في هذه المرحلة إمكانية لترجمة شعار اليوم التالي إلى خطوة جادة".

وانتقل الكاتب للجبهة اللبنانية قائلا إن: "رئيس أركان الجيش الجديد، الذي عُيّن لمجرد حصوله على موافقة حزب الله، يقترح بالفعل، وإن لم يكن علنًا، توقف جنوده عن العمل ضد البنية التحتية للحزب جنوب الليطاني، وهذه مجرد إشارة أخرى على عدم رغبته، المستفيد من المساعدات الأمريكية السخية، بالدخول في مواجهة مسلحة مع الوحدات التي يحاول الحزب إعادة تأهيلها، ومما يثير القلق أكثر أن ذات الجنرال لا يدير الموارد شمال النهر أو أعلى وادي لبنان، حيث يتم الاحتفاظ بالجزء الأكبر من قوة صواريخ الحزب".

وأوضح، أن "الرئيس اللبناني العماد جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام يتوافقون مع الأمريكيين بأنهم سيعملون على نزع سلاح الحزب، لكن حتى المبعوث الأمريكي الخاص لهذه المسألة، توم باراك، يعرب بالفعل علنًا عن خيبة أمله من الإدارة الفاشلة التي نشأت في بيروت، بتشجيع من الولايات المتحدة".

وأشار إلى أنه "بعبارة أخرى فإن التوقع بتفكيك الحزب تدريجيًا، على الأقل أسلحته الثقيلة، من الصعب رؤية كيف سيتحقق ذلك في المستقبل، لذلك، سيستمر الاشتباك بين طائرات سلاح الجو بدون طيار والعناصر العسكرية للحزب، وبالتالي فإن الاتفاق الأمني بين تل أبيب وبيروت الذي بدا ممكنًا حتى وقت قريب أصبح بعيدًا بشكل متزايد".

وأضاف أنه "في القطاع السوري، ومع مرور الوقت، يبرد استعداد الرئيس أحمد الشرع لإبرام اتفاقية أمنية مع الاحتلال قد تؤدي لحالة من عدم العداء، وبدأ مؤخرًا في إثارة صعوبات بشأن وجود جيش الاحتلال خارج حدود اتفاقية فصل القوات لعام 1984، وبالطبع، في قمة جبل الشيخ، فيما يتعلق بعلاقة الاحتلال بجبال الدروز، ويميل للانغماس بذريعة أن مستقبل مرتفعات الجولان يجب أن يكون على طاولة المفاوضات".


وأشار إلى أن "الشرع يدّعي الآن أنه لا يستطيع الموافقة على نزع سلاح جنوب سوريا، من دمشق نزولاً، كما يطالب الاحتلال، لذلك، فإن الحديث عن انضمام سوريا إلى اتفاقيات التطبيع خالٍ من المبرر، ولن يؤدي إلا الضغط الأمريكي الاستثنائي للاتفاق على أي ترتيبات أمنية، ودون الخوض في التفاصيل، وتجدر الإشارة أيضًا أن الضغط الذي مارسه الأمريكيون في العراق لنزع سلاح الميليشيات الموالية لإيران لم يُسفر حتى الآن إلا عن ضبط النفس في سلوكهم، في محاولة منهم لتجنب استفزازات الاحتلال، لا أكثر".
 
واختتم الكاتب حديثه عن الجبهة اليمنية، فقد "أعلن الحوثيون وقف الهجمات الصاروخية والمضادة للسفن، ورغم أن الخسائر التي تكبدوها أكبر بكثير مما كان معروفًا سابقًا، لكنهم يحرصون على توضيح أن التهديد الذي يشكلونه لم ينتهِ بعد".
ويمكن الإشارة إلى أنه من الصعب تصور التطلع الإسرائيلي كيف ستتحقق هذه الاتفاقيات في المستقبل, مع تخوف "تل أبيب" من تركيز جهود حماس كليًاً على إشعال النار في الضفة الغربية، في الوقت الذي يواصل فيه فتيان التلال من قطعان المستوطنين دفع الفلسطينيين لإشعال انتفاضة جديدة إلى دائرة النار.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية احباط اسرائيلي سلاح حماس القوة الدولية بغزة تعثر خطة ترامب صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

القنابل المتنكرة.. سلاح الاحتلال لقتل أطفال غزة بعد الحرب

في إحدى الصباحات التالية لوقف إطلاق النار، أيقظت نهى علوان طفليها التوأمين يحيى ونبيلة على وعد بحياة عادية طال انتظارها. كانت الأسرة قد عادت لتوّها من رحلة نزوح طويلة أكلت من صبرهم ما يكفي لأعوام. في بيتهم شبه المدمر وسط مدينة غزة، بدا اليوم واعدًا بشيء من البهجة.

قالت الأم وهي تراقب توأمها (6 سنوات) يتهيآن للخروج: «اذهبا إلى السوق يا حبيبيّ، اشتريا ما تشتهيان من الحلوى». أخذ يحيى بيده بعض النقود وخرجت نبيلة بجانبه، ترتدي بجامة بعد أن فشلت في إقناع والدتها أن تلبسها الفستان الجديد.

لعبة قاتلة

لم يمر وقت طويل حتى دوّى انفجار اخترق سكون الحي. هرعت نهى نحو مصدر الصوت، لا تدري ما الذي ينتظرها. بين غبار كثيف وصراخ الجيران، كانت تبحث بعينين مذعورتين عن ظل صغير تعرفه. هناك، في طرف الشارع، وجدت جسد ابنها يحيى مطروحًا أرضًا، فيما كانت نبيلة على مسافة أمتار، «كان اللغم على شكل لعبة»، تقول الأم وهي تضرب صدرها بيدين مرتجفتين، «تفتّت لحمهم أمامي، لم أستوعب إلا أنني أجري حاملة بقاياهم إلى المستشفى».

في غرفة العناية المركزة بمستشفى الشفاء الطبي، جلست نهى أمام سريرين متجاورين. على اليمين يرقد يحيى محاطًا بالضمادات، وعلى اليسار نبيلة الغارقة في صمت أبيض، تحيط بها الأنابيب والأجهزة. حملت الأم فستان ابنتها معها، وتهمس وهي تبكي: «قلت لها احتفظي به لعُرس ابنة عمك.. وها أنا أحضره لألبسه لها في المستشفى». نبيلة ما زالت غائبة عن الوعي منذ أسبوع، ويحيى خرج اليوم من العناية المركزة، لكنه لم يدرك بعد حجم خسارته.

تقول الأم بصوت يختنق بالعجز خلال حديثها لـ«عُمان»: «قال لي يا ماما خرّجي أصابعي، لا أشعر بيدي. لم يعلم أن يده بُترت»، تقول الأم.

لم يعد في البيت ما يذكّر بالحياة إلا صوت الأم وهي تناجي طفليها. «أطالب العالم أن ينقذ أطفال غزة. ابني وبنتي بحاجة لعلاج خارج البلد»، تضيف وهي ترفع رأسها نحو السماء. في عينيها حزن يشبه الركام الذي يحاصر المدينة. لم تزل تؤمن أن العالم، ولو متأخرًا، قد يسمعها.

معلبات متفجرة

بعد أيام قليلة من مأساة التوأمين، كانت عائلة حماد في خان يونس تعيش القصة ذاتها على نحو آخر. عاد أفراد العائلة إلى منزلهم المدمر في حي الأمل، يبحثون في الركام عن بقايا أغطية وملابس شتوية قبل أن يغمر البرد أيديهم العارية. وبينما كان العم يحاول رفع قطعة من الركام، لمح علبة معدنية صغيرة تشبه معلبات الطعام. لم يدرِ أحد أن ما ظنّوه طعامًا كان قنبلة مموهة بانتظارهم.

دوّى الانفجار في المكان، وانبعثت سحابة من الغبار والرماد. سقط خمسة من أفراد الأسرة على الأرض، بينهم ثلاثة أطفال أصيبوا بجروح بليغة. نُقلوا إلى مجمع ناصر الطبي، بينما بقي الركام ساكنًا يخفي خلفه مزيدًا من الألغام. يقول الطفل محمد حماد (تسع سنوات): «ما أذكره أن انفجارًا قويًا حدث بعد أن تعثر أخي بعلبة طعام، ثم وجدت نفسي في المستشفى». أما والده أحمد، فيروي أن ابنه الأصغر لامس إحدى العلب دون أن يعرف ماهيتها، فاشتعل الموت في لحظة.

زار مراسل «عُمان» في غزة موقع الحادث، فوجد أن الركام يعج بعشرات العلب المعدنية الصغيرة المتناثرة فوق الأرض، بعضها لم يُفتح وبعضها اندثر مع الانفجار.

يؤكد سكان الحي أن جيش الاحتلال الإسرائيلي تمركز في المنطقة لأربعة أشهر متواصلة، وخلّف وراءه معلبات وأجسامًا مفخخة تركها عمدًا لإيقاع الأذى بالمدنيين العائدين إلى بيوتهم. يقول بلال حماد، أحد المصابين لـ«عُمان»: «شاهدت علبة تشبه الطعام، التقطها عمي، وفجأة انفجرت بين أيدينا».

بحسب ما جمعته «عُمان» من شهادات متقاطعة ومصادر في الشرطة الفلسطينية، فإن جيش الاحتلال استخدم أنواعًا من المتفجرات المتنكرة، بعضها على شكل ألعاب أطفال أو معلبات طعام أو حتى هياكل هواتف نقالة. الأخطر من ذلك أن الاحتلال، خلال سنتي الحرب، اغتال معظم أفراد وحدة الهندسة والفرق الفنية المتخصصة بتفكيك القنابل، ما جعل قطاع غزة مكشوفًا أمام هذا النوع من القتل المؤجل.

موت متربص

تؤكد التحقيقات الميدانية أن ما خلّفته الحرب لا يقل فتكًا عن الحرب نفسها. فالمتفجرات التي لم تنفجر بعد أصبحت فخاخًا مزروعة في كل زاوية من القطاع. يقول محمد المغير، مسؤول الإمدادات في الدفاع المدني: «نحن نتحدث عن 71 ألف طن تقريبًا من مخلفات الحرب موجودة في المباني وتحت الطرقات وعلى الأسطح، من أصل 200 ألف طن من المتفجرات سقطت على غزة». هذه الأرقام المهولة تُظهر أن القطاع يعيش فوق حقل من الموت، لا يعلم أحد متى ينفجر.

يضيف المغير لـ«عُمان»: «90% من المختصين في الشرطة ووحدة الهندسة قُتلوا في الحرب، والمعدات التي كانت بحوزتهم دُمرت تمامًا. لم يعد ممكنًا التعامل مع هذه المخلفات إلا بفرق دولية مختصة».

ويؤكد أن كل عملية بحث عن جثمان أو رفع ركام قد تتحول إلى كارثة إذا اصطدمت الأدوات بقذيفة مدفونة في باطن الأرض. لذلك، يطالب بأن يُسمح بإدخال وحدات هندسية دولية إلى غزة، وأن يزوّد الاحتلال الجهات الفلسطينية بخارطة القنابل التي لم تنفجر بعد، «لأن لديه المعلومات والقدرة على تحديد مواقعها».

دوامة الخطر

الموت في غزة لم يعد يأتي من السماء وحدها، بل يخرج من بين الركام، من المعلبات التي تلمع كطعنة خادعة، ومن ألعاب ملونة تسلب الأطفال أرواحهم. ومع غياب الإمكانات والمعدات، تصبح كل محاولة لإنقاذ أو تنظيف مخاطرة مكلفة جديدة.

يؤكد المغير: «خلال عامي الحرب، ألقت إسرائيل على قطاع غزة أكثر من 160 ألف طن من المتفجرات، من بينها ما لم ينفجر حتى الآن، وهو ما يشكل خطرًا كبيرًا على المدنيين».

ويحذر المصدر من أن هذه المخلفات قد تبقى نشطة لعشر سنوات قادمة إذا لم يبدأ العمل الدولي في تفكيكها فورًا. يقول المصدر بلهجة يائسة تشبه صدى الانفجار: «هذا يحتاج إلى تدخل عاجل من المؤسسات الأممية المعنية، وإلا ستبقى دوامة الموت مستمرة في غزة لسنوات طويلة».

تشير التقديرات الأممية إلى أن معالجة هذا الكم من المتفجرات تحتاج إلى جهود تمتد لعقد كامل من الزمن، مع فرق متخصصة ومعدات متطورة وخطط دقيقة. لكن الواقع السياسي المعقد وإغلاق المعابر يجعل إدخال هذه الفرق شبه مستحيل. وبينما يعلو النقاش في المحافل الدولية، تبقى العائلات الغزية وحيدة في مواجهة موت مؤجل يتخفّى في كل شيء: في الحجارة، في العلب المعدنية، وفي الألعاب.

«إذا لم تبدأ الجهود الآن، فكل يوم سيمر سيحمل معه ضحايا جدد»، يقول المصدر، في إشارة إلى أن بقاء هذا الوضع يعني أن الأطفال الذين نجوا من القصف لن ينجوا من ما بعده.

مقالات مشابهة

  • تقرير إسرائيلي: حزب الله يعيد بناء قدراته.. لكنه في مأزق
  • تدريبات وإعادة تموضع.. تأهب عسكري إسرائيلي "على جبهة لبنان"
  • القنابل المتنكرة.. سلاح الاحتلال لقتل أطفال غزة بعد الحرب
  • ارتفاع حصيلة شهداء حرب الإبادة في غزة على وقع خروقات متواصلة
  • غزة تواجه أزمة إنسانية خانقة وسط قيود إسرائيلية على المساعدات وخروقات متواصلة
  • مسؤول إسرائيلي: سلاح الجو جاهز لاستئناف القتال في غزة
  • غارات إسرائيلية وعمليات نسف متواصلة للمنازل شرقي القطاع
  • قصف إسرائيلي وعمليات نسف متواصلة للمنازل شرقي القطاع
  • الجميّل ردًا على قاسم: سلاح الحزب بات لترهيب اللبنانيين