سواليف:
2025-11-21@07:49:20 GMT

الشيخ كمال الخطيب .. جاء دورنا لنحمل الشعلة

تاريخ النشر: 21st, November 2025 GMT

#سواليف

جاء دورنا لنحمل الشعلة

#الشيخ_كمال_الخطيب


✍️ليس سهلًا أن تكون متفائلًا في هذا #الزمان الصعب وهذه #الظروف_القاسية، ليس سهلًا أن تتحدث عن النور من وسط هذه العتمة، ليس سهلًا أن تتحدث عن #المستقبل المشرق من وسط هذا الخذلان العربي والإسلامي وهذا التكالب العالمي، وليس سهلًا أن تكون متفائلًا وأن تسبح في معاكسة موج جارف من المثبّطين واليائسين والمحبطين.


✍️ولكن وحتى لا نكون جميعًا من الذين يسبّون الظلام، فلا بد أن يكون من بيننا من يوقد #شمعة، وحتى لا نكون كلنا ممن دبّ #اليأس و #الإحباط والتشاؤم في قلوبهم، فلا بد أن يكون من بيننا من يرى النور في آخر النفق، وحتى لا نكون جميعًا من الذين يقولون هلك المسلمون، فلا بد أن يكون من بيننا من يعمل بوصية المرحوم عبد الوهاب عزام لما قال: “إرفع للحق راية وسيلتف حولك أخيار كثر”.
???? نفحات وبشريات
✍️ وإن استبشارنا وتفاؤلنا بأن المستقبل للإسلام وأن الدورة هي للحق، فذلك ينبع من كتاب ربنا الذي يقول: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ*هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} آية 7-8 سورة الصف. وقوله سبحانه: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ۚ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا} آية 28 سورة الفتح، وقوله سبحانه: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} آية 55 سورة النور.
✍️وليس أنه الوعد فقط بظهور الإسلام وغلبته وانتصاره، بل إنه الوعد كذلك بإطفاء نور الكافرين والظالمين، وإحباط كيدهم وتنكيس راياتهم وردّ كيدهم إِلى نحورهم {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} 36 سورة الأنفال، {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ ۚ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} آية 12 سوره آل عمران، {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ ۖ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} آية 30 سورة الأنفال، {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} آية 47 سورة الروم، {وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} آية 13 سورة الصف.
✍️ ومع هذه النسمات والنفحات القرآنية إذ تبشّرنا، فإنها البشريات تعبق بها سيرة وسنة رسول الله ﷺ هذا الذي لا ينطق عن الهوى، فعن تميم الداري رضي الله عنه قال: “سمعت رسول الله ﷺ يقول: ليبلغنّ هذا الأمر -يعني أمر الإسلام- ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَر ولا وَبَر إلا أدخله الله هذا الدين بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل عزًا يعزّ الله به الإسلام وذلًا يذلّ الله به الكفر”.
✍️ ومن هذه المبشّرات والنفحات والنسمات التي تحيي الروح وتبعث الأمل بل اليقين بأن المستقبل للإسلام، ما رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ: “تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا، فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً، فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ تَكُونَ، ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا، ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ، ثُمَّ سَكَتْ”.
✍️وإن من بشريات النبوة المباركة ما رواه معاوية رضي الله عنه عن رسول الله ﷺ وفيه يتحدّث عن الطائفة المنصورة وبقائها: “لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهّم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك”، وفي رواية أخرى: “قالوا: يا رسول الله أين هم؟ قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس”. إنها الإشارة والبشارة والدلالة القاطعة على أن الخير في هذه الأمة سيستمر. إنها لا تخلو من قائم لله بالحجّة، ومن ناصر للحق، ومن رافع للراية حتى قيام الساعة.
✍️وإن من المبشّرات النبوية المباركة ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال: “إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدّد لها دينها”. قال شُرّاح الحديث: إن هذا المجدّد للدين والذي يعيد إليه النبض ويدبّ فيه الروح ويبعث فيه الحياة بعد ضعف ووهن وتراجع، يمكن أن يكون شخصًا ويمكن أن تكون جماعة دعوية أو تربوية.
???? وجاء دورنا
✍️وإن من المبشّرات التي تجعل قلب #المسلم يطفح بالأمل والثقة والتفاؤل، تلك السنن الإلهية في هذا الكون. هذه السنن التي تجري على الآخرين كما جرت على الأولين، وتجري على المسلمين كما جرت على الكافرين، وهي لا تتغيّر ولا تتبدل {فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} آية 43 سورة فاطر.
✍️وإن من هذه السنن الإلهية في هذا الكون، سنة التداول أو المداولة بين الأمم والأقوام، هذه السنة التي وردت في قول الله تعالى: {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ} آية 40 سورة آل عمران. ولهذا قيل: “الدهر يومان يوم لك ويوم عليك”، وقيل كذلك: “دوام الحال من المحال” فالأحوال تتبدل، والدنيا تتحول، والعالم يتغير. فكم من غني افتقر وكم من فقير اغتنى، وكم من عزيز ذلّ وكم من ذليل عزّ.
✍️وإن من يراقب ويتتبع أحوال الأمم والحضارات فإنه يجد أن شعلة الحضارة تنتقل من أمة إلى أمة، ومن يد إلى أخرى. وأن كل المراقبين مجمعون على أن قانون المداولة الآن يعمل معنا لا علينا، إن الدورة الآن لحمل شعلة الحضارة العالمية هي للإسلام والمسلمين.
✍️ يقول الإمام الشهيد حسن البنا: “فقد كانت قيادة العالم قديمًا في يد الشرق على أيدي الحضارات الفرعونية والأشورية والبابلية والكلدانية والفينيقية والفارسية والهندية والصينية، ثم انتقلت إلى الغرب على يد الحضارة اليونانية ذات الفلسفة الشهيرة، والرومانية ذات التشريع المعروف، ثم انتقلت هذه القيادة مرة أخرى إلى الشرق على يد الحضارة الإسلامية العربية، وهي الحضارة التي جمعت بين العلم والإيمان وبين الرقيّ المادي والسموّ والروحي، ثم غفى الشرق وغفل عن رسالته فعاد الغرب وأخذ الزمام وكانت له القيادة مرة أخرى، لكن الغرب لم يرع أمانة القيادة بل أفلس في ميدان الروح والأخلاق، وفرّط في العدل، وأعلى القوة على الحقّ، والمصالح على القيم، والمادّة على الروح، والجماد على الإنسان وكال بمكيالين في التعامل مع القضايا البشرية، فكان من سنة الله أن تنتقل الشعلة إلى غيره، فالمفروض وحسب استقراء التاريخ أن تعود إلى الشرق مرة أخرى، وليس في الشرق إلا حضارة الإسلام الذي عليه أن يعدّ العدّة لحمل شعلة وراية الحضارة {عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} آية 129 سورة الأعراف، {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} آية 5 سورة الأنبياء.
✍️إن الحضارة الغربية التي تتحكم في العالم منذ أكثر من 100 عام، وهي التي كان يمثلها المشروع الاشتراكي الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي، وقد رأينا كيف انهارت تلك القوة العظمى رغم امتلاكها للأسلحة النووية، وكيف تفكك الاتحاد السوفيتي. وأما القوة الثانية، فإنه المشروع الرأسمالي الذي تقوده أمريكا والذي بقي كوحيد القرن يناطح العالم كله، وإن أمريكا وحلفها ليس أحسن حالًا من حلف الاتحاد السوفيتي حيث كثير من المؤشرات على تفكك وسقوط هذا المشروع كذلك.
✍️ولقد قيل: إذا كان القرن التاسع عشر هو قرن الرأسمالية، والقرن العشرون هو قرن الشيوعية، فإن القرن الحادي والعشرين هذا القرن هو قرن الإسلام.
وقيل كذلك: إذا كان القرن التاسع عشر هو قرن المسيحية والقرن العشرون هو قرن اليهودية وقيام إسرائيل وانتصارها على بضع و 20 دولة عربية وعلى بضع وخمسين دولة إسلامية، فإن القرن الحادي والعشرين هو قرن الإسلام. وقيل كذلك: إذا كان القرن التاسع عشر هو القرن الأصفر والقرن العشرون هو القرن الأحمر، فإن القرن الحادي والعشرين هو القرن الأخضر قرن الإسلام بإذن الله تعالى.
???? سنوقد الشعلة
✍️ وإن هذه الحرب المستعرة الآن تحت عنوان “التحالف العالمي لمكافحة الإرهاب” ما هو في الحقيقة إلا تحالف عالمي لمحاربة الإسلام ولمحاولة منع أن تستعيد الأمة عافيتها، فتنهض من كبوتها وتعود وتستلم شعلة الحضارة العالمية من جديد.
✍️إن مكر أعداء الإسلام وتحالفاتهم ومخططاتهم تسعى إلى الوصول إلى اليوم الذي نفقد فيه الأمل بنهضة الإسلام واستلامه الشعلة في دورة حضارية جديدة بها يقود العالم، وتكون عاصمة الخلافة الإسلامية هي مركز صنع القرار العالمي كما كانت يومًا المدينة المنورة، ثم دمشق وبغداد ثم اسطنبول، ومثلما نعتقد أنها ستكون يومًا القدس الشريف.
✍️إن أعداء أمتنا يعلمون أن المسلمين يغفلون عن أسرار قوتهم وعن الحالة المعنوية التي يحدثها الإسلام في حياتهم، لذلك فإنهم أي أعداء الإسلام منشغلون ليلًا ونهارًا ويمكرون ويكيدون {وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ} آية 45 سورة إبراهيم، في سبيل تأخير ذلك اليوم الذي فيه تبدأ الأمة دورة حضارية جديدة وتنتقل إليها شعلة قيادة العالم، وهذا ما قاله الفيلسوف الفرنسي “جيب”: ليس السؤال هل سيعود الإسلام لحكم العالم أم لا وإنما السؤال كيف ومتى؟! وإن أقصى ما يمكننا فعله هو تأخير ذلك اليوم”. وهو ما قاله كذلك جيب في كتابه -وجهة الإسلام: “إن الحركات الإسلامية تتطور بسرعة مذهلة تدعو إلى الدهشة، فهي تنفجر انفجارًا مفاجئًا من قبل أن يتبيّن المراقبون من أماراتها ما يدعو إلى الاسترابة من أمرها. إن الحركات الإسلامية لا ينقصها إلا صلاح الدين من جديد”.
✍️ولأجل ذلك فإن دراساتهم وأجهزة مخابراتهم ومراكز أبحاثهم ترصد كل حركة وكل سكنة في العالم الإسلامي، إنهم يرصدون نبض الشارع ويرصدون ظاهرة الإلتزام والتديّن عند الشباب، ويتابعون ويرصدون ظهور مبدعين وقياديين في الجامعات والمعاهد العليا. إنهم يضعون تحت مجهر مخابراتهم ظروف عملائهم وعكاكيزهم من أصحاب الجلالة والفخامة، ولذلك كانت دهشتهم وصدمتهم لأنهم فشلوا في التوقّع والتنبؤ بثورات الربيع العربي في نسختها الأولى مطلع العام 2011، وستكون دهشتهم أعظم حين تداهمهم ثورات الربيع الإسلامي في نسختها الجديدة القريبة بإذن الله تعالى.
✍️يقول المفكر والمستشرق الفرنسي ألبير مشادور: “ومن يدري فلربما يعود ذلك اليوم الذي تصبح فيه بلاد الغرب مهددة بالمسلمين، يهبطون من السماء لغزو العالم مرة أخرى. إنني لا أتنبأ لكن الأمارات الدّالة على ذلك الاحتمال كثيرة، ولن تقوى الذرة ولا الصواريخ على وقف هذا التيار. إن المسلم قد استيقظ وها هو يصرخ ويقول: ها أنا ذا، إنني لم أمت ولن أقبل بعد اليوم أن أكون أداة تسيّرها العواصم الكبرى، لا لن أكون ريشة في مهبّ الريح”.
✍️الغريب واللافت أن أعداء الأمة يعرفون سرّ نهضتنا ومصدر قوّتنا وعزّتنا، ويحسبون لذلك الحسابات ويعدّون العدّة. وليس أن من أبناء الأمة من يجهلون ذلك وحسب، وإنما هم قد أصبحوا أداة قذرة بيد أعداء الإسلام لمحاولة إجهاض أي حلم ووأد أي مبادرة ومحاربة كل من يسعى لإيقاظ الأمة ورفع رايتها وتجميع مقدّراتها. إنهم يقومون بذلك نيابة عن الأعداء بل ويتقنون الدور والمهمة أكثر منهم.
✍️ولكنه الأمل تتشرّبه قلوبنا أننا بين يدي دورة جديدة من دورات تاريخ أمتنا وحضارتنا واستلامنا شعلة الحضارة العالمية، ولن يحول دون ذلك كل قوى الأرض طواغيتها وعملاؤهم، وإن أقصى ما يمكن أن يفعلوه هو إعاقة هذه الدورة وليس منعها.
فعمّا قريب سيطلع قمرنا وستشرق شمسنا وترتفع راياتنا وتنير الدنيا شعلتنا ويعلو صوت آذاننا، ولن يكون لخفافيش الليل إلا أن تختفي وتختبئ في جحورها وأوكارها، قبل أن تدوسها سنابك خيل جحافلنا، وإن غدًا لناظره قريب.
نحن إلى الفرج أقرب فأبشروا.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

مقالات ذات صلة ماسك .. الناس لن يضطروا للعمل مستقبلا، لأن المال سيصبح بلا قيمة 2025/11/21

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الشيخ كمال الخطيب الزمان الظروف القاسية المستقبل شمعة اليأس الإحباط المسلم شعلة الحضارة رضی الله عنه رسول الله ﷺ مرة أخرى أن یکون وإن من هو قرن

إقرأ أيضاً:

فقاعة الذكاء الاصطناعي وحساباتها الواهية

عندما خصصت شركة OpenAI مؤخرا مبلغ 1.4 تريليون دولار لتأمين قدرة الحوسبة في المستقبل، لم يكن ذلك سوى أحدث مؤشر على الوفرة الطائشة في عام 2025.

وفقًا لبعض التقديرات، جاء نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي في النصف الأول من هذا العام بالكامل تقريبا من مراكز البيانات، الأمر الذي أدى إلى إطلاق سيل من التعليقات حول موعد انفجار الفقاعة وما قد يخلفه هذا الانفجار من عواقب.

في حين انتهت حفلة الدوت كوم في أواخر التسعينيات من القرن الماضي بتأثيرات بغيضة في Wall Street (مقر مؤسسات المال والأعمال)، كان العمل جاريا في Main Street (مقر التجارة والبيع والشراء) على الحفاظ على ما هو مهم: البنية الأساسية. فارتفعت الإنتاجية، ولا يزال الأساس الذي أُرسيّ خلال سنوات الازدهار عاملا حتى اليوم.

كان تعهد الرئيس الأمريكي بِل كلينتون ببناء «جسر إلى القرن الحادي والعشرين» أحد تلك الوعود النادرة التي قطعها خلال حملته الانتخابية والتي جرى الوفاء بها بالفعل.

الواقع أن استثمارات الذكاء الاصطناعي اليوم من الممكن أن تؤتي ثمارها كما فعلت استثمارات الإنترنت.

ومع ذلك، تبدو المكاسب في الوقت الحالي أكثر ضآلة، والجوانب السلبية الكلية أكبر، مما كانت عليه في حالة فقاعة الدوت كوم. لنتأمل هنا الفوائد المحتملة. في أواخر التسعينيات، ظهرت مكاسب الإنترنت بينما كانت الفقاعة لا تزال تتضخم: فقد بلغ متوسط نمو إنتاجية العمل في الولايات المتحدة نحو 2.8% من عام 1995 إلى عام 2004، أي ضعف الوتيرة في العقدين السابقين تقريبا، قبل أن يتلاشى في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويمكنك أن ترى المكاسب في الحسابات القومية حتى عندما كان موقع Pets.com يشتري إعلانات Super Bowl المشؤومة. هذه المرة، انتعش نمو إنتاجية العمالة في الولايات المتحدة بعد عقدين من التباطؤ ـ حيث بلغ حوالي 2.7% العام الماضي ـ ولكن من السابق للأوان أن نقول إن الذكاء الاصطناعي هو السبب.

الواقع أن تبني الذكاء الاصطناعي بدأ يتراجع، حيث أظهر مسح أجراه مكتب الإحصاء في الولايات المتحدة مؤخرًا انخفاضًا في استخدام الذكاء الاصطناعي بين الشركات الضخمة.

إذا كان الارتفاع الأخير في الإنتاجية راجعًا في الغالب إلى الذكاء الاصطناعي، فبوسعنا أن نتوقع أن يتلاشى مع انحسار تبنّيه ـ وهذه تَذكِرة أخرى بمدى سرعة زوال هذه الموجات.

بقدر ما كانت طفرة تكنولوجيا المعلومات في تسعينيات القرن الماضي بادية للعيان من لحظة إلى أخرى، فإنها تلاشت في غضون عقد من الزمن أو نحو ذلك.

من المغري أن نتصور أن النماذج اللغوية الضخمة (LLMs) ستعمل على تسريع وتيرة الإبداع والاكتشاف ذاته، على سبيل المثال، عن طريق الكشف عن الروابط المخفية في الأدبيات الأكاديمية، وكتابة الرموز، وصياغة البروتوكولات.

لقد أحدثت أدوات جديدة ـ من مجهر روبرت هوك إلى تلسكوب جاليليو ـ مثل هذه القفزات من قبل. ولكن هذه المرة، أصبح لدينا بالفعل الأداة البحثية المثالية في هيئة جهاز كمبيوتر شخصي متصل بالإنترنت. ولكن حتى مع الوصول الفوري إلى المعرفة المتراكمة والمواهب المتميزة على مستوى العالَم، فقد تراجعت مقاييس إنتاجية البحث والإبداع الخارق. إن الحفاظ على قانون مور ـ الذي يشير إلى أن قوة المعالجة الحاسوبية تتضاعف كل عامين ـ يتطلب الآن أعدادا من الباحثين أكبر مما كان مطلوبا في أوائل سبعينيات القرن العشرين. كما أنه ليس من الواضح ما إذا كانت الطفرة الحالية في النفقات الرأسمالية لتترك قدرًا كبيرا من البنى الأساسية الرقمية الدائمة.

فمثله كمثل السكك الحديدية في القرن التاسع عشر، ضخ عصر الدوت كوم الأموال في أصول طويلة الأمد ـ خاصة كابل الألياف الضوئية والشبكات الأساسية ـ التي يمكن «إضاءتها» وإعادة إضاءتها مع تحسن الإلكترونيات.

ولا يزال قسم كبير من هذه الألياف الزجاجية يحمل حركة المرور حتى اليوم. لقد دعمت شريحة واحدة من النفقات الرأسمالية أجيالا متعددة من التكنولوجيا ونماذج الأعمال. على النقيض من ذلك، لا يعمل الذكاء الاصطناعي على إرساء المسار، بل يدير أداة للمشي في المكان. فالرقائق الإلكترونية والذاكرة تتقادم أو تصبح عتيقة في غضون سنوات وليس عقود من الزمن.

فكل حامل خوادم يُستخدم لتدريب وحدة معالجة أحد النماذج اللغوية الضخمة يتطلب الآن 120 كيلوواط من الطاقة، ارتفاعا من نحو 5-10 كيلوواط قبل عقد من الزمن. وبرغم أن كل جيل جديد من وحدات معالجة الرسومات يخفض التكلفة لكل واط، فإن هذا يعني أن الخدمات السحابية الفائقة تتضخم بسرعة أكبر بينما تصبح المعدات القديمة متقادمة اقتصاديا. وفي حين تدوم الألياف بينما نبدل نقاط النهاية، فإن كومة تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي تتناقص بسرعة، الأمر الذي يتطلب إعادة الاستثمار على نحو لا ينقطع.

ربما يكون من الممكن التحكم في هذا الوضع إذا كانت صورة الاقتصاد الكلي تشبه تلك التي كانت في عام 1999. لكنها ليست كذلك.

فبرغم أن أسعار الفائدة الحقيقية كانت أعلى آنذاك، عملت فوائض الميزانية وانخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في عهد كلينتون على تخفيف الضغط على أسواق رأس المال وأبقت فاتورة الفائدة الحكومية أقل، فحدّ ذلك من تأثير المزاحمة.

أما هذه المرة، فقد انعكس الوضع. فلم يتسبب اقتراب العجز الحكومي الأمريكي المستمر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 1.8 تريليون دولار) وصافي مدفوعات الفائدة من تريليون دولار في تقليص الحيز المالي فحسب، بل من المتوقع الآن أن تمول مجموعة المدخرات ذاتها عمليات بناء الطاقة النظيفة، وميزانيات الدفاع المتزايدة الارتفاع، وطفرة مراكز البيانات المتعطشة للطاقة.

في الممارسة العملية، يظهر هذا الطلب في هيئة تكاليف اقتراض أعلى، وهذا يتسبب في إبطاء بناء المساكن الجديدة ودفع البنية الأساسية التي طال انتظارها إلى مؤخرة قائمة الأولويات.

وتتأثر الموارد المالية العامة أيضا؛ ةذلك أن مخزون الدين الأضخم يعني أن أسعار الفائدة الحقيقية الإيجابية ستتجسد بسرعة في فاتورة فوائد أعلى، وهذا كفيل بمزاحمة البرامج التي تعتمد عليها الأسر. أثناء فترة الفائض في أواخر تسعينيات القرن العشرين، انخفضت الديون بل وأعادت وزارة الخزانة شراء السندات، وكان هذا يعني أن الدولة كانت قادرة على الاستثمار إلى جانب الطفرة الخاصة دون أن تزاحمها. اليوم، يترك الاقتراض المتزايد وفاتورة الفوائد الأضخم مجالا أقل للمناورة عندما يتباطأ النمو.

وإذا جاء مردود الذكاء الاصطناعي بالفعل، ولكن ببطء، فسوف تكون الحسابات أشد صعوبة، وسوف نرى مزيدًا من الدولارات تذهب إلى حاملي السندات، ومقادير أقل منها إلى الضمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية؛ وإذا ما اتجهت دورة الأعمال نحو الأسفل، فسوف تكون المقايضات أكثر حِدّة.

والتمويل أيضا تغير. كان الانكماش الذي حدث في أوائل العقد الأول من القرن الحالي في معظمه قصة أسهم: فقد انهارت أسعار الأسهم وتلقى المستثمرون من أصحاب رؤوس الأموال الاستثمارية الذين يستهدفون عوائد طويلة الأجل ضربة قوية؛ ولكن بقدر ما كان الألم قاسيا وشديد الوضوح، فقد سكنت حدته بسرعة نسبيا.

وكما أكدت كارمن رينهارت وكينيث روجوف في كتابهما الصادر عام 2009 والذي أرخ للأزمة المالية بعنوان «هذه المرة مختلفة»، فإن فقاعات الأصول تميل إلى تهديد الاقتصاد الكلي بشكل رئيسي عندما تكون مدفوعة بالائتمان وعندما تضرب ميزانيات البنوك. ولأن أزمة الدوت كوم كانت إلى حد كبير إعادة تسعير للأسهم (باستثناء شركات الاتصالات)، وليست أزمة مصرفية، فلم يحدث فشل جهازي على الرغم من الخسائر الضخمة التي تكبدها المستثمرون.

هذه المرة، تتنامى المخاطر عبر الائتمان. وكما يلاحظ المستثمر بول كيدروسكي، فإن التمويل يتحول من الأسهم إلى السندات، والأدوات ذات الأغراض الخاصة وعقود الإيجار، والائتمان الخاص ـ كل أشكال الاقتراض التي ترتبط في النهاية بالبنوك وشركات التأمين.

إذا تراجعت إيرادات الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات، فمن المرجح أن تظهر المشكلة أولا في أسواق الائتمان، وليس في أسعار الأسهم. ما عليكم إلا أن تترقبوا أهداف التغطية غير المتحققة، وإحكام شروط القروض، وضغوط إعادة التمويل التي تضرب ميزانيات المقرضين وشركات التأمين من خلال عقود إيجار طويلة الأمد وقروض مدعومة بالمخزون من الرقائق الإلكترونية.

هذا هو الخطر الجهازي. على النقيض من حقبة الدوت كوم، يعمل التوسع والانتشار اليوم على دفع التعرض للخطر إلى صميم الهندسة المالية، لذا فمن المرجح أن ينتشر الضغط من خلال المقرضين والأدوات التركيبية.

الآن، بوسعنا أن نرى بالفعل تزايد قلق مراقبي السوق، مع تحذير صادر عن وكالة موديز مفاده أن حصة كبيرة من نمو مركز بيانات أوراكل تعتمد على شركة OpenAI، التي لم تؤسس بعد مسارا إلى الربحية.

بطبيعة الحال، إذا حقق الذكاء الاصطناعي مكاسب إنتاجية واسعة ومستدامة بسرعة، فسوف تتحسن الحسابات؛ ذلك أن النمو الأسرع من شأنه أن يعمل على تخفيف الضغط المالي، وخفض نسب الديون، ودعم هياكل التمويل هذه. ولكن إذا وصلت المكاسب في وقت متأخر أو جاءت أقل من التوقعات، فقد لا يعوض المردود عن التكاليف الضخمة المحملة مسبقا.

مقالات مشابهة

  • دعاء يوم الجمعة للمريض.. ردده قبل صعود الخطيب للمنبر
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ د. كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عُمان
  • الأزهر ينعى الشيخ صفوان عبد الإله بعد مسيره طويلة في تعليم القرآن الكريم
  • فقاعة الذكاء الاصطناعي وحساباتها الواهية
  • الشيخ خالد الجندي يحذر من أخطر صور الشرك الخفي ونسب النعم إلى النفس
  • ما حكم قراءة سورة يس عند دفن الميت؟.. اعرف فضلها وثوابها
  • حزب الله يقدّم التعازي لعائلة الخطيب ويؤكد على إرثه الوطني والقيمي
  • الشيخ يحيى الراعي: اليمن في أتم الجهوزية لمواجهة تداعيات العدوان والحصار
  • الرئيس اللبناني: منفتحون على محيطنا العربي والدولي حتى استعادة دورنا في المنطقة