أوليفييه دوزون يكتب: موقف باريس.. فرنسا تقلب صفحة بونجو وليس صفحة الجابون!
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
أدى الجنرال بريس أوليجوى نجويما فى ٤ سبتمبر ٢٠٢٣ اليمين الدستورية فى الجابون كرئيس للفترة الانتقالية التى تشهدها البلاد حاليًا وذلك بعدما أطاح بعلى بونجو أونديمبا منذ عدة أيام.. لم يحدد نجويما مدة هذه الفترة الانتقالية، إلا أنه كرر مرارًا وعوده المتمثلة فى «إعادة السلطة إلى المدنيين» من خلال «انتخابات ذات مصداقية».
«أقسم أمام الله والشعب الجابونى أن أحافظ على النظام الجمهورى وأن أحافظ على إنجازات الديمقراطية».. هذا ما وعد به أوليجوى فى قصر البحر أمام قضاة المحكمة الدستورية حيث أكد على أنه سيعمل على الحفاظ على الوحدة بين قادة الجيش.. ودعا بريس أوليجوى الوزراء السابقين للرئيس المخلوع على بونجو وكذلك المعارضة إلى حفل التنصيب وحثهم على المشاركة فى صياغة دستور جديد يهتم بمستقبل الجابون و«سيتم التصديق على هذا الدستور عن طريق الاستفتاء».. وهذا الدستور سيعمل على صياغته «قضاة منتخبين أكثر ديمقراطية وأكثر احترامًا لحقوق الإنسان». كما تعهد نجويما بتسليم السلطة للمدنيين من خلال انتخابات حرة وشفافة وتتمتع بالمصداقية.
ليس هذا فقط بل أعلن أنه تم تشكيل حكومة انتقالية من «ذوى الخبرة» و«المحنكين» وشدد الجنرال بريس على إطلاق سراح «المعتقلين من أصحاب الرأى» وعودة «المنفيين السياسيين» للبلاد مرة أخرى.
المعروف أنه بعد شهر واحد من الانقلاب فى النيجر قام جنود من الحرس الجمهورى للرئيس على بونجو أونديمبا وبدون إطلاق رصاصة واحدة فى ٢٩ أغسطس ٢٠٢٣ بخلع الرئيس الجابونى فى الوقت الذى كان يسعى لولاية ثالثة مدتها سبع سنوات.
وأعلن الانقلابيون عبر تليفزيون الدولة كل هذه الأحداث والظروف الجديدة بعد ٢٤ ساعة فقط من الإعلان عن فوز على بونجو أونديمبا يوم بالانتخابات الرئاسية بنسبة ٦٤.٢٧٪ من الأصوات مقابل ٣٠.٧٧٪ لمنافسه الرئيسى ألبرت أوندو أوسا الذى ندد بعملية تزوير فى الانتخابات واسعة النطاق.
وقالت صحفة لوبينيون الفرنسية: «يبدو حاليا أنه لا يوجد قلق حول تدهور العلاقات بين ليبرفيل وباريس».. وهذه المقارنة ليست حقيقية وستؤكد فرنسا فى الجابون، ما أكدته سابقا فى النيجر والإنقلاب الذى وقع بها مؤخرا: «لكنها لن تدعم عودة النظام الدستورى فى الجابون خلال هذه الفترة كما فعلت مسبقا فى النيجر». ويجب تسليط الضوء على أن الصين كانت من أوائل الدول التى كان لها تعليق على الانقلاب حيث دعا الصينيون إلى «ضمان سلامة على بونجو» كما أعربت موسكو عن «قلقها العميق» وحثت واشنطن الجيش الجابونى على «الحفاظ على النظام المدني». وكانت باريس قد «أدانت الانقلاب العسكرى» وكذلك برلين التى أثارت «انتقادات مشروعة حول شفافية» الانتخابات.. وأيضا هذا ما فعلته لندن عندما سلطت الضوء على «المخاوف التى أثارتها العملية الانتخابية الأخيرة».. هنا نقول إنه من وجهة نظر الجغرافيا السياسية فأن أفريقيا أصبحت «معولمة» بالفعل ويهتم بشئونها وتفاصيلها العديد من دول العالم.
وعلى هذا النحو، أصبحت الصين منذ العقد الأول من القرن الحادى والعشرين الشريك التجارى الأول لليبرفيل حيث تتركز استثمارات بكين فى مجال الأخشاب بشكل خاص والبترول دون أن ننسى أنه فى عام ٢٠٠٩ عندما تولى على بونجو السلطة - خلفا لوالده عمر بونجو الذى حكم البلاد لأكثر من ٤١ عاما – كانت الدول الداعمة له فى تلك الفترة المغرب والسعودية، كما قام بونجو بعد ذلك بدمج الجابون فى الكومنولث، حتى لو كانت البلاد تتحدث الفرنسية! حسبما تؤكده صحيفة لوبينيون الفرنسية.
لكن دعونا لا ننسى أن (الجابون هى أكبر منتج للمنجنيز فى العالم) وأن شركة إيراميت الفرنسية هى التى تدير هذا الملف ولا ننسى أيضا هناك شركات توتال إنيرجييز وما يقرب من ٨٣ شركة فرنسية تعمل فى الجابون فى مجالات مختلفة ويبلغ إجمالى أعمالها حوالى ٣ مليارات يورو.. وفى الحقيقة، برغم كل شيء ستظل باريس شريكا مميزا للجابون.
وأمام كل هذه الأحداث فى الجابون، لم تعمد باريس فى هذه المرة إلى تأكيد التعبير عن موقفها من هذا الانقلاب حيث أدانت الانقلاب بشكل مختصر ومقتضب وبعيد تمامًا عن الأضواء.. وهنا نقول إننا هنا فى ليبرفيل بعيدون كل البعد عن المشاعر المعادية لفرنسا التى تستشرى فى نيامى وباماكو، ومنطقة الساحل بأكملها.. كما تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الانتقالى الجديد لم يطلب مغادرة ٣٥٠ جنديًا فرنسيًا من كتيبة المشاة البحرية السادسة (BIMA) من الجابون..علينا أن ندرك أن فرنسا تطوى حاليا صفحة بونجو (الأب والابن) وليس صفحة الجابون!
معلومات عن الكاتب:
أوليفييه دوزون.. مستشار قانونى للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبى والبنك الدولى. من أهم مؤلفاته: «القرصنة البحرية اليوم»، و«ماذا لو كانت أوراسيا تمثل الحدود الجديدة؟» و«الهند تواجه مصيرها».. يتناول فى مقاله، الخيط الدقيق الفاصل بين عائلة بونجو وبين الجابون.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجابون على بونجو
إقرأ أيضاً:
غزة ..ومظاهر العجز العربي
صراحة نيوز ـ حاتم الكسواني
تتعدد صور العجز العربي في مواجهة جرائم الإحتلال الصهيوني وحرب إبادته ضد أهلنا في غزة والضفة الغربية وتتزايد يوما بعد يوم ، وهي تتكفي بنقل اخبار صور الإستنكار الدولية والدوران في حلقة مفرغة من عدم التأثير وردود الفعل الكلامية المنددة .
عجز عربي .. عندما تفكر الدول الغربية بفرض عقوبات على إسرائيل ، والأمة العربية لا تدفع نحو ذلك وتكتفي بدور المتفرج
عجز .. عندما تمر قمة عربية بعد قمة ولا تنتقل من مربع الإدانة والشجب إلى مربع الفعل بالتهديد بالقوة العسكرية والحصار لدولة الكيان .
عجز .. عندما تواصل الأمة الرجاء من المنظومة الدولية لبذل جهودها لوقف الحرب على غزة وكأن الأمر لا يعنيها وكان مايجري لا يستهدف إخوتنا في الدم والإسلام والعروبة باعتبارها أمة ملتزمة بالعهود والإتفاقيات الموقعة عليها ، وبأهداف المحاور المنتمية إليها .
عجز .. عندما تخنع الأمة أمام صلف الرئيس الأمريكي ولا تسمعه أي كلام ينم عن عدم رضاها وغضبها من طريقة إستخافه بها وعدم إحترامه لإرادتها .
عجز .. عندما لانغضب ونحن نقلب وسائل التواصل الإجتماعي صفحة بعد صفحة لنشهد قتل أطفال غزة وجوعهم وعطشهم وتقطيع اوصالهم ، ووجعهم وهم ينوئون الما تحت وطأة ثقل حملهم لأمتعة رحيلهم المتكرر وحمل عبوات مياههم وجر عرباتهم المتهالكة في طرق غزة الوعرة .
عجز .. عندما نصطف مع مصالحنا القطرية وننسى مفاهيم وقيم القومية العربية والأخوة الإسلامية ، ومعاني الوحدة التي تجمع الأمة بعناصرها من لغة ودين وعادات وتقاليد وتاريخ وجغرافيا وأصول ومنابت مشتركة
عجز .. عندما لا ندرك أهمية التكامل الإقتصادي وتكامل الأمن الغذائي ، والدفاعي ، و الصحي ، وأهمية كون الوطن العربي قطعة أرض متصلة يسهل تنقل الأفراد والسلع ووسائط النقل البري والبحري والجوي بين اقطارها بزمن لا تزيد ساعاته عن عدد أصابع اليد الواحدة ، وأهمية ذلك للتبادل السلعي والصناعي والتجاري والتواصل الإنساني ونقل الخبرات والخيرات ، والأخبار والمشاعر والأماني والأشعار والقصص والألحان والأهازيج والأغنيات .
عجز .. عندما لا ندرك سبب بكاء ام عربية على طفل فلسطيني شهيد أو أم فلسطينينية مبتورة الأطراف،أو جد فلسطيني جائع … ولماذا يفرح الرجال العرب على نصر يحققه المقاومون الفلسطينيون على أرض غزة .
عجز .. عندما يملأ الناشطون وصناع المحتوى الأجانب الطيف الإلكتروني برسائل تفضح جرائم العدو الصهيوني ضد أطفال ونساء وشيوخ غزة ممن يتم حرقهم وتقطيع اطرافهم بقنابل الغدر الأمريكية المحرمة دوليا ، والذين يتم دفنهم إحياء تحت ركام منازلهم في الوقت الذي لا يقدم الناشطون العرب إلا النذر اليسير من الرسائل المشابهة بينما تذهب رسائلهم إلى حرف الإنتباه عما يجري في غزة برسائل الرقص والطبخ والمقالب السمجة .
عجز عندما تمتلأ الساحات والشوارع الأوروبية والامريكية بعشرات الآلاف من المعارضين لجرائم الإحتلال وحرب إبادته بلوحات تعبيرية وأساليب مبتكرة تجسد جريمة العصر ووسائلها البشعة ، بينما تخلو ساحاتنا من الوقفات والتظاهرات الغاضبة المماثلة .
عجز.. وعجز …وعجز محرج ومخزي