صالون دار الكتب الثقافي بطنطا يناقش دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم ذوي الهمم
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
استضافت مكتبة دار الكتب بمدينة طنطا، مساء الأربعاء، فعاليات الصالون الثقافي الذي نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة عمرو البسيوني، وذلك تحت عنوان "دور مؤسسات المجتمع المدني في دعم قضايا ذوي الهمم"، بحضور عدد من ممثلي الجمعيات الأهلية، والمهتمين بالشأن الثقافي بمحافظة الغربية.
بدأت فعاليات الصالون الثقافي الذي أداره الكاتب الصحفي محمد عوف، بالوقوف دقيقة حدادًا على أرواح ضحايا الفيضانات في ليبيا والزلزال في المغرب، فيما رحبت نيفين زايد، مديرة الدار بالحضور مؤكدة أن الدولة المصرية قد أولت ذوي الهمم اهتماماً كبيرًا، ولاسيما خلال السنوات القليلة الماضية، منذ إصدار دستور 2014 الذي تم من خلاله تفعيل القوانين التي تتعلق ببعض الفئات الأكثر احتياجاً للرعاية، كما أوضحت أن مواد الدستور طالبت بعدم التمييز بين المواطنين، وبأنهم متساوون في الحقوق والواجبات.
من جانبه، تحدث المهندس أسامة الخياط، رئيس مجلس إدارة جمعية أهل الخير بطنطا حول أهمية الجمعيات الأهلية كمؤسسة من مؤسسات الدولة المدنية في تقديم الدعم المجتمعي، لا سيما في ملف ذوي الهمم، مشيراً إلى أنه أصبح من أهم المحاور للدولة المصرية بعد سنوات طويلة من التهميش والإهمال، وهو الأمر الذي ظهر جلياً في توليهم للعديد من المناصب ومشاركتهم المتميزة في عمليات التنمية والبناء.
كما طالب "الخياط" بمزيد من الدعم والمساعدة للجمعيات الأهلية، وبخاصة التي تعمل في مجال دمج ذوي الهمم بالمجتمع من خلال عقد الدورات التدريبية لتأهيلهم لسوق العمل، وإقامة الورش الفنية والحرفية لاكتشاف مواهبهم والسعي نحو تطويرها.
وأوضحت الدكتورة سماح جاهين، أستاذ المناهج وطرق التدريس أن الدولة قد عملت على وضع برامج محددة لتدريب المعلمات بصفة دورية وخصوصا معلمات الصفوف الدراسية الأولى على كيفية التعامل مع أطفال ذوي الهمم، وتابعت أن أنظمة الاختبارات الخاصة بذوي الهمم مختلفة عن اختبارات الأطفال الأسوياء ومع اختلاف نوع الإعاقة، مع وضع اشتراطات للمدرسة للحصول على الجودة، وأهمها وجود معامل للوسائط المتعددة خاصة بذوي الهمم، وتوفير دورات مياه مخصصة لهم بداية من سن الحضانة، وحتى مرحلة الثانوية العامة.
من جهته، استعرض الدكتور حسام بندق، أستاذ ورئيس قسم التخطيط الاجتماعي بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية بكفر الشيخ، وأمين عام الاتحاد الإقليمي، أنواع الإعاقات، وأبرزها بصرية أو سمعية أو ذهنية، مشيراً أن كل شكل من أشكالها يحتاج بالضرورة معاملة خاصة، كما وثمن "بندق" حرص الدولة على إطلاق مسمى "ذوي الهمم" بعدما كان يطلق عليهم "معاقين"، موضحاً أن أعداد ذوي الهمم فاق الـ 15 مليون نسمة على أرض مصر، وبأن علينا جميعا تقديم كل الدعم والمساعدة لهم.
وعن أهمية الدمج لطفل ذوي الهمم، قال الدكتور ياسر الهلالي، استشاري اضطرابات الأطفال وعضو مجلس الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية أنه من المهم العمل على تأهيل ذوي الهمم من خلال تأهيل الخلايا العصبية السليمة عن طريق التكرار وتوجيه الوظيفة من أجل زيادة الإحساس بالحواس غير المتضررة، وتابع "الهلالي" علينا أن نبدأ البحث عن مسببات الإعاقة في بدايتها من خلال نزول البلاد الأكثر أعدادًا في الإصابة بالإعاقات المختلفة ودراسة مسبباتها كزواج الأقارب.
اختتمت فعاليات الصالون الثقافي بسماع عدد من مداخلات الحضور، ومن بينهم المفكر والأديب الدكتور مجدي الحفناوي، والإعلامي سمير مهنا، وكيل وزارة الإعلام الأسبق، والإعلامي مصيلحي الشرقاوي، والرائد متقاعد مجدي عبد السلام، و محمود هيكل، نائب رئيس الاتحاد الإقليمي للجمعيات الأهلية بمحافظة الغربية، والدكتور محمد قطب رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بالغربية.
فيما حرصت مديرة الدار على منح عدد من ذوي الهمم شهادات التقدير لتميزهم في المجالات الفنية والرياضية، وهم: سعيد سعد محمد، محمد الجندي، وعبد الله مجدي.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: محافظة الغربية الهيئة العامة لقصور الثقافة عمرو البسيوني الزلزال في المغرب دور مؤسسات المجتمع المدني ضحايا الفيضانات في ليبيا أنواع الإعاقات ذوی الهمم من خلال
إقرأ أيضاً:
ليبيا.. من أين نبدأ؟ دعوة لبناء مجتمع قبل الدولة
في خضمّ الفوضى والانقسام والانتظار الطويل لحلول تأتي من الخارج أو لا تأتي، يطرح الليبي اليوم سؤالًا صعبًا وبسيطًا في آن: إلى أين نحن ذاهبون؟ وهل ما نعيشه قدرٌ لا مفر منه؟
الجواب يبدأ من الاعتراف، لا من التبرير. علينا أن نعترف بما نحن فيه: انقسام سياسي، انهيار في مؤسسات الدولة، تراجع في التعليم، تفكك اجتماعي، تفاقم الفساد، وتغوّل السلاح على الدولة والقانون.
لكن الاعتراف وحده لا يكفي، إن لم يكن مقرونًا بـ تقييم صادق لما مررنا به.
قراءة في المراحل الثلاث
عهد المملكة الليبية (1951–1969):
مرحلة تأسيس الدولة، حكم القانون، والاستقلال. لكن التنمية بقيت محدودة، وغياب المشاركة الشعبية أضعف البناء السياسي.
عهد سبتمبر (1969–2011):
مرحلة يُفترض أن تكون ذهبية من حيث الاستقرار والموارد، لكنها افتقرت للحريات الحقيقية الواعية. نعم، كانت هناك دولة، لكن تم تغييب المجتمع المدني، وتمحور الحكم في يد سلطة مركزية ألغت المؤسسات تدريجيًا.
قد يرى البعض أن هناك هامشًا للحرية من منظور “سلطة الشعب”، فيما يراه آخرون مجرد شعارات. ومع كل ذلك، فقد كانت هناك سيادة، مقارنة بما نعيشه من انفلات وفوضى بعد 2011، حيث ضاعت الحرية في ظل غياب الدولة وانتشار الفساد وظهور ممارسات غريبة.
مرحلة ما بعد فبراير (2011–اليوم):
تحرر سياسي شكلي، قاد إلى فوضى وانقسام، نتيجة غياب مشروع وطني موحد، وتدخلات خارجية، وصراع على السلطة والثروة.
كل مرحلة قدمت ما قدمت، وأخفقت فيما أخفقت. لكن من المسؤول؟
نحن جميعًا، بدرجات متفاوتة: من صمت، من شارك، من انتفع، ومن تواطأ.
هل ما حدث بعد 2011 كان طبيعيًا؟
لا يمكن تبرير الفوضى والانقسام باسم الثورة أو التغيير.
حتى لو وُجدت مظالم حقيقية، فإن ما حدث لاحقًا من دمار ونهب وقتل وتشريد لا يمكن اعتباره “ثمنًا طبيعيًا”، بل هو نتيجة غياب الوعي والبوصلة، وافتقاد القيادة الراشدة، وتضارب المصالح بين الداخل والخارج.
علينا أن نُميّز بين:
مصالح الخارج في ليبيا
ومصالحنا كليبيين
الخلط بينهما هو ما سمح باستمرار الأزمة.
سؤال اللحظة: هل نحن في الطريق الصحيح؟
بعد أكثر من عقد، هل نملك مشروعًا وطنيًا؟
أم أننا فقط نُراكم خيبات، ونتبادل الاتهامات؟
كيف نُطالب بدولة، ونحن لم نُؤسس مجتمعًا ناضجًا ومسؤولًا؟
ألسنا نحن من يُعيد إنتاج الفشل، بسبب ثقافة الشك، والتقليد، ورفض الاعتراف بالخطأ؟
الحقيقة القاسية: المشكلة فينا
نعم، المشكلة فينا، في كل واحد منا: في المواطن الذي يصمت عن الفساد، في النخب التي تهادن الانقسام، في المثقف الذي يلوذ بالصمت، في الإعلام الذي يُبرر ولا يُوجّه.
“إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”
من أين نبدأ؟
نبدأ من الاعتراف أولًا، ثم من المجتمع، قبل الدولة.
خطوات واقعية:
1. تشخيص صريح للمشكلة، بلا مواربة
2. حملة توعية وطنية عبر الإعلام والمدارس والجامعات
3. مصالحة مجتمعية قاعدية، بعيدًا عن النخب المتصارعة
4. مشروع وطني جامع، تتبناه شخصيات نزيهة وذات مصداقية
5. قيادة انتقالية راشدة، لا تحتكر القرار بل تقوده نحو الوفاق
ونظرًا لتغوّل التعصب القبلي والمناطقي والجهوي، نعتقد أنه ليس أمامنا سوى دعم العمل الحزبي الوطني، باعتباره الإطار القادر على تمثيل الجميع، بشرط أن يتكوّن من مختلف شرائح المجتمع، بعيدًا عن الإقصاء والتمحور حول الجهوية أو القبيلة.
كما أن وجود دستور جامع أصبح ضرورة لا يمكن تجاوزها، يضع الأساس القانوني لنظام ديمقراطي عادل، ويضمن الحقوق، ويحد من الانقسام.
دور التدخل الإقليمي والدولي: واقع وتأثير
لا يمكن الحديث عن الأزمة الليبية دون الاعتراف بأن التدخلات الإقليمية والدولية لعبت دورًا كبيرًا في تعقيد المشهد.
هذه التدخلات غالبًا ما جاءت بدوافع ومصالح خارجية، لا علاقة لها بخدمة الشعب الليبي، بل بأجندات سياسية واقتصادية وجيوسياسية.
الإقليمي: دول تتنافس على النفوذ، عبر دعم أطراف متنازعة.
الدولي: قوى كبرى تتصارع على النفط والموقع الجغرافي.
لكن رغم ذلك، لا يمكن تحميل كل شيء للخارج. التدخل الخارجي يستغل ضعفنا الداخلي، وانقسامنا، وتشرذمنا.
هل من قادوا التغيير ما زالوا قادرين على القيادة؟
نسأل اليوم:
هل الذين قادوا التغيير، ما زالوا يمثلون إرادة الشعب؟
أم أن بعضهم غرق في لعبة المصالح الشخصية والجهوية؟
هل يملكون رؤية وطنية قادرة على جمع الليبيين، أم يكرّرون أخطاء الماضي؟
القيادة الرشيدة هي حجر الأساس في أي مشروع نهضة.
في ظل الفوضى… كيف نلوم النظام السابق؟
لا يمكن تحميل النظام السابق وحده مسؤولية كل ما جرى.
رغم عيوبه، كان هناك حد أدنى من الدولة، مقارنةً بالفوضى الحالية.
الفوضى ليست فقط نتاج إسقاط النظام، بل هي نتيجة تراكمات داخلية، وانقسامات اجتماعية، وتدخلات خارجية.
النظام السابق جزء من التاريخ، أما المستقبل فهو مسؤولية كل الليبيين.
الخلاصة:
بناء الدولة يبدأ ببناء المجتمع.
والمجتمع لا يُبنى إلا بالوعي، والمصالحة، والإرادة.
لدينا الإمكانيات، ولدينا دروس الماضي، لكن ما ينقصنا هو القرار الجماعي بالانطلاق.
وفي ظل انتشار التعصب القبلي والمناطقي والجهوي، نؤمن بأن العمل الحزبي الوطني الحقيقي قد يكون أحد الحلول، إذا ما تكوّن من مختلف شرائح المجتمع، وتجاوز منطق الهيمنة والإقصاء.
كما لا يمكن بناء دولة دون دستور وطني جامع، يُعبّر عن إرادة الليبيين، ويضع الأساس القانوني لنظام ديمقراطي عادل، يكفل الحقوق ويمنع الانقسام.
فهل نملك الشجاعة لنبدأ من جديد؟
وهل نحن مستعدون لنقول: كفى؟
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.