د. شريف عرفة يكتب: نعم ولكن!
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
دائماً ما تدهشني عروض المسرح الارتجالي، التي لا تزال نادرة في عالمنا العربي. عرض كامل يعتمد على الارتجال اللحظي والبناء على ما قيل أو حدث في في التو واللحظة.. كمشهد روبين ويليامز في برنامج «داخل ستوديو الممثل»، حين طلب من الحضور إعطاءه أي شيء ليبني عليه مشهداً تمثيلياً.. فأعطوه كوفية استلهم منها دقائق ممتعة من كوميديا اللحظة.
هذا ليس مقالاً فنياً، لكني أحكي هذا لأن هناك تقنية ذهنية رائعة يستخدمها ممارسو هذا الفن، أجدها فعالة في حياتنا اليومية بشكل كبير للغاية.. وهي تقنية نعم-و «Yes-And». أي، لا ترفض ما يأتيك من الجمهور، أو من ممثل زميل، بل اقبله وابنِ عليه واستمر في طريقك الجديد، لا تتمسك أكثر من اللازم بسيناريو كوميدي محدد جامد في ذهنك، بل كن منفتحا على المستجدات التي تحدث، وقم بتغيير خططك على أساسها!ألا يبدو هذا مفيداً في حياتنا العادية؟
يقول الكاتب الهولندي برتولد جونستر: إن مشكلة أغلب الناس أنهم لا يفكرون بهذه الطريقة، بل بعقلية «نعم-ولكن». أي: نعم، أريد أن أكون سعيداً، لكن لدي مسؤوليات كثيرة. نعم، أريد قضاء وقت مع أطفالي، لكني مشغول في العمل.. نعم، أريد توفير المال، لكن نفقاتي كثيرة. نعم أحب التعرف على الناس، لكني خجول جداً... إلخ.
مشكلة التفكير بهذه الطريقة هي أن كلمة «لكن» تجعل ما بعدها أمراً واقعاً لا يمكن تغييره.. حقيقة مطلقة تعترض تحقيق الأمنية التي قبلها.. وكأنها حاجز يمنعنا من رؤية الخيارات الأخرى.. والأفضل، هو البناء على هذه العبارات السابقة وعدم التوقف عندها.. كما يفعل ممثلو مسرح الارتجال.. بدلاً من الاكتفاء بـ(نعم-ولكن) استخدم (نعم-و).
نعم، لديّ مسؤوليات كثيرة، وهذا يعني ضرورة الترويح عن نفسي. نعم نفقاتي كثيرة، وهذا يعني الترشيد أو البحث عن مصادر أخرى. نعم، أريد السفر إلى دولة جديدة، وسأبدأ بالتخطيط المالي لهذه الرحلة. نعم، أريد أن أصبح أكثر لياقة، وسأجد صديق يمارس الرياضة لنشجع بعضنا. نعم، أريد أن أصبح أكثر لياقة، وسأجد صديقاً يمارس الرياضة معي للحفاظ على الدافع عقلية (نعم-و) تجعلك تستمر في إيجاد حلول لا التوقف عند المشكلة!
بمعنى آخر، لا تتمسك بالسيناريو المثالي الموجود في ذهنك مسبقاً، فتش لحياتك إذا ما تغير هذا السيناريو.. بل كن مثل الممثل الارتجالي.. رحب بالكوفية التي أتتك من حيث لا تحتسب، وفكر في ما أنت فاعل حيالها، كي تستمر الحكاية وتتعالى الضحكات! أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: شريف عرفة
إقرأ أيضاً:
د.حماد عبدالله يكتب: " تحــدث " كـــى أراك
"هكـــذا يمكــن لى أن أمـد ساقــى وأفـرد قدمـى"
جملة قالها "سقراط"،الفيلسوف اليونانى،حينما فوجىء ضمن طلابه الجالسين أمامه،"وجهًا جديدًا" لم يراه من قبل،فَتحَّرَجَ فى حديثه "أى لم يستطع أن يأخذ راحته فى الكلام والجلوس " لوجود هذا الشخص الجديد ضمن حوارييه أو طلابه،وحينما إستنطقه بالكلام حتى يراه،إستطاع أن يعتدل فى جلسته "يتناسب وراحته "كفرد قدميه" أمام الجالسين !!
وما زالت هذه الحكمة تتردد ونحتاجها كثيرًا اليوم،ومن الملاحظ أن من يتقدم هذه الأمة لا يتكلم ولكنه يتجهم،فيحسب أنه حكيمًا،وينطبق عليه القول
"إذا سكت ………… حسبوه حكيمًا " وعلل بأمثلة مثل " السكوت من ذهب والكلام من فضة"،وللأسف الشديد أصبحت هذه سمة جديدة من سمات الوجوه العامة فى " مصر" !!
ومن بعض العامة فى مصر " من سكت دهرًا ونطق كفرًا " ولعل ما ينطبق عليه هذا القول،إذا كان شخصًا مسئول عن نفسه وأسرته،فله ماله وعليه ما عليه ( مثل شعبى ) " واللى شايل قربة مخرومة تخر على دماغه" وهذا ليس شأننا ، لكن إذا إنطبق هذا القول على مسئول، أو منتمى إلى جماعة أو حزب،وزاول الحديث فى جهاز إعلامى مثل التليفزيون أو الراديو ،فهنا الطامة الكبرى.
نصدم يوميًا،بجهابذه من هؤلاء النوعية تفرد لهم الأجهزة الساعات والدقائق لكى يدلو بدلوهم (جهلهم) للناس،وللأسف الشديد،لامحاسب،ولارقيب،ولا معقب،مثل "سقراط"،"الله يرحمه " لكى يضع فى فمه "فوطة مبلولة" مستخدمًا وسيلة من وسائل الإسكات التى إبتدعت فى "مصر" على يد الأختين "ريا وسكينة".
فى الثلاثينيات من القرن الماضى، وأصبحت منذ حدوثها ( حدوته ) مصرية عن جريمة وقف لها المجتمع وقفة تاريخيه !!
ومع ذلك فإن المبدعين من أصحاب الميكروفونات والشاشات، لا يخجلون أيضًا من تقديم الجهلة للناس، ولكن هم أنفسهم دليل مؤكد على أن السياق العام، المُقَّدِمْ والمقدَم، أجهل من بعضهم، ولنا فى ذلك أحاديث أخرى، عن الإعلام الخاص وسوءاته وفضائحه وجهله، وتذرعه بالحريه والله يرحم الإعلام الوطنى أو الرسمى، حيث لا مسئول عنه فى "مصر" !!
[email protected]