نظمت جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي ندوة عبر تقنية "زوم" بمناسبة اليوم العالمي للترجمة الذي يوافق الثلاثين من سبتمبر من كل عام شارك فيها خمسة من المترجمين والمترجمات من لغات مختلفة.

وقدم المشاركون خلال الندوة رؤاهم بشأن دور الترجمة كفعل حضاري بين الأمم والثقافات والشعوب، وناقشوا واقع حركة الترجمة استنادا إلى تجاربهم الشخصية في هذا المجال، وتطرقوا إلى الصعوبات والتحديات التي يواجهونها أثناء عملهم.

وقالت الدكتورة امتنان الصمادي خلال إدارتها للندوة التي حملت عنوان "تجارب في الترجمة": "إن جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي تسعى إلى تكريم المترجمين وتشجيعهم والاعتراف بجهودهم من خلال تقديرهم على المستويين المادي والمعنوي"، واستعرضت مسيرة الجائزة التي تقدمها دولة قطر للعالم، وفلسفتها وأهدافها وغاياتها وفئاتها ومعايير الترشح لها والفوز بها.

من جانبها تحدثت وفاء أبو حطب، أستاذة اللغويات في جامعة "الزرقاء الأردنية"، عن أهمية الترجمة للإنسانية قائلة: "لو أن الله عز وجل أراد لخلقنا أمة واحدة بلغة واحدة، لكن من آياته أن تختلف ألسنتنا وتختلف لغاتنا حتى نتعلم ونتعرف على الآخر"، مضيفة أن الله سبحانه وتعالى في الآية القرآنية (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) خاطب الناس بصرف النظر عن منابعهم الفكرية والثقافية والعقائدية، ما يعني أن علينا أن نتعارف ونتصل بهم، وهذا يحتاج إلى وسيط هو الترجمة".

وأوضحت أن الترجمة فعل ثقافي يتجول فيه المترجم بين ثقافتين نقلا منهما وإليهما، يطرق أبواب الشعر والأمثال تارة، وأبواب المصطلح تارة أخرى، يمخر عباب بحور المعاني ويحلق في فضاء الخطاب. وذلك حتى يستطيع إيصال المعنى، مؤكدة أن المترجم سفير الثقافة بين الأمم، ووسيط بين ثقافتين، وأن الأعمال الأدبية المترجمة تمد جسرا من التفاهم والألفة بين ثقافتين، مختصرة المسافات والفروق الثقافية، ومدعو لأن يوازن بين الولاء للنص الأصلي وبين الخروج بنص مترجم يخلق التأثير نفسه الذي خلقه النص الأصلي عند قارئه، مع الأخذ بعين الاعتبار الاختلافات الثقافية.

وأشارت أبو حطب إلى التحديات التي يواجهها المترجم، ومنها أن لا يكون مؤلف النص الأصلي على قيد الحياة، فيلجأ المترجم إلى البحث والتقصي إذا ما واجهته مشكلة خلال اشتغاله بالترجمة. وكذلك أن يجد مترجم النص الأدبي المقابل الذي يعبر عن المعنى ويعطي الأثر نفسه، لأن الأدب هو "الكبسولة" الثقافية التي تختزل فيها الأمم عاداتها ورؤيتها للحياة، والتي تزخر بالأمثال والعبارات المرتبطة بثقافة دون غيرها.

ترجمات قيمة 

بدورها، تحدثت الدكتورة نيديليا كيتايفا التي تدرس اللغة العربية والأدب العربي في جامعة "بلغاريا الجديدة"، مبينة أن أول لقاء لها مع الترجمة من اللغة العربية كان أثناء دراستها الجامعية، إذ أرادت تحديد موضوع رسالتها للماجستير وكانت مترددة في اختيار مؤلف معين، وصودف أنها اطلعت على الأعمال الشعرية لأدونيس فقررت أن تترجم بعض قصائده.

وأوضحت كيتايفا في هذا السياق: "كنت على يقين من أنني لا أستطيع الكتابة عن شاعر لم أطلع على مؤلفاته، في البداية لم أفهم من أشعاره إلا القليل، وكانت الكلمات ذات معان غامضة، لكنني شعرت بعمق هذا الشعر وطاقاته الكامنة وأدركت أن تلك القصائد تضم أكثر مما نلاحظ على السطح، وأن طبقة الظاهر ترتبط بشكل غريب بالباطني فيها، ثم عثرت على تعريف هذا الشعور الذي عبر عنه أدونيس نفسه حين تحدث عن (لغة ما وراء اللغة، وصورة ما وراء الصورة، وعلم ما وراء العلم)، وأعتقد أن هذه العبارة تعطينا أدق تعريف للثقافة العربية وآدابها بشكل عام.. تلك هي الصعوبة الأولى التي واجهتها في حقل الترجمة من العربية".

ونوهت إلى أن ترجمتها الأولى كانت مقابلة مع أدونيس وفصل من كتابه "النظام والكلام" وبعض قصائده، وقالت: "بفضل أدونيس وقعت في فخ الشعر العربي، ثم بدأت أقرأ وأترجم لشعراء عرب آخرين، أذكر منهم قاسم حداد ونزار قباني وغادة السمان وإيمان مرسال، وشرعت أترجم قصصا قصيرة، ثم بعض الروايات.

وعن التحديات التي واجهتها خلال ممارستها الترجمة، قالت كيتايفا إن أبرزها أن اللغة العربية ليست لغتها الأم، وأنها لم تدرس العربية إلا في بلغاريا، لذلك كانت تحتاج للمزيد من الجرأة عندما قررت أن تترجم رواية "فيزياء الحزن" لغيورغي غوسبودينوف. وأشارت إلى أن هذه الرواية صعبة ومعقدة، ليست من ناحية الترجمة وحسب، بل إنها "تشبه متاهة مبنية على قصص قصيرة لكونها رواية تجريبية حديثة ذات سياق ثقافي عميق"، فضلا عن أن أسلوب الكاتب يتميز ببساطة اللغة وعمقها في الوقت نفسه.

وذكرت أن صعوبات الترجمة تختلف باختلاف النصوص التي تتم ترجمتها، وباختلاف الأدباء أصحاب تلك النصوص أيضا، وهذا "يتطلب الكثير من العمل إزاء كل كاتب للتعرف على التفاصيل الخاصة بعمله". مؤكدة أن التحدي بالنسبة للمترجم يكمن في كيفية نقل روح الثقافة التي يرتبط بها العمل، فعلى المترجم أن يصل إلى تلك الروح قبل القارئ كي يتمكن من إعادة تقديمها بأفضل طريقة، وهذا يستلزم "إقامة علاقة خاصة بين المترجم والمؤلف، وأن يسمع المترجم صوت المؤلف واضحا ويتكلم بهذا الصوت في ترجمته".

أما المترجم المصري الدكتور صلاح هلال، أستاذ الأدب والفلسفة الألمانية في كلية التربية بجامعة "عين شمس"، فقال خلال مداخلته: "نحتاج إلى تضافر الجهود التي تعنى بالترجمة في صورة مشروع عربي ضخم يضم متخصصين من كل الدول ويكون هو الموجه لعمل الترجمة في العالم العربي، وهذا يحتاج إلى إرادة سياسية وثقافية ودعم مادي".

وأكد أن من الضروري دعم المترجمين ليؤدوا المهمة التي يتصدون لها على أكمل وجه، مضيفا أن دور النشر قد تقدم بعض الدعم، لكن المترجم يظل هو "الحلقة الأضعف في سلسلة إنتاج الكتب رغم أنه الأساس في عملية الترجمة"، فكثير من دور النشر "تبحث عن الكلفة المادية الأقل، ولا تختار المترجم المناسب للنص المناسب"، كما أنها ترفض وضع اسم المترجم على غلاف الكتاب، رغم أنه شريك في الكتاب ولكن بلغة أخرى.

من جهته، قال المترجم الكويتي عبد الوهاب سليمان، إن اهتمامه بالترجمة بدأ في وقت مبكر، وإن الأعمال المترجمة الجميلة التي استمتع بها ارتبطت بالمترجمين كما ارتبطت بالمؤلفين. وأضاف أنه تعرف خلال دراسته علوم الطب الحيوي والكيمياء في بريطانيا على أستاذ دراسات الترجمة في جامعة الكويت الدكتور محمد بن ناصر، وأستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة الكويت شملان القناعي، وكانا وقتها طالبين في مرحلة الدكتوراة، فوجهاه وأرشداه لأسماء كبيرة في الأدب والترجمة.

وأوضح أن المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي تمثل وسيطا ملائما لدور النشر لاكتشاف المواهب في الترجمة، وأن هناك مجتمعات للمترجمين و(هاشتاغات) لخدمة المترجمين، وهذه الوسائط "خير معين للمترجم رغم أنها مرتبطة بجهود فردية وغير مؤسساتية".

أما المترجمة الباكستانية الناشئة آسيا عارف صديق، التي ترجمت كتبا عدة من العربية للإنجليزية والأوردية والفارسية، فتوقفت عند تجربتها في ترجمة الحكم والأمثال، موضحة أنها جمعت الحكم والأمثال من كتب مختلفة منها "مجمع الأمثال" للميداني، و"أحلى ما قيل في الحكم والأمثال" من إعداد غريد الشيخ، و"الإعجاز والإيجاز" للثعالبي، و"عيون الأخبار" لابن قتيبة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر جائزة الشيخ حمد للترجمة فی جامعة

إقرأ أيضاً:

برعاية منصور بن زايد .. نجاح لافت للجولة الخامسة من كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية ببولندا

 

اختتمت مساء أمس منافسات الجولة الخامسة من النسخة الثانية لكأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية في العاصمة البولندية “وارسو”، والتي أقيمت تحت رعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للخيول العربية، وبمتابعة الشيخ زايد بن حمد بن حمدان آل نهيان، نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، رئيس لجنة كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية.
وشهد حفل الختام حضور سعادة محمد أحمد سالم الحربي، سفير فوق العادة ومفوض دولة الإمارات العربية المتحدة لدى جمهورية بولندا، وسعادة محمد أحمد الحربي، المدير العام لجمعية الإمارات للخيول العربية ونائب رئيس لجنة كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية، وشاركا في تتويج الفائزين.
وتعد تلك الجولة أولى جولات النسخة الثانية للكأس في القارة الأوروبية، والتي ستشمل أيضا جولة في بلجيكا نهاية أغسطس الجاري، وأخرى في إيطاليا خلال نوفمبر المقبل.
وأقيمت المنافسات على مدى يومين في مزرعة يانوف بودلاسكي الشهيرة، بمشاركة 63 خيلا تمثل 33 مالكاً، وتضمنت الأشواط التأهيلية لفئات الأمهار والمهرات بعمر سنة، وعمر سنتين وثلاث سنوات، إلى جانب فئتي الأفراس والفحول، قبل أن تختتم بالبطولات النهائية لتلك الفئات.
وأسفرت المنافسات عن فوز المهر “الأمير ساحر” للوكاس تشيك باللقب الذهبي للأمهار عمر سنة، فيما نال “فينيكس آل ميرو” لميرسولاف كريستوف روغوسكي ذهبية الأمهار عمر سنتين وثلاث سنوات، وتوج “إيفنينج ستار” لهورسيس بولاند سبولكا بطلا لفئة الفحول.
وفي بطولات الإناث، حصدت “نادزيجا إس دبليو” لسويكو تشيك – نينا سوسكيفيتشوفا ذهبية مهرات السنة، بينما فازت “سايكي روكسانا” لكرزيستوف بوزيبتشكينسكي بلقب المهرات عمر سنتين وثلاث سنوات، ونالت الفرس “أناويرا”، العائدة أيضا لسويكو تشيك – نينا سوسكيفيتشوفا، ذهبية الأفراس.
واكتسبت الجولة الخامسة أهمية استثنائية كونها أقيمت بمزرعة يانوف بودلاسكي في بولندا إحدى الدول الرائدة عالميا في إنتاج الخيول العربية، إذ تمتد جذور الاهتمام بتربيتها لأكثر من 6 قرون، كما تعتبر مزرعة يانوف بودلاسكي التي تم إنشاؤها في عام 1817 من أقدم مزارع الخيول وتقع في وسط المروج الخضراء على طول نهر بوغ.
وتضم النسخة الثانية من الكأس العالمي 10 جولات تقام في جميع قارات العالم، بعد النجاح اللافت الذي حققته النسخة الأولى، والتي ساهمت في تعزيز الحضور العالمي للخيل العربية وإبراز مكانتها.
ويعد كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية مبادرة رائدة على مستوى العالم، تهدف إلى دعم وتشجيع الملاك والمربين، وتعزيز مكانة الخيول العربية، كما تجسد التزام دولة الإمارات بالاستمرار في رعاية هذه النشاط التراثي، والتأكيد على دوره المحوري في صون الإرث الثقافي العربي الأصيل.
وكانت أستراليا قد استضافت الجولة الأولى في الفترة من 31 يناير إلى 2 فبراير، وتبعتها مملكة البحرين التي احتضنت الجولة الثانية يومي 1 و2 مايو، وأقيمت الجولة الثالثة من البطولة في المملكة المغربية خلال الفترة من 9 إلى 11 مايو 2025، فيما احتضنت مدينة تشينغداو الصينية الجولة الرابعة في يوليو الماضي.


مقالات مشابهة

  • الإمارات تحتفي باليوم العالمي للشباب 2025
  • «كهرباء ومياه دبي» تحتفي باليوم العالمي للشباب
  • “أبوظبي للغة العربية”.. القراءة المستدامة ترسخ مجتمع المعرفة
  • إصابة مراسل الإخبارية بشظايا خلال قصف إسرائيلي .. فيديو
  • “لوكو بير” تحتفي بالصيف عبر فعاليات ترفيهية بالتعاون مع دائرة الاقتصاد والسياحة في دبي
  • «أبوظبي للغة العربية»: القراءة المستدامة ترسخ مجتمع المعرفة
  • جامعة أسيوط الأهلية تطرح برنامجين بكلية الألسن واللغات التطبيقية للعام الجامعي «2025 - 2026»
  • عبر الذكاء الاصطناعي.. الإمارات تعزز حضور لغة الضاد العالمي
  • توفير شاشات تفاعلية ذكية بعدة لغات عالمية في مواقع متفرقة داخل الحرمين
  • برعاية منصور بن زايد .. نجاح لافت للجولة الخامسة من كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية ببولندا