الصراع في الشرق الأوسط.. مخاوف من صدمة في أسعار الطاقة!
تاريخ النشر: 17th, October 2023 GMT
استعمال النفط كسلاح مستبعد من قبل خبراء الطاقة
ارتفعت أسعار النفط بشكل ملحوظ في أسواق النفط بداية الأسبوع، بعد هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل. ومع مرور الوقت، هدأت الأسواق وعادت الأسعار تقريباً إلى مستوى ما قبل عطلة نهاية الأسبوع، فكما يبدو لا يرى البائعون والمستهلكون في سوق النفط حتى الآن أي تهديد يتسبب نتيجة انخراط دول أخرى في النزاع.
يقول يورغ كريمر رئيس الاقتصاديين في بنك "كوميرتسبنك" الألماني لـ DW: "ليس لدي انطباع بأن إيران أو دول أخرى تنوي شن هجمات مفتوحة على إسرائيل. هذا يشير إلى عدم وجود تصعيد كبير"، ويرى أن "السوق تشارك هذا التقدير، كما يمكن ملاحظته من خلال رد الفعل المعتدل لأسعار النفط".
مختارات ممر اقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا... تحدي للصين؟ هل تشكل استثمارات دول الخليج العربية في الغرب تهديدا؟بفضل عائدات النفط المرتفعة، شرعت دول الخليج العربية في ضخ استثمارات كبيرة في الدول الغربية من شراء أندية رياضية وجذب لاعبين وحتى شركات اتصالات معروفة، فهل تشكل هذه الاستثمارات تهديدا للغرب؟
الغاز الروسي.. سلاح استخدمته موسكو ضد أوروبا فأصابت به نفسها؟قبل عام أوقفت روسيا صادرات الغاز عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" كرد انتقامي على دعم الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا التي مازالت تتعرض لعدوان روسي، لكن استخدام موسكو سلاح الغاز ضد أوروبا ألحق الضرر أكثر بالاقتصاد الروسي.
لكن أكثر من ثلثي النفط العالمي يتم نقله عبر السفن من الشرق الأوسط، ولذا لاتزال الأسواق تتابع الوضع بحذر، حتى وإن لم تكن هناك تأثيرات مباشرة على إمدادات النفط حتى الآن. ووفق وكالة الطاقة الدولية "IEA" فإن أن النزاع في الشرق الأوسط مليء بعدم اليقين، وأن الأحداث تتسارع.
صدمة النفط قبل 50 عاما
رغم ذلك يعتقد المستثمرون أن ما جرى قبل خمسين عاما لن يتكرر. في تلك الفترة، في تشرين الأول/ أكتوبر 1973، هاجمت مصر وسوريا إسرائيل، فارتفعت التوترات ولجأت بعض الدول العربية إلى استخدام أسعار النفط للضغط على الدول الصناعية الغربية مثل ألمانيا، التي كانت تعتمد بشكل كبير على أسعار النفط المنخفضة.
حينها قررت الحكومة الألمانية وضع قيود السرعة بحد أقصى 100 كيلومتر في الساعة على الطرق السريعة وأيام الأحد خالية من السيارات، بعد أن ارتفعت أسعار النفط بنسبة تقارب 70 في المائة بسبب تقليصات في إنتاج النفط في الشرق الأوسط.
"اليوم، لم يعد العالم العربي كتلة واحدة، وهناك توترات كبيرة في المنطقة، مثل تلك بين المملكة العربية السعودية وإيران. لذلك يجب ألا يتكرر ما حدث في السابق، ومن المرجح ألا ترتفع أسعار النفط بنفس الطريقة كما كان الحال في ذلك الوقت"، بحسب يورغ كريمر.
مادورإيران؟
ومع ذلك، يمكن أن يتغير الوضع، إذا تورطت إيران في الصراع، لأنها تقدم دعما ماليا لحركة حماس ، وهي جماعة إسلاموية فلسطينية مسلحة، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
"المخاوف من مشاركة إيران في الأزمة، في هذه الحالة قد يكون لهذا الدور تأثير واضح على أسعار النفط والاقتصاد العالمي"، يقول رئيس بنوك "شباركسين" الألمانية، هيلموت شليفايس.
وخلال اجتماع صندوق النقد الدولي في مراكش، شدد شليفايس على أن الاقتصاد العالمي يمر بفترة ضعف بالفعل. وأضاف: "بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية الموجودة بالفعل، يأتي الآن أيضا الهجوم الإرهابي لحماس على إسرائيل. سيتوقف الكثير على إمكانية السيطرة هذا النزاع الرهيب على الصعيدين المحلي والإقليمي".
في عام 2018، فرضت الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عقوبات على إيران، أدت إلى تقليل صادرات النفط من البلاد.
وبعد تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه، زادت صادرات النفط الإيراني بشكل ملحوظ. جو بايدن يسعى لإعادة إحياء اتفاق النووي مع إيران الذي جرى توقيعه عام 2015. وكجزء من جهود ضبط ومراقبة المنشآت النووية الإيرانية، هناك إمكانية لتخفيف العقوبات على إيران.
حقول أرامكو السعودية في الخليج
هلسيصلسعرالنفطإلىأكثرمن 100 دولارقريبًا؟
في الوقت الحالي، بدأت إيران مرة أخرى في تصدير كميات كبيرة من النفط، وهو الكم الأكبر من النفط الذي صدرته منذ خمس سنوات. بالإضافة إلى ذلك، زادت الولايات المتحدة من إنتاجها من النفط، حيث أصبح إنتاج النفط فيها مرة أخرى على مستوى ما كان عليه قبل جائحة كوفيد-19.
وفي الوقت نفسه، الاقتصاد العالمي ضعيف ما يقلل الطلب على النفط. كل هذه العوامل تساهم في منع ارتفاع أسعار النفط بشكل كبير. وإلى جانب ذلك، تُلائم هذه التطورات أيضا حكومات الدول الغربية التي تواجه تضخما مرتفعا.
لكن ماذا لو توسع النزاع؟ يرى العديد من خبراء الطاقة أن سعر النفط قد يرتفع بسرعة مجددًا فوق مستوى 100 دولار للبرميل. لأنه إذا تورطت إيران، فقد يؤدي ذلك إلى إغلاق مضيق هرمز، وهو الممر البحري الرئيسي لنقل النفط العالمي بين الخليج وخليج عمان، حيث يمر حوالي ثلث النفط العالمي بواسطة السفن عبر هذه الممرات البحرية.
ارتفاع واضح في أسعار الغاز
انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة، لكن الأمر مختلف بالنسبة لأسعار الغاز، حيث شهد زيادات ملحوظة، وحدثت طفرات في الأسعار في سوق الغاز الحالي بلغ 40 في المئة.
هذا الارتفاع يعود إلى عدة أسباب. أولاً، أغلقت إسرائيل حقلًا للغاز يقع على بعد حوالي 20 كيلومترا من قطاع غزة في البحر الأبيض المتوسط. ثانيا، تعكس أسواق الغاز أيضا عدم اليقين بسبب إغلاق خط أنابيب الغاز بين فنلندا وإستونيا بسبب هبوط في الضغط. وأخيرا، إضراب عمال وموظفي مرافق غاز "أل. إن. جي." التابعة لشركة شيفرون في أستراليا الذي دام اسبوعين.
رغم كل ذلك، يتوقع محللون في مجال الطاقة أن تهدأ الأوضاع في سوق الغاز بمرور الوقت بمجرد تجاوز هذه التوترات. وبالنسبة للمستهلكين، لا تلعب مثل هذه التقلبات في أسواق الغاز دورا كبيرا في الوقت الحالي إذا كانت مؤقتة. إذ يقوم مزودو الغاز وشركات الطاقة بتأمين أنفسهم من مثل هذه التقلبات من خلال عقود توريد طويلة الأمد.
ميشا أيرهارد/ ع.خ
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: حماس وإسرائيل أسعار الغاز أسعار النفط دويتشه فيله حماس وإسرائيل أسعار الغاز أسعار النفط دويتشه فيله الشرق الأوسط أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
نحو شروق جديد: الأمل يولد من رحم التحديات
لا شك أن المشهد الإقليمي في الشرق الأوسط يبدو، للوهلة الأولى، محفوفًا بالتحديات الجسام. صراعات متأصلة، ملفات إقليمية ودولية معقدة، وتحديات اقتصادية واجتماعية تلوح في الأفق، قد يرى البعض في هذه الصورة دعوة للتشاؤم أو الاستسلام للأمر الواقع.
ولكن، وفي قلب هذه التحديات، يكمن بريق أمل، يضيئه إصرار شعوب المنطقة، وطموح قياداتها، وطاقة شبابها التي لا تنضب. إن التفاؤل في هذه المرحلة ليس ضربًا من الخيال، بل هو قراءة واقعية لإمكانات المنطقة وقدرتها على تجاوز المحن.
.. طاقة الشباب: محرك التغيير والازدهار
الأمل الحقيقي في الشرق الأوسط ينبع أولًا من ثروته البشرية الأغلى: الشباب.
يشكل الشباب الغالبية العظمى من سكان المنطقة، وهم يحملون بين طياتهم طاقات هائلة من الإبداع، الابتكار، والرغبة في التغيير. لم يعد شبابنا مجرد متلقين، بل هم فاعلون أساسيون، يطمحون إلى بناء مستقبل أفضل لهم ولأوطانهم. عبر ريادة الأعمال، المشاركة المجتمعية، واستخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة، يثبتون يومًا بعد يوم قدرتهم على إحداث الفارق. إن الاستثمار في هذه الطاقات، وتوفير البيئة الحاضنة لهم، وفتح آفاق الإبداع، هو حجر الزاوية في أي رؤية مستقبلية ناجحة للمنطقة. هم القوة الدافعة نحو مجتمعات أكثر انفتاحًا، ازدهارًا، واستقرارًا.
قيادات تصنع المستقبل: دور محوري للسيسي، بن سلمان، وبن زايد
في المقابل، تقع على عاتق القيادات السياسية في المنطقة مسؤولية تاريخية في تحويل هذا الأمل إلى واقع ملموس. لقد شهدنا في الآونة الأخيرة تحركات إيجابية وملموسة من قبل قيادات إقليمية بارزة، تعكس وعيًا عميقًا بضرورة تجاوز الخلافات والعمل المشترك لمواجهة التحديات المشتركة.
إن الدور المحوري الذي يلعبه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي في السياسة الإقليمية والعالمية، من خلال سعيه الدؤوب لتعزيز الاستقرار الإقليمي والدفع بمسارات التنمية، يُعد ركيزة أساسية. جهوده في ترسيخ الأمن وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار تدعم طموحات شعبه وتفتح آفاقًا للتعاون.
في المملكة العربية السعودية، يقود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، تحولات جذرية عبر رؤية 2030 الطموحة.
هذه الرؤية لا تفتح آفاقًا اقتصادية واسعة وتنوعًا لمصادر الدخل فحسب، بل تعزز من دور المملكة كقوة دافعة نحو الاستقرار والازدهار في المنطقة والعالم.
أما صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، فيلعب دورًا قياديًا استثنائيًا في ترسيخ قيم التسامح والتعاون الدولي، وتوجيه بلاده نحو قمم التطور والابتكار. مساعيه الحثيثة لتعزيز الشراكات وبناء جسور التواصل تساهم بشكل كبير في تخفيف حدة التوترات وصياغة مستقبل أكثر إيجابية للمنطقة.
إن التفاهمات المصرية السعودية، وما سبقها من تقارب وتنسيق على أعلى المستويات، يمثل نموذجًا يحتذى به في التعاون الإقليمي. هذه الشراكة الاستراتيجية، التي تجمع بين قوتين عربيتين محوريتين، ليست مجرد تحالف مصالح، بل هي تعبير عن رؤية مشتركة لمستقبل المنطقة، تقوم على الحوار، التنسيق، والعمل الجماعي لمواجهة التحديات وتعزيز الأمن الإقليمي. هذه التفاهمات تبعث برسالة واضحة بأن الحلول للقضايا الإقليمية تكمن في الداخل، وبأن القوى الإقليمية قادرة على صياغة مستقبلها بنفسها.
مسؤولية المجتمع الدولي: دعم الاستقرار لا عرقلته
وعلى الرغم من هذه الجهود الداخلية، يبقى للمجتمع الدولي دور حاسم ومسؤولية لا يمكن التملص منها.
فاستقرار الشرق الأوسط ليس شأنًا إقليميًا خالصًا، بل هو قضية عالمية تؤثر على الأمن الاقتصادي والسياسي للكوكب بأسره. بعد هذه التفاهمات المصرية السعودية، التي تؤسس لمرحلة جديدة من التعاون، يجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤوليته كاملة في دعم هذه الجهود، لا في عرقلتها أو استغلالها.
مطلوب من القوى الكبرى أن تتحلى بالحكمة، وتدعم مسارات الحلول السلمية، وتكف عن سياسات الازدواجية في المعايير. يجب أن تدرك أن مصالحها الحقيقية تكمن في شرق أوسط مستقر، مزدهر، قادر على احتواء أزماته الداخلية والخارجية.
في الختام، إن الأمل ليس وهماً، بل هو إيمان راسخ بقدرة شعوب المنطقة على تجاوز الصعاب، وبأن طاقات الشباب، المدعومة بقيادات واعية ومتطلعة للمستقبل، قادرة على بناء غدٍ أفضل. إن التحديات ضخمة، ولكن إرادة التغيير نحو الأفضل هي الأقوى. ومع كل خطوة نحو التعاون، ومع كل يد تمتد لبناء جسور التفاهم، يقترب الشرق الأوسط من شروقه الجديد الذي تستحقه أجياله القادمة.
اقرأ أيضاًتفاصيل الاجتماع الفني لمباراة صن داونز وبيراميدز في ذهاب نهائي دوري أبطال إفريقيا
«اللهم إني أسألك خير هذا اليوم».. دعاء الصباح اليوم الجمعة 23 مايو 2025
الانتهاء من المخططات الاستراتيجية لـ11 مدينة و160 قرية في الجيزة