أين تخفى برامج الشيخوخة؟
تاريخ النشر: 29th, November 2023 GMT
روسيا – وفقا لعالم الأحياء الجزيئية سيرغي خاريتونوف، يوجد في مجتمع العلماء نهجان بشأن عملية الشيخوخة.
يفترض النهج الأول أن عملية شيخوخة الجسم هي برنامج ما. أي إذا حاولنا يمكننا “اختراقها” وإيقافها، وربما حتى عكس اتجاهها. أما النهج الثاني فيفترض عدم وجود برنامج، وأن تدمير الجسد ناجم عن الأضرار والأخطاء والإصابات التي تتراكم طوال الحياة.
ولكن أين تخفى عملية الشيخوخة؟ من المنطقي الافتراض أن الجينات هي التي تحمل برامج الشيخوخة. ولكن يمكن أن تخفى هذه البرامج في بنى خلوية أخرى مثل الميتاكوندريا.
ويقول العالم: “يجري البحث في الميتاكوندريا أيضا عن سبب الوفاة والشيخوخة. لأنه من المعروف أن وظيفة الميتوكوندريا تتغير بشكل كبير مع تقدم العمر في جميع خلايا الجسم، وبالتالي يتغير إمداد الخلية”.
فمثلا اكتشف العلماء نمطا مثيرا للاهتمام: كلما زادت “المشكلات” في الميتوكوندريا، كلما أصبحت أكثر مرونة. مع تقدم العمر، تزداد كمية الميتوكوندريا التالفة في الجسم، التي تبدأ في النهاية بإزاحة الخلايا التي تعمل بشكل طبيعي.
ومن أجل إيجاد برامج مسؤولة عن عملية الشيخوخة يجري العلماء تجارب مختلفة على الحيوانات ومزارع الخلايا. لأنه أخلاقيا يستحيل إجراء مثل هذه التجارب على البشر. ولكن هناك دائما من يتطوع ويعبر عن استعداده للخضوع لمثل هذه التجارب.
ويقول خاريتونوف موضحا: “كثير من الناس الذين يعتقدون أنهم “اخترقوا” شيئا ما، فهموا شيئا لا يفهمه أحد، ويختبرون هذه الأشياء على أنفسهم. هكذا ولدت القرصنة الحيوية “biohacking” – وهو نهج لاستخدام معرفة العلوم الحديثة لتحسين المؤشرات البيوكيميائية والإنتاجية، والأداء أو النتائج الرياضية أو متوسط العمر المتوقع”.
المصدر: فيستي. رو
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
إقرأ أيضاً:
طائر الجنّة يلهم العلماء لصناعة القماش الأشد سوادا في العالم
في مختبر بجامعة كورنيل، وقف فستان أسود على دمية عرض، لكنه لم يكن "أسود" بالمعنى المعتاد، بل بدا كأنه ثقب بصري يبتلع أي ضوء يُلقى عليه، حيث لا تظهر تفاصيل القماش.
هذا ليس سحرا ولا مرشحا رقميا، بل نتيجة مادة نسيجية جديدة تصنف ضمن ما يُسمّى "السواد الفائق"، أي الأسطح التي تعكس أقل من 0.5% من الضوء الساقط عليها.
وراء هذه الدرجة المتطرفة من السواد قصة "هندسة" و"فيزياء" أكثر مما هي قصة صبغة، إذ استلهم باحثو مختبر تصميم الملابس التفاعلية الفكرة من ريش طائر من طيور الجنة يُدعى "الرفلبِرد الرائع"، وهو طائر معروف بلمعان أزرق على صدره يحيط به ريش أسود مخملي يوحي بأن الضوء يختفي داخله.
في معظم الأقمشة، يكون السواد "سطحيا"، أي صبغة تمتص جزءا من الضوء، فيما يرتد جزء آخر إلى عينك. أما السواد الفائق فيعتمد على حيلة إضافية، وهي إجبار الضوء على الدخول في متاهة مجهرية تطيل مساره وتزيد فرص امتصاصه، بدل أن يرتد مباشرة.
وبحسب الدراسة، التي نشرها الفريق في دورية "نيتشر كومينيكيشنز"، فإن هياكل نانوية ترفع فرص امتصاص المادة لفوتونات الضوء، ما يسمح لنا برؤية السواد الأشد على الإطلاق.
طائر الرفلبرد يفعل ذلك طبيعيا، فريشه لا يعتمد على صبغة الميلانين وحدها، بل على ترتيب دقيق لشعيرات الريش يدفع الضوء للانحراف إلى الداخل. لكن هناك مشكلة: هذا السواد الطبيعي يكون غالبا اتجاهيا، أي مذهلا حين تُشاهَد الريشة من زاوية معيّنة، وأقل "سوادا" عندما تتغير زاوية الرؤية.
حل العلماء لتلك المشكلة جاء بخطوتين بسيطتين في المبدأ، أنيقتين في التنفيذ، حيث صبغ صوف ميرينو بمادة البوليدوبامين، وهو ما يصفه الباحثون بأنه "ميلانين صناعي".
إعلانبعد ذلك يُعرَّض القماش لعملية حفر ونحت داخل حجرة بلازما تزيل جزءا بالغ الدقة من السطح، وتترك خلفها نتوءات نانوية حادة، هذه النتوءات تعمل كمصايد ضوئية، أي يدخل الضوء بينها ويرتد مرات كثيرة حتى يفقد طريق العودة.
النتيجة ليست أسود داكنًا، بل استثناء رقميا صارما، فمتوسط انعكاس القماش الجديد عبر الطيف المرئي (400-700 نانومتر) بلغ 0.13%، وهو، بحسب الورقة العلمية، أغمق قماش مُبلّغ عنه حتى الآن.
تطبيقات مهمةقد يبدو الأمر كترف بصري أو نزوة "موضة"، لكنه في الحقيقة يلامس تطبيقات عملية حساسة، فالسواد الفائق مهم لتقليل الانعكاسات الشاردة داخل الكاميرات والأجهزة البصرية والتلسكوبات.
ويمكن لهذا المستوى من اللون الأسود أن يساعد في بناء ألواح وتقنيات شمسية أو حرارية عبر تعظيم امتصاص الإشعاع.
كما يشير الباحثون أيضا إلى إمكانات واعدة لهذه المادة الجديدة في عمليات التمويه وتنظيم الحرارة، لأن السطح الذي يمتص الضوء بكفاءة قد يحوّل جزءا منه إلى حرارة قابلة للإدارة.
أما الفستان الذي صممه العلماء، فكان برهانا بصريا لطيفا على نجاح التجارب، وقد استُخدم لإظهار أن هذا السواد لا يتبدّل بسهولة حتى عندما تُعدَّل إعدادات الصورة، مثل التباين أو السطوع، مقارنة بأقمشة سوداء أخرى.