وفق رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حققت إمارة الشارقة نقلة نوعية ضمن برامجها التي تستهدف الإنسان بمختلف فئاته العمرية ووضعت استراتيجية متكاملة ومنهجية دقيقة لبنية تحتية شاملة تدعم بشكل خاص فئة كبار السن لتمكينهم من ممارسة حياتهم بيسر وفاعلية.


في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحولات كبيرة على صعيد الرعاية الاجتماعية والبيئية، تبرز إمارة الشارقة منارة تُضيء درب التطور والتقدم المجتمعي في المنطقة، لما لديها من مبادرات وبرامج تستهدف الشرائح الاجتماعية كافة لضمان مستقبلها وتعزيز برامج رعايتها.
وسطرت الشارقة في الثالث عشر من سبتمبر عام 2016، فصلاً جديداً في سجل التاريخ الاجتماعي، حين انضمت رسميًا إلى الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، التابعة لمنظمة الصحة العالمية. وبذلك، لم تصبح فقط أول مدينة عربية تحظى بهذه العضوية الرفيعة، بل أصبحت مثالا يحتذى في الرعاية المستدامة عبر الأجيال.
وتؤكد هذه الاستراتيجية أن الشارقة لا تعمل فقط على تعزيز مكانتها كعضو في الشبكة العالمية للمدن المراعية للسن، بل تعمل أيضًا على تجسيد تلك المعايير في كل جوانب الحياة اليومية لكبار السن، مكرسة بذلك دورها الرائد في المنطقة والعالم.
ووفقاً للتقرير الصادر عن المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة تواصل إمارة الشارقة مسيرتها بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانتها نموذج يُحتذى به عالميًا في دعم كبار السن، إذ تمكنت من إنشاء بيئة تنموية ترتقي فيها بجودة حياة المسنين، ولا تقتصر الجهود على تحسين هذه الحياة فحسب، بل تمتد لتضفي ديناميكية وحيوية غير مسبوقة على المجتمع ككل. وتكتسب هذه الجودة بُعدها من خلال تأسيس مرافق صحية متقدمة وتعزيز البنية التحتية لتكون أكثر أمانًا وملاءمة للمسنين، معززة بذلك مفهوم الاستدامة المجتمعية.
وتولي إمارة الشارقة الرعاية النفسية والاجتماعية اهتمامًا بالغًا، حيث تُعد مراكز الرعاية المجتمعية والفعاليات الثقافية والترفيهية جزءًا لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي. وتسعى هذه المبادرات لإنشاء مساحات تفاعلية تعزز من مشاركة المسنين وتمكنهم من أداء أدوارهم كأعضاء فاعلين ومؤثرين في المجتمع.
تؤكد أسماء الخضري مدير برنامج الشارقة مدينة مراعية للسن أهمية خطى الشارقة والتزامها بتعزيز نوعية حياة المسنين، التي تجسدت خلالها تعاون مؤسسات لقطاعين الحكومي والخاص في إمارة الشارقة بدمج مفاهيم ومعايير المدن المراعية للسن، التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، في عملياتها وخدماتها.

وشمل هذا الالتزام محاور متنوعة وحيوية تساهم في رفع مستوى الحياة اليومية للمسنين، من بينها تحسين المساحات الخارجية والأبنية، وتوفير خدمات نقل ملائمة، وتطوير مشاريع إسكان مناسبة، وتعزيز المشاركة المجتمعية، وتعزيز الاحترام والإدماج الاجتماعي للمسنين، فضلاً عن تفعيل دورهم في المشاركة المدنية والتوظيف، وتحسين الوصول إلى الاتصالات والمعلومات.

وتلفت الخضري إلى ان هذا الالتزام يعكس أهمية الدعم المجتمعي وتقديم خدمات صحية متميزة، مما يساهم في نشر ثقافة إدماج كبار السن في المجتمع والاستفادة من خبراتهم ومهاراتهم. وبذلك، لا ترسخ الشارقة نفسها كمدينة مراعية للسن فحسب، بل تخطو خطوات واسعة نحو تمكينهم وإشراكهم بفعالية في بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستدامة.

بنية تحتية ومبادرات
وتشهد الشارقة تحولاً ملموساً لإرساء بنية تحتية تضع فئة كبار السن ضمن أولوياتها، وتتجلى هذه الجهود في سلسلة من التحسينات والمبادرات التي تراعي الأجيال الأكبر سناً، وعلى سبيل المثال لا الحصر، تحسين وسائل النقل العام، التي تم تعديلها لتسهيل استخدامها من قبل المسنين، بما يضمن لهم تنقلات سلسة ومريحة، فضلا عن تطوير البنية التحتية للممرات والأرصفة.
وتشير مدير برنامج الشارقة مدينة مراعية للسن إلى اهتمام الإمارة بالجوانب التكنولوجية، إذ قدمت دورات تدريبية لكبار السن لتعليمهم كيفية التنقل في عالم الأجهزة الذكية والإنترنت، مما يسهم في تقليص الفجوة الرقمية والحد من العزلة الاجتماعية التي قد يواجهونها.

من خلال هذه الإجراءات الشاملة، تستمر الشارقة في بناء نموذج مدينة مراعية للسن، موفرةً بذلك بيئة تعزز من استقلالية وتفاعل كبار السن مع المجتمع بكل يسر وأمان.
رعاية بلا حدود
ويعد نظام الرعاية الصحية في الشارقة حجر الزاوية الذي يدعم رؤية الشارقة مدينة مراعية للسن، حيث تتبنى الإمارة نهجًا شاملاً يمتد من تعزيز الصحة النفسية والجسدية لكبار السن، إلى توفير بيئات تفاعلية تشجع على المشاركة الاجتماعية والتطوعية.

وتوفر الشارقة بتجهيزاتها الطبية المتقدمة المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المتخصصة لكبار السن، ففي العام 2017، أطلقت الشارقة مبادرة العيادة الطبية المتنقلة والتي تعنى بالتشخيص المبكر للأمراض المزمنة، بالإضافة إلى تقديم خدمات التمريض المنزلي بهدف تسهيل الحصول على الخدمات الصحية دون تحمل عناء الانتقال إلى المرافق الصحية.

وكجزء من المسؤولية المجتمعية، قدمت الشارقة من خلال شراكات مع القطاع الخاص، مزايا خاصة وخصومات للأفراد الذين تجاوزوا الستين من عمرهم.

وتلفت أسما الخضري إلى أنه من خلال هذه المبادرات المتكاملة، تواصل الشارقة تعزيز مكانتها مدينة مثالية للعيش الكريم لكبار السن، وترسيخ أسس مجتمع يحترم ويقدر تجارب وحاجات هذه الفئة المهمة .

تواصل بين الأجيال
وتضيف الخضري أن الشارقة رائدة في تعزيز الإدماج الاجتماعي لكبار السن وذلك إدراكاً منها لأهمية الرفاهية العاطفية والنفسية لهذه الفئة. ومن خلال مجموعة متنوعة من المبادرات، تسعى المدينة لمد جسور التواصل بين الأجيال، وتشجيع التفاهم المتبادل والاحترام من خلال الأنشطة التي تجمع بين الشباب والكبار.
وتشير إلى أنه لتعزيز الوعي العام والتقدير لكبار السن تم إنتاج حلقات تلفزيونية وإذاعية، تناولت موضوعات تهم الكبار في الشؤون الاجتماعية، الصحية، والثقافية. كما تم إنتاج أربعة أفلام قصيرة لغرس قيم الاحترام والتقدير للمسنين، وتنظيم لقاءات مع خبراء من المتقاعدين لنقل تجاربهم ومعارفهم إلى الأجيال الأصغر سنًا، مما يعزز من دورهم كأصول قيمة في المجتمع.
تعليم وتثقيف وإبداع
وتتيح الشارقة آفاقًا واسعة لكبار السن للتعلم عبر برامج تثقيفية وورش عمل تستهدف إشراكهم بفاعلية في المجتمع الرقمي والثقافي. وفي عالم التكنولوجيا عموماً حتى يتمكنوا من التنقل بسهولة في الفضاء الرقمي، إلى ورش الفنون والحرف التي تحتفي بالتعبير الإبداعي، وتُمهد هذه البرامج الطريق لاستمرارية التعلم والتفاعل.
وتشكل هذه المبادرات جزءًا من رؤية الشارقة لتحفيز التعلم المستمر وتعزيز المشاركة الفعّالة لكبار السن، مما يُثري النسيج الاجتماعي ويُعزز الوعي الجماعي.

نموذج عالمي
تقول الخضري بهذه التجربة الفريدة، تبرز الشارقة مثالا يُحتذى به عالميًا في دعم واحتضان كبار السن، مرسخة بذلك أسس مجتمع ينبض بالحيوية والديناميكية حيث الشمولية والرحمة هما منهج حياة. ومن خلال تطبيق ممارسات مبتكرة واستراتيجيات شاملة، لا تعمل الشارقة على تحسين جودة حياة المسنين فقط، بل تعزز أيضًا مشاركتهم الكاملة في المجتمع، مما يعزز شعورهم بالأمان والانتماء.
هذا و تعد الشارقة نموذجًا للمدن الأخرى، ومنصة ملهمة لتبني رؤيتها التقدمية نحو مجتمع يقدر العطاء والخبرة التي يمتلكها كبار السن. وتواصل الإمارة الابتكار وتطوير الحلول التي تجعل منها منارة للأمل ورسالة تؤكد أنه بالالتزام يمكن لأي مجتمع أن يُقدم بيئة داعمة ومُحفزة لجميع أفراده.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: إمارة الشارقة لکبار السن فی المجتمع کبار السن من خلال

إقرأ أيضاً:

حاكم الشارقة: الهوية أساس تكوين المجتمع.. وحفظ التراث واجب علينا

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن «الهوية» هي أساس تكوين المجتمع، وأن سموه يحرص على حفظ التراث، سواء كان ملموساً كالآثار والموروث العمراني، أو غير الملموس كالأهازيج والأغاني والرقصات التراثية، وأوضح سموه أن كلمة الزبارة في اللغة العربية تعني «البناء»، فالأحجار المصفوفة فوق بعضها تسمى «زبارة».

ودعا سموه أبناءه إلى رد الجميل للوطن والالتزام بمسؤولياتهم الدينية والمجتمعية والوطنية، والابتعاد عن المهاترات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وقال صاحب السمو حاكم الشارقة، في مداخلة هاتفية عبر برنامج «الخط المباشر» الذي يبث من أثير إذاعة وتلفزيون الشارقة «تساءل أحد الأشخاص عن معنى كلمة «الزبارة»، لذا أود أن أوضح أن معنى كلمة الزبارة في اللغة العربية هو «البناء»، فالأحجار المصفوفة فوق بعضها تسمى «زبارة»، وعلى سبيل المثال جملة «زبر البئر» تعني أنه وضع الحجر بداخله».

أخبار ذات صلة حمدان بن محمد يعلن عن إعفاء 426 مواطناً من المتعثرين في سداد قروض الإسكان حمدان بن محمد يترأس اجتماع اللجنة العليا للتنمية وشؤون المواطنين في دبي

وأضاف سموه «نحن نعتني بالتراث، سواء الملموس وهو الآثار، أو غير الملموس كالأهازيج والأغاني والموسيقى والرقص التراثي، ولن يتمكن الناس من الحفاظ على تراثهم إلا بالممارسة، ونحن نريد أن نحفظ التراث في صدور أبنائنا وأن لا ندعهم ينسون تراثهم، وذلك لن يتحقق إلا بالممارسة التي سيشاهدها الأطفال ويكتسبون هم أيضاً هذه المعرفة، فهذه الممارسة «عملية تثقيفية»، والهوية هي أساس تكوين المجتمع، والمجتمع من دون هوية ليس له جذور، وبإذن الله سنصل إلى مرحلة سيكون كل فرد فيها مسؤولاً عن حماية مجتمعه، بداية من الحفاظ على نظافة البيئة والدفاع عنها، وكذلك بحماية المجتمع من القيل والقال والموبقات والمنكرات وأي شيء دخيل عليه، ومسؤولية الفرد تبدأ من منزله وتمتد إلى الحي الذي يقطن فيه حتى تصل إلى البلد والوطن».

واختتم صاحب السمو حاكم الشارقة، حديثه بنصيحة أبوية لأبنائه، قائلاً «نحن نقول لأبنائنا وبناتنا هذا المجتمع أمانة، وأعطوا لأنفسكم فرصة لرد الجميل للوطن، بداية بالكلمة الطيبة، والابتعاد عن المهاترات على وسائل التواصل الاجتماعي، وارتقوا بأنفسكم، ولا تكونوا إمعات، وحافظوا على بلادكم التي منها آباؤكم وفي ترابها دُفن أجدادكم، وبإذن الله أجيالنا القادمة كلها ستكون واعية بمسؤوليتها الدينية والوطنية والمجتمعية».

مقالات مشابهة

  • البقدونس: كنز غذائي لصحة كبار السن والمفاصل
  • مجلس ضاحية الحوامي يبحث تطوير المبادرات المجتمعية بخورفكان
  • حمدان بن زايد يطلع على مبادرات «تنمية المجتمع» في منطقة الظفرة
  • مسقط تحتضن برنامجًا يعزز الوعي بقضايا كبار السن
  • العربي الإسلامي يشارك في مبادرات البنك المركزي للتوعية والتثقيف المالي للعام 2025
  • «استشاري الشارقة» يبحث دعم ترابط الأسر والاستدامة الاجتماعية
  • رئيس جامعة سوهاج: مشروعات تخرج التربية النوعية نموذج للإبداع المرتبط بالتراث
  • حمدان بن محمد يشهد توقيع اتفاقية إطلاق برنامج «بَرْوَة» العقاري لخدمة كبار المواطنين وأصحاب الهمم
  • حاكم الشارقة: الهوية أساس تكوين المجتمع.. وحفظ التراث واجب علينا
  • هُويَّتنا التي نحنو عليها