العنصرية سلاح خفي ينهش أرواح الأتراك والعرب
تاريخ النشر: 16th, July 2024 GMT
إسماعيل، شابّ سوريّ طموح، ولد في الكويت حيث أكمل تعليمه الأساسي، ثم انتقل إلى تركيا للدراسة في جامعة سكاريا، بقسم علم الاجتماع، ليعود إلى الكويت مجددًا بعد إنهاء الجامعة. أتقن إسماعيل التركية خلال سنوات دراسته الجامعية، وأصبح من عشّاقها. وبعد عودته إلى الكويت، سعى لتحديد مسار حياته المهنية بطريقة تتيح له خدمة تركيا أيضًا.
في الواقع، يعمل معهد يونس إمرة التركي في الكويت بالفعل على تلبية هذه الحاجة، ويهدف المعهد إلى توسيع نطاق هذا الطلب وتلبية احتياجاته بشكل أكبر. لكن إسماعيل أراد القيام بذلك كمشروع خاص، باستخدام طرق تعليمية حديثة، فبدأ بعدد محدود من الطلاب، لكن سرعان ما أجبرته كثرة الراغبين في تعلم اللغة التركية على توسيع نطاق عمله خلال وقت قصير، ليصبح اليوم مؤسَّسة تعليمية قوية تقدم دورات حضورية وعن بُعد، ليس فقط للكويت بل لجميع دول الخليج. وخلال بضع سنوات، استفاد ما يقارب 5000 طالب من هذه الدورات.
لا شك أن هذه المؤسسة، التي يديرها ويقوم بالتدريس فيها شباب سوريون من مواليد الكويت، هي مثال واحد فقط على مساهمة السوريين في اقتصاد تركيا وثقافتها ونشاطها في العالم العربي، بدرجات متفاوتة.
هناك أمثلة عديدة لسوريين يقدمون خدمة جليلة لتركيا من خلال التواصل مع الجمهور العربي. في إحدى مراحل الدراسة، يجمع إسماعيل طلابه في جلسات للتحدث باللغة التركية، ويدعو شخصيات من تركيا للمشاركة فيها، وكان آخرهم السفيرة التركية توبا نور سونماز التي قدمت جلسة تفاعلية مميزة مع الطلاب.
تكسر هذه الجلسات الأجواء الروتينية للدراسة، وتتجاوز فائدتها التدرب على قواعد اللغة التركية، إذ تتيح للطلاب تجربة حقيقية للتواصل باللغة التركية مع شخصيات يتعرفون منها على الثقافة التركية.
لقد كانت تجربة رائعة أن أشارك مع زوجتي، والدكتور أيدن أقطاي من جامعة سكاريا وزوجته، في واحدة من هذه الدورات التي حضرها طلاب من مختلف الفئات العمرية والمهنية، يظهرون حماسًا كبيرًا لتعلم اللغة.
كانت هذه المحادثات حول تركيا واللغة التركية وموضوعات أخرى، مميزة جدًا. رواد الدورة نخبة من الأشخاص المميزين، لديهم استثمارات في تركيا، ويسعون إلى تعزيز علاقاتهم معها. ويبدي كثير منهم اهتمامًا كبيرًا بالمسلسلات التركية، لدرجة سرد جميع الأعمال الدرامية والتاريخية بسهولة. والمسلسلات الدرامية التركية أكثر جاذبية لهم من الدراما الغربية، كما أن المسلسلات التاريخية التركية أثارت لديهم اهتمامًا كبيرًا بالتاريخ التركي الإسلامي، بل عززت الشعور بالاعتزاز بالحقبتين: العثمانية والسلجوقية.
أدى هذا الاهتمام المتزايد بالتاريخ العثماني التركي إلى زيادة الاهتمام بالدراسات الأكاديمية كذلك. فقد شهدت المحاضرات الصيفية التي قدمها أستاذ التاريخ في جامعة الكويت، البروفيسور فيصل الكندري، حول التاريخ العثماني، إقبالًا كبيرًا من الطلاب. وبدعوة منه، أتيحت لي الفرصة لإلقاء محاضرة أمام طلابه حول التاريخ العثماني.
على مدار العشرين عامًا الماضية، رسخت تركيا صورة قوية في جميع أنحاء الدول العربية، تحولت إلى مشاعر حب واحترام وتعاطف، بل وصلت إلى حد الشعور بالهوية المشتركة. وهذا أمر لا يمكن لأي دولة أو شعب أن يحققه بسهولة، ولا ينبغي لأحد أن يظن أن الأمر كان على هذا النحو منذ القدم. فقبل عقدين من الزمن، لم تكن هذه هي صورة تركيا لدى الدول العربية، بل على العكس، كانت ذاكرة الأحداث السلبية في التاريخ حاضرة بقوة، وكان السائد أن تركيا ابتعدت عن العالم الإسلامي وازدادت تقاربًا مع الغرب.
ولكن بفضل القيادة التي أظهرها أردوغان خلال 20 عامًا والنمو الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، وتأكيدها النبيل على هويتها في علاقتها مع الغرب، وخاصة موقف أردوغان في منتدى دافوس، ثم موقفه الداعم للقضية الفلسطينية وتحديه لإسرائيل والولايات المتحدة أحيانًا، ووقوف تركيا إلى جانب الشعوب خلال ثورات الربيع العربي، ونهجها الرحيم تجاه الفارّين للنجاة بأرواحهم من سوريا، واليمن، والعراق، وليبيا، كل هذه العوامل ساهمت في اكتساب تركيا روابط قوية ومصداقية لدى الشعوب العربية.
لا يرى الجهلاء من الصورة إلا أن السوريين وغيرهم من اللاجئين جاؤوا إلى تركيا يحملون مشاكلهم ومعاناتهم وأعباءهم فقط. ويخفى عليهم أن هؤلاء جلبوا أيضًا التقدير والدعم والمشاعر الإيجابية من قِبل جميع الشعوب العربية، بل وحتى من بعض الحكومات، وذلك بفضل الموقف الإنساني الذي أظهرته تركيا تجاههم. بذلك أصبحت تركيا في نظر جميع الشعوب العربية الدولة الأكثر استحقاقًا للدعم في جميع الظروف، وأصبحت الوجهة المفضلة للتجارة والاستثمار والسياحة.
العنصريون في تركيا عاجزون عن إدراك هذه الحقيقة الساطعة، وأدرك أنه لا جدوى من محاولة إقناعهم، فهؤلاء يكنون الكراهية للعرب بشكل عام في كل الأحوال، لأنهم في الأصل يكرهون الإسلام. وربما يرون أن المال والسياحة وكل الفوائد القادمة من العرب غير ضرورية. ولكن هل يجب على جميع الأتراك أن يروا ما يراه العنصريون من عدم ضرورة تلك الفوائد القادمة من العالم العربي؟ هل يجب على الشعب بأكمله أن يدفع ثمن مواقفهم المستبدة والوحشية؟
واقع الأمر أن ما يقوم به هؤلاء ليس عنصرية حقيقية. بل هو بالأحرى ضربة قاسية للاستثمارات الضخمة التي بذلتها تركيا على مدار عشرين عامًا، والتي لا يمكن تعويضها بمليارات الدولارات. فظهور صور السكين التي لوحت بها يد أحد الحمقى في وسائل الإعلام العربية، غدت فرصة يستغلها البعض لهدم كل ما حققته الدبلوماسية التركية على مدار سنوات من العمل الجاد والمثمر.
وبقدر ما يوجد عداء للعرب في الجانب التركي، هناك أيضًا أوساط عربية تنتظر الفرصة لمعاداة تركيا. ولذلك فإن العنصريين العرب والعنصريين الأتراك يخدمون نفس الهدف، وحتى لو كانوا صادقين في عنصريتهم، فإن أفعالهم التي تستهدف النيل من بعضهم البعض، تجعلهم في النهاية يعملون لتحقيق أهداف واحدة، وكأنهم في حالة من التضامن. أهداف لن تصب في خدمة مصالح أي من العرقين، بل في مصالح سيدهم المشترك، إسرائيل.
وكما أنّ العنصرية العربية هي سمّ العرب، فإنّ العنصرية التركية هي سمّ الأتراك أيضًا.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اللغة الترکیة ا کبیر ا
إقرأ أيضاً:
إجمالى إيرادات الأفلام .. سيكو سيكو على القمة.. وفار بسبع أرواح الأخير
يتنافس 5 أفلام فى موسم عيد الفطر الحالى، حيث يعرض كل من “سيكو سيكو” و"فار بسبع ترواح" و"نجوم الساحل" و"الصفا الثانوية بنات" و"استنساخ"، ونرصد فى التقرير التالى أبرز المعلومات عن حجم إيرادات هذه الأعمال.
فيلم سيكو سيكوحقق فيلم سيكو سيكو بطولة النجمين عصام عمر وطه دسوقي، إيرادات بلغت 175.589.018 جنيه، ليتصدر بها إيرادات موسم عيد الفطر.
واحتفل صناع فيلم سيكو سيكو بعرضه الخاص، داخل إحدى دور السينما بمدينة 6 أكتوبر، بحضور صناعه وعدد من الضيوف من أصدقائهم، وينافس فى موسم عيد الفطر المبارك، حيث حضر طه دسوقي مرتديا الشال الفلسطيني، فيما حضر خالد الصاوي وأحمد داش ومحمود عزب وعدد من النجوم الشباب.
فيلم الصفا الثانوية بناتبينما حقق فيلم “الصفا الثانوية بنات” إيرادات بلغت قيمتها 21.601.006 جنيه.
"الصفا ثانوية بنات" من بطوله علي ربيع وأوس أوس ومحمد ثروت وهالة فاخر وئام مجدي وسارة الشامي ولينا صوفيا وإسراء رخا وتوانا الجوهري وتأليف وليد أبو المجد وأمين جمال، ومن إنتاج احمد السبكي وكريم السبكي، وإخراج عمرو صلاح، كما يظهر به العديد من نجوم الفن كضيوف شرف ضمن أحداث الفيلم، ومن المقرر عرضه للجمهور ضمن موسم عيد الفطر المبارك لعام ٢٠٢٥.
كما حقق فيلم نجوم الساحل إيرادات بلغت قيمتها 14.737.153 جنيه.
فيلم نجوم الساحل بطولة أحمد داش، ومعه أحمد عبد الحميد، علي صبحي، مايان السيد، مالك عماد، علي السبع، وعدد آخر من الفنانين، وهو من تأليف كريم يوسف وإخراج رؤوف السيد .
فيلم استنساخوجاء فى المركز قبل الأخير فيلم “استنساخ” الذى يقوم ببطولته سامح حسين حيث حقق إيرادات بلغت قيمتها 3.033.356 جنيه.
والفيلم تدور أحداثه فى إطار اجتماعى حول تأثير الذكاء الاصطناعى على المجتمع ويشارك فى بطولة الفيلم هبة مجدى.
فيلم فار بسبع أرواحأما فيلم “فار بسبع أرواح”، فقد حاز على المركز الأخير، حيث حقق إيرادات بلغت قيمتها 2.587.436 جنيه.
فيلم فار بـ 7 أرواح سيناريو وحوار محمد فاروق شيبا، والإخراج لـ شادي علي، وتدور الأحداث في إطار كوميدي معتمدة على البطولة الجماعية.