الأهالي يحتفلون بتطوير وافتتاح مسجد السيدة نفيسة بـ«الزغاريد والدموع»
تاريخ النشر: 10th, August 2023 GMT
مسجد هو الأشهر بحى السيدة نفيسة أو درب السباع، فهو جزء من مقبرة تاريخية أكبر تسمى القرافة بالقاهرة، ويعد المشهد النفيسى هو المحطة الثانية فى الطريق بعد مشهد الإمام على زين العابدين وتم بناء المسجد لإحياء ذكرى السيدة نفيسة، العالمة الإسلامية ومن سيدات آل البيت، ويوجد ضريحها داخل المسجد.
بوابات المسجد لا تخلو من الزوارالبوابة الرئيسية للمسجد الخاصة بالرجال لا تخلو من الزوار، بينما تدخل السيدات من بوابتين، الأولى خاصة بالصلاة، والثانية تصل بك إلى مقام السيدة نفيسة، بعد عبور طرقة طويلة ضيقة، للوصول إلى صالة كبيرة لها بوابتان تم طلاؤهما باللون البنى اللامع.
حديث داخلى لا ينقطع، ودعوات وأمنيات تتبادر لذهنك وينطلق بها لسانك بمجرد الاقتراب من مقام السيدة نفيسة، المزين بأسوار حديدية مطلية باللونين الذهبى والفضى، وبها فتحات يمرر خلالها الزوار زهوراً، احتفالاً بتطوير المسجد وافتتاحه، بينما تستقر فى السقف «نجفة» تضىء المكان باللون الأصفر.
حكايات وكواليس رواها أهالى منطقة السيدة نفيسة لـ«الوطن» عن أعمال تطوير المسجد، وطلاء واجهات العقارات المجاورة له، وزيادة المساحات الخضراء، ورصف وتجميل الأرضيات والأرصفة ورفع كفاءة الإضاءة المحيطة بميدان المسجد، وغيرها من الإجراءات التى تركت أثراً طيباً فى نفوسهم، وزادت من ارتباطهم وتعلقهم بالمكان.
«المصرى»: ماكنتش متخيل أن يكون بالشكل والجمال ده«لما المسجد اتطور مصدقناش نفسنا، كنا مش متخيلين أن يكون بالشكل والجمال ده، خاصة المقام»، بحسب ما ذكره محمود المصرى، أحد سكان حى السيدة نفيسة، وصاحب مقهى معروف بجوار المسجد، معتزاً بقيامه بمساعدة العمال أثناء عمليات تطوير المسجد: «أنا وبعض سكان المنطقة كنا بندخل نساعد العمال، وبنكون مبسوطين جداً لانتمائنا وتقديرنا للمكان»، مشيراً إلى أن الفرحة والسعادة سيطرتا على جميع الأهالى والزوار بعد افتتاح المسجد: «الناس هنا فضلت تزغرد لما شافت التطوير، وحست إن الحياة رجعت من تانى للمكان».
التقطت زوجة «محمود» طرف الحديث، وعبرت عن شعورها بافتتاح مسجد السيدة نفيسة، الأقرب لقلبها منذ الصغر، فلم تختف الابتسامة عن وجهها منذ افتتاحه من فرط الفرحة والسعادة: «كل شوية أدخل أشوف المسجد والمقام، وأفضل أبص وأقول الله على الجمال ومن إمبارح مانمتش ولا عينى غمضت من كتر الفرحة».
أعمال التطوير أعادت منطقة السيدة نفيسة لمكانتها الحقيقية فى رأى الزوجة، كونها زاخرة بالمواقع الأثرية العريقة: «الناس مابقتش تعرف عن السيدة نفيسة والسيدة عائشة غير إنها مدافن وبس، والجيل الجديد محتاج يعرف تاريخ الأماكن دى، وقيمة العيش والوجود بها».
يرجع «محمود»، صاحب الـ34 عاماً، بالزمن للوراء، متذكراً حالة المسجد قبل الترميم والتطوير، فكانت لا تليق بمكانته وقيمته فى نفوس المسلمين فى كل مكان، وتحتاج للتدخل والتحرك الفورى، مشبهاً استقبال الزوار له بعد التطوير كعودة مواطن من الغربة بعد سنوات عدة: «لما المسجد اتطور حسينا كأنه زى الشخص اللى بيكون مسافر سنين طويلة فى الغربة ورجع لأمه وهياخدها بالأحضان».
شملت أعمال تطوير منطقة السيدة نفيسة والطرق المؤدية لها، زيادة المساحات الخضراء ورفع كفاءة الحدائق وتقليم المزروعات بصورة مستمرة مع رفع نواتج التقليم وزراعة الجزر الوسطى، لإضفاء المظهر الجمالى على المنطقة، بجانب تطوير الأرصفة وأعمال الدهانات وأعمدة الإنارة، وغيرها من الإجراءات التى أسعدت «محمود» وجيرانه: «الناس كانت فاكرة إن السيدة نفيسة عبارة عن مدافن بس، ولكن بعد التطوير الدنيا اتحسنت وهيكون فيه زوار كتير الفترة الجاية».
«هبة»: «أول ما دخلت المسجد وشُفت المقام فضلت أبكى وأزغرد من الفرحة»بالدموع استقبلت هبة محمد، 35 عاماً، تطوير وافتتاح مسجد السيدة نفيسة، وعبرت ابنة المنطقة العريقة عن مدى فرحتها وسعادتها بالحدث بكلمات مؤثرة: «أول ما دخلت المسجد وشفت المقام فضلت أبكى من الفرحة وأزغرد فى نفس الوقت، وحسيت إنى زرت المسجد النبوى الشريف»، وزاد من فرحتها توافد الزوار على المسجد منذ افتتاحه: «الناس من إمبارح وهى بتيجى تزور المسجد والمقام، والحياة رجعت لينا من تانى، وحلقات ذكر بتتعمل بالليل».
تقيم «هبة» بحى السيدة نفيسة منذ ولادتها، كما أنها تزوجت بنفس الحى: «إحنا ما نقدرش نعيش بره السيدة نفيسة، لو خرجنا منها نحس إننا هنموت»، موجهة رسالة شكر لرئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى وكافة المسئولين عن هذا التطوير الذى شهده المسجد: «بنشكر الريس وكل المسئولين علشان أعادوا للمنطقة الروح من تانى، ومكناش متوقعين أن التطوير يكون بالشكل الجميل ده».
«مصطفى»: تطوير المساجد والأضرحة الأثرية يعيد إليها مظهرها الحضارى وقيمتها التاريخية لتجذب أنظار العالمواتفق معها مصطفى محمد، من سكان السيدة نفيسة، الذى انتظر وجميع أهالى المنطقة افتتاح المسجد وانتهاء أعمال التطوير بفارغ الصبر.
تطوير المساجد والأضرحة الأثرية خطوة فى غاية الأهمية، بحسب «مصطفى»، لاستعادة مظهرها الحضارى وقيمتها التاريخية، واصفاً الفترة الحالية بالعصر الذهبى الذى سيصل بمساجد مصر إلى أبهى صورة تجذب أنظار العالم، محتفياً بأعمال التطوير، التى بدأت منذ فترة، ولم تقتصر على حى السيدة نفيسة فقط، بل امتدت لغيره من الشوارع والمناطق المجاورة لتشمل مسار آل البيت بالكامل.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مسجد السيدة نفيسة السيدة نفيسة القاهرة التاريخية السیدة نفیسة
إقرأ أيضاً:
بلدة سيجاء .. سيرة تاريخية محفورة في الصخور والجبال
سمائل - ناصر الشكيلي
تعد «سيجاء» -التي تتجذر أصولها في عمق التاريخ العُماني قبل الإسلام- واحدة من أعرق وأكبر القرى التابعة لولاية سمائل. تقع تحت سفح الجبل الممتد من سلسلة جبال الحجر الغربي المتصلة بالجبل الأخضر، ويعود اسمها إلى كلمتي «سيل جاء»، في إشارة إلى خصوبتها وكثرة الأمطار التي تغذي أراضيها، وتُبرز بلدة سيجاء معالم تاريخية غنية؛ حيث تنتشر الكتابات والنقوش الحجرية بين جبالها وصخورها، مما يجعلها وجهة سياحية مميزة للزوار والباحثين عن الثقافة والتراث.
يوضح الشيخ سعيد بن حمود اليعربي أن بلدة سيجاء تضم حوالي 13 مسجدًا قديمًا، ويعد مسجد الجامع أكبرها وأكثرها شهرة. ورغم أن تاريخ بنائه لا يُعرف، إلا أن المسجد يحتضن مرافق مهمة، مثل مدرسة لتعليم القرآن الكريم وبئر مخصصة للشرب والوضوء، وتزين جدران المسجد كتابات قديمة، بعضها تآكل بفعل عوامل الزمن، بينما لا يزال البعض الآخر محافظًا على رونقه، ومن بين هذه الكتابات، تبرز أقدمها التي تعود إلى سنة 1015 هجرية؛ حيث تتضمن الآية القرآنية «نصر من الله وفتح قريب»، كما يحتوي المسجد على توثيقات تاريخية مهمة، منها ما يتعلق بوفاة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي في 29 شعبان سنة 1373 هجري؛ حيث يعبّر الجميع عن رضاهم عنه، وتم تنصيب الإمام غالب بن علي الهنائي في اليوم نفسه.
وثائق تاريخية
تتجلى عراقة بلدة سيجاء من خلال الوثائق التاريخية التي تسلط الضوء على مساجدها، من بينها وثيقة تعود إلى سنة 1388 هجرية، كتبها المعلم عبدالله بن سعود بن حمد اليعربي الذي كان وكيل الوقف للشيخ سليمان بن ناصر بن سليمان اليعربي -رحمه الله- وتتحدث الوثيقة عن خدمات المسجد، مُسجلة تفاصيل دقيقة عن النفقات التي كانت تُصرف، مثل «قشاع مسجد الجامع» ومصاريف «سواقة التُراب»، مما يُظهر مدى الالتزام بالمحافظة على هذا المعلم الديني.
وتتوالى الوثائق لتروي المزيد من التفاصيل؛ حيث تشير وثيقة أخرى تعود إلى سنة 1391 هجرية إلى فريضة مالية بقيمة 31 ريالا، كُتبت بيد سعدالله بن هزيم الذي كان من أبرز القائمين على المسجد حتى وفاته في عام 1989م.
لكن مسجد الجامع يعاني اليوم من التهدم في العديد من أجزائه، رغم أن جدرانه لا تزال قوية، ويناشد الشيخ سعيد بن حمود اليعربي الجهات المعنية بترميمه؛ حيث أكدت وزارة التراث والسياحة في ردها بتاريخ 17 يونيو 2020 أن المسجد مُسجل ضمن المعالم الأثرية، لكن أعمال الترميم متوقفة، ولا يزال أهالي البلدة يطالبون بضرورة الحفاظ على هذا الإرث التاريخي، ليظل مسجد الجامع شاهدًا على عراقة سيجاء وتاريخها.