ختام فعاليات الأسابيع الثقافية بالفيوم: دعوة لترسيخ الرضا والقناعة بين الواقع والمأمول
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
اختتمت وزارة الأوقاف المصرية فعاليات الأسابيع الثقافية بالإدارات الفرعية بمحافظة الفيوم، اليوم الأربعاء الموافق، وسط أجواء تثقيفية وروحانية تهدف إلى نشر الفكر الوسطي المستنير.
وجاءت الفعاليات تحت عنوان: "خلق الرضا والقناعة بين الواقع والمأمول"، بتوجيهات من وزير الأوقاف الدكتور أسامة السيد الأزهري، وبرعاية الدكتور محمود الشيمي، وكيل وزارة الأوقاف بالفيوم.
أُقيمت الفعاليات في عدد من مساجد الإدارات الفرعية بالمحافظة، بحضور نخبة من كبار العلماء والأئمة المتميزين، الذين تناولوا أهمية ترسيخ خلق الرضا والقناعة في حياة الإنسان.
الرضا والقناعة: مفتاح الاستقرار النفسي
أكد العلماء خلال اللقاء أن الرضا بما قسمه الله والقناعة بما في اليد هما السبيل لتحقيق الاستقرار النفسي والروحي، وشددوا على ضرورة توجيه الطاقة التي منحها الله للإنسان نحو العمل الجاد وعمارة الأرض، بعيدًا عن التطلع لما في أيدي الآخرين، واستشهدوا بقول الله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾، وقوله سبحانه: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾.
كما أشار العلماء إلى أن الشعور بعدم الرضا غالبًا ما ينبع من عدم إدراك الإنسان لما يكفيه من حاجات أساسية ليعيش حياة مستقرة.
وأوضحوا أن الثراء أو كثرة المال ليسا الغاية، بل هما اختبار لقدرة الإنسان على استخدام ما يملك فيما يُرضي الله ويحقق الخير للناس.
في ختام الفعاليات، دعا العلماء الحاضرين إلى الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يدعو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ». وأكدوا أن القناعة هي مفتاح الرضا الداخلي والسعادة، وهي التي تجعل الإنسان يوجه جهوده نحو البناء والإصلاح بدلًا من الانشغال بالمقارنات والشكوى.
هذه الفعاليات تأتي ضمن جهود وزارة الأوقاف المستمرة لتعزيز القيم الأخلاقية، ونشر التوعية الدينية التي تُبنى على التسامح والاعتدال، مما يعكس رسالة الإسلام السامية في تحقيق السلام النفسي والاجتماعي.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: أسامة السيد الأزهري الدكتور أسامة السيد الأزهري الدكتور محمود الشيمي الفكر الوسطي المستنير حفظة القران الكريم قافلة دعوية محافظة الفيوم مسجد عمر بن الخطاب وزارة الأوقاف المصرية وكيل أوقاف الفيوم وكيل وزارة الاوقاف بالفيوم
إقرأ أيضاً:
الإنسانية في خطر
سعيد بن حميد الهطالي
saidalhatali75@gmail.com
في صباحٍ عادي خرجت من بيتي متوجهًا في الطريق إلى عملي ككل يوم، لم أكن أعلم أن شيئًا صغيرًا سيعلّق قلبي طوال اليوم.
طائرٌ صغير، ربما كان في رحلة بحثٍ عن رزقه، أو عائدًا لعشه، اصطدم بزجاج سيارتي فجأة، فارتجف قلبي قبل أن ألتفت إليه، لم أره بعد تلك اللحظة، لا أدري أين مضى، وهل أكمل طيرانه مثقلًا بالألم، أم هوى إلى حيث لا يُرى؟
لكن الذي أعلمه أن صورته لم تغادرني، كأن الله أرسل لي بهذا الطائر رسالة، مذ تلك اللحظة وأنا أدعو له بصدق: "اللهم سلّمه، اللهم الطف به، اللهم لا تجعلني سبب أذية لأحدٍ من خلقك وسوّيته برحمتك."
أيقنت أن الرحمة لا تحتاج أسبابًا، وأن دعاءً صادقًا لكائنٍ ضعيف قد يكون أحب إلى الله من آلاف الكلمات التي لا خير يناله الإنسان منها.
ما عاد الأمر مجرد حادث عابر، بل ومضة استيقظت فيها روحي، وكأن الطائر جاء ليوقظ في عقلي شيئًا من الإنسانية التي ماتت في قلوب بعض البشر!
وهنا فقط، يتفجر السؤال الموجع: إذا كانت هذه الرحمة تولد في قلب إنسانٍ تجاه طائر، فبأي قلب يُباد الأبرياء في غزة؟! وبأي ضمير يُقطع عنهم الماء والغذاء؟! بأي منطق يُقتّل الأطفال وهم نيام؟ وتُدفن العائلات تحت الركام؟!
لقد صار الإنسان – في أزمنة الخذلان – وحشًا لا يرحم، ولا يتردد في أن يُسكت صوت البراءة بالقنابل، وأن يُجفف أنهار الحياة بالحصار!
تحوّل الكائن الذي كرّمه الله إلى أداة قتل تتغذى على مشاهد الدمار، وتتعطّش للمزيد من الدماء، غير عابئٍ بمن يسقط، ولا مكترثٍ بمن يستغيث!
في غزة، لا تنكسر الجدران فقط؛ بل تنفطر القلوب أيضًا، هناك حيث تصرخ الإنسانية، وتبكي العصافير، وتُذبح الطفولة تحت أعين عالمٍ صامت، أصم، بلا قلب!
ننظر إلى الصور، ونسمع الأخبار، فنغرق في الدهشة: كيف تموت الرحمة في بعض البشر؟ كيف يتلذذون بالمجازر كأنهم يحتفلون بمشاهد الخراب؟!
أهذه هي الحضارة التي بلغناها؟ حضارة تغطي عريها الأخلاقي بأزياء التقنية الحديثة، وتجمّل وجهها الدموي بشعارات حقوق الإنسان التي لا تسري إلا على بعض البشر دون غيرهم؟
في غزة، كُتب على الإنسان أن يُذبح بلا محاكمة، وأن يُحاصر بلا ذنب، وأن يُهمل بلا خجل!
وفي غزة، يُمتحن صدق الإيمان، وحرارة الدم، وصدق المشاعر؛ فإما أن نبكي وننتفض ونقف مع الحق، أو نصمت فيسقط ما تبقى من ضميرٍ فينا!
أكتب هذا وأنا لا زلت أفكر في ذلك الطائر، لكنني الآن أفكر أكثر في البشر الذين ماتت فيهم الرحمة، فصاروا أشد فتكًا من الوحوش!
وأسأل الله أن يُحيي ما تبقى من إنسانية، قبل أن تغرق الأرض كلها في طوفانٍ من الوحشية والخذلان!