جريدة زمان التركية:
2025-05-11@12:52:22 GMT

” سطوة الخيال”

تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT

” سطوة الخيال”

بقلم: ماهر مهدي

(زمان التركية)ــ من زاوية ما، يبدو الزمن وكأنه صاحب مسرح مفتوح مشاع للجميع، ولا يغلق أبوابه أبدًا، ولا يخلو ذهنه من أفكار وحكايات يقدمها إلى رواده في مشارق الأرض ومغاربها. وعروض مسرح الزمن حقيقية ولا غش فيها، وهي على نوعين: إبداع وجمال وابتكار وفن وخير مما قدمه الخالق إلى خلقه وما  نجح الإنسان في استثمار طاقته فيه  استثمارًا طيبًا، وأزمات وكوارث وحروب ومغامرات ومقامرات ومؤمرات وأكاذيب وخيالات -بعضها جميل وبعضها قبيح- يظلها القوانين والنظم التي وضعها الإنسان أيضًا.

 

والسينما من أجمل وألطف الكاذبين الذين لا يسع المرء في كثير من الأحيان إلا أن ينظر إليها ويشاهدها ويستمع إليها بحنو وإعجاب، بل ويثنى عليها كثيرًا أيضًا في بعض الأحيان. فالخيال من مواضع الجمال في الإنسان التي قد تميزه عن غيره من الخلق وتمنحه مزية سماوية لا تقدر بثمن. فإذا تسامى الإنسان وأعمل جهده واجتهاده الإيجابيين في ثنايا خياله خرج بنتائج طيبة تفتح له ابوابا جديدة – فى اتجاهات وفيرة او قابلة بحسب الحال – وترتقي بحياة الإنسان الفكرية والمادية إلى طبقات أخرى. وإذا غلبت على بعض الإنسان شقاوته واستعجاله  وامتطى ظهر خياله وهو مغلق العقل أعمى البصيرة خالي الوفاض من البحث ومن الاعداد جاء بأعمال كارثية مبكية أو مضحكة أو مبكية مضحكة معًا بحسب الحال.

ومن الأعمال الكارثية الأخيرة التي تبدو مبكية مضحكة أن تظهر طائرة ما محملة بأناس ما مشحونة بأموال غزيرة ومواد غريبة وتهبط فى بلد ما كأنها تائهة قادمة من أرض أخرى وزمن آخر أو سقطت من إحدى صفحات قصة سينمائية. ولأن الإنسان مغرم بالألغاز وبالاستكشاف -سواء كان جادًّا أو هزليًّا- فقد سارع الإنسان إلى طرح أسئلته المعتادة الغريبة المضحكة المبكية الحشرية المستفزة: من أين جاءت الطائرة؟ وإلى أين كانت ذاهبة؟ ومن هم ركابها المغامرون أرباب المال الذين تصحبهم السنون؟! والإنسان يطرح أسئلته وعيناه تغرورقان بالدمع من الضحك والتعجب والاستغراب المبررين -ربما عند الكثيرين- والمقبوحين ربما عند البعض. فالسينما سينما والواقع واقع، والحياة عمل ورحمة ورضًا، أو شقاء وشرور لا قبل للإنسان بها ليس الغريب فى الإنسان أنه لا يرضى بما يحوز، ولكن الغريب ألا يدرك الإنسان حجم قدراته وحدود نفاذه. 

والأغرب في الإنسان أن يصر على تحد لم يصنع له، وأن يطرق هو باب تحد شاهد شيئًا منه على شاشة التليفزيون وهو يتناول مشروبه المفضل.  ولأن الإنسان ذو عقل ومسؤول عن تصرفاته، تظل أفعال الإنسان ثقيلة لا يمكن تجاهلها، وتظل مورد ظلام أو نور، حتى ولو دفعت البعض إلى الضحك . 

Tags: ذهبزمنطائرةمسرح

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: ذهب زمن طائرة مسرح

إقرأ أيضاً:

للإنسانية قيمة..

الإنسان رهين مجموعة من العوامل المادية والمعنوية، فهي التي توجهه نحو اليمين ونحو الشمال؛ نحو الرضى ونحو الغضب؛ نحو الكرم ونحو البخل؛ نحو الشجاعة ونحو الجبن؛ نحو التضحية ونحو الانهزام؛ نحو التقدم ونحو التقهقر؛ نحو العلم ونحو الجهل؛ نحو التواضع ونحو التكبر؛ نحو السمو ونحو الوضاعة، والسؤال المحوري هنا: من أين تبدأ استقلالية الفرد حتى يتجاوز هذه الثنائية؛ فيكون أكثر قدرة على توجيه بوصلته للأهداف التي يريد تحقيقها؛ دون أية ضغوط ثانوية تؤثر على ذلك؟

في هذا السؤال؛ العائم؛ والذي يمكن أن يجاب عليه بإجابات متعددة، تبقى حالة محورية فيه، وهي المرتكز للانطلاقة نحو تحييد الإجابة عن التشعب، هذه الحالة هي الإنسانية باستحقاقاتها الكاملة، فإنسانية الإنسان هي التي تجله، وتميزه عن بقية الكائنات الحية في هذا الوجود، ولولا هذه الإنسانية لما استطاعت الكائنات الأخرى أن يكون لها موطئ قدم بين المجتمع الإنساني، حتى في وجود الصلف المعتاد من قبل بعض الحيوانات للفتك بالإنسان والقضاء عليه، ومع ذلك تجد هذه الحيوانات المساحة الآمنة للاطمئنان في المساحة الإنسانية حيث يتيح لها الإنسان هذه الفرصة، فالإنسانية هنا تشكل محور الإنسان كفعل ومعنى في هذا الوجود، ويقاس عليها كل تصرفاته وانفعالاته، وأخذه ورده؛ وإقدامه وتقهقره؛ وقس على ذلك مجموعة المتناقضات التي تعتريه في كل تصرفاته المقصود منها؛ وغير المقصود؛ والتي تأتي اتساقا مع طبيعته الإنسانية دون تكلف أو توجيه.

وهذه الاستقلالية التي يتم الحديث عنها في هذه المناقشة، وهي الموسومة بالإنسانية هي التي تجلي وتصقل كل تصرفات الفرد مع نفسه، ومع الآخرين من حوله، ومتى فقدت هذه البوصلة «الإنسانية» فقد الفرد ذاته، وأصبح رقما ثانويا لا قيمة له، وقد يصبح معول هدم خطير، أكثر منه عامل بناء لخيره، وللآخرين من حوله، وقد يصل الأمر إلى التحذير منه، ومن تصرفاته العوجاء، وبطشه وجبروته، التي لا تفرق بين حق وباطل، وبين صديق وعدو، ويكون أشد فتكا من الضواري التي تحتمي بإنسانية الإنسان في مواقف كثيرة، ذلك أن الضواري متى أشبعت غريزتها وارتوت، هدأت وأصبحت من مثيلاتها المدجنة التي تعيش ما بين جدران أربعة مشاركة الإنسان استقراره وطمأنينته.

وبقدر هذه القيمة الإنسانية التي تجل تصرفات الإنسان، يحتسب للإنسان قدره ومكانته بين بقية المخلوقات، وتقاس تصرفاته وسلوكياته من هذا المبدأ الإنساني، وبالتالي فأي تصرف شاذ عن المعنى الإنساني يفقد في المقابل القيمة الإنسانية لذات الفرد، وينزله منازل الكائنات غير العاقلة، وليس معنى ذلك أن يرفع عنه القلم، ويعذر فيما يقترف من موبقات، سواء تلك التي تنزله منازل البهيمية العجماء، أو تلك التي يخطط لها بعقل راشد ليؤذي بها غيره «ما سبق الإصرار والترصد» إطلاقا؛ إنما تستلزم محاسبته، ودفع أثمان ما يقترف، سواء ذلك وفق القانون الذي يؤمن بأهميته أفراد المجتمع، أو القانون الإلهي الذي سوف يجده عدالته في يوم غير يومه في الحياة.

فالقيمة الإنسانية تشعر الفرد بأهمية الدور الذي يقوم به في مجتمعه، وهو دور يذهب إلى الصلاح والرضى، ويضع الفرد في المكانة التي تجله وتقدره كفرد صالح يؤمن بأهمية كل ما حوله، ويرى أنه مسؤول عنه في تلك اللحظة التي يتعامل معه، ويعمل على المحافظة عليه، وعند إسقاط مجموعة الأوامر النواهي؛ وعلى أنها المهمة في تصويب تصرفات الفرد نحو كل ما حوله، فإن ذلك لن يزيد على إنسانية الإنسان الحقيقية، وبالتالي فإن لم يؤمن بها الفرد، فإنها تظل حبرا على ورق؛ ولن تجدي نفعا في تصويب سلوكيات الإنسان، حيث يتم تجاوزها والتلاعب بها، واختراقها بصورة متعمدة.

أحمد بن سالم الفلاحي كاتب وصحفي عُماني

مقالات مشابهة

  • كيكل: ستجدوننا قريباً في موقع المسيرات التي تقصف
  • بعد أن تصدرت “الترند” وأنهالت عليها الإشادات.. تعرف على الأسباب التي دفعت الفنانة فهيمة عبد الله لتقديم التهنئة والمباركة لزوجها بعد خطوبته ورغبته في الزواج مرة أخرى
  • صورة مضحكة.. أحمد حلمي يمازح جمهوره في أحدث ظهور
  • سطوة الطبيعة.. الغبار يغطي جبال حوض تاريم الصيني
  • مفرج عنهم: الناشط “العقربي” تعرض لتعذيب وحشي داخل سجون الانتقالي في عدن
  • تجوع غزة.. وحولها ألف مدينة
  • “المجاهدين” تشيد بـالعملية التي نفذتها القوات اليمنية على عمق الكيان
  • للإنسانية قيمة..
  • إعلان نتائج الأوزان الرسمية لبطولة “PFL MENA” التي تقام اليوم في جدة
  • “مشاهد مرعبة”.. مطالبة بتحقيق دولي في واقعة اختطاف الدرسي