جناح الأزهر بمعرض الكتاب يعرض الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة
تاريخ النشر: 29th, January 2025 GMT
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره كتاب "الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر عند أهل السنة.. دراسة تأصيلية"، إعداد: وحدة التأليف بمركز الإمام الأشعري بالأزهر الشريف.
يعتبر هذا الكتاب بمثابة التقعيد لما يليه من إنتاج علمي، فقد ركز على الجانب المنهجي من خلال الضوابط المتعلقة بالمعرفة والنظر؛ لتكون مقدمة لأي بحث كلامي، تم تناول الضوابط من خلال ذكر موجزها وشرحها والنماذج التطبيقية عليها، وذلك من خلال ٨ ضوابط.
الضابط الأول: "المعرفة ممكنة عقلا واقعة فعلا"، فقد قرر أهل السنة أن حقائق الأشياء ثابتة ردا على المشككين من السوفسطائية، ومنكري الحقائق، والقائلين بنسبيَّتها بوجه عام، مع الوضع في الاعتبار أن الاختلاف في الرأي والتعدد في الاتجاهات يدخل تحت مظلة الثوابت، وفارق كبير بين القول بإمكان المعرفة عقلا، وما لا يقع في دائرة النظر العقلي كحقيقة ذات الله تعالى وصفاته عز وجل.
الضابط الثاني: "أسباب حصول المعرفة ثلاثة: العقل الصحيح، والحواس السليمة، والخبر الصادق"، فالعلم إما أن يكون حاصلا من خلال الإنسان نفسه، أو لا، فإن كان من نفسه فالحواس والعقل، وإن كان من غيرها فالخبر، فالحواس من طرق وآلات المعرفة التي تمد العقل بالمعلومات، وبها يتعرف على مظاهر الإبداع في الكون ووجوه الحكمة فيه، وكان القيد بكونها سليمة للرد على المشككين في أداء الحواس، والعقلُ أحد أسباب حصول المعرفة، وسيلةٌ صادقة إذا تمت على شروطها، والمعرفة العقلية الصحيحة هي أساس صحة الحس والخبر، ولدور العقل المهم جعل أهل السنة والجماعة المعرفة العقلية واجبة، وليس معنى ذلك أن فيه الغنية عن النقل، فلا غنى للعقل عن توجيه الشرع وإرشاده. ومن أسباب حصول المعرفة: الخبرُ الصادق؛ لأن النص هو أصل الدين، وهو الكفيل بتحصين العقائد عن شرود العقول ومراوغات الخصوم، من أجل ذلك كان قطعيُّ النقل مقدَّمًا في الاعتبار عند أهل السنة على ظنِّيِّ العقل.
الضابط الثالث: "شروط إفادة الأدلة لليقين"
إذ الدليل إما أن يكون نقليًّا أو عقليا، فالنقلي يفيد اليقين إذا ثبت قطعا لفظه ومعناه وأنهما مرادان للشارع الحكيم، والعقليُّ يفيد اليقين إذا ترتَّبت أحكامه على قضايا يكون التصديق بها ضروريًّا أو مكتسبات تنتهي إلى تلك الضروريات.
الضابط الرابع: "لا تعارض بين العقل والنقل"، فبعد أن اتضحت شروط إفادة الدلائل لليقين، كان هذا الضابط الذي يبين أنه لا تعارض بين صريح النقل وصحيح العقل؛ لأن النقل والعقل كلاهما يصدران من مشكاة واحدة وهي نور الحق سبحانه، وقد جعلهما الله طرقًا من طرق الهداية لعباده.
الضابط الخامس: "الأدلة النقلية عقلية أيضًا في وقت واحد"، يهتم هذا الضابط ببيان أن النصوص الشرعية تحمل بداخلها دلائل عقلية، بحيث لو صيغت هذه الأدلة بطريقة عقلية مجردة لم تخرج عن المعنى المراد من النص؛ لذا فهي دلائل شرعية عقلية في نفس الوقت.
الضابط السادس: "وجوب معرفة الله تعالى" فمعرفة الله تعالى من خلال النظر واجبة على كل مكلف بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أجمعت الأمة على ذلك.
الضابط السابع: "العالم آية على وجود خالقه"، وقد تناول الأشاعرة هذا الضابط بعبارات متعددة، مصدرين به مباحثهم في هذا العلم الشريف، مستخدمين مصطلحات الحدوث، والإمكان، ودلالة الأثر على المؤثر، وبناء عليه تنوعت الطرق في الاستدلال على وجود الله سبحانه تعالى، فبعد بيان تحقق العلم بوجود الأشياء انتقل الأشاعرة إلى إثبات حدوثها وحدوث العالم بإطلاق؛ لما يعتريه من تغير، أو ترجيح للوجود على العدم وهو ما يعرف بدليل الإمكان الذي استخدمه بعض أعلام المدرسة، ولا بد للعالم من محدث من خارجه وهو واجب الوجود سبحانه وتعالى.
الضابط الثامن: (صحة إيمان المقلد) فالمقلد الذي يأخذ بقول الغير من غير أن يعرف دليله، فلا يخرج من دائرة الإيمان، وهذا ما دل عليه أعلام المدرسة الأشعرية الذين يبتعدون عن التكفير ما وجدوا إلى ذلك سبيلا، ولا ريب أن الخلاف في إيمان المقلد الجازم، وليس الظان أو الشاك فعدم صحة إيمانهما متفق عليها، والخلاف أيضًا بالنظر لأحكام الآخرة وفيما عند الله تعالى، أما بالنظر إلى أحكام الدنيا فيكفي الإقرار فقط ويجري عليه أحكام الإسلام في الدنيا.
وبهذه الضوابط المنهجية التي ضبطت منهج أهل السنة والجماعة العقدي يتضح لنا ما تميز به هذا المنهج الأغر من سمات توضع في ميزان فضله من وسطية واعتدال واتباع وعموم وشمول.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الازهر الشريف السنة والجماعة بمعرض الكتاب جناح الأزهر بمعرض الكتاب جناح الأزهر الشريف معرض القاهرة الدولي للكتاب الله تعالى أهل السنة من خلال
إقرأ أيضاً:
فضل الدعاء في القرآن والسنة وأثره في صلاح النفس والذرية.. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من صفات عباد الرحمن في هذه السورة الفضيلة –الفرقان- أنهم يتوجهون إلى الله بالدعاء، ويخصون من دعاءهم صلاح الذرية والزوجة، وأن يجعلهم ربهم أئمة في التقوى، وأن يكونوا للمتقين إمامًا، قال تعالى : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا).
وأضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إن عباد الرحمن يقصدون ربهم ويدعونه لقضاء حوائجهم، فهم يعرفون فضل الدعاء وأثره، فالدعاء هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الدعاء هو العبادة، ثم قرأ ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي » [رواه أحمد والترمذي]، قال الخطابي: حقيقة الدعاء استدعاء العبد من ربه العناية واستمداده إياه المعونة, وحقيقته إظهار الافتقار إليه, والبراءة من الحول والقوة التي له, وهو سمة العبودية وإظهار الذلة البشرية, وفيه معنى الثناء على الله, وإضافة الجود والكرم إليه.
وأشار إلى أنه قد أخبر ربنا بقرب إجابته وعونه ممن دعاه، وحثه على أن يستجيب له حتى يرشد، ويقترب من خالقه، قال تعالى : ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِى وَلْيُؤْمِنُوا بِى لَعَلَّهُم يَرْشُدُونَ﴾ ، وأمر الله بالدعاء على أية حال، في السر والعلن، قال تعالى : ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُعْتَدِينَ﴾. وحثنا ربنا أن نسأله بأسمائه الحسنى، وخص من أسمائه الله والرحمن، فقال تعالى : ﴿قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا﴾ .
وقد بشر المصطفى ﷺ من يدعو الله بأن الله لن يرد خائبا بدعائه، فقال ﷺ : «إن الله حيي كريم، يستحيي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين» [رواه أبو داود، وابن حبان].
وبين ﷺ أن أفضل الأعمال التي يقدمها الإنسان لربه الدعاء، فقال ﷺ : « ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء» [رواه أحمد]، وبشر جميع المسلمين باستجابة جميع الدعوات إلا الدعاء بالإثم وقطيعة الرحم، فقال ﷺ : « ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم » [أخرجه الحاكم في المستدرك، والطبراني في الأوسط]، وقال ﷺ : « سلوا الله تعالى من فضله, فإنه تعالى يحب أن يسأل, وأفضل العبادة انتظار الفرج » [رواه الترمذي، والطبراني في الكبير].
وللدعاء أثر عظيم وفائدة بالغة, فكم من محنة رفعت بالدعاء, وكم من مصيبة أو كارثة كشفها الله بالدعاء, والدعاء سبب أكيد لغفران المعاصي, ولرفع الدرجات, ولجلب الخير ودفع الشر. ومن ترك الدعاء فقد سد على نفسه أبوابًا كثيرة من الخير، وقال الغزالي : فإن قلت : فما فائدة الدعاء والقضاء لا مرد له ؟ فاعلم أن من القضاء رد البلاء بالدعاء, فالدعاء سبب لرد البلاء واستجلاب الرحمة, كما أن الترس سبب لرد السهام, والماء سبب لخروج النبات من الأرض , فكما أن الترس يدفع السهم فيتدافعان , فكذلك الدعاء والبلاء يتعالجان.
وليس من شرط الاعتراف بقضاء الله تعالى أن لا يحمل السلاح.
وللدعاء آداب أرشد إليها الشرع، كتحري أكل الحلال، ورفع اليدين إلى السماء، وتحري الأوقات الفاضلة كثلث الليل الأخير، وساعة صعود الإمام المنبر من الجمعة، ونزول المطر، وسماع صوت الديك، وغير ذلك مما ورد فيه الآثار.