بالتزامن مع انشغال العالم بغزة.. مليشيا الحوثي تصعّد عسكرياً في جبهات اليمن وسقوط جرحى في مأرب
تاريخ النشر: 1st, February 2025 GMT
ردّت القوات الحكومية على مصادر نيران حوثية استهدفت مواقع عسكرية بهجوم مدفعي وصاروخي، ما أسفر عن إصابة عدد من الجنود في جبهة مأرب، شمال شرقي البلاد.
يأتي ذلك في ظل تصعيد واسع لمليشيا الحوثي الإرهابية في عدد من الجبهات اليمنية، تزامناً مع دخول الهدنة بين حماس وإسرائيل حيز التنفيذ في 19 يناير/ كانون الثاني المنصرم، وانشغال العالم بالتطورات.
وأكدت مصادر عسكرية ميدانية أن القوات الحكومية تعاملت الساعات الماضية، مع عمليات عدائية شنتها مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب) خلال الساعات الماضية في قطاعات الكسارة والمشجح ومدغل.
وذكرت المصادر أن المليشيا المدعومة إيرانياً استخدمت المدفعية وصواريخ الكاتيوشا والقناصة، ما أدى إلى إصابة أربعة جنود من أفراد القوات الحكومية، قبل أن ترد الأخيرة على مصادر النيران وتتعامل معها وفق القواعد العسكرية.
وفي قطاع الفليحة، استهدفت القوات الحكومية آلية قتالية كانت تستخدمها المليشيا لاستهداف مواقع الجيش، ونجحت في إعطابها وإسكات مصادر النيران.
كما استهدفت في قطاع رغوان موقعاً للحوثيين رداً على عمليات عدائية، وكانت الإصابة دقيقة، وفقاً للمصادر، مشيرةً إلى أن الضربة أسفرت عن إصابة ثلاثة عناصر حوثية وتدمير مصدر النيران.
ومع دخول اتفاق غزة حيز التنفيذ، والذي أفضى إلى صفقة تبادل أسرى تتم على مدار أيام، ارتفعت وتيرة العمليات العسكرية الحوثية في مختلف الجبهات اليمنية، في استغلال واضح لانشغال المجتمع الدولي بغزة ومحاولة تحقيق مكاسب ميدانية محلياً.
في السياق، قال محللون عسكريون لوكالة "خبر" إن مليشيا الحوثي تتوقع تصعيداً أمريكياً عقب إصدار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قراراً بتصنيف الجماعة "منظمة إرهابية" على خلفية تصعيدها في البحر الأحمر.
وتحاول المليشيا استباق هذا التصعيد بعمليات عسكرية داخلية، حتى إذا شنت واشنطن أي عمليات عسكرية ضدها، زعمت أنها تأتي رداً على هذه العمليات الداخلية، في محاولة لكسب التعاطف الشعبي، الذي بات ورقة الرهان الوحيدة لديها، في ظل توقعات بتخلي إيران عنهم كما فعلت مع حزب الله في لبنان وبشار الأسد في سوريا.
ورجح المحللون تصعيداً حوثياً إضافياً خلال الأيام المقبلة، خصوصاً أن التقارير الميدانية تؤكد استمرار المليشيا في التحشيد الشعبي بمختلف القرى والعزل اليمنية، استعداداً لتفجير معركة واسعة.
وأشاروا إلى أن المليشيا الحوثية لا تضع في حساباتها أي تنازلات أو تفاهمات جادة للوصول إلى حل للأزمة التي تعيشها البلاد منذ انقلابها في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، مما يفاقم معاناة قرابة 40 مليون يمني، بينهم أكثر من 5 ملايين نازح تم تهجيرهم من منازلهم بشكل مباشر أو غير مباشر.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: القوات الحکومیة
إقرأ أيضاً:
جرحى الجيش في اليمن.. دماء تروي الأرض وأجساد ينهشها النسيان (تقرير)
في زحمة الحرب التي طالت سنواتها في اليمن، وبينما لا تزال أصوات المدافع ترن في بعض المناطق، وتتلاشى في أخرى، تبدو مأساة جرحى الجيش منسية ومخفية عن الأعين.
فبعد أن قدموا أجسادهم وأرواحهم فداءً للوطن، وجد هؤلاء الأبطال أنفسهم عالقين بين مطرقة الإصابة وسندان الإهمال والتنكر، في مواجهة مريرة مع واقع صعب ومستقبل غامض. وأصبحت معاناتهم صرخة في فراغ، لا تلقى آذاناً صاغية، ولا تجد من يستمع إليها، حيث بات الجرحى يفترشون العراء ويواجهون العجز عن توفير متطلبات أسرهم.
ومنذ أيام ينفذ جرحى الجيش في محافظتي تعز ومأرب اعتصامات مفتوحة تحت أشعة الشمس الحارقة وبرد الليل القارس، على أمل الاستجابة لمطالبهم، في مشهد ينبئ بتوسع رقعة الاحتجاجات التي قد تمتد إلى محافظات ومناطق عسكرية أخرى ما لم يتم إيجاد حل عاجل لهذه القضية.
وبينما تترسخ الهدنة الهشة في اليمن وتتراجع حدة الاشتباكات على الجبهات، تبرز مأساة أخرى في الظل. إنها مأساة جرحى الجيش، الذين قدموا جزءًا من أجسادهم فداءً لوطنهم، لكنهم اليوم يواجهون معركة جديدة ومستمرة مع النسيان والتهميش. فبعد أن كانوا رمزًا للتضحية والبسالة، أصبحوا اليوم مجرد أرقام في ملفات مكدسة، أو وجوهاً شاحبة تعاني في صمت.
وفي هذا السياق، حاولت رئاسة الأركان احتواء الاحتجاجات عبر مقترحات محدودة شملت صرف راتبين وتسفير عدد محدود من الجرحى المحتاجين للعلاج في الخارج، غير أن هذه المقترحات لم تلامس الحد الأدنى من مطالب المعتصمين، في مؤشر يعكس خللاً واضحاً في إدارة الدولة لملفات الحرب ونتائجها.
وقال الجرحى في بيان إن معاناتهم لم تعد قابلة للتحمل في ظل تدهور أوضاعهم الصحية والمعيشية، مؤكدين أن الكثير منهم بحاجة عاجلة إلى عمليات جراحية متقدمة وعمليات ترميم وتأهيل طبي لم تتكفل بها الجهات المعنية رغم الوعود المتكررة.
الأحزاب السياسية تتضامن
وأعلنت الأحزاب السياسية في تعز، تضامنها الكامل مع الجرحى وأسر الشهداء، مطالبة الحكومة بسرعة إنقاذ أوضاعهم المتدهورة وضمان حقوقهم المشروعة في الرواتب والعلاج والرعاية.
وقال بيان صادر عن أحزاب تعز، إنهم تابعوا بقلق تفاقم معاناة الجرحى وأسر الشهداء، خصوصًا مع تصاعد الأسعار وانعدام الرواتب، مؤكدة أن هذه الفئة قدّمت تضحيات جسيمة في سبيل الدفاع عن المدينة.
وأكد البيان أن حقوق الجرحى لم تُلبَّ بشكل كافٍ، وأن الشعب اليمني يقدّر تضحياتهم ويقف إلى جانب مطالبهم المشروعة، داعيًا الحكومة إلى إعطاء ملفهم أولوية قصوى.
جرحى تعز يؤدّون صلاة الجمعة في ساحة الاعتصام
وأدّى جرحى تعز اليوم صلاة الجمعة من داخل ساحة اعتصامهم المفتوح أمام مبنى المحافظة، في مشهد مؤثر يجسد صبرهم وصمودهم وإصرارهم على انتزاع حقوقهم المشروعة رغم الألم والإهمال.
وأكد الجرحى أن اعتصامهم السلمي سيستمر حتى تتم الاستجابة لمطالبهم العادلة المتعلقة بالعلاج، والرعاية، وتسوية أوضاعهم المالية.
وألقى خطبة الجمعة أحد الجرحى الأبطال، حاملاً بصوته ومعاناته رسالة واضحة للسلطة المحلية والحكومة بأن قضية الجرحى ليست ملفًا ثانويًا، بل واجبًا وطنيًا وأخلاقيًا لا يحتمل التأجيل.
وأكد الجرحى أن أداءهم للصلاة داخل ساحة الاعتصام هو رسالة قوة وإصرار، ودعوة لكل أحرار تعز للوقوف معهم ومساندتهم في معركتهم الإنسانية التي تُخاض بصمت، فيما لا يزال الكثير من المسؤولين يغضّون الطرف عن معاناتهم المستمرة.
وأثارت احتجاجات جرحى الجيش ردود فعل واسعة بين أوساط اليمنيين، منددين بإهمال المجلس الرئاسي والحكومة، عن رعايتهم وتوفير أبسط مقومات العلاج والعيش الكريم.
جرائم معلقة في رقاب القيادة العليا
وفي الشأن ذاته قال الخبير العسكري علي الذهب، إن حقوق جرحى الحرب الذين وهبوا أنفسهم فداء للجمهورية والوحدة، أمام ميليشيا الكهنوت؛ معلقة في رقاب القيادة العليا للدولة والجيش".
وأضاف "أيها الجندي يا كبش الفدا، يا شعاع الأمل المبتسم، ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها غصص المجد الظمي، بورك الجرح الذي تحمله، شرفا تحت ظلال العلم".
مقترح تشكيل هئية وطنية مختصة لشئون الجرحى
من جانبه قال وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للاغاثة السابق د.عبدالرقيب فتح إن "موضوع جرحى الحرب مشكلة مستمرة ومتجددة، مادامت الحرب قائمة".
وأضاف أمن ملف الجرحى لايتطلب حلول جزئية او آنية، ولايفترض عدم خضوعها للمزايدات، بل تتطلب الامر ايجاد حلول جذرية، لجان الجرحى فشلت في معالجة المشكلة رغم ملايييين الدولارات التي صرفت لها".
واقترح فتح ايجاد هئية وطنية مختصة لشئون الجرحى، تتواصل مع الجهات الداعمة لتوفير دعم للجرحى ومعالجالتهم في مستشفيات متخصصة، كما تقوم عبر الملحقيات الصحية ايجاد تواصل وبناء علاقات ثنائية مع المستشفيات الحكومية في عدد من الدول لايجاد معالجات ثنائية دائمة وحالات استضافة علاجية للجرحى.
تجار حروب
من جهته كتب المحلل السياسي عبدالناصر المودع، "على امتداد التاريخ، كانت الحروب تُصنع وتُروّج ويُستفاد منها من قبل شبقيّي السلطة والمال والجنس من عديمي الضمير والأخلاق، بينما يدفع ثمنها الفقراء والمغرر بهم ممن يُوهمون بأنهم يقاتلون من أجل قضايا عادلة، وأكثر هؤلاء يُدفعون تحت غطاء العقيدة الدينية".
وقال "بعد الحرب في اليمن، رأيتُ شبابًا من الجرحى؛ فقد بعضهم بصره، وفقد آخرون أطرافهم، وتشوهت وجوههم، وأصبحوا معاقين بشكل كلي أو جزئي. كان منظرهم يفطر القلب إلى حد أنني لم أكن احتمل النظر إلى ما آلوا إليه".
وأضاف "معاقو حرب اليمن، الذين استعرض حزب الإصلاح بعضهم قبل أيام لاستثمارهم في مشاريعه الخاصة، يقدّرون بعشرات الآلاف، فيما هناك مثلهم، وربما أكثر، قد امتلأت بهم المقابر التي ازدهرت وازداد روادها بفضل هذه الحرب".
وأفاد أن هؤلاء القتلى والجرحى ذهبوا إلى المعارك تحت وطأة الفقر والحاجة، أو بدافع الحماس والاعتقاد بأنهم يقاتلون من أجل قضية عادلة. لكن الحقيقة أنهم جميعًا ذهبوا إلى حروب ليست حروبهم؛ بل حروب الحوثي والزنداني، وغيرهم، وبالتحديد من يقف خلفهم من خارج الحدود.
وتابع المودع بالقول "المجاهد" في أفغانستان مات من أجل مصالح دول كبيرة على رأسها الولايات المتحدة، وكانت أجهزة استخبارات "الكفار" والمسلمين تستخدمه أداة رخيصة في صراعاتها الكبرى".
واستدرك "المقاتل في حرب اليمن يموت ويُجرح لصالح تجار الحروب، صغارهم وكبارهم، والسياسيين المحليين ورعاتهم الخارجيين".
وختم المودع منشوره بالقول "يُوصف بالمجاهد والشهيد حين يموت لأجلهم، و"يموت فطيس" حين لا يعودون بحاجة إليه. هذه هي فلسفة كل تاجر حرب: إن متّ من أجلي فأنت شهيد، وإن متّ لصالح غيري فأنت تموت فطيس".
الكاتب الصحافي شاكر أحمد خالد، نشر صورة لأحد جرحى الجيش مبتور الأطراف وعلق بالقول "بالله عليكم في حكومة تدفع مثل هذا الجريح الذي وهبها أعز ما يملك، تخليه يخرج إلى الشارع مُطلِّب".
الصحفي حافظ مراد غرد بالقول "جرحى الحرب بين صراع المعاناة وإهمال الحكومة، هؤلاء الأبطال كتبوا بدمائهم حكاية الوطن، واليوم يُتركون يواجهون جراحهم بصمتٍ وإهمالٍ موجع".
وقال "الوفاء لهم ليس منّةً، بل واجب وطني وأخلاقي تجاه من رووا تراب اليمن بدمائهم الطاهرة. جرحى الوطن لا يطلبون المستحيل، بل حقّهم في العلاج والكرامة والعيش الكريم".
وزاد "من ضحّى لأجل اليمن لا يجوز أن يُترك فريسةً للجوع والإهمال".