بالتوازي مع الإصرار الإسرائيلي على تهجير الشعب الفلسطيني، واستبعاده من أرضه، وتجنيد مركز صناعة القرار في العالم في واشنطن لتحقيق هذا الهدف، تنفذ إسرائيل خطة أخرى للقضاء على المنظمة التي أجمع العالم على إنشائها لحماية حق الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم، وتوفير أبسط ضروريات الحياة لهم.

وفي هذا الاتجاه، تحدى الكيان الصهيوني المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، وأصر على إيقاف عمل منظمة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، حيث أصبح الخميس الماضي هو آخر يوم عمل لهذه المنظمة الإنسانية في ملاجئ ومخيمات الشعب الفلسطيني، مما يحرمهم تمامًا من كل سبل الحياة، ومما يؤكد أن إسرائيل قد أنهت قرارها بالقضاء على الدولة الفلسطينية، وعدم الاعتراف بالشعب الفلسطيني الذي تسعى إلى تهجيره خارج فلسطين بمساعدة أمريكية.

وفي خطاب موجّه إلى السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، طالب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الحكومة الإسرائيلية بسحب قرارها بإخلاء مباني الأونروا في القدس، مؤكدًا على الطابع القانوني والإنساني الفريد للوكالة.

وكان السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة قد طالب المنظمة الدولية بإخلاء وإيقاف نشاط الأونروا في الأراضي المحتلة، ما قد يؤثر على حوالي 70 ألف مريض وأكثر من ألف طالب. وفي هذا السياق، حذر المفوض العام للأونروا، فيليب لازرايني، من أن تنفيذ تشريع الكنيست الإسرائيلي بشأن الوكالة سيكون "كارثيًا"، حيث يهدف إلى حرمان اللاجئين الفلسطينيين من حق تقرير المصير وإلغاء هويتهم التاريخية.

وأكد لازرايني أن تقويض عمليات الأونروا، خاصة في غزة والضفة الغربية حيث تتصاعد حالات العنف، سيعرض الاستجابة الإنسانية الدولية للخطر، ويفاقم الظروف المعيشية للفلسطينيين، كما أنه سيسبب قيودًا غير مسبوقة على تقديم الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية. وأضاف أن هذا التشريع يتحدى قرارات مجلس الأمن والأحكام الدولية، مما يشكل تهديدًا لموظفي الوكالة ولجهود تقديم المساعدات الإنسانية.

كما ندد يان إيجلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، بمحاولة إسرائيل نقل خدمات الأونروا إلى كيانات أخرى، مشيرًا إلى أن بنية الوكالة التحتية لا يمكن استبدالها وتعد ركيزة أساسية لدعم الجهود الإنسانية في غزة.

الاتهامات الإسرائيلية

وعقب إطلاق المقاومة الإسلامية "حماس" عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر الماضي، والتي هزت أركان الدولة الصهيونية، وأفقدتها صوابها، لجأت حكومة بنيامين نتنياهو إلى إطلاق حملة كبرى ضد وكالة "أونروا" بقصد تحقيق هدفين، الأول تكتيكي، يسمح لها بقتل المدنيين داخل منشآت الوكالة، والثاني استراتيجي يستهدف القضاء على حق العودة للشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة التي كانت من بين أهداف المجتمع الدولي لتأسيس "أونروا".

واستغلت الحكومة الإسرائيلية كل تراثها في صناعة الكذب والخداع، والسيطرة الصهيونية على وسائل الإعلام في العالم لتحقيق هذا الهدف المزدوج، حيث استهدفت الحملة أيضًا صناعة صورة ذهنية عند الأمريكان والغرب تجمع بين موظفي الوكالة وكتائب القسام الذراع العسكرية لحركة حماس، بزعم أنهما كيان إرهابي واحد يهدد وجود دولة إسرائيل، وزعمت الدعاية الصهيونية أن العشرات بل والمئات من موظفي الوكالة قد شاركوا في عمليات طوفان الأقصى ضد إسرائيل، حيث اتهم رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو الوكالة بأنها "مخترقة من حماس"، وبأن "في مدارس الأونروا يدرسون تعاليم إبادة إسرائيل، وتعاليم الإرهاب، وتمجيد الإرهاب، والإشادة بالإرهاب".

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فإن الاتهامات الإسرائيلية الموجهة لعدد من موظفي "الأونروا"، تم تقديمها في ملف من قبل الحكومة الإسرائيلية للولايات المتحدة، وهو يتضمن أسماء ووظائف موظفي "الأونروا" والادعاءات الموجهة ضدهم.

وقالت إن موظفي "الأونروا" المتهمين، "ساعدوا حماس في تنفيذ هجمات 7 أكتوبر" التي أدت إلى اندلاع الحرب في غزة، أو "مساعدتها خلال الأيام التالية".

وزعمت أن أحد المتهمين هو مستشار مدرسة من خان يونس جنوبي قطاع غزة، وهو متهم بالعمل مع ابنه لاختطاف امرأة من إسرائيل. كما اتهمت عاملة اجتماعية من النصيرات وسط غزة، بالمساعدة في جلب جثة جندي إسرائيلي قتيل إلى القطاع، فضلا عن توزيع الذخيرة وتنسيق المركبات في يوم الهجوم.

واستنادًا للصحيفة فإن موظف آخر بالوكالة "شارك في مذبحة" في كيبوتس بغلاف غزة، راح ضحيتها 97 شخصا.

وجاء في الملف الإسرائيلي، أن "ضباط الاستخبارات في البلاد تمكنوا من تحديد تحركات 6 رجال داخل إسرائيل في 7 أكتوبر بناء على هواتفهم، وتم رصد آخرين أثناء إجراء مكالمات هاتفية داخل غزة، ناقشوا خلالها تورطهم في هجوم حماس. وتلقى 3 آخرون رسائل نصية تأمرهم بالحضور إلى نقاط التجمع في 7 أكتوبر، وطُلب من أحدهم إحضار قذائف صاروخية مخزنة في منزله".

ووصف الإسرائيليون 10 من الموظفين بأنهم "أعضاء في حركة حماس"، بينما ينتمي شخص آخر إلى "الجهاد الإسلامي" في غزة، كما أن "7 من المتهمين هم معلمون في مدارس الأونروا بغزة، حيث يعملون على تعليم الطلاب مواد مثل الرياضيات واللغة العربية، وعمل اثنان آخران في المدارس بصفات أخرى، أما الثلاثة الباقون فقد تم وصفهم بأنهم: كاتب وأخصائي اجتماعي ومدير مخزن".

ومن المفارقات العجيبة أن إسرائيل أطلقت اتهاماتها في ظل وجود الضابط الأمريكي المتقاعد سكوت أندرسون مديرًا لعمليات الوكالة في غزة، والذي لا يمكن أن يشك أحد في تعاطفه مع حركة المقاومة الإسلامية حماس.

وعندما فشلت إسرائيل في تقديم أدلتها على اتهامات حماس، وحاصر الصحفيون الناطقة باسم الخارجية الإسرائيلية ليئور هايات، قالت: "لا أعتقد أننا في حاجة إلى تقديم تفاصيل عن مصادرنا الاستخبارية".

الكذب والتزوير لتشويه الوكالة

في إطار تنفيذها لمخطط القضاء على الأونروا لجأت إسرائيل إلى أساليب متعددة لتجنيد كل الفاعلين في العالم من حكومات وناشطين وصناع قرار للوقوف معها ضد الأونروا، ووصمها بالإرهاب.

وركزت إسرائيل بشكل خاص على أعضاء الكونجرس الأمريكي من أصحاب البشرة السوداء، وأولئك المعروفين بعدم التسليم بالروايات الإسرائيلية، واستغلت أكذوبة اغتصاب النساء في السابع من أكتوبر، والفيلم المصنوع لقطع رؤوس الأطفال، والذي صدقه بايدن وعاد لتكذيبه لأجل كسب التعاطف الدولي مع موقفها ضد الأونروا بزعم أنها شاركت مع حماس في ارتكاب تلك الجرائم المزعومة في السابع من أكتوبر.

ومن بين الأساليب التي استخدمتها الدعاية الصهيونية، استخدام شبكة من مئات الحسابات المزيفة على عدة شبكات تواصل اجتماعي، وثلاثة مواقع إخبارية لنشر تقارير تخدم الرواية الإسرائيلية مع إدخال حروف إضافية صغيرة لتجنب الاتهام بعمل جنائي.

وفي تقرير لصحيفة "هآرتس"، تحدث عن تتبع وكشف منظمة "فيك ريبورتر" الإسرائيلية، عن قيام إسرائيل بصناعة الشبكة الوهمية والحسابات المزيفة.

وأوضح التقرير التالي:

• إن إسرائيل استخدمت حسابات مزيفة وقصص وهمية على الشبكات الاجتماعية ضد (أونروا)، حيث أوضحت منظمة "فيك ريبورتر" أن الحسابات المزيفة أنشئت بشكل منظم على عدة شبكات تواصل، مع تسلسل مختلف للأسماء نفسها، وتكرار الخطأ المطبعي في الأسماء على الشبكات المختلفة.

• هدف الحملة تغيير مواقف السياسيين الأمريكيين والغربيين لدفعهم للمشاركة في الحملة ضد "الأونروا" بحجة تعاون موظفيها مع حركة "حماس".

• إسرائيل نجحت في تجنيد بعض الدول الغربية لقطع المساعدات عن "الأونروا"، لكن بعض هذه الدول وجدت أن الحملة مبالغ فيها وربما غير مثبتة.

• لجأت إسرائيل إلى أساليب جديدة بتمويل من مؤسسات وأشخاص تابعين لها، باستخدام حسابات مزيفة ووهمية.

• قامت إسرائيل بتجنيد ثلاثة مواقع إخبارية على الأقل لنشر تقارير تخدم روايتها المزعومة.

• الحسابات المزيفة تضمنت مقالات حول اعتداءات جنسية مزعومة من عناصر حماس ومقتطفات من تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" يدعي تورط موظفي "الأونروا" في هجوم 7 أكتوبر، واستهدفت الحملة شخصيات سياسية مؤثرة، خصوصًا أعضاء الكونجرس ذو البشرة السوداء من الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة.

رد الأونروا على الاتهامات

وكان قد كشف فيليب لازاريني، في يوليو الماضي أمام الأمم المتحدة عن مخططات إسرائيل لتدمير المنظمة، وقال إن الجهود لتفكيك الأونروا وتغيير المعايير السياسية الراسخة للسلام في الأرض الفلسطينية المحتلة مستمرة، وتشمل هجمات شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومقترحات تشريعية لإخلاء الوكالة من مقارها في القدس الشرقية وتصنيفها كمنظمة إرهابية، مشيرًا إلى أن الأونروا مستهدفة بسبب دورها في حماية حقوق لاجئي فلسطين وتجسيدها لالتزام دولي بالحل السياسي.

وهو ما حدث بالفعل بإصدار الكنيست التشريع وتنفيذ الحكومة القرار.

وكشف المفوض العام للأونروا، في مقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز نهاية مايو الماضي، أن الأونروا ترزح تحت وطأة الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، حيث دفعت الوكالة ثمنا باهظا في غزة، لقد قُتل 195 من زميلاتنا وزملائنا. وتضررت أو دمرت ما يقرب من 190 منشأة، مما أسفر عن مقتل أكثر من 500 شخص كانوا يسعون للحصول على الحماية من الأمم المتحدة، وتعرضت قوافلنا للهجمات على الرغم من التنسيق مع الجيش الإسرائيلي.

وفي الضفة الغربية، يتقلص الحيز التشغيلي والعملياتي للوكالة، وتقيد الإجراءات التعسفية التي تفرضها إسرائيل بشدة تواجد موظفينا وحركتهم، وبلغت الاحتجاجات العنيفة خارج مقارنا في القدس الشرقية ذروتها بهجمات الحرق المتعمد.

ووفقًا للوكالة فإن القوات الإسرائيلية تحاصر مقرات الوكالة في القدس، وقامت بطرد عدد من موظفيها وحرمانها من حساباتها المصرفية والتضييق عليها بسلسلة من القوانين.

من جانبه، قال مدير العمليات السابق في الوكالة، ماتياس تاكنبيرج، إن الأونروا تبلغ السلطات الإسرائيلية وحماس عند العثور على قذائف، وإنها قامت بسد أنفاق عُثر عليها تحت مدارسها بالإسمنت. وأكد أن مراقبَيْن (فلسطيني ودولي) يفحصان بانتظام منشآت الأونروا خاصة المدارس.

أما المتحدث السابق باسم الأونروا، كريس غانس، فقد اعتبر أنه من الشائن أن تشارك وكالات الأمم المتحدة مثل برنامج الأغذية العالمي وكبار مسئولي الأمم المتحدة في مناقشات حول تفكيك الوكالة، مشيرًا إلى أن "الجمعية العامة هي التي تمنح الأونروا ولايتها، والجمعية العامة وحدها هي التي يمكنها تغييرها، وليس الأمين العام وبالتأكيد ليس أي دولة عضو".

تعذيب موظفي الأونروا

وكانت وكالة رويترز قد كشفت عن أن الجيش الإسرائيلي اعتقل العديد من موظفي الأونروا الفلسطينيين وأن سوء المعاملة والانتهاكات التي قالوا إنهم تعرضوا لها شملت الضرب الجسدي المبرح والإيهام بالغرق والتهديدات بإيذاء أفراد الأسرة.

كما ورد في التقرير أيضا "أن موظفي الوكالة تعرضوا للتهديدات والإكراه من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء احتجازهم، وتم الضغط عليهم للإدلاء بأقوال كاذبة ضد الوكالة".

وطالبت الأونروا بإجراء سلسلة من التحقيقات للنظر في جميع انتهاكات حقوق الإنسان التي قامت بها إسرائيل ضد موظفي الوكالة عند توقف الحرب.

الأونروا واللاجئون

1. تقدم الأونروا المساعدة والحماية وكسب التأييد للاجئي فلسطين في الأردن ولبنان وسوريا والأراضي الفلسطينية المحتلة إلى أن يتم التوصل إلى حل لمعاناتهم.

2. يتم تمويل الأونروا بشكل كامل تقريبًا من خلال التبرعات الطوعية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

3. تشتمل خدمات الوكالة على التعليم، الرعاية الصحية، الإغاثة، البنية التحتية، تحسين المخيمات، الدعم المجتمعي، الإقراض الصغير، والاستجابة الطارئة بما في ذلك في أوقات النزاع المسلح.

4. تأسست الأونروا بعد حرب 1948 بموجب القرار رقم 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 8 ديسمبر 1949، وبدأت عملياتها في 1 مايو 1950.

5. تجدد الجمعية العامة للأمم المتحدة ولاية الأونروا بشكل دوري، وكان آخرها تمديد عمل الأونروا حتى 30 يونيو 2026.

6. تتميز الأونروا بالتزامها الطويل الأجل تجاه مجموعة واحدة من اللاجئين، وقد ساهمت في رفاه أربعة أجيال من لاجئي فلسطين وتنميتهم البشرية.

7. تُعرّف الأونروا لاجئي فلسطين بأنهم الأشخاص الذين كانت فلسطين هي مكان إقامتهم الطبيعي بين يونيو 1946 ومايو 1948 وفقدوا منازلهم ومورد رزقهم نتيجة حرب 1948.

8. تشمل خدمات الأونروا كافة الأشخاص الذين يعيشون في مناطق عملياتها وينطبق عليهم هذا التعريف والمسجلين لدى الوكالة وبحاجة للمساعدة، ويحق لأبناء لاجئي فلسطين الأصليين التسجيل أيضًا.

9. عند بدء عملها في عام 1950، كانت الأونروا تستجيب لاحتياجات حوالي 750، 000 لاجئ فلسطيني، واليوم، يحق لحوالي 5.9 مليون لاجئ فلسطيني الحصول على خدماتها.

10. تنفق الأونروا 58% من تمويلها على التعليم، و15% على الصحة، و13% على الإسناد، و6% على الإغاثة والخدمات الاجتماعية، و4% على البنية التحتية وتحسين المخيمات.

11. حتى عام 2021، تم تسجيل أكثر من 5.7 مليون لاجئ من فلسطين لدى الأونروا وأصبحوا مؤهلين للوصول إلى خدماتها في مناطق عملياتها.

12. التعليم الأساسي وخدمات الرعاية الصحية الأولية متاحة لجميع لاجئي فلسطين في مناطق عمليات الأونروا.

13. في عام 2020، تم تسجيل أكثر من 540، 000 طفل في مدارس الأونروا، ووصلت مساعدات برنامج شبكة الأمان الاجتماعي إلى 390 ألف مستفيد، وتلقى 1.5 مليون شخص مساعدات إنسانية عاجلة.

14. الأونروا ليست مسئولة عن الأمن أو القانون والنظام في مخيمات اللاجئين.

15. تقع مسئولية ضمان الأمن المادي للاجئين على الحكومة المضيفة المعنية.

16. وظفت الأونروا 13 ألف شخص في غزة.

17. تقدم الأونروا المساعدة اليومية لأكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.

18. تعاني الوكالة من ضغوط شديدة بسبب العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة.

المؤامرة مستمرة

وهكذا يبدو أن المؤامرة الصهيوأمريكية نجحت في تشويه صورة هذه المنظمة الإنسانية، وحولتها من منظمة إغاثة للاجئين إلى شريك مع حركة المقاومة الإسلامية حماس في أعمال عنف مزعومة ضد الكيان الإسرائيلي، وسوف يقع العبء الأكبر على مراكز البحث الحرة في العالم لمقاومة هذا السلوك الإجرامي، وإزالة ما علق بالوكالة لأن السم الذي دفعته الصهيونية العالمية في شرايين المراكز البحثية والصحف الدولية وصناع القرار قد سرى في العروق وفعل فعلته.

وأثبتت الوقائع أن المؤامرة على الأونروا لم تكن إسرائيلية فقط، ولكنها أيضًا أمريكية- أوروبية، حيث تسابقت المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في أمريكا وأوروبا للقضاء على الأونروا والتخلص منها في تنسيق ربما زايد في بعض الأحيان على الموقف الإسرائيلي ذاته، حيث اشترط الاتحاد الأوروبي لإعادة التمويل مراجعة خبرائه حسابات الأونروا المالية وعمل إدارتها، وتسليم قائمة بموظفيها للسلطات الإسرائيلية كل 3 أشهر. الأمر نفسه طالبت به النمسا التي اشترطت القيام بالرقابة على أعمال وموظفي الأونروا مقابل الاستمرار في التمويل.

ووفقًا للنهج الصهيوني القائم على المؤامرة قامت إسرائيل بإجراءين متوازيين، الأول هو الاختراق الأمني للوكالة، ووضع جواسيس في جميع مفاصلها، والأمر الثاني هو العمل على إفراغها من مضمونها عبر السيطرة على جميع أعمالها والتحكم فيها بمساعدة الولايات المتحدة وجميع الدول الغربية بحجة الرقابة على أعمالها، ومنع اختراق حماس لها.

وفي كل الأحوال بات هدف القضاء على الأونروا مصلحة إسرائيلية عليا جندت له العملاء، وكل الحلفاء دوليًا وإقليميًا، بل وعربيًا!

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين الأونروا المفوض العام للأونروا تهجير الشعب الفلسطيني صفة إسرائيل الأمم المتحدة موظفی الوکالة لاجئی فلسطین على الأونروا فی الوکالة فی العالم فی القدس من موظفی إلى أن فی غزة

إقرأ أيضاً:

بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟

هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان

منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟

الهجوم الإسرائيلي

بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.

الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.

يتصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في متحف إسرائيل بالقدس، 23 مايو/أيار 2017. AP Photoالتدخل الأميركي

التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.

وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.

Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجع

رغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.

تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟

استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.

لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.

وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • أكدت ارتفاع ضحايا نقاط المساعدات إلى 3920 شهيدا وجريحا.. “حماس” تشدد على الملاحقة الدولية لقادة الاحتلال الصهيوني
  • مستشار كوفي أنان: القضية الفلسطينية مؤشر واضح على انهيار النظام الدولي
  • الاتحاد الأوروبي يقدم دعما ماليا للسلطة الفلسطينية ووكالة الأونروا
  • ‏الطائرات الإسرائيلية تقصف "ساعة فلسطين" التي كانت تؤشر إلى "العد العكسي لتدمير إسرائيل" عام 2040 وفقا للسلطات الإيرانية
  • بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
  • الأونروا: آلية المساعدات الإسرائيلية فخ للموت تؤدى لفقدان الأرواح
  • الرئيس الإيراني: أمريكا وراء ما يرتكبه الكيان الصهيوني من أعمال عدائية
  • الرئيس الإيراني يشيد بمواقف مصر الحكيمة ويؤكد توافق بلاده على حل القضية الفلسطينية
  • الأحرار الفلسطينية تحذر من جر الكيان الصهيوني المنطقة إلى كارثة كبرى
  • كيف شكّل عنصر المفاجأة في الحروب الإسرائيلية مصدرا للانتكاسات؟