فاضل الربيعي.. العودة إلى نقطة البداية
تاريخ النشر: 9th, April 2025 GMT
حين رأيت صور مشيّعي جنازة الباحث والمفكّر الدكتور فاضل الربيعي، ببغداد شعرت بالألم، رغم إيماننا الأكيد بالنهاية الحتميّة، كان يقف بانتظار وصول الطائرة التي أقلّت جثمانه من هولندا إلى مطار بغداد عدد من أفراد أسرته، وعشيرته، وبعض المسؤولين، ومَنْ بقي من الأهل والأصدقاء الذين ودّعوه حين غادر بغداد قبل أكثر من أربعين سنة، لتُختتم الرحلة التي تشبه رحلة كلكامش فـي نقطة البداية، وكانت الانطلاقة فـي مطلع السبعينيات، فمع تشكّل وعينا، كنا نفخر بأن عددا من الفنانين الذين نشاهد عروضهم المسرحية فـي التلفزيون، والشعراء والكتّاب الذين نقرأ له نتاجات شعرية وسردية ومقالات فـي الصحف اليومية هم من سكّان مدينتنا الشعبية (الثورة) أو (حي الرافدين) الكائنة فـي بغداد، ويسكنها الفلاحون النازحون من الجنوب، ويقاسموننا ضنك العيش، تلك المدينة كانت تفتقر لأبسط أنواع الخدمات ووسائل الراحة، ومع ذلك خرج من رحمها شعراء وكتّاب وفنّانون ورياضيّون، وهذا يمنحنا ثقة بأننا يمكن أن نكون مثلهم ذات يوم، فالمهمّشون يمكن لهم أن يقفزوا للمركز ويحتلوا مساحة متميزة فـي المشهد الفني والثقافـي على أقل تقدير، انطلاقا من فهمنا للفن كونه ابن المعاناة الشرعي.
وكان الكاتب فاضل الربيعي، الذي تجمعني به صلة قرابة بعيدة، واحدا من هذه الأسماء التي كنا ننظر لها بإعجاب حين نراها تجلس فـي المقهى، أو تسير فـي الطريق باتجاه البيت أو منه إلى خارج المدينة، حيث تشيّعه عيوننا حتى يختفـي عن الأنظار، وكان قد أصدر مجموعة قصصية عنوانها (أيها البرج يا عذابي) ونشر تحقيقات وتقارير صحفـية، أسّست له حضورا، وعزّز هذا الحضور عندما طوّر أدواته فـي الكتابة من خلال القراءة والاجتهاد الشخصي والاشتراك بدورات صحفـية، لكنه فـي عام 1979 اختفى، وحين سألنا عنه، عرفنا، عن طريق الهمس، أنه هرب من البلد أسوة بالكثير من رفاقه اليساريين، وحطّت ركابه فـي تشيكوسلوفاكيا ثم عدن، وبيروت والعمل مع الفصائل الفلسطينية، ونشر كتابه (السؤال الآخر) وكذلك عرفنا من الأهل أن رجال الأمن يتردّدون على بيت أهله بحثا عنه، حتى وصلنا خبر أنه استقرّ فـي دمشق عام 1980، ومع ذلك ضغطوا على والد زوجته بأن يذهب إلى دمشق ويقنعه بالعودة، وحين عرف بذلك غيّر مكان سكنه، كما قال لي عندما التقيت به فـي عمّان مطلع عام 1994م حين جمعنا الإعلامي سعد البزّاز فـي بيته، وكان رابعنا الصديق الشاعر عدنان الصائغ، واستغربتُ فـي تلك الجلسة أنه يتحدّث بلهجة شاميّة صرفة، وبدأت تحلّ مفردات شاميّة محل مفردات محبّبة، أليفة الوقع، كانت تجري على لسانه فـي الدارجة العراقيّة! يومها شعرتُ بالحزن، فالمسافة بينه وبين المكان الأوّل بدأت تتّسع.
فـي اليوم التالي دعانا للغداء فـي مطعم (جبري) فـي شارع الجاردن، وأكملنا أحاديثنا، قبل عودته إلى دمشق، وبعد شهور غادرتُ إلى صنعاء، ومن هناك عاد تواصلنا مجدّدا، فقد علمت أنه انتقل إلى قبرص وعمل محرّرا ثقافـيا فـي مجلة (الشاهد) التي كانت تصدر بدعم من الحكومة الليبية، وكلّفني بمراسلة المجلة من (صنعاء)، يومها نشر لي العديد من الحوارات، والمقالات، والتقارير الثقافـية.
ثم توقّفت المجلة، وبدأت تصلنا أخبار مشروعه الفكري القائم على دراسة التاريخ القديم، والسرديات العربية، والتوراتية، بعد دراسته اللغة العبرية، وأصل اليهود الذي يراه أنه يعود إلى اليمن، وبذلك فنّد مزاعم إسرائيل بحقّ الاستيطان فـي فلسطين، مكرّسا فكرة الاحتلال، وناقش فـي كتابه (الشيطان والعرش) لقاء النبي سليمان (عليه السلام) وبلقيس وفق رؤية مغايرة، وحين انتقل إلى هولندا عام 1996 م، تفرّغ لمشروعه الفكري، فنشر كتابه (فلسطين المتخيلة: أرض التوراة فـي اليمن القديم) بخمسة أجزاء، تبعه بـمجموعة كتب: القدس ليست أورشليم، أسطورة عبور الأردن وسقوط أريحا، حقيقة السبي البابلي، إرم ذات العماد من مكة إلى أورشليم- البحث عن الجنة، أساف ونائلة، وشقيقات قريش: الأنساب والطعام فـي الموروث العربي، وأبطال بلا تاريخ، وقصة حب فـي أورشليم.
والتقينا فـي عام 2011 فـي النادي الثقافـي حيث ألقى محاضرة حول المسألة اليهودية وكانت تلك زيارته الأولى والأخيرة لمسقط، وقبل حوالي عامين، انتقل للعمل فـي دبي بمركز (مجتمع) للدراسات الثقافـية والتاريخية، وكان يشغل موقع رئيس مجلس الأمناء فـي المركز، فـيما يشغل أدونيس عضوا فـي المجلس، وتواصل معي، ودعاني للكتابة فـي موقع المركز، وطلب مني مد جسور التواصل مع الدكتور نائل حنون وفعلت، وكان يتوق إلى زيارتنا قبل شهور قليلة لكن حدث طارئ حال دون ذلك حتى وصلني خبر وفاته، يوم السبت الموافق 29 مارس الماضي، عن 73 عاما، بعد معاناته من مرض عضال لم يمهله سوى شهور، ولم أستغرب وصيته التي طلب فـيها دفنه فـي العراق، فبعد هذا الطواف الفكري، والجغرافـي، والحراك الثقافـي عاد إلى نقطة البدء، وكان فـي صندوق مغلق مجلّلا بالسكون.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
السودان على بعد خطوة من العودة إلى البيت الأفريقي
ظل مقعد السودان شاغرا في الاتحاد الأفريقي منذ حل حكومة الدكتور عبد الله حمدوك بواسطة الرئيس البرهان في الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حيث وعد البرهان في قراراته بتشكيل حكومة غير حزبية مما اعتبرته قوى الثورة (التحالف المكون لحكومة الدكتور عبد الله حمدوك) انقلابا على الوثيقة الدستورية التي منحتها قيادة المرحلة الانتقالية وفق شراكة سياسية مع المكون العسكري، بعد مفاوضات شاقة برعاية الاتحاد الأفريقي عبر مبعوثه إلى السودان البروفيسور محمد حسن ولد لبات الذي عُين لاحقا مديرا لديوان مفوض الاتحاد الأفريقي الدكتور موسى فكي. وشهدت تلك الحقبة توترات غير مسبوقة بين المفوضية والحكومة السودانية.
لكن الواقع أن قرارات البرهان التصحيحية لم تكتمل إلا بعد أربع سنوات بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء، بعد تعديلات أجريت على الوثيقة الدستورية منحت رئيس مجلس السيادة حق تفويض رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة انتقالية تقود السودان لاستعادة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، بعد خمس سنوات من التجاذبات السياسية وحالة اللا استقرار وانتهاء بحرب الخامس عشر من نيسان/ أبريل المستمرة حتى الآن.
قرارات البرهان التصحيحية لم تكتمل إلا بعد أربع سنوات بتعيين الدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء، بعد تعديلات أجريت على الوثيقة الدستورية منحت رئيس مجلس السيادة حق تفويض رئيس الوزراء من الشخصيات المستقلة لتشكيل حكومة انتقالية تقود السودان لاستعادة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة
وساند السودان انتخاب وزير خارجية تشاد الأسبق الدكتور موسى فكي للفوز بمنصب مفوض الاتحاد الأفريقي في كانون الثاني/ يناير 2017، حيث كان السودان يلعب أدوارا مؤثرة في القارة، فضلا عن علاقته المتميزة بنظام الرئيس إدريس دبي الأب، إلا أن العلاقة توترت بين السودان وموسى فكي عقب انتخابه لدورة ثانية في شباط/ فبراير 2021، حيث سارع فكي بتعليق عضوية السودان عقب الإطاحة بحكومة الدكتور عبد الله حمدوك وفض الشراكة بين العسكريين والمدنيين. ولم تفلح كل الجهود المبذولة من الحكومة السودانية للعودة للبيت الأفريقي، واشترط فكي نقل السلطة إلى حكومة مدنية لأجل ذلك.
وشهدت العلاقة توترات جديدة عقب اندلاع الحرب في السودان، فكثيرا ما اتهمت الحكومةُ السودانية الاتحادَ الأفريقي بالسلبية والانحياز للدعم السريع والقوى السياسية المتحالفة معه في الكثير من المواقف، ودعوة الرئيس البرهان للجلوس مع قائد الدعم السريع للتوصل إلى اتفاق يعيد الأمور إلى ما قبل الحرب، وهو ما يرفضه قادة الجيش وقطاعات واسعة من الشعب السوداني الذي يرى استقراره في مبدأ الجيش الوطني الواحد، وحل ما تبقى من قوات الدعم السريع المتمردة وإحالة قادتها ومسانديهم إلى المحاكم جراء الانتهاكات التي ارتكبوها بحق الشعب السوداني.
ويرى مراقبون أن أدوار الاتحاد الأفريقي الذي يعد امتدادا لمسيرة منظمة الوحدة الأفريقية المؤسسة في عام 1962 لقيادة التحرر ومناهضة الاستعمار والتدخلات الخارجية في شؤون القارة، قد تضاءلت بعد السماح لكيانات إقليمية على غرار الاتحاد الأوروبي وبعض الدول العربية بالتدخل في قرارات الاتحاد، وبلغت التدخلات ذروتها حين تبنت بعض الدول الأعضاء منح الكيان الصهيوني صفة المراقب وأجهض المقترح بواسطة الجزائر وجنوب أفريقيا وآخرين.
وبالعودة إلى العلاقة بين السودان ومفوضية الاتحاد الأفريقي، كان الدكتور موسى فكي أول شخصية إقليمية ودولية تحط رحالها في مطار الخرطوم في نيسان/ أبريل 2019، عقب سقوط نظام البشير بأيام وتعليق عضوية السودان في الاتحاد، يرافقه مبعوثه الشخصي لاحقا للسودان الموريتاني ولد لبات، بغرض الاجتماع بالقيادة العسكرية الجديدة والقوى السياسية المدنية لبحث كيفية الانتقال والخيارات الكفيلة بالمحافظة على استقرار السودان.
وبعد سلسلة لقاءات أجراها فكي مع قادة المجلس العسكري وتحالف قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين والقوى السياسية والمدنية الداعمة لثورة ديسمبر، غادر ومرافقه إلى القاهرة لإبلاغ الرئيس السيسي، رئيس قمة الاتحاد الأفريقي في ذلك العام، بمبادرته للتوسط بين السودانيين وفوّض ولد لبات للقيام بذلك، بمعاونة مكتب اتصال الاتحاد الأفريقي في الخرطوم ومندوب الإيغاد، وأثمرت تلك المفاوضات عن التوقيع على الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكري بقيادة الرئيس عبد الفتاح البرهان والمجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير في السابع عشر من آب/ أغسطس 2019، بعد مفاوضات ماراثونية عاش الشارع السوداني خلالها اضطرابات وتظاهرات بسبب التعنت في المواقف بين طرفي التفاوض والتدخلات الخارجية المستمرة من الداعمين للتغيير في السودان، قرر بعدها الاتحاد الأفريقي رفع تجميد عضوية السودان بعد تعيين حكومة الدكتور عبد الله حمدوك المدنية وتفويضها بمهام الانتقال في السودان.
عادت العلاقة بين الجانبين إلى المربع الأول عقب حل الحكومة الانتقالية، وجمد الاتحاد الأفريقي عضوية السودان للمرة الثانية بسبب ما أسماه الانقلابات العسكرية في السودان، واشترطت قيادة الاتحاد تكوين حكومة مدنية لرفع قرار التجميد. والواقع أن كل محاولات رأب الصدع بين العسكريين والمدنيين فشلت وانتهت بانهيار اتفاق البرهان حمدوك وانتهى باستقالة الأخير وهجرته إلى الخارج.
منذ وقتها كلف البرهان وكلاء الوزارات بتسييرها كوزراء مكلفين حتى نشوب حرب نيسان/ أبريل، وانشغال الجميع بدحر تمرد قوات الدعم السريع التي كانت تسيطر على مناطق واسعة من وسط السودان وولايات دارفور قبل أن يعود الجيش السوداني ويخرجها منها بعد معارك كبيرة.
وطيلة حرب العامين شهدت أروقة الاتحاد الأفريقي تحركات خجولة لوقف الحرب في السودان؛ كانت الحكومة السودانية الغائب الأبرز عنها بسبب التجميد وتبني قيادة الاتحاد لرؤية الدعم السريع والقوى السياسية المدنية بقيادة عبد الله حمدوك، ووصل الأمر إلى حرب كلامية وتبادل الاتهامات عقب استقبال ولد لبات مبعوثا سياسيا من الدعم السريع، مما اعتبرته الحكومة السودانية تجاوزا لدستور الاتحاد الأفريقي الذي يؤكد على وحدة الدول الأعضاء ومناهضة الحركات المتمردة التي تعرض السلم والأمن في القارة للخطر.
ومع تدهور الوضع السياسي والأمني في السودان وحالة الاصطفاف الإقليمي حول السودان، كانت هنالك معركة حامية الوطيس تدور حول خلافة الدكتور موسى فكي، فهناك قوى إقليمية ذات ارتباط بالصراع في السودان أعدت العدة لترشيح رايلا أودينغا لمفوضية الاتحاد، أبرز معارضي الرئيس الكيني وليم روتو، لتحقيق جملة أهداف؛ على رأسها إبعاده عن المشهد في كينيا، حيث ظلت المعارضة في كينيا تسبب صداعا مستمرا للرئيس روتو، أبرز حلفاء قائد الدعم السريع حميدتي، في ظل السيطرة على القرار داخل أروقة الاتحاد الأفريقي من خلال رئاسة كينيا التي تقود تحركات مناوئة للسودان من خلال منظمة الإيغاد؛ التي جمد السودان عضويته فيها لاحقا أيضا بسبب عدم حياديتها وتبنيها مواقف تتطابق مع رؤية المتمردين.
وتلاحق هذه المنظمات الإقليمية اتهامات بالضعف والحاجة الملحّة للإصلاح، بسبب التدخلات الخارجية في شؤون الأعضاء نظرا لشح إمكانياتها المادية مما يضع استقلاليتها على المحك.
وعلى نحو مفاجئ خسر مرشح كينيا رايلا اودينغا انتخابات مفوضية الاتحاد الأفريقي التي جرت في شباط/ فبراير من العام الحالي لصالح وزير خارجية جيبوتي الدكتور محمود علي يوسف، ليصبح الرئيس الخامس لمفوضية الاتحاد الأفريقي، المخصصة في هذه الدورة لإقليم شرق أفريقيا، في صدمة كبيرة لحلفاء الدعم السريع في المنطقة.
يعد بيان المفوضية بمثابة الضوء الأخضر لعودة السودان إلى بيته الأفريقي، وربما أُعلنت عقب تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس في الأيام المقبلة
وفور تسلمه مهام المفوضية أكد مفوض الاتحاد الأفريقي الجديد دعمه اللامحدود للجهود الرامية لإحلال السلام في السودان ووحدة أراضيه، ورفضه القاطع للحكومة الموازية التي أعلن الدعم السريع وتحالف "صمود" الشروع في تكوينها في مناطق سيطرة الدعم السريع في إقليم دارفور وقوبلت برفض دولي وإقليمي واسع.
وفي خطوة تعتبر تحولا جديدا في مواقف الاتحاد الأفريقي تجاه السودان، هنأ رئيسُ المفوضية ممثلَ السودان بانتصارات القوات المسلحة في محاور القتال المختلفة، وذلك خلال اجتماع ضم إلى جانبه؛ الأمين العام للأمم المتحدة وأمين الجامعة العربية على هامش قمة بغداد الأخيرة، مما اعتبرته قوات الدعم السريع وحليفتها "صمود" انحيازا لأحد أطراف الحرب.
وغداة تعيين البرهان للدكتور كامل إدريس رئيسا للوزراء في السودان، رحبت مفوضية الاتحاد الأفريقي بالقرار ووصفته بأنه خطوة نحو حَوكمة مدنية شاملة في السودان، وبارقة أمل نحو استعادة النظام الديمقراطي في البلاد. ويعد بيان المفوضية بمثابة الضوء الأخضر لعودة السودان إلى بيته الأفريقي، وربما أُعلنت عقب تشكيل حكومة الدكتور كامل إدريس في الأيام المقبلة، بجانب الأدوار الإيجابية لسفير السودان في أديس أبابا، الزين إبراهيم.
ولعب الاتحاد الأفريقي أدوارا مقدرة خلال رفضه لقرار المحكمة الجنائية ضد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وقبوله بمقترح السودان بتشكيل بعثة مشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي للفصل بين المتنازعين في إقليم دارفور، بدلا عن بعثة أممية أقرها مجلس الأمن ورفضتها الحكومة السودانية حينها واعتبرتها الدول الأفريقية استعمارا جديدا للقارة.