#سواليف

#الأردن و #مأزق_المياه: #اتفاقيات لم تُنصف و #أزمة تخنق الحناجر
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

يُقبل علينا صيفٌ لاهب يطرق الأبواب، لا يحمل نُسماتٍ ولا أمطارًا، بل يحمل في طياته أزمة مائية خانقة تهدد كل بيت، وكل مواطن في الأردن. السدود شبه جافة، والموسم المطري خذل الأرض والناس، ووزارة المياه تعلنها بوضوح لا لبس فيه: “لا رفاهية في الكميات”، فكل مواطن سينال فقط الحد الأدنى مما يسد رمقه، لا أكثر.

لكن، لنخدع أنفسنا ونُرجع السبب فقط لقلّة المطر. الحقيقة أن أزمة المياه في الأردن ليست وليدة موسم أو صدفة. إنها نتيجة تراكم طويل من سياسات إقليمية جائرة، واتفاقيات غير منصفة، فيما الدولة تُكافح لتبقي الحد الأدنى من الحقوق المائية لشعب يستحق الكثير.

مقالات ذات صلة منخفض خماسيني يؤثر بدءا من الثلاثاء / تفاصيل 2025/04/21

لطالما كانت المياه عبر التاريخ، إما شعلةً للحرب أو منارةً للتعاون. من أيام آشوربانيبال إلى صراعات النيل ودجلة والفرات ونهر الأردن، كانت المياه جوهر النزاع، واليوم تزداد شراستها تحت وطأة التغير المناخي، النمو السكاني، الإدارة المرتبكة، وهيمنة الدول المتحكمة بالمنابع.

الأردن، الدولة التي تُعد من أفقر دول العالم مائيًا، يعيش اليوم تحت ضغط استثنائي، يُفاقمه عبء اللجوء، والنمو السكاني، والمصادر الشحيحة التي تتحكم بها أطراف خارجية. لقد وقّع الأردن معاهدة سلام مع إسرائيل، وكان بند المياه في قلب الاتفاق، لكن ما تحقق فعليًا لم يلبِّ الحد الأدنى من طموحات الأردنيين، ولم يصن حقوقهم. والأسوأ أن إسرائيل، التي تفرض منطق القوة لا الشراكة، لم تكتفِ بتجاهل حقوق الأردن، بل قامت قبل سنوات بضخ مياه معالجة للأردن، في تصرف لا يليق بشريك في سلام، ولا يحترم كرامة الجار أو البيئة أو السيادة.

والأدهى أن حقوق الأردن المائية تُنتهك ليس فقط من الغرب، بل من الشمال أيضًا. فالجارة سوريا، في عهد النظام البائد، لم تحترم على مدى عقود أي تفاهم مائي عادل، بل استغلت موارد نهر اليرموك بلا اعتبار لاحتياجات الأردن. واليوم علينا أن نذكّر القيادة السورية الجديدة ، بأن الأردن كان أول من فتح أبوابه وقلوبه للأشقاء السوريين، واحتضنهم في محنتهم دون منّة أو حساب.

ومع التحولات السياسية الراهنة في سوريا، لا بد من لحظة صدق ومصالحة مائية. نأمل أن يبادر الأشقاء في سوريا بمد يد العون، وأن يكون ملف المياه بدايةً لشراكة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل والاعتراف بحقوق الأردن السيادية في مياهه. وليكن هذا التعاون في المياه مقدمة لتكامل اقتصادي وأمني وسياسي يخدم الشعبين، ويُغلق أبواب الخصومة، ويفتح نوافذ الأمل.

هذه الأزمة ليست مجرد أزمة فنية تُحل بخطة طوارئ، بل هي أزمة سيادة ووجود. والمطلوب اليوم ليس فقط تصريحات مطمئنة، بل إرادة سياسية جادة، واستثمار ذكي في التكنولوجيا، وضغط دبلوماسي قوي لاسترداد الحقوق، وتحرك شعبي واعٍ يدافع عن مياه الوطن كما يدافع عن ترابه.

المياه ليست ترفًا ولا خيارًا. هي حق أصيل لا يُساوَم عليه. والمستقبل لن يُكتب إلا بشراكة حقيقية تُعيد للمياه مكانتها كعنصر حياة لا أداة إذلال. فإما أن نستيقظ الآن، وإما أن نغرق غدًا في ظمأٍ لا قرار له.

الأردن لا يطلب المستحيل، بل يطلب حقه في الحياة.
والمياه، إن توفرت الرؤية والإرادة، يمكن أن تكون جسراً نحو المستقبل، لا نفقًا من الأزمات.

وللحديث بقية…

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف الأردن مأزق المياه اتفاقيات أزمة

إقرأ أيضاً:

العطش يخنق سكان المخا في تعز وسط صمت حكومي يفاقم أزمة شراء المياه

الجديد برس| خاص| تشهد مدينة المخا الساحلية في محافظة تعز، والخاضعة لسيطرة قوات طارق صالح المدعومة من التحالف، أزمة مياه خانقة فاقمت معاناة السكان وسط غياب تام لأي حلول من السلطة المحلية وصمت مريب تجاه مأساة يومية تتفاقم. وأكدت مصادر محلية، للجديد برس، أن أزمة انقطاع المياه باتت شبحًا يهدد حياة الأهالي، في ظل غياب المشروع الحكومي المنتظم للمياه، حيث تمر أسابيع وأحيانًا شهر كامل دون أن تصل المياه لبعض الأحياء، وإن وصلت، فإنها تكون ضعيفة للغاية ولا تكفي لسد حاجات الأسر، لتعود بعدها الأزمة من جديد. وفي ظل هذا الواقع، اضطر الأهالي إلى شراء صهاريج المياه (الوايتات) بأسعار باهظة، حيث تصل تكلفة خزان سعة ١٠٠٠ لتر إلى ٨٠٠٠ ريال يمني، وهو ما لا تطيقه الغالبية من السكان، خاصةً أن هذا الكمية لا تكفي أسرة متوسطة لأكثر من أسبوع رغم الاقتصاد الشديد في الاستهلاك. ويعاني معظم سكان المخا من أوضاع معيشية صعبة، إذ يعمل أغلبهم في مهن بسيطة كالصيد أو بالأجر اليومي، أو يعيشون حالة بطالة، ما يجعل شراء المياه رفاهية لا يمكنهم تحملها. وأشارت المصادر إلى أن سياسة الضغط المعيشي والانقطاع المتعمد تبدو وكأنها خيار ممنهج من قبل قيادة مؤسسة المياه والكهرباء في المخا، في ظل تفشي الفساد الإداري وغياب الرقابة. وأضافت: “رغم تصاعد الأصوات المطالبة بحلول جذرية لأزمة المياه في مدينة تعز الباردة، ومناقشة مشروع تزويدها بالمياه عبر دعم إماراتي يمر عبر المخا، فإن الحديث عن أزمة المخا ذاتها يُعد أمرًا شبه محرّمًا، وسط مخاوف من الاعتقال أو الملاحقة لأي صوت ينتقد الوضع القائم”. هذا وباتت المدينة تعيش حالة عطش حاد في صمت حكومي مطبق، في ظل تجاهل واضح من “طارق صالح” سلطة الأمر الواقع، التي لم تبادر إلى أي خطوات فاعلة للتخفيف من معاناة السكان أو تحسين خدمة المياه والخدمات الأساسية.

مقالات مشابهة

  • وزير العمل: إلزام كل المؤسسات والهيئات بتطبيق الحد الأدنى للأجور
  • رئيس برلمانية المصري الديمقراطي يطالب بربط الحد الأدنى للأجور بمعدلات التضخم
  • طلب إحاطة حول مخالفة الحكومة تطبيق الحد الأدنى للأجور على عمال النظافة
  • عن رفع الحد الأدنى للأجور.. هذا ما كشفه الأسمر
  • العطش يخنق سكان المخا في تعز وسط صمت حكومي يفاقم أزمة شراء المياه
  • بلومبيرج: الصين ترفع الحد الأدنى لاستخدام عملتها "اليوان" إلى 40%
  • العراق: مخزون المياه هو الأدنى منذ 80 سنة
  • كاتبة إسرائيلية: الدولة التي تتخلى عن مختطفيها لدى حماس ليست بلدي
  • وزير الشئون النيابية: دراسة لتدرج الحد الأدنى وفق القيمة والمساحة
  • هيئة الإسعاف: 86% من البلاغات التي يتلقاها المركز ليست حقيقية