البابا تواضروس يحتضن محبة الأقباط بعد عودته من المجر
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
شهدت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية خلال الأيام القليلة الماضية، عدة فعاليات روحية ومناسبات تفيض بها قلوبهم حبًا وتقديرًا، ولعل قدوم عيد صعود جسد العذراء مريم إلى السماء، بالتزامن مع زيارة قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، إلى جمهورية المجر سببًا فى شعورهم بالاعتزاز والفخر والانتماء.
بطاركة الكنيسة المصرية.. معًا فى درب واحد
حرص قداسة البابا فورعودته من المجر أن يروى تفاصيل ما وراء الأحداث وفعاليات إلى شعب الكنيسة الذى أشعل فى قلبه حب المعرفة لما جاء من محطات هامة فى تلك الزيارة والتى تعيد للأذهان نفحات من الماضى، ومنها محطة تسليم بطريرك الأقباط شهادة الدكتوراه الفخرية من أقدم الجامعات الأوروبية وهى «جامعة بازمان بيتر المجرية» التى قدمت عام 2011 شهادة مماثلة لمثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث، ليتوج هذا الحدث التفرد للكنيسة المصرية التى شهدت وحدها منح آباء الأقباط الدكتوراه الفخرية، من بين جميع الضيوف الرسميين الذين تمت دعوتهم للمشاركة فى هذه المناسبة الوطنية والروحية معًا.
كان لهذه الزيارة مذاق خاص فهى الأولى لقداسة البابا منذ جلوسه على كرسى مارمرقس، وهى الزيارة التى جاءت بناءً على دعوة رسمية وجهتها لقداسته الحكومة المجرية، وهى أيضًا ثانى دعوة رسمية تواجهها المجر لبابا الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، كما فعلت مع بطريرك الأقباط مثلث الرحمات المتنيح البابا شنودة ليسير الأب الحالى على خطى السابقين فى ممر منير بالعلم يرفع خلاله راية الكنيسة المصرية حول العالم.
البابا تواضروس يروى لأبناء الكنيسة القبطية تفاصيل زيارته الأخيرةبدأت الزيارة يوم السبت ١٩ أغسطس، بصحبة الوفد الكنسى المكون من أصحاب النيافة الأنبا دانيال مطران المعادى وسكرتير المجمع المقدس، والأنبا برنابا أسقف تورينو وروما بإيطاليا، والأنبا جابرييل أسقف النمسا، والأنبا يوليوس الأسقف العام لمصر القديمة وأسقفية الخدمات الاجتماعية، والأنبا چيوڤانى أسقف وسط أوروبا، وتماڤ تكلا رئيسة دير الشهيد مار جرجس للراهبات بمصر القديمة، والراهب القس كيرلس الأنبا بيشوى مدير مكتب قداسة البابا، والقمص يوسف خليل كاهن الكنيسة القبطية بالمجر.
وفى أول لقاء لقداسة البابا مع المستقبلين ألقى كلمته التى أكد فيها على ترابط العلاقات بين الكنائس القبطية والكاثوليكية وعلاقته المتميزة بقداسة البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان، الذى زاره فى مايو الماضى، كما أكد على أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة شاهدة للمسيح، كما أكد على الترابط الحقيقى بين مصريين وقوة النسيج الذى يجمع المسيحيين والمسلمين فى مصر، كما ألقى لمحة عن الروابط التاريخية بين مصر والمجر.
وتحدث قداسته عن اعتبارية العلاقات الروحية ضمن القوة الناعمة الؤثرة فى الوجدان، وبلغ العالم بما تشهده مصر من توازن ووحدة وطنية، قائلًا: «إن الرئيس السيسى بدأ منذ سبع سنوات فى بناء عاصمة إدارية جديدة، وبدأها ببناء كنيسة ومسجد، قبل أن يبنى أى مبانٍ أخرى، بدأ بالكنيسة والمسجد، وهو بذلك بدأ البداية الروحية».
شارك البابا خلال الزيارة فى الاحتفال الرسمى بالعيد القومى الى يحمل طابعًا دينيًا لكونه ذكرى استشهاد القديس شتيڤن الأول، مؤسس مملكة المجر عام ١٠٠٠ ميلادية، وأقيم الحفل بساحة لاجوس كوسوث بالبرلمان، زار قداسته دير القديس الأنبا بولا ببودابست.
تكريم البابا يعكس حجم الكنيسة المصرية عالميًاترجم ما حدث فى ثالث أيام الزيارة ثُقل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والدور المؤثر الذى يلعبه بطريرك الأقباط على كافة الأصعدة الدينية والاجتماعية والوطنية الملحوظة حيث تسلم قداسته الدكتوراه الفخرية بحضور جماهيرى ورسمى.
لم يترك البابا مناسبة عيد إصعاد جسد العذراء مريم إلى السماء دون احتفال، وترأس عشية العيد بكنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل، وامتلأت الكنيسة بأبناء الكنيسة القبطية فى المهجر، وأوصى فى كلمته بأهمية اتباع خطوات العذراء لاحتواء المشكلات التى نواجهها فى الحياة، وهى «الإحساس بالآخر، والحفاظ على الود مع الآخر وعدم الخصام، ووضع فترات للتفاهم، لأن أغلى ما يقدمه الإنسان للآخر هو الوقت، والاتضاع والخضوع»، ثم صلى القداس الإلهى الاحتفالى بالعيد بمشاركة عدد من الآباء الأساقفة والكهنة والرهبان، أعداد كبيرة من الشعب. وألقى عظة القداس عن ثلاثة مواقف تكلمت فيها العذراء مستخلصًا دروسًا هامة يمكن أن يتعلمها الجميع، ثم ودعهم وأخبرهم أن مصر تحبهم وأوصاهم بالاعتناء بتربية أبنائهم فى المنزل والكنيسة معًا.
أول اجتماع لقداسة البابا مع الأقباط بعد زيارته للمجرروى البابا تواضروس تفاصيل زيارته إلى الأقباط خلال الاجتماع العام الأسبوعى الذى حرص على عقده فور عودته إلى أرض الوطن، بالكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية، وقبل عظته الروحية التى جاءت استكمالًا لسلسلة صلوات قصيرة من القداس «أعط بهاءً للإكليروس»، كرم الأوائل بالدبلومات الفنية والثانوية العامة.
وتناول جزءًا من الإصحاح الثامن عشر من إنجيل المعلم متى والأعداد (١٥ – ٢٠)، وأشار إلى طلبة قصيرة من الطلبات التى ترفعها الكنيسة بعد صلوات التقديس، وهي: «أعط بهاءً للإكليروس» كشريحة وقطاع من الكنيسة، وتعنى هذه الكلمة اليونانية الأصل،«الذين اختاروا ربنا كنصيب لهم».
دور «رُتب الإكليروس» فى الكنيسة القبطيةوضح البابا فى شرحه لكلمة «الإكليروس» وهى الرُتب الكهنوتية، والتى جاءت فى مقدمتها «الشماسية» وتعنى «خادم»، وتشمل عدة رُتب كـ«إبصالتس أى المرتل، وأغنسطس وهو القارئ، وإيبدياكون وهو مساعد الشماس، ودياكون يكون الشماس الكامل، وأرشيدياكون هو رئيس شمامسة».
وعن حياة الشمامسة فقد يكونون متزوجين وقد يكونون بتولًا، ومنهم المُعلم إبراهيم الجوهرى ووفق ما ورد فى الكتاب المقدس عن هذه الرتبة يذكر أشهر الشمامسة وهو «فيلبس» وورد فى (أع ٨: ٥).
تأتى فى الكنيسة رتبة ثانية وهى «القسيسية» وتشمل القس والقمص، وكلمة «القس» تعنى «مُصلى وشفيع»، وكلمة «القمص» تعنى «المُدبر»، وكل الذين فى رتبة القسيسية هم متزوجون إلا من دخل الدير وأصبح راهًا منهم، ومن أبرزهم القمص منسّى يوحنا، والقمص بيشوى كامل.
ثم تأتى «الأسقفية» وهى تشمل الأسقف وصفه البابا بـ«الناظر من أعلى»، ويكون المطران مسؤولًا عن مدينة كاملة، وأما البطريرك هو أب الآباء بالكنيسة، وتختص مهمة رجال الإكليروس فى إقامة الأسرار، والأب الأسقف هو المسؤول عن تدشين الكنائس والمذابح والمعموديات وسيامة الكهنة ورسامة الشمامسة.
وكشف قداسته أبرز الوظائف التى يقوم بها «الإكليروس» وهى الأبوة، الأمانة المطلقة، روح الصلاة والشفاعة للجميع، التعليم والمعرفة الجيدة، المحبة والإدارة، جاء فى آخر ما تناول عن هذا الجزء أهمية تحقيق مبدأ «البهاء» أى النقاوة الداخلية واللمعان الخارجى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فعاليات روحية العذراء مريم البابا تواضروس الثانى بابا الاسكندرية جمهورية المجر شعب الكنيسة البابا شنودة البابا فرنسيس بابا الڤاتيكان الکنیسة القبطیة الأرثوذکسیة البابا تواضروس قداسة البابا
إقرأ أيضاً:
البابا تواضروس: مؤتمر مجلس الكنائس العالمي لا يستهدف وحدة الكنائس بل تعزيز المحبة بينها
أعرب قداسة البابا تواضروس الثاني عن ترحيبه بانعقاد المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي في مصر في ضيافة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، لافتًا إلى أن المؤتمر سيحضره ٥٠٠ شخص يمثلون ١٠٠ دولة.
ونوه إلى أن المؤتمر ستقدم خلاله أورقًا بحثية بشكل أكاديمي يطرح فيها موضوع كيفية استعادة روح مجمع نيقية، وأنه مؤتمر علمي وليس حوارًا لاهوتيًا.
وجاء ذلك قبل بدء عظة قداسته في اجتماع الأربعاء الأسبوعي الذي عقده مساء أمس، في كنيسة السيدة العذراء ورئيس الملائكة ميخائيل بعين شمس.
وقال قداسة البابا: "الكنيسة القبطية الأرثوذكسية تستضيف لأول مرة مؤتمر دولي لمجلس الكنائس العالمي ولأول مرة لجنة الإيمان والنظام بالمجلس تعقد مؤتمرها وهو السادس خلال ١٠٠ سنة في كنيسة شرقية أرثوذكسية في إفريقيا، هنا في مصر وسيحضره ٥٠٠ مشارك من ١٠٠ دولة في العالم"
وأضاف: المؤتمر سيتحدث عن مجمع نيقية، ووقت انعقاد مجمع نيقية كانت الكنيسة واحدة، والمؤتمر سيقام هنا في مصر لأن مجمع نيقية انعقد لمناقشة مشكلة نشأت على أرض مصر، وهي بدعة آريوس، وفي استضافتنا للمؤتمر تكريم للقديس البابا ألكسندروس البابا رقم ١٩ والقديس البابا أثناسيوس البابا رقم ٢٠ فرأينا أن أفضل تكريم لهما أن تأتي كل كنائس العالم إلى مصر ونحتفل بتاريخ كنيستنا القويم".
واستكمل: أهم قرار صدر عن مجمع نيقية هو حرمان آريوس، ثم صدور قانون الإيمان المأخوذ من الكتاب المقدس، ونحن نتلوه ونحن واقفين في وضع الصلاة أي أننا نصلي به ونردده بصوت عالٍ وقوي.
ومن قرارات نيقية أيضًا تكليف بابا الإسكندرية بتحديد موعد عيد القيامة للمسكونة كلها، ولكن بسبب اختلاف التقاويم صار الغرب يحتفل في وقت يختلف عن الشرق وكل أربع سنوات يحتفل الشرق والغرب في وقت واحد بالعيد.
واستأنف قداسة البابا حديثه عن المؤتمر قائلاً: "نستضيف المؤتمر باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومجمعها المقدس وكل الأقباط وباسم مصر أيضًا، وهو مؤتمر جرت أعماله على جزئين، الجزء الأول وهو جزء دراسي، بدأ يوم ١٢ أكتوبر الجاري وحضره ١٥٠ شخص، والجزء الآخر أكاديمي وسيبدأ بعد غدٍ الجمعة وسيحضره ٣٥٠ شخص بإجمالي ٥٠٠ شخصًا، وسيتضمن المؤتمر الأكاديمي تقديم أوراق بحثية تتناول موضوع كيف نحقق روح نيقية في أيامنا هذه.
وفي مجمع نيقية اجتمع ٣١٨ أسقف وبطريرك لمدة شهر ودارت بينهم حوارات ومناقشات خلالها ظهرت براعة الشماس أثناسيوس ورسمه البابا ألكسندروس كاهنًا ليتمكن من حضور المجمع، ولأنه دارس ونابغ ومعايش للكنيسة ومشبع بروح الإيمان المستقيم وبهذا صار "نجم المجمع" حيث تم وضع قانون الإيمان".
وأكد مشددًا: “هذا المؤتمر ليس هدفه وحدة الكنائس، وإنما فقط لإقامة علاقات المحبة بين جميع الكنائس، أما المناقشات الخاصة بالعقيدة فمكانها الحوارات اللاهوتية بين الكنائس”.
وأوضح: “لدينا مساران، المسار الأول: إقامة علاقات مع كل كنائس العالم، وكنيستنا القبطية المصرية الأرثوذكسية صاحبة التاريخ الطويل العميق الثابت والراسخ كالجبل، وهي واحدة من أقدم كنائس العالم وهي معلمة المسكونة وهي كنيسة حية لا بالجدران وإنما بالشعب”.
وأعطى قداسته مثلاً على تجذر الكنيسة وإيمانها المستقيم في نفوس الشعب، قائلاً: “حين نجد ولد صغير يقرأ في الكنيسة قراءات من الكتاب المقدس باللغة القبطية أو اليونانية، أين تعلم هذا؟ من كنيسته”.
وعاد ليستكمل حديثه عن علاقة الكنيسة القبطية بكنائس العالم: “نحن نقيم علاقات لدعم المحبة ولأجل هذا نتبادل الزيارات ونعمل معًا، ونشكر الله أن كنيستنا لها علاقات طيبة مع جميع كنائس العالم، لأنها كنيسة أم وبهذا تستطيع أن تقيم علاقات محبة مع الكل”.
وأضاف: “أما المسار الثاني فهو مسار الحوارات اللاهوتية بين الكنائس وهي حوارات تتم بمعرفة المجمع المقدس ويتشكل لأجلها وفد رسمي يجتمع مع وفد الكنيسة الأخرى لمناقشة نقاط محددة وبعد انتهاء المناقشة تعرض النتائج على المجمع المقدس، وحاليًا لدينا حوار لاهوتي مع الكنيسة الروسية ومع الكنيسة الكاثوليكية وهو حوار رسمي يعقد كل سنة، ولدينا حوار مع الكنيسة البيزنطية وعقدنا اجتماع معهم العام الماضي حضره ممثلون عن كل الكنائس البيزنطية، ونحاول خلال هذه الحوارات أن نفهم بعضنا البعض، وندرس التاريخ والعقيدة والتقاليد”.
واختتم: "سعداء بأن نستضيف هذا المؤتمر العالمي، لتأتي كنائس العالم ويتعرفوا على أصالة الكنيسة القبطية وتاريخها العريق، وحرصنا أن نقيم المؤتمر في حضن دير القديس الأنبا بيشوي وهو دير رهباني منذ القرن الرابع، لنعطي فرصة للضيوف أن يتعرفوا عن قرب على أصالة الكنيسة، وشئ مفرح أن يقام هذا المؤتمر الدولي السادس هنا على أرض مصر."