قراءة تحليلية استشرافية للمآلات المحتملة للإرهاب فـي المنطقة العربية «2024-2025»
تاريخ النشر: 27th, August 2023 GMT
يستند هذا التحليل الاستشرافي إلى ما صدر من بيانات ومعلومات حَوْلَ مؤشِّرات الإرهاب للفترة من (2021-2023) خصوصًا مؤشِّر الإرهاب العالَمي للعام 2022 و2023 والذي يصدره مركز الاقتصاد والسَّلام في نسخته التاسعة والعاشرة، وتقرير مؤسَّسة ماعت للسَّلام والتنمية وحقوق الإنسان (جمهوريَّة مصر العربيَّة) بعنوان (مؤشِّر الإرهاب في المنطقة العربيَّة خلال العام 2022) حيث يُمكِن إيجاز واقع الإرهاب ومآلاته المستقبليَّة في المنطقة العربيَّة على النَحْوِ الآتي:
أوَّلًا: انخفاض واضح في عدد العمليَّات الإرهابيَّة، وكذلك في عدد الوفيَات الناتجة عَنْها في الفترة من 2020-2023، ويَعُودُ ذلك بحسب العديد من المؤشِّرات إلى الإغلاقات التي تسبَّب بها انتشار وباء كورونا في معظم مناطق العالَم، الأمْرُ الذي ساعد كثيرًا على تحجيم حركة التنظيمات الإرهابيَّة وقدرتها على التنقل والتخطيط والوصول إلى الدوَل المستهدفة، على أنَّ الاحتمال الأكبر هو استعادة تلك التنظيمات لنشاطها الإرهابي خلال الفترة (2024ـ2025).
ثانيًا: أبرز التنظيمات التي استمرَّت في نفوذها وقوَّتها خلال الأعوام (2020ـ2023) هي تنظيم «داعش» وتنظيم طالبان وتنظيم الشَّباب وتنظيم جماعة نصرة الإسلام والمُسلِمين، بَيْنَما تُعدُّ هذه الأخيرة الأكثر انتشارًا ونُموًّا، الأمْرُ الذي يُعزِّز فرص عودة الإرهاب إلى المناطق العربيَّة الإفريقيَّة القريبة من نفوذ هذه التنظيمات في إفريقيا، بالإضافة إلى الدوَل التي تتركَّز فيها قوَّة تنظيم «داعش» وطالبان في الحدود العربيَّة خلال الفترة (2024ـ2025).
ثالثًا: أبرز عمليَّات الإرهاب خلال الفترة من 2020ـ2023 تمَّت عَبْرَ الأعمال المُسلَّحة، ثمَّ استخدام المتفجِّرات والقصف بالقنابل، ويُعدُّ هذا التكتيك الأخير هو التكتيك الأكثر شيوعًا على مستوى العالَم، حيث شكَّل ما نسبته 67% من مجمل العمليَّات الإرهابيَّة.
رابعًا: تبقى دوَل النزاع المُسلَّح وعدم الاستقرار السِّياسي والفوضى الأمنيَّة هي الحلقة الأضعف والبيئة الأكثر تضررًا من العمليَّات الإرهابيَّة خلال الأعوام 2020ـ2023، وكان أبرزها عربيًّا: العراق، الصومال، سوريا، اليمن، ففي الدوَل الأربع فقط وقعت 499 عمليَّة في العام 2022، إلَّا أنَّ العراق كان الأكثر تضررًا. وتشير التقارير إلى أنَّ ذلك يَعُودُ إلى ردود الأفعال على أنشطة الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة، والمتوقَّع استمرار الأنشطة الإرهابيَّة في هذه الدوَل خلال الفترة القادمة لبقاء العوامل المحفِّزة لها، مع احتمالات توسُّع تلك الأنشطة الإرهابيَّة في دوَل عربيَّة أخرى نتيجة استعادة التنظيمات الإرهابيَّة لأنشطتها، خصوصًا في الدوَل العربيَّة الإفريقيَّة، بالإضافة إلى بعض الدوَل العربيَّة.
خامسًا: مجمل العمليَّات الإرهابيَّة التي وقعت في المنطقة العربيَّة تركَّزت في الدوَل التي تعاني من عدم الاستقرار السِّياسي. بالإضافة إلى انخراطها في صراعات داخليَّة، وعدم حصر السِّلاح في يد الدولة، واستفحال خطابات الكراهية في أوقات الأزمات والاضطرابات، لذا إن كان من أسباب رئيسة لعودة الإرهاب والتنظيمات الإرهابيَّة في المنطقة العربيَّة خلال الفترة 2024ـ2025 فستكُونُ بسبب الأسباب والعوامل سالفة الذكر، خصوصًا في حال ظلَّت الأوضاع الاقتصاديَّة في التردِّي.
سادسًا: أهمُّ الأسباب وراء قدرة تلك التنظيمات على توحيد وتنظيم صفوفها والقيام بأنشطتها في المنطقة العربيَّة يَعُودُ إلى عدم توحيد المؤسَّسات الأمنيَّة والعسكريَّة العربيَّة، وهذا السبب تم التأكيد عليه في أكثر التقارير الخاصة بمؤشِّرات مكافحة الإرهاب، الأمْرُ الذي يثير بعض الأسئلة حَوْلَ أسباب ذلك، وما هي المعوِّقات التي تحُولُ دُونَ توحيد الجهود العربيَّة حيال مكافحة الإرهاب؟
سابعًا: تركَّزت العمليَّات الإرهابيَّة في المنطقة العربيَّة بشكلٍ أكبر على اختيار أهداف ذات رمزيَّة مرتفعة على عكس ما هو مفترض، أي أهداف ذات رمزيَّة منخفضة مِثل المراكز التجاريَّة والأسواق، حيث تمَّ استهداف الجيوش الوطنيَّة وقوَّات الأمن، وهو دليل على امتلاك تلك التنظيمات الإمكانات والقوَّة اللازمة لاستهداف هذا النَّوع من الأهداف التي يفترض أنَّها حصينة، على أنَّ المتوقَّع أن تتراجعَ هذه التوجُّهات خلال الفترة القادمة باتِّجاه اختيار أهداف أكثر ضعفًا وأقلّ حصانة.
ثامنًا: تحوُّل دوافع الإرهاب من دوافع دينيَّة بشكلٍ أكبر في الفترة (2015ـ2017) إلى دوافع أيديولوجيَّة في الفترة من (2018ـ2021) إلى إرهاب سياسي (2022ـ2023)، حيث تضاعفت الهجمات الإرهابيَّة ذات الدوافع السِّياسيَّة إلى خمسة أضعاف مقارنة بعدد الهجمات ذات الدوافع الأيديولوجيَّة (40 مقابل 3)، الأمْرُ الذي يؤكِّد إمكان استغلال الظروف الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة العربيَّة خلال الفترة 2024ـ2025 لتوسيع دائرة الأنشطة الإرهابيَّة في المنطقة العربيَّة. أو بمعنى آخر، أنَّها ستكُونُ الأسباب الأكثر استغلالًا من قِبل التنظيمات العربيَّة لتجنيد الناقمين والسَّاخطين على دوَلهم.
تاسعًا: استمرار قدرة التنظيمات الإرهابيَّة على إعادة التمركز، وإيجاد بدائل جغرافيَّة لها للتمركز وإعادة التنظيم ولرفع قدرتها التشغيليَّة خلال الأعوام 2020ـ2023، الأمْرُ الذي يؤكِّد كذلك استمرار قدرة التنظيمات الإرهابيَّة على استعادة مناطق أنشطتها الإرهابيَّة أو التوسُّع بها خلال الأعوام القادمة.
عاشرًا: أشَرتُ سابقًا إلى أنَّ انخفاض معدَّل الإرهاب خلال الأعوام 2020ـ2021 يَعُودُ إلى الإجراءات الاحترازيَّة التي ارتبطت بجائحة «كوفيد19» والتي قيَّدت حركة التنقل والسَّفر والتجمُّعات، إلَّا أنَّ هذا الأمْرَ أسهمَ في تعزيز قدرة تلك التنظيمات على استخدام البدائل الإلكترونيَّة وتوظيف الإنترنت عَبْرَ نشْرِ الإشاعات والمعلومات المضلِّلة وتضخيم خيبة أمل الشعوب العربيَّة من تحسُّن الظروف الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة. أخيرًا: رغم تراجع معدَّلات الإرهاب والوفيَات الناتجة عن العمليَّات الإرهابيَّة كما سبقَ وأشَرنا خلال الفترة من 2020ـ2023، إلَّا أنَّ شكْل تلك العمليَّات وحدَّتها ما زال مرتفعًا، كما أنَّ التهديد الإرهابي ما زال مستمرًّا ومتغيِّرًا في طبيعته، حيث يزداد ارتباط الإرهاب بمناطق الصراع، مع التأكيد على ارتفاع معدَّلات الإرهاب المحلِّي وتركيز العمليَّات الإرهابيَّة على دوافع سياسيَّة، مع اتِّساع دائرة العلاقة والارتباط والتعاون بَيْنَ التنظيمات الإرهابيَّة والشبكات الإجرامية الدوليَّة مِثل تجارة المخدرات والمافيا.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة فی المنطقة العربی خلال الأعوام خلال الفترة ات الإرهاب الفترة من ة العربی الدو ل الذی ی ة خلال الأم ر
إقرأ أيضاً:
صافي ربح "بنك السلام" يقفز 32.7% في الربع الأول من 2025
المنامة- خاص
أعلن بنك السلام (رمز التداول في بورصة البحرين SALAM ورمز التداول في سوق دبي المالي SALAM_BAH) اليوم الثلاثاء عن تحقيق صافي ربح تاريخي عائد إلى مساهمي البنك، بقيمة 49.3 مليون دولار أمريكي؛ بزيادة نسبتها 32.7% مقارنة مع 37.2 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2024.
ويُعزى هذا النمو في الأساس إلى الأداء القوي للعمليات المصرفية الأساسية للمجموعة، والشركات التابعة والزميلة. وارتفع العائد على السهم إلى 16.2 سنت أمريكي، مقارنة مع 13.0 سنت أمريكي خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وزاد العائد على حقوق الملكية إلى 17.2% خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة مع 15.9% في الربع الأول من عام 2024، مما يشير إلى الاستمرار في تحسن الربحية المستدامة للبنك والإدارة السليمة لرأس المال.
وارتفع إجمالي الدخل بنسبة 36.0% ليصل 280.2 مليون دولار أمريكي، مقارنة مع 206.0 مليون دولار أمريكي خلال الفترة ذاتها من العام الماضي. وشهدت نسبة التكاليف إلى الإيرادات تحسنًا ملحوظًا؛ حيث انخفضت النسبة إلى 46.5% خلال الربع الأول من عام 2025 مقارنةً بنسبة 47.8% خلال الربع الأول من عام 2024، مدعومًا بكفاءة النظام التشغيلي، مبادرات رفع الكفاءة عبر شركات المجموعة والنمو المتزايد في حجم العمليات. وبلغ إجمالي الدخل الشامل العائد إلى مساهمي الشركة الأم 71.7 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة مع 69.5 مليون دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2024.
وارتفع إجمالي الموجودات بنسبة 4.5% ليصل إلى 19.58 مليار دولار أمريكي كما في 31 مارس 2025، مقارنة مع 18.73 مليار دولار أمريكي كما في نهاية عام 2024. وارتفع إجمالي التمويلات بنسبة 4.9% إلى 10.19 مليار دولار أمريكي، كما ارتفعت ودائع الزبائن بنسبة 4.8% لتصل إلى 13.77 مليار دولار أمريكي مقارنة مع 13.14 مليار دولار أمريكي كما في نهاية عام 2024. وارتفعت حقوق المساهمين العائدة إلى مساهمي البنك بنسبة 8.3% لتصل إلى 1.04 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنة مع 956.2 مليون دولار أمريكي كما في نهاية عام 2024. كما عزز البنك قوة مركزه المالي بمعدل كفاية رأس المال نسبته 24.8%، مما يعكس قوة رأس المال الداعمة للنمو المستدام.
وبهذه المناسبة، قال الشيخ خالد بن مستهيل المعشني رئيس مجلس إدارة بنك السلام: "بفضل الله، نفتخر بتحقيق أداء قوي خلال الربع الأول من عام 2025، مدعومًا بالنمو القوي في الأرباح، وتعزيز رأس مال البنك، واستمرار توسع الميزانية العمومية. وعلى الرغم من الطبيعة غير المتوقعة للمشهد الجيوسياسي والاقتصادي العالمي الذي ميّز بداية عام 2025، تواصل دول مجلس التعاون الخليجي إظهار مرونتها، وهي في وضع جيد لتحقيق نمو طويل الأمد".
ومن جانبه، قال رفيق النايض الرئيس التنفيذي للمجموعة في بنك السلام: "تعكس هذه النتائج الإيجابية قدرة البنك على تنفيذ مبادرات النمو بكفاءة، والاستجابة للتغيرات المستمرة في الأسواق. وخلال هذا العام، سنركز، بمشيئة الله، على تسريع المبادرات الرقمية على مستوى المجموعة، وتعزيز تجربة الزبون وجودة المنتجات، وتوسيع حضورنا الإقليمي عبر ذراعنا لإدارة الأصول (ASB Capital)، فضلًا عن تحسين نموذجنا التشغيلي. وبإذن الله، ستساهم هذه الجهود مجتمعةً في ترسيخ مكانة البنك كمجموعة مالية ديناميكية ومتنوعة ومستقبلية التوجه".
ومع تركيز واضح على الابتكار، والمتانة المالية، والنمو المستدام، يواصل بنك السلام البناء على أسسه القوية؛ مما يُعزِّز مكانته كمجموعة مالية إقليمية رائدة تقدم حلولًا متكاملة في مجالات الصيرفة وإدارة الأصول والتكافل.